مقدمة: يواجه الكثير من سكان مدينة اللطامنة في ريف حماه الشمالي، خطر الإصابة بمرض "الليشمانيات"، وخاصةً الأطفال، حيث تمّ تسجيل أكثر من 600 إصابة بمرض الليشمانيات[1] في مدينة اللطامنة وحدها، وذلك منذ شهر تشرين الأول/أكتوبر 2018، وحتى تاريخ إعداد هذا التقرير في 10 شباط/فبراير 2019، ووفقاً للعديد من الشهادات التي حصلت عليها سوريون من أجل الحقيقة وخاصةً المكتب الطبي في مدينة اللطامنة، فقد بلغ عدد الحالات المصابة بهذا المرض شهرياً حوالي 300 حالة، وذلك منذ بدء عودة السكان النازحين إلى مدينة اللطامنة، ولا سيّما عقب الإعلان عن إقامة "منطقة منزوعة السلاح"[2] في شهر أيلول/سبتمبر 2018، والهدوء النسبي الذي شهدته المدينة بشكل عام.
كما أفاد العديد من شهود العيان للباحث الميداني لدى سوريون من أجل الحقيقة والعدالة، بأنّ هذا الانتشار الكبير لمرض "الليشمانيات" في مدينة اللطامنة، جاء نتيجة انتشار القمامة بشكل كبير وتصدّع أنابيب الصرف الصحي، الأمر الذي جعل منها ملجأ للكثير من الأمراض الجلدية وغير الجلدية، وكل ذلك وسط غياب أي مراكز طبية أو مشافٍ في المدينة، إذ تعاني معظم مشافي المدينة من توقفها وخروجها عن الخدمة[3] ، إثر عمليات القصف التي طالت العديد منها من قبل القوات النظامية السورية وحلفائها، وذلك خلال الأعوام السابقة، حيث يعتبر المكتب الطبي الكائن في مقر المجلس المحلي لمدينة اللطامنة، هو الجهة الطبية الوحيدة، التي تقدّم العلاج من مرض "الليمشانيات"، على الرغم من إمكاناته المتواضعة.
ووفقاً للباحث الميداني لدى سوريون من أجل الحقيقة والعدالة، فإنّ حوالي 8000 آلاف نسمة يقطنون حالياً في مدينة اللطامنة، ويواجهون خطر الإصابة بهذا المرض، مشيراً إلى أنّ مدينة اللطامنة، من أكثر المدن التي تعرّضت للقصف الجوي والبري على مدار السنوات الفائتة، حيث تعتبر المدينة التي تخضع لسيطرة فصيل "جيش العزة "[4]، بمثابة خط تماس مباشر مع البلدات والقرى الخاضعة لسيطرة القوات النظامية السورية، مثل حلفايا وطيبة الإمام ومحردة، وقد تسبّب القصف المتواصل على المدينة بنزوح معظم سكانها في العام 2014 ، بينما فضلت أعداد قليلة من العائلات البقاء فيها بسبب عدم مقدرتها على تحمل أعباء النزوح في المخيمات المنتشرة على طول الحدود السورية التركية، كما أضاف الباحث الميداني لدى سوريون من أجل الحقيقة والعدالة، بأنّ مدينة اللطامنة أصبحت شبه مدمّرة، وقد شملت هذه الأضرار المشافي والمدارس والمراكز الطبية وغيرها، بينما يعاني قطاع الصرف الصحي من أضرار جسيمة أيضاً نتيجة القصف.[5]
1. ما لا يقلّ عن 5 آلاف إصابة بمرض "الليشمانيات" في مناطق ريف حماه الشمالي والغربي:
أصبح مرض "الليشمانيات" من أكثر الأمراض شيوعاً في مناطق ريف حماه بشكل عام وفي مدينة اللطامنة بشكل خاص، وكل ذلك نتيجة تردي القطاع الخدمي في هذه المناطق، بحسب ما رواه الطبيب "علاء محمد العلي " مدير المكتب الطبي في مدينة اللطامنة، إذ أوضح لسوريون من أجل الحقيقة والعدالة، الأسباب التي تساهم في انتشار مرض الليشمانيات في مدينة اللطامنة، والمتطلبات التي يجب توفيرها للحد منه، كما نقل صورة الوضع الخدمي السيء الذي تعيشه المدينة، ولا سيّما بعد عودة عدد كبير من سكانها إليها، حيث تحدّث قائلاً:
"لاحظنا مؤخراً بأنّ أعداد المصابين بمرض "الليشمانيات الجلدية" وخصوصاً في ريف حماة الشمالي والغربي وصل إلى حوالي 5 آلاف مصاب منذ بداية العام 2018 وحتى يومنا هذا، فضلاً عن العديد من حالات الإصابة بـ "اللشمانيات الحشوية"[6] التي قد يصل المريض فيها إلى حد الموت إن لم يتم التعامل مع المرض وعلاجه بشكل سريع، أمّا عن مدينة اللطامنة في ريف حماة الشمالي فهي تعتبر بيئة خصبة للذبابة المسبّبة للمرض، بسبب انتشار القمامة بشكل كبير في المدينة وتصدّع أنابيب الصرف الصحي، الأمر الذي يشكّل تلوث كبير في المدينة ويجعل منها ملجأ للكثير من الأمراض الجلدية وغير الجلدية."
