مقدمة: شهدت عدة مدن وبلدات في محافظة إدلب، تصعيداً عسكرياً عنيفاً من جانب الحلف السوري/الروسي والميليشيات المرافقة لها، وذلك خلال الفترة الممتدة اعتباراً من تاريخ 25 كانون الأول/ديسمبر 2017، وحتى تاريخ 20 كانون الثاني/يناير 2018، حيث تمّ قصف غالبية مدن وبلدات محافظة إدلب (وخاصة الريف الشرقي والجنوبي والجنوب الشرقي) بواسطة الطيران الحربي وباستخدام مختلف أنواع الأسلحة، وهو ما أسفر عن سقوط العديد من الضحايا المدنيين مابين قتلى وجرحى.
ففي يوم 25 كانون الأول/ديسمبر 2017، قُتل مالايقل عن سبعة مدنيين وأصيب آخرون، جرّاء قصف القوات النظامية السورية لبلدة جرجناز[1] في ريف إدلب الشرقي بالبراميل المتفجرة، حيث تمّ إسقاط حوالي (40) برميلاً متفجراً على البلدة في اليوم ذاته، مُنذراً بإعادة استخدام تكتيك البراميل المتفجّرة في قصف المناطق المأهولة بالسكان المدنيين.
وفي يوم 31 كانون الأول/ديسمبر 2017، تعرضت بلدة كفرسجنة[2] في ريف إدلب الجنوبي، إلى القصف بواسطة "صواريخ فراغية" شديدة الانفجار، وبحسب العديد من الشهادت التي حصلت عليها سوريون من أجل الحقيقة والعدالة، فإنّ طيراناً حربياً يرجّح أنه روسي نفذ غاراته الجوية على الشارع الرئيسي في البلدة بينما كان مكتظاً بالسكان، وهو ما أسفر عن مقتل ثمانية مدنيين وإصابة العشرات.
ومع بداية عام 2018، وتحديداً بتاريخ 2 كانون الثاني/يناير 2018، ارتكب طيران حربي يعتقد أنه روسي أيضاً مجزرة راح ضحيتها ستة مدنيين في بلدة خان السبيل[3] في ريف إدلب الجنوبي، وذلك بعد قيامه بقصف منازل المدنيين بصورايخ فراغية، علماً بأنّ البلدة تعدّ مكاناً آمناً للنازحين الفارين من بطش العمليات العسكرية.
كما لم تسلم المواقع الأثرية والمرافق الطبية من الاستهداف أيضاً، ففي يوم 2 كانون الثاني/يناير 2018، تعرض المتحف الأثري في مدينة معرة النعمان[4]، إلى قصف طيران حربي يرجّح أنه روسي أيضاً، وهو ماتسبب بدمار المتحف بنسبة (80 %)، وفي يوم 3 كانون الثاني/يناير 2018، تعرض مشفى السلام التخصصي في مدينة معرة النعمان إلى قصف طيران حربي يعتقد أنه روسي أيضاً، وذلك بحسب الشهادات التي حصلت عليها سوريون من أجل الحقيقة والعدالة، وهو ما أدى إلى خروج المشفى بشكل كامل عن الخدمة فضلاً عن سقوط ضحايا مدنيين بينهم طفل حديث الولاة، مع الإشارة إلى أنّ مشفى السلام هو مشفى اختصاصي بالأطفال والنساء.
وتنوعت الهجمات التي شنتها القوات النظامية السورية وحلفاؤها على مناطق مختلفة من محافظة إدلب، ففي يوم 3 كانون الثاني/يناير 2018، تمّ استهداف الفرن الآلي للخبز في مدينة سراقب[5] بريف إدلب، بصواريخ محملة بمواد حارقة (شبيهة بمادة النابالم)، وهو ما أدى إلى خروج أجزاء كبيرة من الفرن عن الخدمة، وفي يوم 7 كانون الثاني/يناير 2018، وقع انفجار شديد مجهول المصدر أمام مستوصف السلام التخصصي التابع لمنظومة "سامز" الأميركية في وسط مدينة إدلب[6]، وهو ما أسفر عن مقتل أكثر من (25) مدنياً وإصابة العشرات، فضلاً عن الأضرار المادية الكبيرة التي لحقت بالمستوصف.
