الشاب "فرحان أحمد الحريري" والدته عائشة الغوثاني، من مواليد بلدة القنيَة في ريف درعا الشمالي، توّلد العام 1986، أعزب، ترك الدراسة مبكّراً وكان حينها في الصفّ الثامن من المرحلة الإعداديّة، عمل فرحان في مجال بيع الهواتف المحمولة، كما عمل في مهنة طلاء المنازل وكان يساعد عائلته في تأمين مصروف المنزل حيث كان معظم إخوته من المطلوبين لأجهزة الأمن بسبب مشاركتهم بالمظاهرات ضدّ حكم الرئيس السوري بشّار الأسد، وعائلة فرحان تتكوّن من عشرة إخوة وهم (ربيع وفرحان وسعيد ومحمود ومحمد وإبراهيم ومرام وغازي وبسملة وطه).
تحدث شقيقه "محمود"[1] لمراسل سوريون من أجل الحقيقة والعدالة عن تفاصيل اختفاء فرحان، بتاريخ 21 كانون الأول/ديسمبر 2012، حين كان في طريقه لشراء بعض البضائع لمحلّه التجاري الموجود في بلدة القنيَة، وكان يحمل معه مبلغاً وقدره (300) ألف ليرة سوريّة أي ما يعادل الـ3000$ دولار أمريكي آنذاك، وأثناء تواجد فرحان في منطقة الزاهرة الجديدة بمدينة دمشق ومروره على أحد الحواجز هناك قام العناصر "بتفييش" هويّته والبحث عن اسمه في قواعد البيانات التابعة لأجهزة الأمن، ثمّ قاموا بإيقافه واقتياده إلى جهةٍ مجهولة، وبحسب صديق فرحان الذي شهد عمليّة الاعتقال فإنّ عناصر الحاجز الذين قاموا باعتقاله كانوا يتبعون على الأغلب لفرع فلسطين (الفرع 235) التابع لجهاز الأمن العسكري.
قام أهل فرحان بالسؤال ومحاولة الاستفسار عن مكان احتجاز ولدهم، فوصلتهم أخبار متضاربة فمنهم من قال إنّه موجود في فرع فلسطين ومنهم من أخبرهم بوجوده في الفرع (215) التابعين لجهاز الأمن العسكري في دمشق، ولم يستطع الأهل من الوصول إلى أيّ دليل قاطع أو تأكيد على مكان احتجازه، وفي عام 2013 حاولوا التواصل مع أحد الوسطاء من اللاذقيّة والذي كانت زوجته تعمل كضابط في جهاز الشرطة بأحد المراكز في دمشق، لمعرفة مصير ابنهم، لكن تبيّن لاحقاً أنّهم تعرّضوا لعملية احتيال، حيث دفعوا مبلغاً وقدره خمسة ملايين ليرة سوريّة أي ما يساوي الـ50000$ دولار أمريكي آنذاك، بعد أنّ استطاع ذلك الشخص إيهام الأهل أنّه قد قام سابقاً بإخراج معتقلين من الفرع (215) وأنّ باستطاعته إخراج فرحان الآن، فقام الأهل باستدانة المبلغ من عدّة أشخاص ليقوم هذا الوسيط بسرقته، الأمر الذي زاد في ضائقة العائلة الماديّة بشكلٍ كبير وحتّى الآن لم يستطيعوا أن يردّوا هذا الدين إلى أصحابه.
يضيف محمود عن حادثة اعتقال أخيه فرحان قائلاً:
"أثناء اعتقال أخي فرحان احتُجزت في فرع فلسطين (235) لمدة عشرين يوم، وبعدها أخبرني المحقق بأن هناك تشابه في الأسماء فتم إخلاء سبيلي، وعند وصولي إلى المنزل تفاجأت باعتقال شقيقي فرحان، وبعد ذلك بفترة قامت قوات الأمن السورية باقتحام منزلنا الواقع في بلدة القنية عدّة مرّات بحجة البحث عن السلاح أو مطلوبين، فاقترح أخي الأكبر على أهلي اللجوء إلى الأردن، وتوجهنا نحن الشبّان إلى مدينة جاسم في ريف درعا (الخارجة عن سيطرة الحكومة السوريّة) هرباً من اعتداءات قوات الأمن، وكان والداي يسارعان بالاتصال بي لأقوم بالاستفسار عن فرحان لدى سماعهما بخروج أي معتقل من مراكز الاحتجاز ولكن بدون جدوى، وفي كلّ محاولة استفسارٍ فاشلة يزداد الجرح عمقاً في قلبهما، وقد زادت معاناتهما أكثر بعد أن توفي كل من إخوتي (ربيع ومحمد) نتيجة قصف قوات النظام لمدينة جاسم في ريف درعا في العام2014 وكنت قد تعرّضت أنا أيضاً لجروحٍ حينها."
لقد تسبّب اعتقال فرحان بتدهور الوضع المادي لعائلته بشكل كبير، فقد كان من المعيلين الأساسيّين في العائلة، وساهم الوضع الماديّ السيّئ الذي عاشته العائلة في بقاء الوالدين بمخيّمات اللجوء بالأردن بسبب غياب موردٍ ماديٍّ ثابتٍ لتأمين لقمة عيشهما، يضاف إلى ذلك الديون المتراكمة التي اضطرّ الأهل إلى استدانتها في سبيل الحصول على خبرٍ يتعرّفون من خلاله على مصير ابنهم فرحان.
ختم محمود شهادته بقوله:
"عندما تمّ نشر الصور المسرّبة للمعتقلين الذين لقوا حتفهم في سجون النظام السوري (صور قيصر/سيزر)، تصفّحت والدتي تلك الصور وكانت مشاعرها مختلطة، فتارةً كانت تتمنّى أن تشاهد صور ابنها بينها لكي تتيقّن أنّ فرحان كان قد فارق الحياة وارتاح من ظلمات وعذاب وألم السجن وقسوة السجّانين، وتارةً أخرى كانت تتمنّى عكس ذلك فقلبها لم يعد يحتمل فقدان ولدٍ ثالثٍ، وتريد رؤيته في أقرب وقت. ما زلنا نرجّح احتجاز فرحان في فرع فلسطين بدمشق، ونأمل أن يلتفت العالم لمأساتنا ويساعدنا في العثور على أخي."
[1] تمّ إجراء المقابلة في تاريخ 21 تمّوز/يوليو عام 2017 عن طريق الانترنت.