الرئيسية تحقيقات مواضيعية حوادث الخطف وأخذ الرهائن تبلغ ذروتها في محافظة إدلب في أوائل 2019

حوادث الخطف وأخذ الرهائن تبلغ ذروتها في محافظة إدلب في أوائل 2019

تمّ تسجيل ما لا يقلّ عن 23 حالة خطف في محافظة إدلب وحدها خلال أشهر كانون الثاني وشباط 2019

بواسطة wael.m
870 مشاهدة تحميل كملف PDF هذا المنشور متوفر أيضاً باللغة: الإنجليزية حجم الخط ع ع ع

ملّخص: لا زالت حوادث الخطف مستمرّة وبكثرة في محافظة إدلب الخاضعة بمعظمها عسكرياً لتنظيم هيئة تحرير الشام، حيث شهدت مدن وبلدات هذه المحافظة ازدياداً ملحوظاً في حوادث الخطف التي طالت مدنيين وكوادر طبية وعمّال في المجال الإنساني والإغاثي وذلك خلال شهر شباط/فبراير 2019، وقبلها شهر كانون الثاني/يناير 2019، حيث أصبحت هذه الظاهرة هاجساً يؤرق الأهالي نتيجة الفلتان الأمني الذي تشهده عموم المحافظة، وغياب نقاط التفتيش على مداخل ومخارج مدن وبلدات محافظة إدلب.

وبحسب الباحثة الميدانية لدى سوريون من أجل الحقيقة والعدالة، فقد تمّ تسجيل ما لا يقلّ عن 23 حالة خطف في مناطق محافظة إدلب فقط، خلال شهري كانون الثاني وشباط 2019، حيث كانت غالبية هذه الحوادث تتم بغرض الحصول على الفدية، وقد طال أغلبها الكوادر الطبية والمدنيين ذوي الحالات الميسورة، كما أضافت بأنّ الفلتان الأمني الذي تشهده محافظة إدلب مؤخراً كان قد جعل العديد من الأهالي يشعرون بالخوف وعدم الأمان، كما أدى إلى شيوع حالة من الاستهجان الشعبي، لعدم قدرة فصائل المعارضة المسّلحة المسيطرة على ضبط الأوضاع الأمنية في تلك المناطق.

وسبق لسوريون من أجل الحقيقة والعدالة أن وثقت ما لا يقلّ عن 25 حالة خطف وقعت في محافظة إدلب وحماه، وذلك في أواخر العام 2018 وتحديداً في شهري آب/أغسطس وأيلول/سبتمبر 2018.[1]

كما سبق للمنظمة أن وثقت سبع عمليات خطف بحق مدنيين، نفذها مجهولون مسلحون في محافظة إدلب، حيث قُتل اثنان من المخطوفين، وأطلق سراح طفل وناشط إعلامي في حين بقي مصير ثلاثة آخرين مجهولاً، وذلك خلال الفترة الواقعة بين 2 كانون الأول/ديسمبر 2018 و8 كانون الثاني/يناير 2019.[2]

  1. حوادث خطف تطال كوادر طبية بغرض المال:

بتاريخ 3 شباط/فبراير 2019، تمّ خطف الصيدلي "حمدو مطر" 37 عاماً، من مواليد بلدة معردبسة/الخاضعة لسيطرة هيئة تحرير الشام بريف إدلب، متزوج ولديه طفل، حيث قامت مجموعة ملّثمة باختطافه من داخل صيدليته الكائنة في البلدة، في حوالي الساعة (5:30) مساءً، ولم يطلق سراحه إلا بتاريخ 16 شباط/فبراير 2019، وذلك بعد دفع فدية مالية للخاطفين، حيث روى شقيق الضحية لسوريون من أجل الحقيقة والعدالة في هذا الصدد قائلاً:

