مع بداية موسم البذار “للأراضي الزراعية البعلية” في كامل ريف مدينة منبج (الشرقي والغربي والشمالي والجنوبي) بدأت كارثة الألغام والشرك الخداعية والذخائر غير منفجرة (مخلفات الحرب) تهدد حيات مئات المزارعين المدنيين، والذين بدأوا بالفعل بحراثة أرضهم للبدء في (رش البذور) قبل حلول فصل الشتاء. فقد وردت تقارير عديدة إلى حملة [1](سوريا بلا ألغام) عن انتشار آلاف الألغام والذخائر غير منفجرة بشكل عشوائي في الأراضي الزراعية التي انسحب منها التنظيم الذي يطلق على نفسه اسم الدولة الإسلامية والمعروف باسم داعش، مما يشكّل خطراً محدقاً ليس فقط على حياة المزارعين بل على عملية حرث ورش البذور الزراعية ذاتها، وبالتالي سوف يؤثر ذلك بشكل سلبي كبير على موسم الحصاد نفسه.
وبحسب أحد مراسلي الحملة فإن المخاطر الموجودة في الريف لا تقتصر على الألغام التي زرعها تنظيم داعش فقط في الريف، فهنالك المئات من قذائف الهاون والقنابل اليدوية وقنابل محلية أخرى منتشرة بشكل عشوائي سواء في الأراضي الزراعية نفسها أو في كروم الزيتون، وأضاف أيضاً:
“إنّ قضية انتشار الألغام والشرك الخداعية والذخائر غير منفجرة في الأراضي الزراعية لا تقل أهمية عن قضية الألغام المزروعة داخل منازل المدنيين الملغمة في منبج وريفها، حيث أننا لا نتكلم عن منازل في أحياء عُرف عنها أن التنظيم قام بتفخيخها (مثل حي السرب وغيره) بل نتحدث عن مساحة تقدّر ب 2000 إلى 3000 هكتار من الأراضي الزراعية والتي تحتوي على الآلاف من هذه الذخائر والألغام المنتشرة بشكل عشوائي.”
ومن بين القرى التي رُصد فيها انتشار كثيف للألغام والذخائر، قرية (عون الدادات) في ريف منبج الشمالي، وهي إحدى القرى التي شهدت مواجهات كبيرة بين تنظيم داعش من جهة وقوات سوريا الديمقراطية من جهة أخرى قبل أن تقوم هذه الأخيرة بالسيطرة عليها في منتصف آب 2016، وقال أحد سكان القرية لحملة سوريا بلا ألغام أن مدخل القرية الجنوبي (باتجاه منبج المدينة) ملّغم بشكل شبه كامل سواء تلك الأراضي الزراعية أو كروم الزيتون العائدة لمزارعي القرية، وأفاد أن هنالك أكثر من (50) منزلاً مازال غير آمن بسبب وجود الألغام فيها وصواريخ غير منفجرة. وبحسب المعهد السوري للعدالة -وهي منظمة سورية محلية تعمل على رصد وتوثيق الانتهاكات- فقد قُتل ما لا يقل عن ثماني مدنيين في الفترة الأخيرة نتيجة انفجار ألغام وذخائر في الأراضي الزاعية في القرية.
شاهد آخر قال لحملة سوريا بلا الغام، أن قرية (قوردلا – مجرى تحتاني) تحتوي أيضاً على عشرات الذخائر غير المنفجرة والصواريخ والقنابل، وهي من تلك القرى التي شهدت قصفاً متبادلاً ما بين تنظيم داعش من جهة وقوات سوريا الديمقراطية من جهة أخرى خلال الحملة.
وبحسب المعهد السوري للعدالة أيضاً، فقد قضى منذ بداية الحملة على مدينة منبج في 28 أيار/مايو 2016 وحتى تاريخ اليوم ما لا يقل عن (200) مدني بسبب الألغام وحدها، من ضمنهم (70) طفل ما دون سنّ الثامنة عشر، قضى أربعة أطفال منهم بتاريخ 23 تشرين الأول/أكتوبر 2016 في حي السرب عند دوار المصبّ (وهم من عائلة أبو إسماعيل، من النازحين داخلياً من ناحية الشيوخ في ريف مدينة جرابلس)، وكان من بين الضحايا أيضاً (55) أمرأة. إضافة إلى سقوط أكثر من (200) مصاب، نُقل عدد كبير منهم إلى مشافي كوباني-عين العرب بعد أن فقدوا أطرافاً لهم نتيجة انفجار الألغام بهم.
تناشد حملة سوريا بلا ألغام جميع الأهالي والمزارعين إلى الحذر الشديد أثناء حراثة الأرض أو خلال التنقل ما بين الأراضي الزاعية وتدعوهم إلى عدم الإقتراب من أي جسم غريب أو محاولة تفجيره، كما وتناشد الحملة الأمم المتحدة والمنظمات الدولية المعنية وقوات التحالف الدولي ببذل جهود حقيقة للبدء بعملية واسعة لإلزالة الألغام من المدن والأرياف التي خرجت مؤخراً من سيطرة تنظيم داعش سواءً في مدينة منبج وريفها أوغيرها من المناطق السوريّة الأخرى.
[1] حملة سوريا بلا ألغام، هي حملة سورية أطلقها عدّة نشطاء وعدد من المنظمات السورية وهي (المعهد السوري للعدالة ومنظمة سوريون من أجل الحقيقة والعدالة)