وخلال الفترة الممتدة اعتباراً من تاريخ 10 كانون الثاني/يناير 2018، وحتى تاريخ 20 كانون الثاني/يناير 2018، واصلت القوات النظامية السورية وحلفاؤها حملتها العسكري على مدن وبلدات ريف إدلب، مثل (سراقب وخان السبيل وقرية الدير الشرقي وطبيش) وهو ما أسفر عن مقتل وإصابة عشرات المدنيين، بينهم نساء وأطفال.
ويأتي هذا التصعيد من حانب القوات النظامية السورية، عقب تمكن هيئة تحرير الشام/جبهة النصرة من السيطرة على قرية أبو دالي في الريف الشمالي الشرقي لمحافظة حماة وذلك بتاريخ 9 تشرين الأول/أكتوبر 2017، إلا أنّ القوات النظامية السورية استطاعت مدعومة بالطيران الحربي التابع لسلاح الجو الروسي، استعادة هذه القرية إضافة إلى عدة قرى في ريف حماة الشمالي، وذلك بتاريخ 29 كانون الأول/ديسمبر 2017، كما تمكنت القوات النظامية السورية وحلفاؤها من التقدم بإتجاه ريف ادلب الجنوبي الشرقي، حيث سيطرت على عدة قرى مثل (عطشان و الخوين و سنجار) بتاريخ 7 كانون الثاني/يناير 2018، وذلك بهدف الوصول الى مطار "أبو الضهور" العسكري في ريف إدلب الجنوبي الشرقي، ووفقاً لباحثي سوريون من أجل الحقيقة والعدالة، فإنّ العمليات العسكرية أسفرت عن السيطرة على المطار من قبل القوات الحكومية السورية والميليشيات المتحالفة معها[7]، كما تتزامن هذه الأحداث مع التحضير لمؤتمر "الحوار الوطني السوري" والمقرر عقده في مدينة "سوتشي" الروسية في يومي 29 و30 كانون الثاني/يناير 2018، برعاية روسيّة.
ومن اللافت الإشارة إلى أنه وبتاريخ 4 أيار/مايو 2017، كانت الدول الراعية لمحادثات آستانة (روسيا وتركيا وإيران) قد وقعت على مذكرة تفاهم لإقامة مناطق خفض التصعيد في سوريا، حيث شملت تلك المناطق كلاً من محافظة إدلب وبعض أجزاء شمال محافظة حمص، إضافة إلى بعض أجزاء المحافظات المتاخمة لها (اللاذقية، وحماة، وحلب)، والغوطة الشرقية في ريف دمشق وبعض أجزاء جنوب سوريا.
كما كانت روسيا قد أعلنت على لسان رئيسها فلاديمير بوتين انسحاب جزء كبير من قواتها في سوريا، وذلك بتاريخ 11 كانون الأول/ديسمبر 2017، مع الاحتفاظ بقاعدة "حميميم العسكرية" في اللاذقية ومنشأة عسكرية بحرية في محافظة طرطوس بشكل دائم. وجاء إعلان الرئيس الروسي أثناء زيارته لقاعدة حميميم العسكرية في سوريا في نفس اليوم.
خارطة توضيحية تبين توزع أماكن السيطرة في محافظة إدلب، وذلك حتى منتصف شهر كانون الثاني/يناير 2018.
أولاً: سبعة قتلى في هجمات عشوائية على بلدة جرجناز في ريف إدلب الشرقي:
بتاريخ 25 كانون الأول/ديسمبر 2017، صعّدت القوات النظامية السورية وحلفاؤها من وتيرة العمليات العسكرية في مناطق مختلفة من محافظة إدلب، حيث قُتل مالا يقل عن (7) مدنيين وأصيب آخرون نتيجة قيام الطيران الحربي التابع للقوات النظامية السورية بقصف بلدة جرجناز بريف إدلب الشرقي بالبراميل المتفجرة، وتبعد جرجناز حوالي 25 كيلومتراً عن قرية (أبو دالي/أبو دالة) التي سيطرت عليها القوات النظامية السورية مؤخراً.
وبحسب باحثي سوريون من أجل الحقيقة والعدالة فإن القوات النظامية السورية كانت تحاول تثبيت نقاط ارتكازها في منطقة (أبو دالي) وتدعيم غرفة عملياتها في مدرسة المنجزرات شرق مدينة صوران في ريف حماه، وذلك بغية السيطرة على شبكة الطرق الرئيسية التي تتحكم في المنطقة.