 "في مساء ذلك اليوم وبينما كنت أعمل في مكان عملي الذي لا يبعد سوى 200 متر تقريباً عن صيدلية شقيقي، جاءني أناس وأخبروني أنهم توجهوا إلى صيدلية أخي، لكنهم لم يجدوه داخل الصيدلية، وكانوا مستغربين من كون الصيدلية مفتوحة ولا يوجد أحد بداخلها، وعلى الفور ذهبت مسرعاً إلى الصيدلية، وبحثت دون أن أجد أي أثر له، وتمّ تعميم الخبر حول اختطاف شقيقي من قبل مجموعة مجهولة ولم نتمكن من معرفة الجهة التي قامت باختطافه رغم إطلاق سراحه، مع العلم بأنّ أخي معروف بحسن أخلاقه ومساعدته للناس، كما أنه إنسان بسيط طيب القلب وهو ووالد لطفل عمره أربع سنوات جاء بعد انتظار طويل من زواجه ووضعه المادي جيد وميسور الحال."

صورة تظهر الصيدلاني "حمدو مطر"، مصدر الصورة: عائلة "حمدو مطر".

وأضاف الشاهد بأنها ليست المرة الأولى التي يتعرّض فيها صيدلانيين للاختطاف في ريف إدلب، إذ تمّ اختطاف صيدلانيين قبل عدّة أشهر وتحديداً في أواخر العام 2018، أحدهما يدعى "عبد الرزاق الاسماعيل" والآخر يدعى "أحمد حاج يوسف"، حيث تمّ اختطاف "يوسف" من قبل مجموعة ملّثمة وتحت تهديد السلاح، ولم يتم إطلاق سراحه إلا بعد دفع فدية مالية للخاطفين، ما اضطره لاحقاً إلى ترك البلد والرحيل إلى تركيا، ورجّح الشاهد بأنّ انتشار ظاهرة الخطف يعود إلى انعدام الأمن في المنطقة واقتتال فصائل المعارضة المسلّحة، وانتشار الفوضى في عموم المناطق الخارجة عن سيطرة الحكومة السورية في محافظة إدلب.

وفي حادثة أخرى، فقد تمّ اختطاف طبيب الأسنان "عبيد محمود العبيد " 39 عاماً من عيادته الكائنة في مخيم للنازحين في بلدة دير حسان/الخاضعة لسيطرة هيئة تحرير الشام بريف إدلب الشمالي، وذلك بتاريخ 22 كانون الثاني/يناير 2019، حيث مازال مصيره مجهولاً حتى تاريخ إعداد هذا التقرير في 26 شباط/فبراير 2019، ويعتبر الطبيب أحد نازحي بلدة عقيربات بريف حماة الشرقي، كما أنه متزوج ولديه طفلين، وفي هذا الخصوص روى أحد أقارب الضحية لسوريون من أجل الحقيقة والعدالة قائلاً:

" تمّ اختطاف الطبيب في حوالي الساعة (12:40) ظهراً، بينما كان يعمل في عيادته، حيث قام مسلّحون مجهولون باقتياده إلى جهة مجهولة، ولم نتمكن من معرفة الجهة التي قامت باختطافه حتى اللحظة، حيث مازال مصيره مجهول تماماً، على الرغم من إبلاغ الشرطة الحرّة في قرية دير حسان. "

وقبيل يومين فقط من هذه الحادثة، وتحديداً بتاريخ 20 كانون الثاني/يناير 2019، تعرّض الصيدلاني "حسين الديري" ٣٢ عاماً للاختطاف هو الآخر، من صيدليته الكائنة في بلدة جوباس/الخاضعة لسيطرة هيئة تحرير الشام بريف إدلب الشرقي قرب مدينة سراقب، حيث قام مجهولون باختطافه بحسب ما روى أحد أقارب الضحية لسوريون من أجل الحقيقة والعدالة قائلاً:

