تستمر الأجهزة الأمنية السورية في مدينة حماه وريفها بتنفيذ عمليات الاعتقال التعسفي بحق المدنيين، حيث تم اعتقال 9 مدنيين أثناء محاولتهم استخراج جوازات سفر في مبنى الهجرة والجوازات بمدينة حماه، كما سُجلت أربع حالات اعتقال أخرى نفذها جهاز الأمن العسكري/شعبة المخابرات العسكرية في بلدات عدة في الريف الجنوبي لمحافظة حماه، وبالتزامن مع ذلك ازدادت عمليات الخطف وسط غياب الرقابة والمحاسبة، حيث تم تسجيل 10 عمليات خطف نفذها مجهولون في مدينة حماه، وتم إطلاق سراح 6 من المخطوفين بعد دفع فدية مالية، كلاً على حدى، وذلك خلال شهري شباط/فبراير وآذار/مارس 2019.
- حوادث خطف مدنيين بأحياء متفرقة بمدينة حماه
بحسب الباحث الميداني لدى سوريون من أجل الحقيقة والعدالة في مدينة حماه، فقد تركزت عمليات الخطف في حي كازو وطريق حماه-حمص، وأكد الباحث الميداني أن المناطق التي شهدت عمليات خطف يتواجد فيها حواجز عسكرية تتبع للقوات النظامية السورية ويتم عبرها تفتيش السيارات والمارة والتدقيق في أوراقهم الثبوتية.
تحدث الباحث الميداني إلى أحد سكان حي كازو وهو السيد “يوسف.م” حيث قال حول عمليات الخطف التي يشهدها الحي:
“هناك حالة من الخوف تسود الحي بسبب كثرة عمليات الخطف وأصبح السكان يخشون الخروج ليلاً من منازلهم والجميع يتسأل مستغرباً؛ إذا كان الحي محاطاً بحواجز للنظام فمن يقوم بهذه العمليات ومن يقف ورائها! مع العلم أنه لا أحد يتجرأ على حمل سلاح إلا إن كان يعمل مع الجيش أو الأمن وهم كثر في الحي، هناك أكثر من سبعة حوادث خطف لأشخاص من عائلات ميسورة ومن المحال وجود أي عصابة إلا أن حصلت على غطاء من الحواجز.”
ووثق الباحث الميداني لدى سوريون من أجل الحقيقة والعدالة حوادث الخطف التالية:
الحادثة الأولى: بتاريخ 12 شباط/فبراير 2019، تعرض المدني “س .ع ” من حي كازو (40 عاماً متزوج ولديه خمسة أولاد) للخطف من قبل مجموعة مجهولة تقود سيارة من نوع “أوبل” وذلك بعد خروجه من عمله في معمل تصنيع البلوك حوالي الساعة 9 مساء، وأطلق الخاطفون سراحه في الـ27 من الشهر ذاته وذلك بعد دفع فدية مالية للخاطفين، حيث روى الضحية “س .ع” تفاصيل عملية اختطافه لسوريون من أجل الحقيقة والعدالة قائلا:
” أعود من عملي مساء متأخراً لأنني صاحب المعمل، وفي ذلك اليوم وعندما خرجت من عملي كالعادة اتجهت باتجاه الشارع إلى سيارتي فجاء شخصان من خلفي يحملون بنادق وقالوا لي تعال معنا، أنا هنا ظننت أنهم عناصر أمن ثم وضعني في سيارتهم وقاموا بتغطية رأسي بالكنزة التي أرتديها وانطلقوا بي نحو مكان يبعد حوالي نصف ساعة عن مكان اختطافي، لم أتمكن من تحديده، وطوال 16 يوم من اختطافي عشت في جحيم لا يوصف من الضرب والجوع والروائح الكريهة، وقام الخاطفون بإجباري على إرسال مقاطع مناشدة على رقم زوجتي في الواتساب لدفع فدية مقدارها 15 مليون ليرة سورية قاموا بتخفيضها بعد المفاوضات إلى 10 ملايين، وعندما استلموا المبلغ قاموا بأخذي ورمي على الطريق العام بين حي كازو وحي البعث.”
الحادثة الثانية: اختطاف الشاب “مؤيد” (19 عاماً) وهو طالب في الثانوية العامة، بتاريخ 21شباط/فبراير2019 حيث تم اختطافه من قبل مجهولين يستقلون سيارة “فيرنا” سوداء ا بالقرب من جامع حي كازو الكبير، حيث أقدم أربعة أشخاص على ضربه ووضعه في السيارة أثناء عودته إلى منزله، وتم إطلاق سراحه مقابل فدية مالية يوم 6 آذار/مارس 2019، وأخبر أحد أقارب الضحية الباحث الميداني تفاصيل الحادثة قائلا:
“اختطف مؤيد لقرابة أسبوعين وكنا نظن أنه تم اعتقاله من قبل الأمن، لكن الخاطفين تواصلوا مع والده بعد أربعة أيام من خطفه طالبين مبلغ 25 مليون ليرة سورية للإفراج عنه وهددوا بقتله وأرسلوا صوراً لمؤيد وعلى وجهه ورأسه آثار دماء من الضرب، بعد المفاوضات تم دفع فدية 15 مليون ليرة، وقاموا برمي مؤيد بالقرب من نهر العاصي بكازو. ونتوقع أن الخاطفين من الحي وأنهم قاموا بتخبئته ضمن الحي ولم يستطع مؤيد التعرف على أحد من خاطفيه.”