كما أضاف الطبيب بأنّ مدينة اللطامنة تفتقر لوجود أي مشافِ أو مراكز طبية، مشيراً إلى أنّ جميعها توقف عن العمل بسبب القصف السابق الذي تعرضت له من قبل القوات النظامية السورية، وبأنّه لا يوجد في مدينة اللطامنة سوى المكتب الطبي الذي لا قدرة له على علاج هذا العدد الكبير من الإصابات بمرض الليشمانيات وتابع قائلاً:
"نحن في المكتب الطبي التابع للمجلس المحلي نقوم بما نستطيع من أجل مكافحة هذا المرض وعلاج ما يمكننا علاجه من الحالات التي تردنا والتي وصلت إلى حدود 300 حالة تقريباً بشكل شهري، وهذا رقم كبير جداً بالنسبة لمدينة اللطامنة والتي عاد نسبة قليلة من سكانها وبقي الجزء الأكبر في المخيمات ينتظرون هدوء الأوضاع بشكل كامل في المدينة، كما نعاني في المكتب الطبي من نقص كبير في الأدوية المضادة لهذا المرض والضرورية جداً لعلاجه مثل دواء "غلوكانتيم" و "بنتوستام"، والعلاجات المكمّلة مثل المراهم والمعقّمات، كما أنّ الحالات الكثيرة التي تردنا تفوق استطاعة المكتب، ومن هنا نطالب الجهات المعنية وعلى رأسها الحكومة المؤقتة المعارضة، بضرورة تكثيف النقاط الطبية في منطقة ريف حماة الشمالي، بالإضافة إلى إطلاق حملات توعوية عن هذا المرض وطرق الوقاية منه، ورش المنازل بمبيدات حشرية بشكل شهري، حت نستطيع الحد من هذا المرض الذي يهدّد المنطقة بشكل عام."
صورة تظهر جانباً من علاج أحد المصابين بمرض الليشمانيات في المكتب الطبي الكائن في مدينة اللطامنة بريف حماة وذلك في شهر تشرين الثاني/أكتوبر 2018، مصدر الصورة: مدير المكتب الطبي "علاء محمد العلي ".
