كثّفت هيئة تحرير الشام حملاتها الأمنية واعتقلت عدة أشخاص في مدينة إدلب بتهمة "التخابر والعمالة للنظام السوري"، وذلك بعد أيام من تنفيذها حكم الإعدام بحق أربعة أشخاص على خلفية التهمة ذاتها. وقال شاهد عيان مقيم في مدينة إدلب، رفض كشف اسمه لأسباب أمنية، في حديث مع سوريون من أجل الحقيقة والعدالة، إن ثمانية عناصر من القوة الأمنية التابعة لهيئة تحرير الشام داهمت منزله مساء الأحد 20 أيار/مايو 2018 عند الساعة العاشرة للبحث عن مطلوبين. وقال مضيفاً:
"قاموا بخلع باب المنزل ودخلوا بسلاحهم إلى ساحة المنزل، خرجتُ من الغرفة وطلبوا مني العودة للداخل وبدأوا تفتيش المنزل، حيث قاموا بتفتيشه بالكامل وبشكل دقيق، كما فتشوا السطح والسقيفة، وأنهوا تفتيشهم وغادروا، ثم عادوا مجدداً وصعدوا إلى السطح واعتقلوا أحد الجيران."
وأوضح الشاهد أن عناصر تحرير الشام طوقوا الحارة وانتشر أكثر من خمسين عنصراً فيها بينما تولت مجموعات صغيرة تفتيش المنازل، دون التعرض للأهالي بإساءات لفظية أو مصادرة الممتلكات.
وتأتي حملات الاعتقال المكثفة هذه بعد أن نفذت هيئة تحرير الشام حكم الإعدام بتاريخ 19 أيار/مايو 2018 من الشهر الجاري، بحق أربعة أشخاص متهمين بانتمائهم إلى خلية مسؤولة عن التفجيرات وزرع العبوات الناسفة مرتبطة بالنظام السوري من قبل الهيئة نفسها. حيث تمّ إعدام الأشخاص الأربعة ساحة الساعة في إدلب المدينة أمام السكان المحليين وهم:
(عبد العزيز رضوان وحمدي يازجي وثائر سلام عليك وهم من بلدة معرة مصرين، وحسام الكنج من بلدة كفربني).
وقال ناشط محلي آخر من بلدة معرة مصرين، رفض كشف اسمه لأسباب أمنية، في حديث مع سوريون من أجل الحقيقة والعدالة، إنّ "عبد العزيز رضوان وحمدي يازجي من ذوي السمعة الحسنة في البلدة، حيث يملك يازجي مولدة أمبيرات ويعمل "ثائر سلام عليك" في المنطقة الصناعية ببيع قطع غيار، وهم أناس جيدون. بحسب وصف الشاهد.
وبحسب الشاهد نفسه والذي روى بعض تفاصيل الحادثة، فقد ضبطت القوة الأمنية التابعة لهيئة تحرير الشام عبوات ناسفة ومتفجرات في "بوفيه" مدرسة تعمل بها شقيقة "حمدي يازجي" والتي قامت الهيئة باعتقالها برفقة سيدة أخرى تُدعى (ن.ع)، قبل أن تنجح شقيقة اليازجي بالفرار من قبضتهم. وأضاف الشاهد أن عملية الاعتقالات والمداهمات والإعدمات جاءت بعد الاعتماد على اعترافات (ن.ع)، بوجود خلية مكونة من (15) شخصاً. دون ذكر تفاصيل أخرى. ولم تستطع سوريون من أجل الحقيقة والعدالة التحقق من طبيعة الاتهامات التي تمّ توجييها للمحتجزين وفيما إذا تمّ انتزاع الاعترافات من السيدة (ن.ع).
وسبق أن اعتقلت هيئة تحرير الشام "ف. يازجي" دون معرفة التهمة الموجهة لها، إلا أنّ أحد "الأمراء" في حركة أحرار الشام الإسلامية تدخل للإفراج عنها أنذاك، وفق الناشط.
وفي حادثة مماثلة، أعدمت هيئة تحرير الشام رمياً بالرصاص الشاب "فواز علي الأحمد" من قرية الجينة في حلب، يوم 18 أيار/مايو 2018 بتهمة "التواصل مع التحالف الدولي وإعطاء إحداثيات" موقع مسجد عمر بن الخطاب، الذي تمّ قصف من قبل التحالف الدولي ضدّ داعش والتي تقوده الولايات المتحدة الأمريكية، حيث وقعت الحادثة بتاريخ 16 آذار/مارس 2017. وقُتل ما لا يقل عن 38 شخصاً بحسب هيومان راتس وتش التي أعدّت تقريراً مفصلاً عن الحادثة وقالت إن القوات الأمريكية، على ما يبدو، لم تتخذ الاحتياطات اللازمة لتجنب وقوع إصابات بين المدنيين في الغارة المنفذّة.
صورة تُظهر الشاب "فواز علي الأحمد" بعد عملية إعدامه من قبل "هيئة تحرير الشام" التي اتهمته بالتخابر مع التحالف الدولي. موقع الصورة: قرية الجينة – ريف محافظة حلب. مصدر الصورة: نشطاء من القرية.
من جانبها نشرت وكالة "إباء" التابعة لهيئة تحرير الشام مقابلة مع "حسين الشامي" أحد المسؤولين الأمنيين في هيئة تحرير الشام، حيث قال فيها بأنّ الخلية الملقى القبض عليها متورطة بأعمال أمنية بالتعاون مع القوات النظامية السورية.
وجاء في تصريح "حسين الشامي" قوله:
"بعد التتبع لعناصر الخلية تمّ رصدهم من قبل الجهاز الأمني للهيئة، وألقينا القبض على رئيسة العصابة "نورا علولو" وهي بطريقها لزراعة عبوة ناسفة في دوار بلدة "حزانو" أثناء الاقتتال الأخير بين هيئة تحرير الشام وجبهة تحرير سوريا."
وأشار المسؤول الأمني في تصريحه إلى أنّه وبعد اعتقال رئيسة الخلية اعترفت بباقي الأفراد، حيث تبين لاحقًا أنهم وراء عمليات، كان من أبرزها تفجير عبوة ناسفة عند دوار الساعة بمدينة إدلب والتي قُتل على إثرها (18) شخصاً من الأهالي، واستهداف سيارة للحزب الإسلامي التركستاني بعبوة ناسفة، وتفجير مخفر بلدة حزانو، بالإضافة لتحديد مواقع ومقرات المجاهدين وتفجيرات واغتيالات أخرى.
صورة تظهر تصريح أحد المسؤولين الأمنيين التابعين لهيئة تحرير الشام "حسين الشامي" حول تفاصيل "خلية الاغتيالات"، وقد تمّ نشرها من قبل شبكة إباء الإخبارية بتاريخ 20 أيار/مايو 2018، مصدر الصورة: شبكة إباء الإخبارية.