نفذت "هيئة تحرير الشام" ما لا يقل عن 38 عملية اعتقال طالت مدنيين بينهم نساء لأسباب مختلفة، كما اعتقلت أشخاصاً ينتمون لفصائل عسكرية معارضة في محافظة إدلب مؤخراً، وتم الافراج عن قسم منهم في حين ما يزال مصير عدد المعتقلين المدنيين مجهولاً حتى تاريخ إعداد هذا التقرير، وذلك حسب شهادات حصلت عليها سوريون من أجل الحقيقة والعدالة وتحققت منها.
الباحثون الميدانيون لدى سوريون من أجل الحقيقة والعدالة في محافظة إدلب رصدوا عدداً من عمليات الاعتقال التي شهدتها المحافظة خلال شهري كانون الأول/ديسمبر 2018 وكانون الثاني/نوفمبر 2019، والتي طالت ستة مدنيين وشخصين كانا ينتميان لفصائل عسكرية و 30 مقاتلاً آخرين يتبعون لـ"الجبهة الوطنية للتحرير".
- اعتقالات طالت مدنيين لأسباب عدة:
بتاريخ 26 كانون الأول/ديسمبر 2018 اعتقلت هيئة تحرير الشام "حسام الريا" من قرية معرة حرمة بريف إدلب، وذلك على خلفية قيامه بإطلاق النار العشوائي أثناء حفل زفاف شقيقه، وتم إطلاق سراح "الريا" بعد يومين من اعتقاله وبعد تعهده بعدم القيام بأمر مماثل كما تم مصادرة السلاح الذي كان بحوزته وهو بندقية روسية.
وبتاريخ 27 كانون الأول/ديسمبر 2018، قامت مجموعة مسلح تتبع لهيئة تحرير الشام باعتقال "حسام الطويل" من بلدة سرمدا بإدلب، وتم اطلاق سراحه بعد ثلاثة أيام من اعتقاله، وروى أحد أقرباء "حسام" ما جرى حيث قال:
"لقد تم اعتقال حسام أثناء قيامه بزيارة ابن عمه الموجود في أحد سجون تحرير الشام بمدينة حارم، وتم اعتقاله لثلاثة أيام، حسام يمتلك شركة سريانا للاتصالات وتزويد خدمات الانترنت، وتم إطلاق سراحه بعد أن توصل إلى تسوية مع تحرير الشام لزيادة الضريبة التي يدفعها حسام لهم، نقدر أن زيادة الضريبة جاءت بمقدار 25 بالمئة من الأرباح عما كان يدفعه حسام سابقاً، أعتقد أن المبلغ الذي يتوجب على حسام دفعه كضريبة شهرياً الآن قد يبلغ 5 آلاف دولار أمريكي."
أيضاً، بتاريخ 28 كانون الأول/ديسمبر 2018، قام عناصر من هيئة تحرير الشام باعتقال خمسة أشخاص مدنيين بينهم امرأة، وذلك خلال عمليات اعتقال منفصلة، بتهمة "التخابر مع النظام"، والمعتقلون هم؛ ألفت كريم من مدينة إدلب وشقيقها ضابط في جهاز الأمن السياسي التابع للحكومة السورية، وأنس رمضان مدني من قرية قاح وراكان عبد الله علي من قرية تل عمارة وعبد الكريم المصارع مدني من قرية باريسا وباسل عبد القادر عليوي من قرية قاح.
ومؤخراً، أطلقت هيئة تحرير الشام سراح مدني اعتقلته لأربعة أشهر بتهمة التعامل ضدها مع فصائل عسكرية في محافظة إدلب، وروى أحد أقارب المفرج عنه لسوريون من أجل الحقيقة والعدالة ما يلي:
"بتاريخ 10 أيلول/سبتمبر 2018 اعتقلت هيئة تحرير الشام الشاب مصطفى حجازي من قرية كفرعويد وقادته إلى سجن العقاب التابع لها، وتم إطلاق سراحه في 10 كانون الثاني/يناير 2019، لم يتحدث مصطفى لنا عن تفاصيل اعتقاله وما تعرض له خلال الأشهر الأربعة، أخبرنا أنه تم إطلاق سراحه بعد انتهاء التحقيقات وعدم ثبوت تورطه بأي من التهم المنسوبة إليه منها التعامل مع فصائل عسكرية في إدلب ضد تحرير الشام."
- اعتقالات طالت مقاتلين سابقين في فصائل عسكرية معارضة:
قام عناصر من هيئة تحرير الشام باعتقال الشاب "أسعد ثابت قصاص" في مدينة إدلب بتاريخ 30 كانون الأول/ديسمبر 2018 دون معرفة سبب الاعتقال وما يزال مصيره مجهولاً حتى تاريخ إعداد هذا الخبر.
الباحث الميداني لدى سوريون من أجل الحقيق والعدالة في المنطقة قال إن "قصاص" هو مقاتل سابق ضمن "حركة أحرار الشام الإسلامية" وكان قد ترك العمل العسكري منذ نحو عامين ولم ينتمي لأي فصيل عسكري منذ ذلك الوقت، وتعد حركة أحرار الشام الإسلامية من أبرز الفصائل العسكرية التي كانت بحالة اقتتال مع هيئة تحرير الشام.