2. الإجراءات المتّخذة للقضاء على أسباب انتشار مرض "الليشمانيات":
وفي شهادة أخرى أدلى بها "عبد المناف الصالح" مدير مركز الدفاع المدني في مدينة اللطامنة، حيث قال لسوريون أجل الحقيقة والعدالة، بأنّ الدفاع المدني يعمل على تحسين الأوضاع الخدمية في مدينة اللطامنة، من خلال ترحيل النفايات وإصلاح شبكة الصرف الصحي وإعادة تفعيل المشافي للحد من انتشار مرض "اللشمانيات"، حيث تحدّث في هذا الخصوص قائلاً:
"في الآونة الأخيرة، عاد الكثير من أهالي مدينة اللطامنة بعدما كانوا قد نزحوا منها منذ العام 2014 ، وقد عاد هؤلاء إلى مدينة شبه مدمّرة بالكامل وخصوصاً البنى التحتية منها، فلا وجود لمشافٍ فاعلة أو مدارس، بالإضافة لتضرّر الصرف الصحي بشكل شبه كامل، والركام الذي يملأ المدينة وانتشار القمامة في شوارعها ومحيطها، لذا أخذنا على عاتقنا وضع خطة محكمة لتحسين الواقع الخدمي في المدينة بقدر المستطاع، فقمنا بالتعاون مع المجلس المحلي، بوضع دراسة لإصلاح شبكة الصرف الصحي في المدينة بسبب تصدّع الأنابيب وخروج معظمها على سطح الأرض، الأمر الذي سبب بانبعاث روائح وانتشار حشرات ضارة، وبالفعل تمّ تفعيل وإصلاح أجزاء كبيرة من هذه الشبكة، ولكن معظمها لا يزال معطل ويحتاج إلى إصلاح، غير أنّ الإمكانيات المادية المتوفرة لدينا لم تعد كافية لترميم كل الشبكة، أما عن المشافي فلم نستطع بطبيعة الحال إعادة تفعيلها وإعادتها إلى العمل مرة أخرى نظراً للتكاليف الباهظة التي نحتاج إليها للقيام بهذه الخطوة، ومازلنا بانتظار الدعم من قبل الجهات المعنية من مديرية صحة حماة أو من المنظمات الإنسانية والخيرية المهتمة، من أجل دعمنا للتغلب على هذا المرض"
3. مناشدات من أهالي مدينة اللطامنة:
"صبيحة السلوم" 55 عاماً، من مدينة اللطامنة، كانت قد عادت إلى مدينتها بتاريخ 17 أيلول/ٍسبتمبر 2018، بعدما كانت قد نزحت منها منذ العام 2014، لتُفاجأ بدمار منزلها بشكل كامل نتيجة عمليات القصف التي شهدتها المدينة في الأعوام السابقة، الأمر الذي أجبرها على العيش مع أحد أقاربها، وكانت قد أصيبت بمرض اللشمانيات، وتوجهت إلى المكتب الطبي في مدينة اللطامنة بقصد العلاج لكن دون فائدة، وفي هذا الخصوص تحدّثت لسوريون من أجل الحقيقة والعدالة قائلة:
"قُتل ولدي بقصف مدفعي استهدف المدينة في العام 2017، بينما أصيب ولدي الآخر بشظية في الظهر، نتيجة قصف مدفعي آخر، ما أدى إلى إصابته بالشلل وهو الآن مقعد في الفراش، وكغيري من أهالي مدينة اللطامنة عشت أيام وشهور صعبة جداً منذ بداية الاحداث السورية، حيث خرجنا في موجات نزوح متكررة من المدينة عدّة مرات وعلى فترات متقطعة، فعندما كانت تهدأ الأوضاع قليلاً كنا نعود، وعندما يشتدّ القصف نخرج إلى مخيمات الشمال السوري في بلدة " أطما " الحدودية، لكن وبعد عودتي للمدينة تفاجأت كثيراً برؤية منزلي وهو مدمّر بشكل كامل ولا يمكنني العيش فيه على الإطلاق، فتوجهت للسكن عند زوج بنتي في المدينة، ولم نكن قد ارتحنا قليلاً من ويلات القصف المتكرر، حتى واجهتنا مشاكل ومصاعب من نوع مختلف، فبعد عودتي بعدّة أيام، أصبت بمرض اللشمانيات في إحدى يديّ، فعرضتها على عدّة أطباء ومراكز صحية في ريف إدلب، ولكن لم يكن لدي القدرة المادية على مواصلة العلاج خارج المدينة، ما اضطرني إلى مواصلة العلاج في المكتب الطبي المتواجد في مدينة اللطامنة، حيث أوضح لي الأطباء أنّ السبب هو التأثر بالجو العام في المدينة والذي يسوده التلوث البيئي بشكل كبير، كما أنّ ولدي الثالث أيضاً مصاب بنفس المرض ولكنه شُفي منه منذ عدة أيام، وبشكل عام لا يوجد جو نظيف يساعد على الشفاء السريع من المرض، فالحشرات والقمامة تنتشر بكثرة هنا، ناهيك عن عدم توافر مركز طبي يقوم على علاج هذا المرض وغيرها من الأمراض بشكل جيد."
