بتاريخ 7 شباط/فبراير 2017 (يوم الثلاثاء) استطاعت سوريون من أجل الحقيقة والعدالة توثيق استهداف الأحياء السكنية في بلدة عربين في ريف دمشق (الغوطة الشرقية) وتحديداً في تمام الساعة (08:55) دقيقة بتوقيت دمشق، وذلك عن طريق قصفها بعدّة قذائف مدفعية، تزامن ذلك مع استهداف أطراف البلدة بغارتين جويتين بواسطة الطيران الحربي نوع (SU22) التابع لسلاح الجو السوري، وأعاد الطيران الكرّة في حوالي الساعة (09:35) صباحاً، مستهدفاً أطراف البلدة بغارة ثالثة.
وقد أظهر شريط فيديو بثّته وكالة قاسيون للأبناء بشكل واضح الطيران الحربي قُبيل الغارة التي استهدفت أطراف البلدة واللحظات التي تلت الغارة مباشرة.
وفي حوالي الساعة (10:50) دقيقة صباحاً، تم استهداف جبهة عربين (المنطقة التي كانت تشهد اشتباكات) هجوماً بغاز الكلور السام بحسب شهادات وإفادات لمقاتلي فيلق الرحمن (وهو فصيل عسكري سوري معارض يتبع للجيش السوري الحر) ولكن الهجوم لم يسفر عن وقوع قتلى. وأضاف الشهود أن مصدر القصف كان جهة فرع المخابرات الجويّة والمعروف باسم (فرع المخابرات الجويّة في حرستا).
وعند حوالي الساعة (12:20) ظهراً، نفذ الطيران الحربي غارة جويّة أخرى على الأحياء السكنية في البلدة مما أدى إلى مقتل الطفل الرضيع (أسامة محمد صفصف) وإصابة امرأة أخرى بجروح، وقد أظهر شريط فيديو نشره نشطاء من البلدة لحظات إخراج الطفل الرضيع من تحت الأنقاض. وأظهر شريط فيديو آخر نشره نشطاء ميدانيون جانباً من الدمار الحاصل نتيجة الغارة. وعند الساعة (03:00) مساءً نفذ الطيران الحربي السوري مرة أخرى غارتين جويتين على اطراف بلدة عربين كما أظهر شريط فيديو نشرته وكالة أموي للأنباء.
وعند الساعة (03:11) دقيقة مساءً نفذ الطيران الحربي السوري مرة أخرى البلدة بغارتين جويتين استهدفتا أطراف البلدة،
أمّأ في يوم الخميس المصادف 9 شباط/فبراير 2017 فقد تم استهداف إحدى نقاط الاشتباك في جبهة عربين بغازات سامّة، وذلك في حوالي الساعة الخامسة صباحاً، حيث يُعتقد أن الغاز المستخدم هو غاز الكلور السام وفقاً للأعراض التي ظهرت على المصابين وشهادات الكوادر الطبّية، ووقع الهجوم في إحدى الخنادق في الجبهة، وبحسب شهادات حصلت عليها سوريون من أجل الحقيقة والعدالة فأنّ الهجوم أسفر مقتل مقاتل من فيلق الرحمن واسمه (يحيى خليل المصري) بعد أن أغمس عليه نتيجة استنشاقه للغاز، كما وأسفر عن إصابة أربع مقاتلين آخرين.
نشر مشفى عربين الجراحي (قسم الإسعاف) شريط فيديو يظهر فيه أحد الكوادر الطبّية للمشفى يفيد بورود حالات لمصابين كانوا يعانون من هياج شديد، وتغيب عن الوعي، بالإضافة إلى خروج زبد من الفم، وحملقة في العينين. وقال أن هذه الأعراض ظهرت على المصابين نتيجة تعرّضهم لغاز الكلور السام. وأضاف أنّهم قاموا بإعطاء المصابين مواد تعاكس عمل الكلور مثل (الأتروبين والإستيروإيدات) بالإضافة للمهدئات والأكسجة الجيدة. أظهر مقطع فيديو آخر تمّ تصويره عن قرب مصابين آخرين في المشفى بعد أن ظهرت عليهم علامات استنشاق الغاز.
أبو سلطان، درس حتى المرحلة الثانوية (ثانوية تجارية) وانضم إلى صفوف فيلق الرحمن (الكتيبة 272 – اللواء 81) أفاد لسوريون من أجل الحقيقة والعدالة ما يلي:
"حدث الاستهداف في ساعات الصباح الأولى، حيث كنتُ أنا وثلاث أشخاص آخرين مرابطين على خط جبهة عربين –من جهة فرع المخابرات الجوية- وكنّا قريبين جداً من قوات النظام، وبعد رصدنا تحركات لقوات النظام دخلنا إلى الخندق حينها استنشقنا رائحة كريهة جداً وفقدنا الوعي على الفور."