 "في حوالي الساعة (6:20) مساءً، ذهب أحد أقاربي إلى صيدلية "الديري" ففوجئ عندما وجد الصيدلية مفتوحة ولا أثر فيها لحسين، فقامت عائلته بإبلاغ الأمن عن اختطافه، وفي اليوم التالي، قام الخاطفون بالتواصل مع عائلته، وأرسلوا  لهم مقطع فيديو ل"حسين الديري" وهو يطلب من أهله إخراجه ويقول: "أنا مخطوف عند عصابة أخرجوني"، كما هدّد الخاطفون بقتل "الديري" في حال لم يتم دفع الفدية المالية التي تقدّر ب 200 ألف دولار أمريكي، واستمرّت المفاوضات مع الخاطفين من أجل تخفيض المبلغ، إلى أن تمّ إطلاق سراحه بعد 17 يوماً، وتحديداً بتاريخ 4 شباط/فبراير 2019، حيث قامت عائلته بدفع فدية مالية تقدّر ب 50 ألف دولار أميركي،  وأخبرنا "الديري" عقب إطلاق سراحه بأنه تعرّض لعمليات تعذيب نفسي وجسدي من قبل خاطفيه، حيث تمّ وضعه في مكان لم يستطع تحديده، لأنه كان معصوب العينين، حيث كان يقدّم له وجبة طعام واحدة يومياً، ويسكب عليه المياه الباردة."

وأضاف الشاهد بأنّ الصيدلاني "حسين الديري" سبق وأن تعرّض لعملية اختطاف فاشلة، قُتل على إثرها شقيقه "طراد الديري" 38 عاماً بينما كان متواجداً في صيدلية أخيه، حيث تمّ قتله من قبل عصابة ملّثمة، لاذت بالفرار لاحقاً، مشيراً إلى أنّ لم يتم التعرّف على هؤلاء أو تحديد هويتهم بعد.

صورة تظهر الصيدلاني "حسين الديري" قبيل اختطافه بتاريخ 22 كانون الثاني/يناير 2019، مصدر الصورة: عائلة "حسين الديري".

وكانت نقابة الصيادلة في محافظة إدلب، قد أصدرت بياناً بتاريخ 22 كانون الثاني/يناير 2019، استنكرت من خلاله حادثة اختطاف الصيدلاني "حسين الديري"، وأدانت ما سمته "بالعمل الإجرامي الجبان بحقّ العاملين في المجال الطبي والإنساني، كما دعت الجهات المسؤولة عن حماية المدنيين لتكثيف جهودهم ومتابعة عملهم في كشف المجرمين ومحاسبتهم، لافتين إلى أنّ هذه الأعمال تهدف إلى دفع الكوادر للهجرة وأخلاء المناطق المحررة من الكفاءات."

البيان الصادر عن نقابة صيادلة إدلب بتاريخ 22 كانون الثاني/يناير 2019، مصدر الصورة: نقابة صيادلة إدلب.

  1. اتّهامات لهيئة تحرير الشام باختطاف أحد الأطفال في ريف إدلب:

بتاريخ 8 كانون الثاني/يناير 2019، تعرّض الطفل "محمد سمير بزارة" 15 عاماً، للاختطاف من قبل أشخاص ملّثمين، وذلك بينما كان الطفل متوجهاً إلى مدجنة والده الكائنة في بلدة كورين/الخاضعة لسيطرة هيئة تحرير الشام بريف إدلب، حيث استطاع الطفل الفرار من قبضة خاطفيه في اليوم التالي، وروى لسوريون من أجل الحقيقة والعدالة (تمّ اللقاء مع الطفل بحضور والديه) حول مجريات اختطافه قائلاً:

