تعرّض أحد أطباء مدينة دوما وهو "نعمان الفوال" للاعتداء من قبل مسلحين ملثمين خلال تواجده في مزرعته الكائنة على أطراف مدينة دوما الخاضعة لسيطرة جيش الإسلام[1]، وذلك في حوالي الساعة (10:00) صباحاً من يوم الخميس الموافق 9 تشرين الثاني/نوفمبر 2017. إذ قام المعتدون بإطلاق الرصاص الحي عليه بعد ضربه ضرباً مبرحاً، ما استدعى نقله إلى العناية المركزة في أحد مشافي المدينة، ووفقاً لمراسل سوريون من أجل الحقيقة والعدالة فإنّ مركز الشرطة التابع لجيش الإسلام في مدينة دوما، تجاهل القضية بحجة أن صاحب العلاقة وعائلته لم يتقدموا بأي بلاغ رسمي.
وينحدر الطبيب "نعمان الفوال" من مدينة دوما، وكان قد درس الطب البشري في مدينة دمشق وتخصص في الجراحة العظيمة، ليكون من أوائل الأطباء الذين انخرطوا في علاج الجرحى منذ اندلاع الاحتجاجات الشعبية في سورية في شهر آذار/مارس 2011، حيث تمّ اعتقاله على يد القوات النظامية السورية قبيل خروج الغوطة الشرقية عن سيطرة الأخيرة ووقوعها تحت سيطرة فصائل المعارضة السورية المسلحة أواخر شهر تشرين الأول/أكتوبر 2012، إذ أنه استمر في عمله الإنساني بعدها دون أن يسلم من المضايقات، فقد تعرض لتوقيف من قبل جيش الإسلام في شهر آب/أغسطس 2016، بسبب انتقاداته المتكررة التي كان يوجهها للفصائل نتيجة ممارساتها، وذلك وفقاً لما أكده العديد من شهود العيان وأهالي المدينة لسوريون من أجل الحقيقة والعدالة.
وكان ناشطون قد ربطوا بين حادثة الاعتداء على الطبيب "نعمان الفوال" وبين أحد المنشورات التي قام بنشرها على موقع التواصل الاجتماعي "فيس بوك" في يوم الأربعاء الموافق 8 تشرين الثاني/نوفمبر 2017، أي قبيل يوم واحد فقط من حادثة الاعتداء تلك، حيث نشر كلاماً وجه فيه انتقادات لقادة فصائل المعارضة السورية المسلحة في الغوطة الشرقية، وحملها مسؤولية تدهور الأوضاع التي آلت إليها الغوطة مؤخراً، كما أعلن صراحة أنّ على القادة أن يعلنوا فشلهم وعجزهم عن إدارة المشكلات في الغوطة، وأن يتركوا المنصب لمن هم أجدر منهم.
صورة تظهر المنشور الذي نشره الطبيب "نعمان الفوال" على موقع التواصل الاجتماعي "فيس بوك"، قبيل حادثة الاعتداء عليه بيوم واحد، مصدر الصورة: حساب الطبيب نعمان الفوال على الفيس بوك.
أحد المسعفين[2] الذين قاموا بإسعاف الطبيب "نعمان الفوال"، أكدّ لسوريون من أجل الحقيقة والعدالة، على أنّ الطبيب لم يتمكن من التعرف على المعتدين لكونهم ملثمين، وفي هذا الصدد أضاف قائلاً:
"لمّا قمنا بإسعاف الطبيب "نعمان"، قال لنا: "ضربوني لأني حكيت عليهم"، ولم نتمكن من معرفة المزيد من التفاصيل لأنه كان في حالة حرجة فقد كان مصاباَ بطلق ناري في ساقه، كما أن المعتدين كانوا قد أشبعوه ضرباً على رأسه ووجهه إلى حد كاد معه أن يفقد الوعي، وعلى الفور قمنا بإسعافه إلى المشفى إذ أننا أدخلناه إلى غرفة العناية المشددة، لكن حالتة الصحية الآن أصبحت أكثر استقراراً."
