الرئيسية صحافة حقوق الإنسان “هيئة تحرير الشام” تقرّ مجموعة “قوانين” تقيّد الحريات الشخصية في إدلب المدينة

“هيئة تحرير الشام” تقرّ مجموعة “قوانين” تقيّد الحريات الشخصية في إدلب المدينة

القانون جاء تحت اسم "قانون الآداب العامة" مهدداً بإحالة المخالفين "للقضاء"

بواسطة wael.m
1.1K مشاهدة تحميل كملف PDF هذا المنشور متوفر أيضاً باللغة: الإنجليزية حجم الخط ع ع ع

أصدر ما يسمى بجهاز "سواعد الخير"[1] التابع لهيئة تحرير الشام[2] في 31 أيار/مايو 2018 مجموعة قوانين تقيد بشكل كبير الحريات الشخصية للمدنيين في مدينة إدلب، متوعداً بإحالة المخالفين إلى القضاء، حيث يبدأ العمل به بعد خمسة أيام من تاريخ صدوره، وذلك بحسب ما نشر جهاز "سواعد الخير" على قناته الرسمية في تطبيق تلغرام. وكانت سوريون من أجل الحقيقة والعدالة أصدرت تقريرا خاصاً مفصلاً في منتصف شهر آذار/مارس 2018 عن نشأة "سواعد الخير" يسلّط الضوء على معاناة السكان المحليين نتيجة التضييق وتشديد الخناق على مفاصل الحياة العامّة في محافظة إدلب.

وحملت مجموعة القوانين اسم "قانون الآداب العامة" حيث اعتبرته سواعد الخير "نظاماً شرعياً يُلزم الناس به ويتعرض مخالفه للمسائلة القضائية ويعتبر كل مدير مؤسسة هو المسؤول المباشر عن تنفيذها"، وتضمن "القانون" 40 مادة موجهة إلى النساء والمحال التجارية والباعة المتجولين والملاعب، أبرزها:

"إلزام المؤسسات العاملة في المجال المدني بأخذ رخصة تتعهد فيها بالإنضباط الشرعي لنشاطاتها، ومنع الرجال من حلق اللحية وحلق القزع[3] أو أي حلاقة فيها تشبه بـ "الكفار"، ومنع تشغيل الموسيقى والأغاني ومنع الاختلاط في جميع المؤسسات الطبية والإدارية والتعليمة وغيرها. كما يلزم القانون المؤسسات بإعطاء فرصة لكوادرها لأداء الصلاة جماعة…"

وأفردت "سواعد الخير" مجموعة قوانين تخصّ المرأة، حيث أجبرتها على ارتداء "لباس شرعي بمواصفات خاصة" وألزمت طالبات المدارس والمعاهد والكليات بلبس "الخمار الشرعي" كلباس موحد للمؤسسات التعليمية إضافة إلى منع التبرج، كما منعت خلوة المرأة برجل "غير محرم لها" سواء في سيارات النقل العامة (التكسي) والحدائق والمحلات. وفرض "قانون الآداب العامة" كذلك إغلاق المحلات التجارية لصلاة الجمعة ومنع بيع العباءات أو المانطو غير الشرعي ومنع الرجال من بيع الملابس الداخلية والقصيرة  للنساء ومنع عرضها على المجسمات وطمس الصور الدعائية لها.

نسخة عن بيان "سواعد الخير" الصادر في 31 أيار/ مايو والذي يتضمن نص "قانون الآداب العامة"، مصدر البيان القناة الرسمية لسواعد الخير على التلغرام.

وفي حديث مع سوريون من أجل الحقيقة والعدالة في 4 تموز/يونيو 2018، قالت طالبة جامعية في مدينة إدلب فضلّت عدم كشف هويتها لأسباب أمنية، إنّ الجو العام في الجامعة متوتر بعد إصدار "القانون" كما أن عدداً من زميلاتها قررن عدم حضور المحاضرات الجامعية مكتفيات بإجراء الامتحانات. وأضافت أن الأستاذة والمحاضرين يقومون بإلقاء المحاضرات مع ترك باب القاعات مفتوحاً بسبب القانون أيضا "حيث لا يوجد محرم شرعي للطالبات". وتابعت الطالبة:

"هذه القرارت فيها تقليل من قيمة الأثنى وانتقاص من حقوقها، كثيرات لا يستطعن ارتداء الخمار لأسباب صحية، الأجدر بسواعد الخير أن تعمل على ضبط السرقات التي نتعرض لها في الشارع بدلاً من سن قوانين تقيد حريتنا دون جدوى."