وبحسب العديد من الشهادات التي حصلت عليها سوريون من أجل الحقيقة والعدالة فقد انطلقت الطائرات المروحية من "مدرسة المجنزرات"، وتمّ إسقاط حوالي أربعين برميلاً متفجراً على بلدة جرجناز في اليوم ذاته، وهذا ما أكدّه الأستاذ "محمد دغيم" أيضاً، وهو رئيس المجلس المحلّي للبلدة، حيث أضاف:
"توزع القصف على معظم الأحياء السكنية في بلدة جرجناز، وأدى إلى مقتل ما لا يقل عن سبعة أشخاص، وإصابة آخرين بينهم أطفال ونساء. وتعدّ بلدة جرجناز واحدة من أكثر البلدات التي تشهد كثافة سكانية في ريف إدلب الشرقي، مقارنة بباقي البلدات الأخرى، حيث يقطنها حوالي (23) ألف نسمة، سواء من أهالي البلدة نفسها، أو من النازحين إليها، حيث يتواجد لدينا أكثر من تسعة ألاف عائلة نازحة (من أهالي داريا وقرى وبلدات ريف حلب الجنوبي وريف حماه الشرقي وسهل الغاب وغيرها)، وعقب هذه الهجمات بدأـت هذه العائلات بالنزوح نحو الأراضي الزراعية وقرى أخرى وأطراف البلدة نفسها."
صور خاصّة بسوريون من أجل الحقيقة والعدالة تظهر الدمار الحاصل ببعض المنازل في بلدة جرجناز بعد قصفها بالبراميل المتفجّرة.
وأظهر مقطع فيديو نشرته وكالة خطوة الإخبارية بتاريخ 25 كانون الأول/ديسمبر 2017، القصف الجوي الذي تعرضت له بلدة جرجناز جنوبي إدلب في ذات التاريخ، وهو ما أسفر عن مقتل أربع مدنيين وأضرار مادية كبيرة.
تحليل الأدلة البصرية التي تظهر أماكن عدد من الغارات بواسطة البراميل المتفجّرة في جرجناز/إدلب.
ثانياً: صواريخ فراغية تقتل ثمانية مدنيين في بلدة كفرسجنة في ريف إدلب الجنوبي:
ازدادت الأوضاع الإنسانية سوءاً في مناطق مختلفة من محافظة إدلب نتيجة الحملة العسكرية الأخيرة التي قامت بها القوات النظامية السورية وحلفاؤها، وبخاصة في ريف إدلب الجنوبي، ففي يوم 31 كانون الأول/ديسبمر 2017، تعرضت بلدة كفرسجنة لعدة غارات جوية استهدف الشارع الرئيسي في البلدة، والذي عادة ما يكون مكتظاً بالسكان والنازحين، وبحسب العديد من الشهادات التي حصلت عليها سوريون من أجل الحقيقة والعدالة، فإنّ الطيران الحربي كان قد أغار بصواريخ فراغية شديدة الانفجار على البلدة، وهو ما أسفر عن سقوط (8) قتلى بينهم أطفال ونازحون، فضلاً عن إصابة العشرات منهم، كما خلّف القصف أضراراً مادية كبيرة في ممتلكات المدنيين.
عبد الرزاق صبيح وهو أحد ناشطي بلدة كفرسجنة، تحدث لسوريون من أجل الحقيقة والعدالة، حول الهجوم الأخير قائلاً:
"في تمام الساعة (1:30) ظهراً، قام الطيران الحربي التابع للنظام باستهداف الشارع الرئيسي في البلدة، والذي عادة ما يكون مكتظاً بالسكان باعتبار أنه يضم عدداً كبيراً من المحلات التجارية، وهو الأمر الذي تسبب في مقتل ثلاثة أطفال من بلدة كفرسجنة، إضافة إلى عدد من نازحي ريف حماة وريف إدلب، كما أنه تسبّب في اندلاع الحرائق في المحال التجارية ومنازل المدنيين، وعملت فرق الدفاع المدني على إخماد تلك الحرائق وإسعاف المصابين وانتشال القتلى من بين الركام، ومن اللافت الإشارة إلى أنّ بلدة كفرسجنة تعد واحدة من البلدات التي تضم مئات العائلات النازحة والمهجرة من ريف حماة وريف إدلب الجنوبي الشرقي، وبالتالي فإنّ هذا الاستهداف يدل على النظام السوري يقوم باستهداف أمكان تجمعات النازحين في قرى وبلدات ريف إدلب."