وبحسب أبو سلطان فإنّ الاستهداف كان بواسطة قنبلة تحتوي على مواد سامّة ولم يصدر عنها أي صوت. ولم تستطع سوريون من أجل الحقيقة والعدالة الاقتراب إلى مكان الاستهداف لأخذ صور أو فيدوهات أو شهادات إضافية من المكان المستهدف نفسه.
وقد نشر مشفى عربين الجراحي صور لبعض المصابين الذي تعرّضوا للغاز بعد استنشاقه:
الصورة رقم (1)
الصورة رقم (2)
الصورة رقم (3)
وفي يوم الجمعة المصادف 10 شباط/فبراير 2017 أعادت القوات الحكومية السورية استهداف مناطق الاشتباك مع قوات المعارضة المسلّحة بمواد سامّة يُعتقد أنّها مادة الكلور، وذلك بحسب شهادات حلصت عليها المنظمة، وقد وقع الهجوم في حوالي الساعة الرابعة (عصراً) وأدى إلى إصابة ثلاث مقاتلين من المعارضة السوريّة المسلّحة.
وكان مشفى عربين قد نشر شريط فيديو يظهر ثلاث عدّة مصابين، قال الشريط أنّهم تعرّضوا لاستنشاق الغازات السامّة.
مشفى عربين الجراحي اصدراً تقريراً طبّياً خاصاً عن الهجوم حيث أفاد:
"استقبلنا في قسم الاسعاف وفي حوالي الساعة (04:40) دقيقة عصر يوم الجمعة 10 شباط/فبراير 2017 ثلاث حالات إغماء من جراء استهداف النظام لأطراف مدينة عربين بقنابل تحوي غازات سامة، وقمنا على الفور بإجراء الاسعافات الأولية اللازمة. وللتنويه فهذه هي المرة الثانية خلال يومين يقوم النظام باستهداف اطراف المدينة بغاز الكلور وقد لوحظ حسب ما ذكر الطبيب المختص تغيب عن الوعي مع حالات زلة تنفسية. وأنّ الغاز الذي يستخدم هو غاز الكلور نظرا لوجود رائحة كلور على ملابس المصابين وقد تحسنت حالة المصابين بعد اعطائهم الاجراءات الإسعافية المناسبة والمضادات الحيوية اللازمة."
صورة أحد المصابين في هجوم يوم الجمعة 10 شباط/فبراير 2017
يُعتبر هجوم يوم الجمعة 10 شباط/فبراير 2017 رابع هجوم بواسطة الغازات السامّة في العام 2017، ففي يوم الاثنين المصادف 30 كانون الثاني/يناير 2017 تعرّضت منطقة اشتباكات أخرى في جبهة تل حزرما والنشابية -الخاضعة لفصيل جيش الإسلام- لهجوم بمواد سامّة أدى إلى إصابة (11) شخصاً مقاتلاً، كانت من بينهم ثلاث حالات حرجة، وبحسب شهود فإنّ غازاً شديد الرائحة، أخضر اللون انتشر في المكان أثناء الهجوم.
صورة لإحدى القذائف التي يُعتقد أنّها كانت مصدر الغازات السامّة في هجوم يوم 30 كانون الثاني/يناير 2017 – مصدر الصورة المكتب الإعلامي في المرج.
"تحظر اتفاقية الأسلحة الكيميائية استخدام الخصائص السامة للمواد الكيميائية الشائعة، مثل الكلور، للقتل أو الإصابة بجروح. ومن بين عدّة التزامات أخرى، يجب أن توافق كل دولة عضو على أن تمتنع عن "مساعدة أو تشجيع أو حث أي كان بأي طريقة على القيام بأنشطة محظورة على الدول الأطراف بموجب هذه الاتفاقية". تحظر قوانين الحرب التي تنطبق على سوريا استخدام الأسلحة الكيميائية. استخدام أسلحة محرمة بقصد جنائي، عمدا أو بلا مبالاة، يعتبر جريمة حرب. اتفاقية الأسلحة الكيميائية، بأعضائها الـ 192، هي واحدة من أهم المعاهدات الدولية الخاصة بالأسلحة. فقط 4 دول من أعضاء الأمم المتحدة ليست طرفا في الاتفاقية، هي مصر وإسرائيل – التي وقعت على الاتفاقية ولم تصدق عليها – وكوريا الشمالية وجنوب السودان[1]."
[1] هيومان رايتس وتش، سوريا: هجمات كيميائية منسقة على حلب، 13 شباط/فبراير 2017، للمزيد: https://www.hrw.org/ar/news/2017/02/13/299928