ومن جهته، قال الناشط الإعلامي "باسل حوا" المتواجد في المدينة في حديث مع سوريون من أجل الحقيقة والعدالة يوم 7 حزيران /يونيو 2018، أن القانون يفرض قيوداً كبيرة على أصحاب المحال التجارية الأمر الذي أدى لوجود تخوف كبير وحالة توتر بين الناس من حصول صدام مسلح بين عناصر "سواعد الخير" والرافضين للقانون، وأضاف "حوا" أن "هيئة تحرير الشام وسواعد الخير فرضتا القانون بعد الاقتتال الأخير مع الفصائل العسكرية في محاولة لاسترجاع هيبتها ومظهر القوي المنتصر أمام المدنيين."

وقال مصدر آخر -مقرّب من هيئة تحرير الشام- في مدينة إدلب رفض الكشف عن اسمه لأسباب أمنية، في حديث مع سوريون من أجل الحقيقة والعدالة "إن هنالك خلافات داخلية ما بين أمراء من هيئة تحرير الشام على وأمراء وشرعيين من سواعد الخير، و أنّ "الهيئة" ليست راضية عن قانون الآداب العامة الصادر عن سواعد الخير، وستعمل على حلّ جهاز سواعد الخير قريباً، وأوضح المصدر أن سواعد الخير ليس لديها العناصر البشرية التنفيذية الكافية لتطبيق القانون ومراقبة الأسواق، حيث أن معظم العاملين فيها هم من الرجال الشرعيين والدعوين فقط.

وكانت سوريون من أجل الحقيقة والعدالة، قد أعدت في وقت سابق تقريراً يتحدث عن قيام هيئة تحرير الشام بفرض سيطرتها على عدة  مؤسسات خدمية ومدنية في مدينة سراقب بريف إدلب. كما كانت قد أصدرت المنظمة أيضاً تقريراً يوثق الاستيلاء على عدة ممتلكات عامة وخاصة في منطقة جسر الشغور بريف إدلب، وذلك من قبل هيئة تحرير الشام.

 


[1] بتاريخ 10 آب/أغسطس 2017، أطلقت هيئة تحرير الشام، مايعرف ب"سواعد الخير" أو "هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر" في مدينة إدلب، وتضم هذه الهيئة رجالاً ونساءً من جنسيات سعودية ومنها سورية، وتتجول في شوارع مدينة إدلب بدعم من كتائب أمنية تابعة لهيئة تحرير الشام/ جبهة النصرة سابقاً، وتتولى عدة مهام ومنها متابعة أمور الحجاب واللباس الشرعي الإسلامي للسيدات، ومنع الدخان في الأماكن العامة ومصادرته من التجّار، كما تتولى منع كل مايتعلق بالموسيقا وأدواتها من بيع وشراء، فضلاً عن منع الاختلاط بين الذكور والإناث في الأماكن العامة والخاصة، وفي حال مخالفة هذه التعليمات فإنها توجه إنذاراً للأشخاص المخالفين إما بإغلاق محالهم التجارية أو السجن.

[2] بتاريخ 28 كانون الثاني/يناير 2017، أعلنت عدّة فصائل جهادية في شمال سوريا الإندماج تحت مسمّى "هيئة تحرير الشام" وكانت الفصائل التي أعلنت عن حلّ نفسها والاندماج تحت المسمّى الجديد هي جبهة فتح الشام – تنظيم جبهة النصرة سابقاً، وحركة نور الدين الزنكي، ولواء الحق، وجبهة أنصار الدين، وجيش السنّة، وحركة أنصار الشام الإسلامية، إلا أنه وعلى خلفية اندلاع المواجهات الأخيرة بين حركة أحرار الشام  وهيئة تحرير الشام في الشمال السوري بتاريخ 15 تموز/يوليو 2017، أعلنت حركة نور الدين الزنكي انفصالها عن الهيئة بتاريخ 20 تموز/يوليو 2017.

[3] وهي حلق الرأس وترك بعضه وهي حلاقة "مكروهة في الإسلام" بحسب مصادر أهلية.

منشورات ذات صلة

اترك تعليقاً

* By using this form you agree with the storage and handling of your data by this website.

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك ، ولكن يمكنك عدم المشاركة إذا كنت ترغب في ذلك. موافق إقرأ المزيد