صورة خاصة بسوريون من أجل الحقيقة والعدالة، تظهر إصابة الشاهدة "صبحية السلوم" بمرض اللشمانيات، وقد التقطت هذه الصورة في منتصف كانون الثاني/يناير 2019.
وفي شهادة أخرى، كان قد أصيب الطفل " أنس مهدي الحسن " 13 عاماً، بمرض الليشمانيات هو الآخر، عقب عودته وعائلته إلى المدينة، وتحديداً في شهر تشرين الأول/أكتوبر 2018، وذلك بعد رحلة نزوج طويلة دامت أكثر من عام، حيث تحدثّ لسوريون من أجل الحقيقة والعدالة (بحضور أحد أقربائه) في هذا الصدد قائلاً:
"نزحت مع عائلتي من مدينة اللطامنة منذ بداية العام 2017، نتيجة قصف الطيران الحربي والمروحي، فخرجنا إلى مخيمات الشمال السوري، وعشنا هنالك أياماً صعبة للغاية، كنا نأتي للمدينة بشكل شهري تقريباً للاطمئنان على منزلنا ورعايته ثم نعود إلى المخيم، وبعد عودتنا الأخيرة إلى المدينة واستقرارنا فيها، أصبنا أنا وأخوتي بمرض اللشمانيات، فقرر والدي الذهاب بنا إلى المركز الصحي في بلدة حيش بريف إدلب، وكانت هي المرة الأولى والأخيرة التي نتلقى بها العلاج خارج المدينة، بسبب عدة قدرة والدي على تحمّل تكاليف العلاج، وبعدها بدأنا نتردد إلى المكتب الطبي في مدينة اللطامنة لمواصلة رحلة علاج هذا المرض، ولا زلنا نتلقى العلاج بشكل دائم ونراجع المكتب الطبي، وأواجه الآن الكثير من المتاعب بسبب هذا المرض و أشعر بالخجل الشديد من أصدقائي أثناء اللعب معهم و في المدرسة أيضاً، بسبب تمركز اللشمانيات في وجهي على الأنف والخد تحديداً، ونصحني الأطباء بعدم الاقتراب من الأماكن التي تتكاثر فيها القمامة والأوساخ المحيطة بالمدينة، كما نصحوني بمداومة الاستحمام والمحافظة على النظافة الجسدية بشكل دائم، وبعد العلاج لا تزال بقع سوداء تظهر على وجهي، وتسبّب لي أزمة جسدية ونفسية."
صورة خاصة بسوريون من أجل الحقيقة والعدالة، تظهر إصابة الطفل "أنس مهدي الحسين" بمرض الليشمانيات، وقد التقطت هذه الصورة في منتصف كانون الثاني/يناير 2019.
"قصي الحسين" 28 عاماً أحد سكان مدينة اللطامنة الذين عادوا إليها في شهر أيلول/سبتمبر 2018، قال لسوريون من أجل الحقيقة والعدالة، بأن اثنين من أطفاله يعانيان الإصابة من مرض "اللشمانيات"، كما أنه يعاني من تردي أوضاعه المادية نتيجة عدم توافر أي فرص عمل في المدينة، حيث تحدّث قائلاً في هذا الصدد:
"عدت مؤخراً إلى مدينتي بعد أن قضيت عدة سنوات نازحاً خارجهاً في مدينة خان شيخون في ريف إدلب، وبعد عودتي إلى المدينة حاولت ولا زلت أحاول التأقلم مع الواقع الجديد فيها، فهي تفتقر لجميع مقومات الحياة، وتعاني من أوضاع مأساوية، فلا وجود لأي مراكز طبية للعلاج ويوجد هناك مكتب طبي يقوم بتقديم العلاج ويفتقر لوجود الأدوية والعلاجات اللازمة، بل إنه لا يستطيع علاج جميع أنواع الأمراض أو إجراء عمليات جراحية مهما كانت بسيطة، لذا نُجبر على الذهاب خارج المدينة لتلقي العلاج، وقد أصيب ابني "عبد الله" البالغ من عمره 3 أعوام بمرض "اللشمانيات" أو ما يسمى محلياً بــ "حبة السنة"، وتبعته أخته "أسيل" التي لا تزال في عمر الـ6 أشهر فقط، وفي البداية قمت بعلاجهما في مشفى معرة النعمان في ريف إدلب الجنوبي، ولم أتمكن من متابعة العلاج خارج المدينة نظراً لحالتي المادية المتواضعة فأنا لم أوفق في الحصول على أي عمل طيلة الفترة السابقة، لذا تابعت علاجهما في المكتب الطبي التابع للمجلس المحلي في مدينة اللطامنة، ولم تشهد حالتهما تحسن ملحوظ بسبب النقص الحاد في الأدوية لدى المكتب، بالإضافة إلى استمرار وجود الأسباب التي تساهم في تفاقم حالة المرض، من تلوث البيئة وانتشار الحشرات بشكل كبير، وانتشار القمامة وعدم وجود متابعة دائمة لهذا المرض."