أما الناشط الإعلامي (عامر. م)[3] فقد أكدّ بدوره ماذُكر سابقاً، إذ أنه علم من خلال الكادر الطبي الذي أشرف على علاج الطبيب، بأن المعتدين وجهوا له كلام مفاده أنّ "هذا جزاء من يتطاول على أسياده"، وأشار إلى أنّ مزرعة الطبيب التي تعرض فيها للاعتداء تقع ضمن مناطق سيطرة جيش الإسلام ومعظم الأراضي فيها مملوكة لقادتهم، وبالتالي لا أحد يجرؤ على حمل السلاح والدخول إليها إلا إذا كان مدعوماً منهم.
صور تظهر آثار الضرب الذي تعرض له الطبيب "نعمان الفوال" في حادثة الاعتداء التي وقعت يوم الخميس الموافق 9 تشرين الثاني/نوفمبر 2017، مصدر الصور: صفحة الفيس بوك الخاصة بمركز الغوطة الإعلامي.
ومن جانبه نفى مدير المكتب السياسي في جيش الإسلام "محمد مصطفى علوش" تلك الاتهامات -بشكل غير مباشر- عبر قناته على التليغرام بتاريخ 9 تشرين الثاني/نوفمبر 2017، وتحديداً عقب تعرض الطبيب "نعمان الفوال" لحادثة الاعتداء بساعة ونصف، حيث قال: "عندما كنا نحارب الملثمين ونتّهمهم بالعمالة منذ أن دخلوا البلد كان الكثير من أدعياء الحلول الوسط ينتقدون فعلنا، هاهي النتيجة …ألخ".
صورة تظهر المنشور الذي نشره مدير المكتب السياسي في جيش الإسلام "محمد مصطفى علوش" بتاريخ 9 تشرين الثاني/نوفمبر 2017، والذي نفى فيه بشكل غير مباشر الاتهامات الموجهة لجيش الإسلام حول حادثة الاعتداء على الطبيب "نعمان الفوال"، مصدر الصورة: قناة التلغرام الخاصة بمدير المكتب السياسي في جيش الإسلام محمد مصطفى علوش.
وكانت سوريون من أجل الحقيقة والعدالة قد نشرت في وقت سابق تقريراً يسلط الضوء على تعرض كوادر طبية للاعتداء من قبل فصيل فيلق الرحمن[4] في بلدة مديرا وذلك بتاريخ 13 أيار/مايو 2017.
[1] جيش الإسلام: في أيلول/سبتمبر 2011 أعلن "زهران علّوش" السجين السابق في سجن صيدنايا عن تشكيل "سريّة الإسلام" المعارضة، والتي أصبحت فيما بعد وتحديداً في منتصف عام 2012 إلى "لواء الإسلام". وفي 29 أيلول/سبتمبر 2013 اندمج اللواء مع عدد آخر من الفصائل ليتم الإعلان عن تشكيل "جيش الإسلام"، ثمّ انضمّ لاحقاً في نفس العام إلى "الجبهة الإسلاميّة" وضمّت في صفوفها كتائب إسلامية أخرى منها " ولواء التوحيد وصقور الشام إضافة إلى حركة أحرار الشام الإسلامية ولواء الحق"، وشغل زهران علوش فيها منصب القائد العام. وينشط الجيش حالياً وبشكل رئيسي في منطقة الغوطة الشرقية في ريف دمشق، إلاّ أنّ يتواجد أيضاً في معظم المناطق الخارجة عن سيطرة الحكومة السورية ما عدا المناطق الخاضعة لتنظيم داعش وقوات سوريا الديمقراطية.
[2] رفض الكشف عن هويته لأسباب أمنية.
[3] اسم مستعار لأسباب أمنية.
[4] في بداية شهر آب/أغسطس 2012، تمّ الإعلان عن تشكيل "لواء البراء" بقيادة النقيب المنشق "عبد الناصر شمير" الذي ينحدر من محافظة حمص، وفي نهاية عام 2013 توسع اللواء بعد انضمام عدّة ألوية وفصائل أخرى له منها: فصيل: (لواء أبو موسى الأشعري ولواء شهداء الغوطة وكتائب أهل الشام واللواء الأول في القابون وحي تشرين وكتيبة العاديات في الغوطة الغربية). ويضم الفيلق بحسب مصادر عديدة حوالي (9000) مقاتل. ويكتسب الفيلق نفوذه من مناطق تواجده في أحياء شرقي العاصمة مثل جوبر وزملكا وغيرها، كما أنه يعد ثاني أكبر فصيل عسكري معارض في الغوطة بعد "جيش الإسلام".