صورة خاصة بسوريون من أجل الحقيقة والعدالة، تظهر حجم الدمار الذي طال الشارع الرئيسي في بلدة كفرسجنة في ريف إدلب الجنوبي إثر استهدافه من قبل الطيران الحربي التابع للقوات النظامية السورية بتاريخ 31 كانون الأول/ديسمبر 2017.
وأظهر مقطع فيديو بثته قناة أورينت بتاريخ 31 كانون الأول/ديسمبر 2017، حجم الدمار الذي لحق بالشارع الرئيسي في بلدة كفرسجنة، وسقوط قتلى وجرحى نتيجة قصف القوات النظامية السورية.
صورة مأخوذة من مقطع فيديو نشره المكتب الإعلامي لقوى الثورة السورية، وهي تبين مكان سقوط أحد الصواريخ الفراغية التي استهدفت الشارع الرئيسي في بلدة كفر سجنة.
صورة مأخوذة بواسطة القمر الصناعي، تبين مكان سقوط أحد الصواريخ الفراغية على بلدة كفرسجنة.
تحليل الأدلة البصرية
ثالثاً: عشرات الضحايا في قصف بالصواريخ الفراغية على بلدة خان السبيل بريف إدلب الجنوبي:
وفي يوم 2 كانون الثاني/يناير 2018، تعرضت بلدة خان السبيل التي تبعد عن بلدة سراقب قرابة (10) كم، لقصف طيران حربي يعتقد أنه وسي، وذلك بحسب الشهادات التي حصلت عليها سوريون من أجل الحقيقة والعدالة، حيث نفذ الطيران الحربي ست غارات جوية محملة بصواريخ فراغية شديدة الانفجار، سقطت معظمها على منازل المدنيين في بلدة خان السبيل، هو ما أدى إلى مقتل (7) مدنيين بينهم (5) أطفال وامرأة، فضلاً عن إصابة (16) آخرين، مع العلم بأنّ بلدة خان السبيل تعدّ مكاناً آمناً للعديد من النازحين الهاربين من بطش العمليات العسكرية مابين قوات المعارضة السورية المسلحة والقوات النظامية السورية في ريف حماة وريف إدلب.
محمد حج حسن، وهو أحد النازحين الذين كانوا متواجدين في مكان الهجوم لحظة وقوعه، تحدث لسوريون من أجل الحقيقة والعدالة قائلاً:
"في تمام الساعة (4:00) عصراً، أغارت طائرات حربية على بلدة خان السبيل، ونفذت أولى غاراتها بأربع صواريخ دفعة واحدة، مستهدفة من خلالها المزارع المنتشرة على أطراف البلدة والتي يقطنها نازحون، وبعد مرور حوالي الخمس دقائق، عاود الطيران الحربي استهدافه للبلدة ونفذ غارات أخرى، وهو ما تسبب في مقتل عائلة بأكملها بينهم نساء وأطفال، حيث بلغت حصيلة هذه المجرزة (7) قتلى إضافة إلى أكثر من (10) جرحى تراوحت إصاباتهم بين المتوسطة والخفيفة."
عبد الكريم محمد وهو أحد المسعفين الذي سارعوا إلى مكان الهجوم عقب وقوعه، تحدث لسوريون من أجل الحقيقة والعدالة قائلاً:
"علمنا من خلال المراصد التي تعمل على رصد حركة الطيران الحربي في سماء البلدة، بأنّ الطائرات التي استهدفت منازل النازحين في البلدة هي طائرات روسية، وعلى الفور قمنا بالتوجه إلى مكان الهجوم، حيث كانت هنالك حالة من الهلع قد أصابت معظم الناس، ولا سيما أنّ البلدة تعّد مكاناً آمناً للنازحين ولم تتعرض للقصف منذ عدة أشهر، وبمجرد وصولنا عملنا على إسعاف المصابين ونقلهم إلى النقاط الطبية، مع الإشارة إلى أنّ معظم القتلى والجرحى كانوا من النازحين داخلياً وليسوا من أهالي خان السبيل."
صورة خاصة بسوريون من أجل الحقيقة والعدالة، تظهر الأضرار التي لحقت بمنازل المدنيين النازحين في بلدة خان السبيل، نتيجة تعرضها لقصف طيران حربي يعتقد أنه روسي بتاريخ 2 كانون الثاني/يناير 2018.