"في حوالي الساعة (12:30) من ظهر ذلك اليوم، وبينما كنت ذاهباً إلى مدجنة والدي شمال بلدة كورين، توقفت سيارة أمامي فيها خمسة أشخاص ملّثمين، نزلوا من السيارة على عجالة، وقاموا بتقييدي ووضع العصابة على عيني، ثمّ اتجهوا بي إلى حيث لا أعرف، فشعرت بالخوف وظننت أنهم سوف يقتلوني، ولكنهم وضعوني في إحدى المزارع، وكان معي شخص آخر، كان قد تمّ اختطافه قبلي بفترة، وفي اليوم الثاني تمكنت من الهرب وفك الوثاق من يدي. في حين كانت عائلتي وأبناء بلدتي يقومون بالبحث عني، حيث فوجئوا بتمكني من الفرار، وعلى الفور قمت بإعلام الجهات المعنية عماّ حدث معي، فقام عناصر من الجهات الأمنية باقتحام مقر الخاطفين، وهو عبارة عن "فيله" في مزارع قرية فيلون القريبة من مدينة إدلب، حيث تمّ إلقاء القبض على اثنين منهم، وهم من الأوزبك من عناصر هيئة تحرير الشام، فيما لاذ الآخرون بالفرار كما تمّ العثور على المخطوف "أنور البكور" من أبناء مدينة حارم، في ذات المقر."

وفي شهادة أخرى، قال أحد أقارب الطفل لسوريون من أجل الحقيقة والعدالة، بأنّ هيئة تحرير الشام ما إن علمت بهوية الخاطفين، حتى قامت بإرسال مجموعة أمنية إلى بلدة كورين، وطالبت بضرورة تسليم الخاطفين إليها، كي تتولى التحقيق معهم، في محاولة منها لطمس معالم القضية التي تدين عناصرها وسط توتر كبير في المنطقة على حد وصفه.

صورة تظهر الطفل "محمد سمير بزارة" عقب فراره، مصدر الصورة: عائلة الطفل نفسه.

  1. حادثة اختطاف أحد الإعلاميين في ريف إدلب:

بتاريخ 3 كانون الثاني/يناير 2019، قامت مجموعة مجهولة باختطاف الإعلامي "عبد الغني العريان" من مواليد عام 1991 مدينة سلقين/الخاضعة لسيطرة هيئة تحرير الشام، حيث تمّ اختطافه بينما كان متوجهاً إلى منزله بصحبة أخيه، ليتم إطلاق سراحه في اليوم التالي، ويعمل "العريان" كمصور ومراسل صحفي لدى عدّة وكالات إعلامية، حيث تحدّث لسوريون من أجل الحقيقة والعدالة قائلاً:

"بينما كنت في طريقي إلى المنزل بصحبة أخي وعلى متن دراجتي النارية، صدمتنا سيارة مسلّحين ملّثمين، حيث قاموا بضربي على رأسي، ووضعي في السيارة، بينما قاموا بضرب أخي الأكبر حتى لا يلحق بهم، وتمّ اقتيادي إلى جهة مجهولة لم أستطع تحديدها، وتمّ رميي في غرفة صغيرة جداً وأنا مكبل اليدين ومعصوب العينين، وبعد عدّة ساعات، قام أحد الخاطفين بتشغيل الفيديو على هاتفه المحمول، وصار يقول: "ابدأوا بضربه"، حيث انهالوا عليّ بالضرب المبرح مدة 15 دقيقة، تسببّت لي بإصابات في كتفي، ومن ثم توقفوا عن ضربي، ومكثت في هذه الغرفة حتى اليوم التالي دون أنّ يتم سؤالي عن أي شيء أو حتى تقديم الطعام والشراب لي، وعند منتصف الليل، قام الخاطفون بوضعي في سيارة من نوع "بيك أب" واتجهوا بي مرة أخرى إلى جهة مجهولة، ومن ثمّ فكوا العصابة على عيني، وطلبوا مني أن أمشي إلى الأمام دون أن أنظر إلى الخلف وإلا سيتم إطلاق النار المباشر علي، وحين بدأت المشي قاموا بإطلاق النار بالهواء، فقمت بالركض إلى أن غابوا عن ناظريّ، حتى وصلت إلى مقر لفصيل فيلق الشام، فقام الشبان الموجودون بإسعافي الى مشفى سلقين ومن ثمّ إلى منزلي، ثمّ تقدمت بشكوى إلى مركز الشرطة الحرة في مدينة سلقين، لكنهم لم ينجحوا  في معرفة هوية الخاطفين حتى اللحظة."