الحادثة الثالثة: تعرض أربعة شبان للخطف معاً من قبل مجهولين في يوم الجمعة 22 أذار/مارس 2019 أثناء توجههم من مدينة حماة على الدراجات النارية نحو سد الرستن على طريق حماة-حمص، والشبان هم طارق حاتم كوجان 20 عام، أشرف كمال الأشرف 20 عام، وعمر مصعب حجازي 21 عام، ومحمد أمين عبد الله العساف 22 عام، وبعد يوم واحد من خطفهم أرسل الخاطفون مقطع فيديو لعائلاتهم عبر تطبيق الواتساب من أجل دفع فدية مالية مقابل الإفراج عنهم والتي بلغت 50 مليون ليرة سورية، وبعد أيام قليلة من اختطافهم قامت وسائل إعلام مقربة من الحكومة السورية بنشر مقطع مصور للشبان الأربعة بعد أن تم إطلاق سراحهم ولكن دون توضيح كيفية ذلك وظروف اختطافهم وهوية الخاطفين.
الحادثة الرابعة: بتاريخ 29 آذار/مارس 2019 تعرض ثلاثة شبان للخطف قرب حاجز الكوثر بمنطقة باب طرابلس بمدينة حماة من قبل مجهولين، في قرابة الساعة ١٠ مساء وما يزال مصيرهم مجهولاً ولم يتواصل الخاطفون مع ذويهم حتى تاريخ إعداد هذا الخبر. ويشير الباحث الميداني لدى سوريون من أجل الحقيقة والعدالة أن المنطقة المذكورة يتواجد فيها عدة حواجز عسكرية تتبع للقوات النظامية السورية ولا تخلو من دوريات عناصر الأمن.
الحادثة الخامسة: بتاريخ 28 آذار/ مارس 2019 تعرض الشاب “عبد الجبار .ش” وهو من أهالي حي كازو- للخطف من قبل مجهولين أثناء توجهه على دراجته النارية نحو قرية خطاب قرب مدينة حماة، حيث قام مسلحون يستقلون سيارة من نوع “كيا ريو” بخطفه، واتصل الخاطفون بعائلته مطالبين بفدية مقدارها ١٥ مليون ليرة سورية، وتحدث أحد أقارب الضحية للباحث الميداني قائلاً:
“علمنا من عدة اشخاص أن سيارة قامت بمطاردته على طريق خطاب ثم انقطع التواصل معه بعدها لحين تواصل معنا الخاطفون من رقم جواله وطلبوا مبلغاً خياليً وحتى الآن ما تزال المفاوضات معهم جارية، وما استغربه حقاً هو أين هي حواجز النظام والدوريات أمام كل هذه الحوادث من الخطف التي بدأت بالتزايد بشكل مخيف.”
- عمليات اعتقال لمدنيين من داخل فرع الهجرة والجوازات بمدينة حماة:
بتاريخ 8 آذار/ مارس 2019 اعتقلت عناصر تابعة لشعبة الأمن السياسي بمدينة حماة ثمانية مدنيين من داخل فرع الهجرة والجوزات بمدينة حماة أثناء مراجعتهم لفرع الجوزات من أجل إتمام معاملتهم الخاصة، ومن بين المدنيين المعتقلين اثنين من كبار السن.
الباحث الميداني لدى سوريون من أجل الحقيقة والعدالة تحدث إلى أحد شهود العيان الذي كان موجوداً أثناء عملية الاعتقال حيث قائلا:
” كنت في فرع الهجرة والجوازات أقوم باستخراج جواز السفر، وفجأة دخل أكثر من عشرة عناصر مسلحين وقاموا باعتقال المدنيين الذين كانوا متواجدين في أحد المكاتب بالطابق الأرضي، وبعدها قاموا بوضعهم في سياراتهم وانطلقوا وبقي ضابط منهم في مبنى الهجرة ودخل إلى مكتب العميد وأخذ معلومات عن المعاملات التي كان يقومون بها هؤلاء، وعند استفساري عنهم من موظفي الهجرة والجوازات تبين أن سبب اعتقالهم هو قيامهم باستخراج جوزات لأبنائهم المطلوبين للنظام لأسباب مختلفة.”