وأظهر مقطع فيديو بثته وكالة اتحاد الإخبارية بتاريخ 2 كانون الثاني/يناير 2018، ماقالت أنه لحظة استهداف طيران حربي يعتقد أنه روسي على بلدة خان السبيل.
رابعاً: استهداف مواقع أثرية ومرافق طبية في ريف إدلب:
وفي اليوم ذاته من تاريخ 2 كانون الثاني/يناير 2018، تعرض المتحف الأثري الكائن في جنوب شرقي مدينة معرة النعمان، إلى القصف بصواريخ فراغية شديدة الانفجار، وهو ما أدى إلى دماره بنسبة (80 %)، وبحسب عضو المجلس المحلي في مدينة معرة النعمان، فإنّ طيراناً حربياً يرجح أنه روسي، كان قد أغار على المتحف الذي يعود تاريخه إلى نحو (500) عام أثناء "الحكم العثماني"، وهو ما أسفر عن دمار القطع الأثرية بداخله, مع العلم بأنّ المتحف كان قد تعرض سابقاً للقصف من قبل القوات النظامية السورية وحلفائها أكثر من مرة.
صورة خاصة بسوريون من أجل الحقيقة والعدالة، تظهر الأضرار الكبيرة التي لحقت بالمتحف الأثري في مدينة معرة النعمان، نتيجة القصف الذي تعرض له بتاريخ 2 كانون الثاني/يناير 2018.
كما لم تسلم المرافق الطبية في ريف إدلب من قصف الطيران الحربي التابع للقوات النظامية وحلفائها، ففي يوم 3 كانون الثاني/يناير 2018، تعرض مشفى السلام التخصصي في مدينة معرة النعمان، إلى قصف طيران حربي يعتقد أنه روسي أيضاً، وذلك بحسب العديد من الشهادات التي حصلت عليها سوريون من أجل الحقيقة والعدالة، وهو ما أدى إلى خروج المشفى بشكل كامل عن الخدمة، فضلاً عن مقتل أربعة مدنيين بينهم طفل حديث الولادة، إلى جانب إصابة العشرات من المراجعين وأفراد الكادر الطبي، وهذا الخصوص تحدث عبد المنعم شردوب وهو مدير مشفى السلام لسوريون من أجل الحقيقة والعدالة قائلاً:
"مشفى السلام هو مشفى اختصاصي بالأطفال والنساء، إذ أنه كان يخدم مدينة معرة النعمان وريفها، ويستقبل شهرياً حوالي (12) ألف حالة، فضلاً عن (30) عملية ولادة يتمّ إجراؤها في هذا المشفى يومياً، كما كان يتواجد بداخله حوالي (20) حاضنة أطفال، وازداد الضغط على المشفى في الآونة الأخيرة، بسبب حالة النزوح الكبيرة التي شهدتها مناطق ريف إدلب الشرقي، إضافة إلى خروج أغلب النقاط الطبية عن الخدمة نتيجة الهجمة الشرسة التي يقوم بها الطيران السوري والروسي، ففي تمام الساعة (12:00) ظهراً من يوم 3 كانون الثاني/يناير 2018، تمّ استهداف المشفى بشكل مباشر من قبل الطيران الحربي الروسي بصاروخ ارتجاجي، وهو ما أدى إلى خروج المشفى بشكل كامل عن الخدمة، كما تسبب القصف في مقتل 4 مراجعين بينهم طفلة حديثة الولادة، إلى جانب إصابة خمسة من أفراد الكادر الطبي، وبالنسبة للأضرار المادية فقد دمرت الغارة غرفة العمليات والحضانات فضلاً عن الدمار الكبير الذي لحق بالمعدات الطبية."
وفي شهادة أخرى، أكدّ "الناشط هادي عبد الله" لسوريون من أجل الحقيقة والعدالة، بأنّ طيراناً حربياً يرجح أنه روسي، هو من قام باستهداف مشفى السلام في مدينة معرة النعمان، مشيراً إلى أنه سارع إلى مكان القصف لحظة وقوعه، فتفاجأ بحجم الدمار الذي لحق ببناء المشفى، فضلاً عن المصابين والقتلى الذين كانوا في حالة يرثى لها.
