مقدمة: عقب إحكامها السيطرة على كامل محافظة القنيطرة في أواخر شهر آب/أغسطس 2018، عمدت الحكومة السورية إلى فصل/إنهاء خدمة العديد من المدرّسين والموظفين في المحافظة، وذلك خلال الفترة الواقعة ما بين تاريخ 10 أيلول/سبتمبر 2018، وحتى تاريخ إعداد هذا التقرير في 23 تشرين الأول/أكتوبر 2018، حيث أفاد العديد من شهود العيان وأهالي محافظة القنيطرة لسوريون من أجل الحقيقة والعدالة، بأنّ الحكومة السورية كانت قد قامت بصرف أكثر من (50) مدرّساً، وما يزيد عن (40) موظفاً في مديرية الصحة، فضلاً عن صرف أكثر من (300) موظفاً في مديرية الزراعة، وكل ذلك تحت ذرائع مختلفة، تمثّلت إما بحجة عدم أداء الخدمة العسكرية الاحتياطية، أو التورط بأعمال إرهابية، أو العمل مع جهات غير مرّخصة، كما قامت الحكومة السورية بصرف العديد من الموظفين عن الخدمة دون إعلامهم بالأسباب التي استوجبت ذلك.
وبحسب الباحث الميداني لدى سوريون من أجل الحقيقة والعدالة، فقد كان أول إجراء تُقدم عليه الحكومة السورية، عقب سيطرتها على كامل محافظة القنيطرة، هو استدعاء جميع الموظفين من مدرّسين، وموظفي مديريتَي الزراعة والصحة لمراجعة شعبة الأمن السياسي وشعبة المخابرات الجوية، وذلك من أجل إجراء دراسات أمنية لكل موظف، وعليه فقد تمّ صرف العديد من المدرّسين والموظفين، كما تمّ فرض أحكام بالسجن وغرامات مالية على هؤلاء، ووصلت قيمة هذه الغرامات حتى (300) ألف ليرة سورية.
كما أشار الباحث الميداني لدى سوريون من أجل الحقيقة والعدالة، بأنّ مدراء المديريات الثلاث (مديرية التربية والتعليم ومديرية الزراعة إلى جانب مديرية الصحة التابعين للحكومة السورية)، كانوا قد أرجعوا قرارات الفصل الأخيرة، إلى عدم تواصل قسم كبير من الموظفين مع مديرياتهم خلال الأعوام السابقة، لذا تمّ التعامل معهم بحكم المستقيلين. في حين رأى العديد من أهالي محافظة القنيطرة بأنّ الهدف من ذلك هو رغبة الحكومة السورية، الالتفاف على بنود اتفاق التسوية الذي تمّ في محافظة القنيطرة في شهر تموز/يوليو 2018، والذي يمنعهم من مساءلة او اعتقال اي مدني كان قد أجرى "تسوية وضع" مع الحكومة السورية، كما قال العديد من الأهالي بأنّ هذه القرارات، جاءت كنوع من العقاب الجماعي للأهالي الذين عاشوا خلال فترة سيطرة المعارضة المسلّحة على المحافظة.
وهذه ليست المرة الأولى التي تقوم فيها الحكومة السورية بفصل معلمين ومدرّسين في مناطق مختلفة في سوريا، ففي تاريخ 13 آب/أغسطس 2018، كانت الحكومة السورية قد قامت بفصل (71) معلماً من محافظة السويداء، وذلك لرفضهم الالتحاق بالخدمة الاحتياطية العسكرية، حيث كانت سوريون من أجل الحقيقة والعدالة قد أعدّت خبراً حول هذا الموضوع[1]، كما كانت الحكومة السورية قد لجأت إلى صرف العديد من الموظفين والمدرّسين في محافظة درعا، وستقوم سوريون من أجل الحقيقة والعدالة خلال الفترة القادمة بإعداد تقرير حول هذا الموضوع.
أولاً: سيطرة القوات الحكومية السورية على محافظة القنيطرة:
تعتبر محافظة القنيطرة والتي تمتد بشكل طولي محاذي للجولان السوري المحتل في جنوب غرب البلاد بمساحة تقدر بـ 1200كم²، من المناطق التي خرجت عن سيطرة القوات النظامية السورية منذ العام 2013، حيث تمكنت فصائل المعارضة المسلّحة[2] من السيطرة على هذه المنطقة في نهاية العام 2013، كما نجحت هذه الفصائل حتى شهر أيار/مايو 2017، من السيطرة على أكثر من 80 % من الجغرافية الممتدة من بلدة "جباثا الخشب" شمالا حتى بلدة "غدير البستان" جنوباً.
وفي شهر تموز/يوليو من العام 2017، دخلت محافظة القنيطرة في اتفاقية خفض التصعيد الجنوبية[3] مع محافظتي درعا والسويداء، عقب التوصل إلى الاتفاق ما بين الدول الضامنة (روسيا والأردن والولايات المتحدة الأميركية)، فتمّ تجميد جبهات القتال في المحافظة، حتى شهر آب/أغسطس 2018، في الوقت الذي أعلنت فيه القوات الحكومية السورية بدعم من سلاح الجو الروسي، رغبتها في إعادة بسط سيطرتها على محافظة القنيطرة، لإرغامها على توقيع اتفاقات "مصالحة وتسوية"، وإعادة تفعيل مؤسساتها لتكون تحت إدارتها.
