الرئيسية صحافة حقوق الإنسانقصص وشهاداتقصص مكتوبة “كانوا يعتقدون بأننا قادمون من دولة أخرى”

“كانوا يعتقدون بأننا قادمون من دولة أخرى”

قصة "محمد حسن عمر"... تحقيق الحلم والحصول على الجنسية

بواسطة wael.m
106 مشاهدة تحميل كملف PDF هذا المنشور متوفر أيضاً باللغة: الإنجليزية, الكردية حجم الخط ع ع ع

نجح "محمد" أخيراً في تحقيق حلمه والحصول على الجنسية السورية، لكن بعد رحلة معاناة مريرة استمرّت أعواماً طويلة، لكونه واحداً من الكرد السوريين المحرومين من الجنسية السورية، إذ لم يكن من حقه التعلّم والتملك أو الانتخاب، وهو ما خلّف أثراً سلبياً على حياته.

"محمد حسن عمر" من مواليد مدينة رأس العين/سري كانييه عام (1978)، متزوج ولديه ثلاثة أطفال، نجح "محمد" في أن يصبح مواطناً سورياً متمتعاً بالجنسية السورية، وذلك خلال شهر حزيران/يونيو 2018، بعد أن كان هو وعائلته، البالغ عدد أفرادها نحو ثلاثين فرداً من الكرد السوريين المحرومين من الجنسية وتحديداً من فئة "مكتومي القيد"، بحسب ما روى للباحث الميداني لدى سوريون من أجل الحقيقة والعدالة في شهر آذار/مارس 2018، حيث قال:

"سعينا سنوات عديدة كي نصبح مواطنين سوريين متمتعين بالجنسية السورية، ولكن دون جدوى، ومع صدور المرسوم الرئاسي القاضي بمنح الجنسية السورية لفئة أجانب الحسكة عام 2011، حاولنا كثيراً متابعة أوراقنا لدى دائرة الأحوال المدنية، إلا أنهم أخبرونا بأنّ المرسوم خاص بفئة الأجانب فقط ولا يشمل مكتومي القيد، فبقينا على هذا الحال حتى عام 2018، حيث استطعنا بعد جهود مضنية أن نسّجل نفسنا كأجانب، ومن ثمّ بدأنا بإجراءات الحصول على الجنسية السورية، حيث استلمت دفتر العائلة الخاص بي وسجلت فيه زوجتي وأولادي، في حين سيستغرق صدور  البطاقة الشخصية عدة أشهر، وسأقوم بعدها بتوكيل محامٍ من أجل تسجيل أرضي، وعقاراتي وأملاكي باسمي، فكل ما تملكه عائلتنا لازال مسجلاً باسم أمي "المواطنة والتي تتمتع بالجنسية السورية" والمتوفية منذ عام 2000، ولا أدري ما هي الصعوبات التي ستعترضنا بهذا الشأن، ولكنها لن تفوق الصعوبات التي صادفناها سابقاً، إذ لم يكن يحق لي سابقاً العمل في القطاع العام، بينما كانت فرص العمل في بعض مجالات القطاع الخاص ممكنة ولكن برواتب زهيدة، لأنني لم أكن أملك وثائق تثبت شخصيتي، كما لم يكن لدي سابقاً الحق في امتلاك أرض أو سيارة أو الحق في فتح حساب بنكي، ولكن الآن سيصبح الوضع أفضل بعد حصولي على حق المواطنة."

يأمل محمد أن يكمل أولاده تعليمهم ويحصلوا على كافة حقوقهم الاجتماعية، كي لا يعانوا مما عاناه هو وباقي أفراد عائلته، فوضعه القانوني السابق كأحد المجرّدين من الجنسية، سلبه حقوق عدّة وأهمها حق التعلم على حد وصفه، وتابع قائلاً:

"نحن خمسة أخوة، ولم يتجاوز أحد منا المرحلة الدراسية الابتدائية حتى، فأنا درست حتى الصف السادس الابتدائي، قبل أن يوقف والدي تعليمي لأساعده بالعمل في الزراعة، حيث كنا نستأجر الأراضي الزراعية ونعمل فيها كفلاحين للحصول على نسبة من الفائدة من مالك الأرض، كما أنني سجّلت أولادي في المدرسة بموجب سند من مختار الحي يثبت إقامتنا، وفي الجانب الصحي أيضا لم يكن يحق لنا الحصول على الطبابة في المشافي العامة. وأذكر أنه في العام 2000، مرض ابن أخي "محمد فصيح حسن" بسرطان الدم، واضطر خالي "الذي كان مواطناً" لتسجيله في مشفى المواساة بدمشق باسمه، ومرافقته عدة شهور لتلقي العلاج، ولم يكن يسمح لنا حتى بالزيارة لأننا لم نكن نملك أية وثائق تثبت هويتنا، وكان موظفو المشفى كالكثير من السوريين غيرهم لا يعرفون معنى أجنبي أو مكتوم القيد، فكانوا يعتقدون أننا قادمون من دولة أخرى، يطول شرح المعاناة، لذا لا أريد أن يتذوق اولادي ما ذقناه من مرارة".

لم تتمتع عائلة محمد بأي حقوق سياسية أو مدنية قبيل العام 2018، وهو ما جعلهم يعانون الأمرّين حسب وصفه، حيث تحدّث لسوريون من أجل الحقيقة والعدالة في هذا الصدد قائلاً:

"لم نكن نمتلك حق الترشح أو حتى التصويت في الانتخابات، لأننا لم نكن نملك أي وثائق تثبت هويتنا، والأسوأ من ذلك لم يكن بإمكاننا السفر خارج سوريا أيضاً، وكان الداخل السوري هو المساحة الوحيدة التي نستطيع التحرك ضمنها، بالإضافة إلى عدم إمكانية الحجز والنوم في الفنادق، وذلك لعدم امتلاكنا أي أوراق ثبوتية، وحتى زواجي تمّ بحسب "الشريعة الإسلامية" ولم يتم تسجيله قانونياً، وكذلك الأمر بالنسبة لأولادي، والآن حصلت على دفتر العائلة، ولكن بعد مضي أكثر من خمسة عشر عاماً على زواجي."

اعتبر محمد بأنّ تعويض الكرد السوريين المجرّدين من الجنسية ليس بالأمر السهل، لكنه ضروري جداً، وتحدّث حول ذلك قائلاً:

"عندما كنت طالبا في الصف السادس الابتدائي، التحق أصدقائي الطلبة بمعسكر طلائع البعث في الحسكة، ولم يسمح لي بمرافقتهم كوني لا أتمتع بالجنسية السورية، وكان ذلك محزناً بالنسبة لي، فجميع النشاطات التي كانت تنظم خارج المدرسة لم يكن يسمح للطلاب الأجانب ومكتومي القيد بالانضمام إليها، وهذا كان يخلق لدي شعور بالنقص في الصغر، وحتى عندما كبرت كنت أخجل عندما اشتري عقاراً أو سيارة، لأني لم أكن قادراً على تسجيلها باسمي، وكنت مضطراً لتسجيلها باسم والدتي، وزوجتي لاحقاً، وهناك شيء آخر أود ذكره، وهو أنّ الشباب الأجانب ومكتومي القيد، كانوا يفضلون الزواج بفتاة مواطنة تتمتع بالجنسية السورية، لكي يتمكنوا من تسجيل ما يملكون باسمها، كل هذه الأشياء لا يمكن أن انساها، فلم يدرس أحد من عائلتنا في المرحلة الثانوية، ولم يلتحق أحد منا بالجامعة، لأن الجميع كانوا يقولون لنا: ما لكم بالتعليم، هو لن يفيدكم!!. ولا يمكن أن يتمّ تعويضنا بأي شكل من الأشكال، لأننا كنا مستعدين سابقاً لدفع الكثير لكي نحصل على الجنسية السورية، ولكن الحل برأيي هو بمنح الجنسية لمكتومي القيد أيضاً، فالكثير منهم لم يحصلوا على الجنسية السورية بعد، كما يجب إعفاء الذكور الذين تجاوزوا التاسعة عشر عاماً من الخدمة العسكرية."

منشورات ذات صلة

اترك تعليقاً

* By using this form you agree with the storage and handling of your data by this website.

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك ، ولكن يمكنك عدم المشاركة إذا كنت ترغب في ذلك. موافق إقرأ المزيد