وأيضاً، بتاريخ 14 كانون الثاني/يناير 2019، قام عناصر من هيئة تحرير الشام باعتقال الشاب "عبد السلام العاهي" من بلدة معرة النعمان، و"العاهي" كان مقاتلاً سابقاً ضمن صفوف "الفرقة 13" التي كانت تابعة للجيش السوري الحر/المعارضة السورية المسلّحة والتي كانت بحالة اقتتال دائم مع تحرير الشام خلال السنوات الأربع الماضية.
شقيق "العاهي" روى لسوريون من أجل الحقيقة والعدالة تفاصيل اعتقاله حيث قال:
"صباح يوم 14 كانون الثاني/ديسمبر 2019 كان أخي عبد السلام متوجهاً بسيارته من إلى بلدة الغدقة، وعند مروره على حاجز يسمى "الناعوررة" يقع على الأوتوستراد الدولي قام حاجز لهيئة تحرير الشام باعتقاله بشكل مباشر، بقي معتقلاً لديهم لمدة أربع ساعات وتم الإفراج عنه، لقد عاد إلى المنزل وعليه آثار ضرب وكدمات وتعذيب واضحة، ولم نعرف سبب هذا العمل."
وتابع الشاهد قائلاً:
"كان أخي مقاتلاً في صفوف الفرقة 13 ولكنه ترك العمل العسكري بشكل كامل من أكثر من عامين، وقام بفتح محل تجاري في معرة النعمان ويقيم مع عائلته فيها وهو الآن مدني ولم ينخرط بأي عمل عسكري مع أي فصيل."
- اعتقالات طالت مقاتلين في فصائل عسكرية معارضة:
شهدت محافظة إدلب خلال شهر كانون الثاني/يناير 2019 اشباكات وقصفاً متبادلاً بين هيئة تحرير الشام من جهة وفصائل منضوية في الجبهة الوطنية للتحرير من جهة أخرى، وعلى خلفية هذا الاقتتال بين الطرفين قامت هيئة تحرير الشام باعتقال ما لا يقل عن 15 مقاتلاً من "الجبهة الوطنية للتحرير" من مدينة سراقب واعتقال 15 آخرين من مناطق متفرقة في منطقة معرة النعمان، وبالمقابل قامت الجبهة الوطنية للتحرير باعتقال ما لا يقل عن 20 مقاتلاً من هيئة تحرير الشام وذلك بتاريخ بتاريخ 20 كانون الثاني/يناير 2019.
وبحسب الباحث الميداني لدى سوريون من أجل الحقيقة والعدالة فإن طرفي الاقتتال قد قاما بعملية تبادل أسرى بينهما وتم إطلاق سراح جميع المقاتلين الذين تم اعتقالهم خلال فترة الاقتتال الذي انتهى بسيطرة هيئة تحرير الشام عسكرياً على مناطق عدة في ريف حلب الغربي وريف حماه الشمالي وكامل محافظة إدلب، إذ سبق أن أعدت سوريون من أجل الحقيقة والعدالة تقريراً حول ذلك.
- بعض أماكن الاحتجاز في محافظة إدلب:
رصد الباحثون الميدانيون لدى سوريون من أجل الحقيقة والعدالة في محافظة إدلب خمس أماكن احتجاز رئيسية تتخذها هيئة تحرير الشام سجوناً أساسية لها، إلى جانب أماكن احتجاز أخرى تعتبر سرية.
السجون التي رصدها الباحثون الميدانيون وهي:
- السجن المركزي الموجود في مدينة إدلب؛ ويقسم إلى قسمين، أحدهما يتبع إلى وزارة العدل في حكومة الإنقاذ/التابعة لهيئة تحرير الشام، والقسم الآخر تشرف عليه بشكل مباشر هيئة تحرير الشام ويقسم إلى عدة أقسام أيضاً ويضم معتقلين مدنيين وعسكرين.
- السجن المركزي الموجود في مدينة حارم؛ وهو سجن مركزي أنشأته الحكومة السورية وسيطرت عليه هيئة تحرير الشام وتشرف عليه بشكل مباشر وأيضاً يضم معتقلين عسكرين ومدنيين ضمن أقسامه.
- سجن تاميكو؛ ويقع في منطق المهندسين بريف حلب الغربي، وهو عبارة عن مقر شركة ومعمل لصناعة الأدوية، استولت عليه هيئة تحرير الشام وحولته إلى سجن.
- سجن صفر؛ ويقع قرب معبر باب الهوى الحدودي، وهو عبارة عن بناء مدني يضم قبواً، استولت عليه تحرير الشام وحولته إلى سجن.
- سجن العقاب؛ وهو قسمان منفصلان يقعان قرب قرية كنصفرة في جبل الزاوية بإدلب، وهما عبارة عن مغارتين ضمن جبل، وتم توسيع أحدهما بالحفر، وأنشأ عام 2014 بعد أن تم نقله من مزرعة للدواجن في جبل الزاوية.