وأضاف "الحسين" بأنّ العديد من أطفال مدينة اللطامنة يعانون الإصابة بمرض "الليشمانيات"، لافتاً إلى أنّ الأوضاع الخدمية والمعيشية الراهنة في المدينة لا تشجع بقية سكان المدينة للعودة إليها والاستقرار فيها، وموضحاً بأنّها لا تختلف بشيء عن مخيمات النزوح في الشمال السوري، بل إنّ الوضع فيها يعتبر أسوأ، على اعتبار أنّ معظم من عادوا إليها وجدوا منازلهم مدمرة نتيجة القصف، وبقي العديد منهم دون مأوى، في حين قام بعضهم بترميم وإصلاح جزء بسيط من المنزل والسكن فيه، كما ناشد "الحسين" جميع الأطراف المعينة بضرورة تحمل مسؤوليتها تجاه الأوضاع المأساوية في مدينة اللطامنة.
"حسين النبهان" 22 عاماً شاهد آخر من مدينة اللطامنة، كان قد أصيب في شهر تشرين الأول/أكتوبر من العام 2018 بمرض الليشمانيات الجلدية، وقد غطّت بقع حمراء اللون كامل يديه، ما دفعه إلى علاجها في المكتب الطبي التابع للمجلس المحلي في مدينة اللطامنة، كونه الجهة الطبية الوحيدة التي تقدّم العلاج، وينحدر "حسين" من أسرة فقيرة ويبلغ عددها 9 أفراد، ولم تنزح هذه العائلة من المدينة على الرغم من القصف العنيف الذي تعرّضت له طيلة الأعوام السابقة من عمر النزاع السوري، حيث تحدّث لسوريون من أجل الحقيقة والعدالة في هذا الصدد قائلاً:
"كان والدي قد عمل سابقاً في تربية المواشي من أغنام وأبقار بالإضافة إلى الزراعة، وكان يملك عشرات "الدونومات" من الأراضي الزراعية التي كانت تشكّل مصدر رزق أساسي لنا، غير أنه وخلال الأحداث الصعبة التي عشناها من فقر شديد وقصف متكرر، قمنا ببيع كل ما نملك لتغطية احتياجات العائلة، ولم نتمكن من الخروج من مدينة اللطامنة طيلة الأعوام الماضية وذلك بسبب عدم قدرتنا على تحمل أعباء النزوح في المخيمات والتي تعتبر المعيشة فيها صعبة جداً، ففضلنا البقاء في المدينة والتكيّف مع أجواء القصف اليومي الذي كان يستهدف المدينة من قبل قوات النظام والروس، ولم أتمكن أيضاً من مواصلة تعليمي بسبب الأحداث التي أجبرت الكثير من الشبان على ترك مقاعد الدراسة والالتفات إلى العمل. وفي بداية شهر تشرين الأول/أكتوبر 2018، بدأت تظهر على ساقيّ ويديّ بقع حمراء صغيرة لم أعطِ لها اهتمام في البداية، مع العلم أنها كانت تسبّب لي الألم ولكن بدرجة خفيفة ومقبولة، وبعد فترة تأزّمت تلك البقع وبدأت تكبر يوماً بعد آخر، ولم تتح فرصة علاجها خارج المدينة نظراً لسوء وضعي المادي، فتوجهت للعلاج والكشف عنها في المكتب الطبي على اعتبار أنه الجهة الطبية والوحيدة في مدينة اللطامنة، والتي بدأت تقدم خدمة مجانية للعلاج بعد تفشي هذا المرض بشكل كبير جداً بين المدنيين، فبدأت العلاج وأخذت الدواء ولكن لا تزال البقع على جسدي بشكل واضح وتسبّب لي ألماً شديداً في كثير من الأحيان، وقد تمّ إعطائي وصفة الأدوية، مع بعض التوصيات بضرورة الحفاظ على نظافة المنزل ورشه بالمبيدات الحشرية والابتعاد عن الأماكن التي يوجد فيها مكبات للنفاية أو أي مسبب آخر يجعل من الحبوب المنتشرة في جسدي تزداد سوءاً، إضافة إلى عدم الاحتكاك المباشر مع أحد من أفراد العائلة أو الأصدقاء لضمان عدم نقل المرض إليهم."