وأظهر مقطع فيديو نشره الناشط هادي عبد الله بتاريخ 3 كانون الثاني/يناير 2018، جم الدمار الذي لحق بمشفى السلام في معرة النعمان، وذلك نتيجة القصف الذي تعرض له من قبل طيران حربي يرجح أنه روسي.
صورة خاصة بسوريون من أجل الحقيقة والعدالة، تظهر حجم الدمار الذي لحق بمشفى السلام في مدينة معرة النعمان بسبب القصف الذي تعرضه من قبل طيران حربي يعتقد أنه روسي بتاريخ 3 كانون الثاني/يناير 2018.
صورة تظهر مكان سقوط الصاروخ الارتجاجي بجانب مشفى السلام في مدينة معرة النعمان، مصدر الصورة: مركز المعرة الإعلامي.
صورة مأخوذة بواسطة القمر الصناعي، تبين مكان سقوط الصاورخ الارتجاجي بجانب مشفى السلام في مدينة معرة النعمان.
تحليل الأدلة البصرية.
خامساً: هجمات عنيفة على مناطق مختلفة من محافظة إدلب:
وتنوعت الهجمات التي نفذتها القوات النظامية السورية وحلفاؤها على مناطق مختلفة من محافظة إدلب، ففي تمام الساعة (11:30) من صبيحة يوم 3 كانون الثاني/يناير 2018، تمّ استهداف الفرن الآلي للخبز في مدينة سراقب بريف إدلب، بصواريخ محملة بمواد حارقة (شبيهة بمادة النابالم) وذلك بحسب العديد من الشهادت التي حصلت عليها سوريون من أجل الحقيقة والعدالة، وهو ما أدى إلى إصابة ثلاثة مدنيين، وخروج أجزاء كبيرة من الفرن عن الخدمة، إضافة إلى حرمان أكثر من (3) آلاف شخص من الخبز، وذلك بحسب باحثي سوريون من أجل الحقيقة والعدالة.
صورة تظهر جانباً من أعمال الدفاع المدني للتخلص من مخلفات القصف بمواد حارقة، والذي طال الفرن الآلي في مدينة سراقب بتاريخ 3 كانون الثاني/يناير 2018 ، مصدر الصورة: الدفاع المدني في محافظة إدلب.
وفي يوم 7 كانون الثاني/يناير 2018، وقع انفجار ضخم مجهول المصدر، وسط مدينة إدلب، وتحديداً في شارع الثلاثين، وهو ما أسفر عن مقتل أكثر من (25) مدنياً وإصابة آخرين، وذلك بحسب ماقاله محمد اليوسف وهو أحد ناشطي محافظة إدلب الذين كانوا متواجدين بالقرب من مكان الانفجار، حيث تابع قائلاً:
"وقع الانفجار بالقرب من مركز السلام الصحي التابع لمنظومة "سامز" الأمريكية، حيث كان مستوصف السلام يخّدم مايقارب (1500) مريضاً من النساء والأطفال شهرياً، إلا أنه وفي تمام الساعة (8:30) مساءً من يوم 7 كانون الثاني/يناير 2018، وبينما كنت متوجداً بالقرب من شارع الثلاثين في إدلب، سمعت صوت انفجار شديد، فتوجهت مسرعاً لأرى ما حدث، وإذ بجثث القتلى في كل مكان، أما الأضرار المادية فكانت لاتوصف، وكان من بين الأبنية المدمرة مبنى مستوصف السلام (سامز) الذي خرج عن الخدمة بشكل كامل، وبحسب الدفاع المدني وفرق الإسعاف التي أتت إلى المكان، فإن القصف الذي استهدف المكان، ناتج عن صواريخ تمّ إطلاقها من الطيران الحربي أو أنها صواريخ بعيد المدى، في حين قال بعض الأهالي بأنه ناجم عن انفجار سيارة مفخخة."
وقد علمت سوريون من أجل الحقيقة والعدالة من خلال مراسلها أنّ الفصيل الذي يُطلق على نفسه اسم "أجناد القوقاز" كان يملك أحد المقرات العسكرية بالقرب من المكان الذي حصل فيه التفجير، حيث قُتل أحد عناصرهم في الهجوم. واضاف بأنّ الأهالي طلبوا منهم مراراً الخروج من الحي.