وفي حادثة اعتقال مشابهة، قال “عبد المعين .ك” لاجئ في دولة لبنان إنه قام بإرسال والده إلى فرع الهجرة والجوزات بمدينة حماة ليقوم بتجديد جواز سفره بدلاً من تجديده في لبنان لاختصار الوقت، حيث قام بإرسال جوزاه مع أحد السائقين مع الأوراق المطلوبة، وتعرض والده للاعتقال من قبل شعبة الأمن السياسي لمدة ثلاثة أيام ثم أطلق سراحه، وذلك خلال شهر آذار /مارس 2019، وروى لسوريون من أجل الحقيقة والعدالة عن حادثة اعتقال والده قائلا:
“أنا متواجد في لبنان منذ سبعة سنوات وكلما انتهت صلاحية جواز سفري وهي عامين أقوم بإرساله الى والدي لتجديده مع إحضار كافة الأوراق المطلوبة من شعبة التجنيد، وعندما ذهب والدي إلى فرع الهجرة والجوازات بحماه طلبوا منه مقطع فيديو لي يثبت أنني في لبنان، فقمت بإرسال الفيديو وعند ذهابه مرة أخرى ليقوم بإعطائهم الفيديو قاموا باعتقاله بحجة أني مطلوب للخدمة الإلزامية العسكرية علماً أن أوراق التأجيل الخاصة بي نظامية وبعد ثلاثة أفرجوا عنه بعد التحقيق معه عني.”
وفي هذا السياق، قال “معقب معاملات” من مدينة حماه مختص باستخراج جواز السفر للأشخاص غير المقيمين في سوريا:
“إن حالات الاعتقال تحصل بين حين وآخر في فرع الهجرة والجوزات للمدنيين الذين يقومون باستخراج جوزات لأقربائهم خارج القطر ويكونون مطلوبين لأحد الأفرع الأمنية حيث يملك فرع الهجرة بقائمة بأسماء المطلوبين وعند مراجعة ذويهم الفرع يقومون باحتجازهم بأحد مكاتب الفرع وإعلام الفرع الأمني الذي يأتي ليقوم باعتقالهم.”
- عمليات اعتقال لأشخاص من ريف حماه الجنوبي:
سُجلت أربع حالات اعتقال خلال شهر آذار مارس في بلدات الدمينة والمشياح وحربنفسه، طالت أشخاصاً موالين للحكومة السورية ومسؤولين عن إجراء المصالحات الوطنية، وكانت بعض تلك الاعتقالات على خلفية تقارير كيدية.
الناشط المحلي من ريف حماه الجنوبي والمقيم حالياً في مناطق خاضعة للمعارضة المسلحة محمد عزام -اسم مستعار- تحدث لسوريون من أجل الحقيقة والعدالة حول عمليات الاعتقال تلك والتي حصل على تفاصيلها من بعض أقارب المعتقلين وآخرين من أهالي القرى التي وقعت فيها.
وبحسب “عزام” فقد كانت حوادث الاعتقال كالآتي:
الحادثة الأولى: بتاريخ 23 آذار /مارس 2019 قامت شعبة المخابرات العسكرية باعتقال “ناصر القحكم” من منزله في قرية الدمنية لأسباب ماتزال مجهولة، و”القحكم” شغل سابقاً رئيس المجلس المحلي الحر للقرية ومن ثم عمل في لجنة المصالحة الوطنية في المنطقة، وسبق أن تعرض “القحكم” إلى محاولة اغتيال وتم تفجير منزله من قبل فصائل مسلحة خلال نيسان /أبريل 2018.”
الحادثة الثانية: بتاريخ 23 آذار /مارس 2019 قامت شعبة المخابرات العسكرية باعتقال “خالد فوزي العموري” من قرية المشياح وذلك على خلفية خلافات بينه وبين أحد أفراد عائلته “عبد الرحمن” والذي يعد أحد شيوخ العشائر والوجهاء، حيث كان الشخصان يعملان معاً على جذب الشبان ودفعهم للتطوع مع مجموعات مسلحة موالية للحكومة السورية، وحدث خلاف بينهما حيث أقدم كل منها على التقدم بشكوى للأجهزة الأمنية ضد الآخر، وانتهى الأمر باعتقال كلاهما بشكل متزامن.
الحادثة الثالثة: بتاريخ 13 آذار/مارس 2019 تم اعتقال الشاب “محمد عبد الكريم” المنحدر من بلدة حربنفسه، حيث تم اعتقاله عند معبر كسب الحدودي مع تركيا بعد عودته من تركيا بناء على “مصالحة” أجرها عبر “وساطة/واسطة ” وبعد أن دفع مبلغ مليون ونصف ليرة سورية “لضمان عدم التعرض له”، وتم اقتياده إلى مقر شعبة المخابرات العسكرية.
الحادثة الرابعة: اعتقال “محمد بكور” (33 عاماً) من منزله في بلدة حربنفسه لأسباب مجهولة، حيث قام عناصر من شعبة المخابرات العسكرية باعتقاله من منزله دن توضيح سبب الاعتقال.