[1] إنّ داء الليشمانيات من الأمراض المنقولة بالنواقل، وبشكل رئيسي عن طريق لسعات الحشرات الإناث المصابة بالعدوى من الفواصد (ذبابة الرمل). إذ تنتقل الليشمانية الكبيرة عبر الفاصدة الباباتاسية، وذلك من الحيوانات (المستودع) إلى الإنسان. كما تنتقل الليشمانية المدارية عبر الفاصدة السرجنبتية من شخص لآخر. ونادراً ما تنتقل الليشمانية المدارية عبر نقل الدم.
للمزيد من الاطلاع الرجاء الضغط على الرابط التالي: صفحة حقائق حول داء الليشمانيات الجلدي-منظمة الصحة العالمية- http://www.emro.who.int/ar/neglected-tropical-diseases/information-resources-leishmaniasis/cl-factsheet.html.
[2] " تركيا تعلن إقامة منطقة منزوعة السلاح في إدلب"، موقع روسيا اليوم في 10 تشرين الأول/أكتوبر 2018، (آخر زيارة بتاريخ 14 كانون الثاني/يناير 2018. https://arabic.rt.com/middle_east/975410-%D8%AA%D8%B1%D9%83%D9%8A%D8%A7-%D8%A7%D9%86%D8%AA%D9%87%D8%A7%D8%A1-%D8%A5%D8%AE%D9%84%D8%A7%D8%A1-%D8%A7%D9%84%D9%85%D9%86%D8%B7%D9%82%D8%A9-%D9%85%D9%86%D8%B2%D9%88%D8%B9%D8%A9-%D8%A7%D9%84%D8%B3%D9%84%D8%A7-%D8%A5%D8%AF%D9%84%D8%A8-%D8%A7%D9%84%D8%A3%D8%B3%D9%84%D8%AD%D8%A9-%D8%A7%D9%84%D8%AB%D9%82%D9%8A%D9%84%D8%A9/.
[3] "القصف الجوي يُخرج ثلاث مشافٍ عن الخدمة في محافظتي حماه وإدلب"، سوريون من أجل الحقيقة والعدالة في 11 أيلول/سبتمبر 2018. (آخر زيارة بتاريخ 15 كانون الثاني/يناير 2019. https://www.stj-sy.org/ar/view/734.
[4] جيش العزة هو أكبر فصائل المعارضة السورية المسلّحة في ريف حماة الشمالي ويتخذ من مدينة اللطامنة مقراً أساسياً له، بقيادة الرائد المنشق عن القوات النظامية السورية "جميل الصالح" والذي ينحدر من مدينة اللطامنة، ويسيطر الجيش على بعض البلدات المتاخمة لمناطق سيطرة القوات النظامية السورية مثل مدن وقرى اللطامنة وكفرزيتا ولطمين والأربعين.
[5] "القوات النّظامية السّورية تستمر بقصف قرى ريف حماه الشمالي وتوقع جرحى مدنيين رغم الاتفاق الروسي/التركي"، سوريون من أجل الحقيقة والعدالة في 2 تشرين الأول/أكتوبر 2018. (آخر زيارة بتاريخ 15 كانون الثاني/يناير 2019). https://www.stj-sy.org/ar/view/807.
[6] بحسب مدير المكتب الطبي في مدينة اللطامنة، فإنّ هذا النوع من الليشمانيات يصيب الأحشاء الداخلية لجسم الإنسان مثل الطحال والغدد اللمفاوية والكبد، وقد يصل بالمريض إلى حد الموت إن لم يتم التعامل مع المرض وعلاجه بشكل سريع.