صورة تظهر الإعلامي "عبد الغني العريان" عقب إطلاق سراحه من قبل خاطفيه، وذلك بتاريخ 4 كانون الثاني/يناير 2019، مصدر الصورة: الإعلامي "عبد الغني العريان".

  1. اتّهام فصيل صقور الشام باختطاف أحد المدنيين في ريف إدلب:

في حادثة أخرى، وجهت إحدى العائلات في ريف إدلب، اتهامات لفصيل "صقور الشام"[3] باختطاف أحد أفرادها والبالغ من العمر 30 عاماً، حيث كان قد تمّ اختطافه بتاريخ 6 كانون الثاني/يناير 2019، ولم يطلق سراحه إلا بعد 17 يوماً من حادثة اختطافه، حيث روى أحد أقارب الضحية لسوريون من أجل الحقيقة والعدالة، حول هذه الحادثة، رافضاً الكشف عن هويته الحقيقية لأسباب أمنية، حيث قال:

"في ظهر ذلك اليوم وبينما كان أخي يقوم بإصلاح سيارته وسط مدينة معرة النعمان/الخاضعة لسيطرة هيئة تحرير الشام، فوجئ بسيارتين الأولى توقفت أمامه، والأخرى توقفت خلفه، وماهي إلا لحظات حتى ترّجل مسلّحون من هاتين السيارتين، وقاموا بخطف أخي تحت تهديد السلاح، ولم نعلم بأمر اختطافه حتى الساعة (4:00) من عصر ذلك اليوم، كما لم يستطع أحد التعرف على هوية الخاطفين لأنهم كانوا ملّثمين، لكنّ بعض الشهود أكدوا لنا وأخبرونا بنوع السيارتين، وعلى الفور قمنا بالبحث عن هاتين السيارتين، مدة يومين، إلى أن تبّين آخر الأمر بأنهما تابعتين لفصيل صقور الشام، وحينما أخبرنا الفصيل بأنّ يطلقوا سراح أخي، نفوا وجوده لديهم، وأصروا على رأيهم مدة يومين، وبعد الضغط عليهم أخبرونا أنه متواجد لديهم وأنه بقي لثلاثة أيام في مدينة معرة النعمان، ثمّ قاموا بنقله إلى جبل الزاوية، وبعد عدّة وساطات وتدخل وجهاء من البلدة، تمّ إطلاق سراح أخي بتاريخ 18 كانون الثاني/يناير 2019."

  1. مقتل أحد عمال الإغاثة بعد اختطافه من قبل مجهولين:

لم يسلم عمّال المنظمات الإغاثية والإنسانية من عمليات الخطف التي طالتهم على يد مجهولين، وصلت في بعض الأحيان حد القتل، وذلك نتيجة الفلتان الأمني الذي تشهده تلك المناطق على حد وصف العديد من الأهالي الذين التقتهم الباحثة الميدانية لدى سوريون من أجل الحقيقة والعدالة، حيث مازالت حادثة اختطاف وقتل "حمدو العمر" من مواليد بلدة الهبيط بريف إدلب الجنوبي عام 1976، مسجّلة ضد مجهولين حتى تاريخ إعداد هذا التقرير في 26 شباط/فبراير 2019، حيث روى أحد أقارب الضحية لسوريون من أجل الحقيقة والعدالة قائلاً:

"كان "العمر" يعمل مع عدّة منظمات إنسانية وإغاثية قبيل اختطافه، مثل منظمة وطن ومنظمة سيريا ريليف، ومنظمة people in need، وهو شخصية محبوبة ومعروف بسمعته الحسنة، كما كان "العمر" متزوج ولديه ستة أطفال، وفي حوالي الساعة (12:30) من ظهر يوم 10 كانون الأول/ديسمبر 2018، أخبرنا العمر أنه سيقوم بإيصال أمانة إلى إحدى العائلات المحتاجة في بلدة إبين/الخاضعة لسيطرة هيئة تحرير الشام بريف إدلب، دون أن يذكر اسمها أو مكان سكنها، واكتفى بالقول بأنه سيغيب لنصف ساعة ثمّ يعود، لكنه اختفى منذ ذلك الحين، وبعد  18 يوماً تقريباً، تلقّى مدير المنظمة التي يعمل معها "العمر" اتصالاً هاتفياً من رقم خارجي، وطلبوا منه مبلغ 500 ألف دولار أميركي مقابل إطلاق سراح "العمر"، حيث بعث الخاطفون بتسجيل يتضمن صوت "العمر" وهو يؤكد بأنه متواجد عند الخاطفين،  كما بعثوا بعائلته بمقطع فيديو يتضمن تعذيبه وضربه بشكل مبرح[4]، واستمرّت المفاوضات مع الخاطفين مدة 8 أيام من أجل تخفيض المبلغ إلى 50 ألف دولار أميركي، وطلب الخاطفون تحويل المبلغ إلى مكتب صرافة في منطقة أخرى، وبالفعل هذا ما حدث، قنما بتحويل المبلغ وانتظرنا حتى يتم إطلاق سراح "العمر"، لكن المفاجأة كانت أنهم لم يقوموا بذلك، وبتاريخ 5 كانون الثاني/يناير 2019، وبينما كنا ننتظر مكالمة من الخاطفين كي يخبرونا أنهم أفرجوا عن "العمر"، فوجئنا بعثور الدفاع المدني والشرطة الحرة، على جثة في شرق مدينة الأتارب، لشاب مقتول إثر إصابته بطلق ناري في رأسه، ومعه أوراقه الثبوتية، حيث تبّين لاحقاً بأنه "حمدو العمر"، وحين سمعنا الخبر ذهلنا من شدّة الصدمة، وتوجهنا إلى مشفى الأتارب من أجل التعرف عليه، لكننا لم نستطع رؤيته نتيجة الاقتتال الذي كان حاصلاً ما بين فصائل المعارضة المسلّحة، حيث تمّ نقل الجثة إلى بلدة أبين، ومنها إلى مشفى معرة مصرين. لقد قتلوه وأخذوا زيادة على ذلك مبلغ 35 ألف دولار، وتمّ إبلاغ مركز الشرطة الحرّة في مدينة الأتارب حول قضية مقتله، لكنها لم تتوصل أي نتيجة حتى هذه اللحظة."

صورة تظهر الضحية "حمدو العمر" قبيل اختطافه وقتله، مصدر الصورة: عائلة "حمدو العمر".

صورة تظهر الضحية "حمدو العمر" عقب اختطافه وقتله، مصدر الصورة: عائلة الضحية "حمدو العمر".

  1. أطلقوا سراحه لقاء فدية مالية تقدّر ب 1000 دولار أميركي:

"منير الأحمد" شاهد آخر من مواليد مدينة دمشق عام 1987، كان قد تعرّض للاختطاف بينما كان في مدينة معرة النعمان لزيارة أحد أصدقائه، حيث قام مسلّحون مجهولون باختطافه، وتحديداً بتاريخ 10 تشرين الثاني/نوفمبر 2018، ولم يُطلقوا سراحه إلا بعد أن قامت عائلته بدفع فدية مالية وتحديداً بتاريخ 1 كانون الأول/ديسمبر 2018، حيث تحدّث لسوريون من أجل الحقيقة والعدالة حول مجريات اختطافه قائلاً:

"بينما كنت في طريقي إلى مدينة معرة النعمان، مرّ بي أحدهم على متن دراجة نارية، وسألني إن كنت أريد أن أتوجه إلى مكان ما، فاعتقدت أنه مثل أي شخص قد يوصلني لقاء مبلغ مادي، وعلى اعتبار أنني كنت متأخراً، وافقت على الذهاب معه وطلبت منه أن يوصلني إلى مفرق بلدة شمارين، وما أن وصلت إلى المفرق بأقل من كيلو متر، حتى ظهر فان مغلق وبداخله ثلاثة مسلّحين، وعلى الفور أوقفوني وهددوني بالسلاح، وبدأوا يقولون لي "يا داعشي"، وعلى الفور وضعوني في الفان، بعدما أخدوا أغراضي وجوالي، ثمّ توجهوا  بي إلى جهة مجهولة، وعندما وجدوا بحوزتي حبوب مضادة للاكتئاب، اتهموني بأنني أتعاطى المخدرات، وبدأوا يلمحون إلى المال، فأوضحت لهم بألا قدرة لعائلتي على دفع الكثير من المال، وبعد عدّة أيام، اتصل الخاطفون بأخي وطلبوا منه مبلغ 10 آلاف دولار أميركي في البداية، وبعد التفاوض تمّ تخفيض المبلغ إلى 5 آلاف دولار، وبعدما أوضح لهم أخي بأنّ وضع عائلتي المادي ليس جيداً، وبأنه لم يستطع تأمين إلا مبلغ 1000 دولار أميركي، فوافقوا على ذلك، وتمّ تحويل المبلغ لهم ثمّ قاموا بإطلاق سراحي ولاذوا بالفرار، وقمت بإعلام الجهات المعنية في مدينة معرة النعمان، لكنهم لم يصلوا إلى أي نتيجة حتى هذه اللحظة."

من جهته، أفاد الناشط الإعلامي "محمد بلعاس" لسوريون من أجل الحقيقة والعدالة، بأنّ إحدى أهمّ الأسباب التي أدت إلى ازدياد حوادث الخطف في مناطق ريف إدلب، هو غياب السلطة القضائية القادرة على محاكمة الخاطفين، إضافة للجوء بعض الخاطفين إلى فصائل المعارضة المسلّحة واحتمائهم بهم، في حال تمّ استدعاؤهم من أجل محاسبتهم، موضحاً بأنّ البعض من الخاطفين تمّ إلقاء القبض عليهم في بدايات العام 2018، في حين بقي البعض الآخر حراً طليقاً وسط الفلتان الأمني الذي تشهده عموم مناطق ريف إدلب.

 

 


[1] " تزايد ملحوظ في حوادث الخطف والقتل في محافظتي حماه وإدلب يثير مخاوف السكان" سوريون من أجل الحقيقة والعدالة في 17 تشرين الأول/أكتوبر 2018. (آخر زيارة بتاريخ 27 شباط/فبراير 2019). https://stj-sy.org/ar/view/881.

[2] " اختطاف سبعة مدنيين في محافظة إدلب مؤخراً ومقتل اثنين منهم على يد الخاطفين" سوريون من أجل الحقيقة والعدالة في 15 كانون الثاني/يناير 2019. (آخر زيارة بتاريخ 27 شباط/فبراير 2019). https://www.stj-sy.org/ar/view/1143.

[3]وهو أحد الفصائل المكونة للجبهة الوطنية للتحرير، وينشط في جبل الزاوية ومعرة النعمان وعدد من مناطق ريف حلب الشرقي والشمالي.

[4]  تتحفظ سوريون من أجل الحقيقة والعدالة على نشر الفيديو لأسباب متعلقة بقساوة الفيديو واحتراماً لمشاعر ذوي الفقيد.

منشورات ذات صلة

اترك تعليقاً

* By using this form you agree with the storage and handling of your data by this website.

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك ، ولكن يمكنك عدم المشاركة إذا كنت ترغب في ذلك. موافق إقرأ المزيد