صورة خاصة بسوريون من أجل الحقيقة والعدالة، تبين الأضرار الكبيرة التي لحقت بمستوصف السلام التابع لمنظومة "سامز" الطبية الأمريكية، نتيجة وقوع انفجار مجهول المصدر أمام المستوصف بتاريخ 7 كانون الثاني/يناير 2018.
وأظهر مقطع فيديو نشره الدفاع المدني بتاريخ 8 كانون الثاني/يناير 2018، جانباً من محاولات إخماد الحرائق الناجمة عن وقوع انفجار مجهول المصدر وسط مدينة إدلب، وذلك بتاريخ 7 كانون الثاني/يناير 201.
وفي تمام الساعة ( 10:00) ليلاً من يوم 7 كانون الثاني/يناير 2018، تمّ استهداف الطريق الواصل مابين قرية تل منس وبلدة جرجناز في ريف إدلب الشرقي، حيث أغار طيران حربي يعتقد أنه روسي على "مزارع الفعلول" التي يقطنها عشرات العائلات النازحة، ووفقاً للعديد من الشهادات التي حصلت عليها سوريون من أجل الحقيقة والعدالة فإنّ الطيران الحربي نفذّ ثماني غارات جوية محملة بالصواريخ الفراغية على تلك المزارع، وهو ما أدى إلى مقتل (12) شخصاً فضلاً عن إصابة العشرات.
سادساً: عشرات الضحايا بينهم أطفال ونساء في قصف على مدن وبلدات ريف إدلب:
واصلت القوات النظامية السورية وحلفاؤها حملتها العسكرية على مدن وبلدات ريف إدلب، ففي يوم 11 كانون الثاني/يناير 2018، تمّ استهداف مكان تواجد وزير الصحة في الحكومة السورية المؤقتة/الائتلاف السوري المعارض، والكائن في مدينة معرة النعمان، وذلك من قبل طيران حربي يعتقد أنه روسي، بحسب ما أكده باحثو سوريون من أجل الحقيقة والعدالة، وهو ما أدى إلى مقتل سائقه وإصابة بعض المدنيين.
وفي يوم 13 كانون الثاني/يناير 2018، تعرضت بلدة خان السبيل مرة أخرى للقصف من قبل طيران حربي يرجح أنه روسي، وهو ما أدى إلى مقتل (9) مدنيين بينهم أطفال ونساء، وذلك بحسب ما أكده باحثو سوريون من أجل الحقيقة والعدالة.
وفي يوم 14 كانون الثاني/يناير 2018، تعرضت قرية الدير الشرقي في ريف إدلب الجنوبي إلى قصف بصاروخ أرض أرض محمل بقذائف عنقودية، كان مصدره القوات النظامية السورية في منطقة "ضهرة القصير" غربي حمص، وهو الأمر الذي تسبب في إصابة (4) مدنيين، وذلك وفقاً لباحثي سوريون من أجل الحقيقة والعدالة.
وفي يوم 16 كانون الثاني/يناير 2018، قُتل (7) مدنيين على الأقل بينهم أطفال، وذلك إثر قصف طيران حربي يرجح أنه روسي على "بلدة طبيش" بالقرب من مدينة خان شيخون في ريف إدلب، وذلك حسبما أكدّ باحثو سوريون من أجل الحقيقة والعدالة، كما أظهر مقطع فيديو نشره الدفاع المدني في محافظة إدلب، جانباً من عمليات إجلاء المصابين جراء القصف الذي تعرضت له بلدة طبيش بتاريخ 16 كانون الثاني/يناير 2018.
واستمرت حملة القصف الجوية التي طالت عدداً من قرى وبلدات ريف إدلب، ففي يوم 17 كانون الثاني/يناير 2018، أغار طيران حربي يرجح أنه روسي-بحسب الشهادات التي حصلت عليها سوريون من أجل الحقيقة والعدالة- على مدينة سراقب بصواريخ محملة بذخائر عنقودية ومواد حارقة، وهو ما أدى إلى إصابة العديد من المدنيين، حيث أظهر مقطع فيديو نشره الدفاع المدني في محافظة إدلب، عمليات إخماد الحرائق التي اندلعت بسبب هذا الهجوم.
صورة تظهر بقايا أحد الصواريخ (الحاضنة) المحملة بذخائر عنقودية، والتي سقطت على مدينة سراقب بتاريخ 17 كانون الثاني/يناير 2018، مصدر الصورة: الدفاع المدني في محافظة