وفي شهر تموز/يوليو 2018، أعلنت فصائل المعارضة المسلّحة والمتمثلة بفصائل الجبهة الجنوبية في ريف القنيطرة الجنوبي، الموافقة على إجراء مصالحة أو تسوية[4] مع القوات النظامية السورية، فاستغلّ هذا الأمر تنظيم "داعش" الذي كان مسيطراً على منطقة حوض اليرموك في ريف درعا، وشنّ هجوماً على ريف القنيطرة الجنوبي، وسيطر في شهر آب/أغسطس 2018، على عدة قرى في ريف القنيطرة الجنوبي، مثل قرى (قصيبة، قرقس، الرفيد، غدير البستان، المعلقة وصيدا الجولان). لكنّ فصائل المعارضة المسلّحة (وأبرزها لواء مغاوير الجولان ولواء السبطين ولواء معاذ بن جبل) سرعان ما شكلت تحالفاً سريعاً مع القوات الحكومية السورية، لقتال تنظيم "داعش"، وبالفعل تمكنت القوات النظامية السورية من السيطرة على هذه القرى وطرد تنظيم "داعش" منها في نهاية شهر آب/أغسطس 2018.
وبذلك تمّ طيّ أكثر من أربع سنوات من سيطرة فصائل المعارضة المسلّحة على محافظة القنيطرة، والتي تمكن خلالها نشطاء المجتمع المدني من تنظيم هياكل الحكم المحلي فيها، حيث شكّلت في الفترة الممتدة من العام 2014 حتى العام 2018، قرابة 33 مجلساً محلياً، كما تمّ افتتاح مشفيين ميدانيين وثمانِ مراكز صحية، كما تمّت إعادة تفعيل 75 مركزاً تعليمياً بصعوبة بالغة، في حين تعثرّ النشاط المؤسساتي الزراعي مع استيلاء بعض الفصائل الإسلامية (مثل حركة أحرار الشام الإسلامية وهيئة تحرير الشام)، في نهاية العام 2015، على المؤسسات الزراعية من الوحدات الإرشادية والمشاتل الحكومية، ليتم تحويلها إلى مراكز عسكرية لهم، الأمر الذي أدى لتعطيل دورها في تقديم الخدمات، وعدم قدرة موظفيها على مزاولة أعمالهم، وفي هذا الخصوص أفاد "أبو سعيد" وهو أحد الناشطين من محافظة القنيطرة[5]، حيث تحدّث لسوريون من أجل الحقيقة والعدالة قائلاً:
"تعاني الحكومة السورية في محافظة القنيطرة من أزمة مالية خانقة، ما جعلها غير قادرة على تفعيل جميع مؤسساتها في القنيطرة، الأمر الذي دفعها وتحت ذرائع عديدة لطرد موظفيها، إما بحجة عدم أداء خدمة الاحتياط، أو التورط بأعمال إرهابية، أو العمل مع جهات غير مرّخصة. كما أنّ الكثير من الموظفين تمّ فصلهم من وظائفهم دون إعلامهم بسبب الفصل".
وتابع "أبو سعيد" بأنه ما إن سيطرت القوات النظامية السورية على محافظة القنيطرة بعد التوصل إلى اتفاق تسوية/مصالحة مع فصائل المعارضة المسلّحة المسيطرة هنالك في أواخر شهر آب/أغسطس 2018، حتى قامت باتخاذ العديد من قرارات الفصل والطرد بحق العديد من الموظفين في محافظة القنيطرة، إضافة إلى إصدار أحكام بالسجن عليهم، بما يمكن وصفه كنوع من العقاب الجماعي من قبل الحكومة السورية لسكان محافظة القنيطرة، حيث تمّ فصل أكثر من 50 مدرّساً حتى الآن، وأكثر من 40 موظفاً من موظفي مديرية الصحة، وحوالي 60 موظفاً من قسم واحد فقط يتبع لمديرية الزراعة، كما لفت إلى أنّ هنالك معلومات تفيد بصرف 22 موظفاً من دائرة واحدة من دائرة العقارات. ما خلق فراغاً كبيراً وواسعاً في مؤسسات الحكومة السورية في القنيطرة.
ثانياً: قرارات بصرف مدرّسين من الخدمة في محافظة القنيطرة:
تشير التقديرات التي أجرتها "مديرية تربية القنيطرة الحرة" التابعة للحكومة السورية المؤقتة، بأنّ فجوة تعليمية كبيرة أنتجتها الحرب في محافظة القنيطرة، على مدى خمس سنوات من سيطرة المعارضة السورية المسلّحة، حيث قدّرت في تقرير لها للعام الدراسي 2017-2018، عدد المدارس في محافظة القنيطرة بـ 95 مدرسة، المدارس الفعّالة منها 30 مدرسة فقط، في حين ما تبقى من مدراس، إما تمّ تدميرها بسبب المعارك التي درات ما بين القوات النظامية السورية وفصائل المعارضة المسلّحة في السنوات السابقة، أو يقطنها نازحون أو أنّ فصائل المعارضة المسلّحة قامت بتحويلها لمقار عسكرية.
يشرف على العملية التعليمية في هذه المدارس 386 من المدرّسين بمختلف الاختصاصات، المفصول منهم (خلال سنوات سيطرة المعارضة المسلّحة) 200 مدرّساً، مع العلم بأنّ هذه المدارس بقيت تابعة لمديرية التربية والتعليم في الحكومة السورية، خلال سنوات سيطرة فصائل المعارضة المسلّحة على محافظة القنيطرة، وكان البعض من المدرّسين يقومون بالتوجه إلى مناطق سيطرة القوات الحكومية السورية من أجل استلام مرّتبهم، في حين أنّ بعضهم الآخر لم يقدم على ذلك خوفاً من الاعتقال.
بتاريخ 10 أيلول/سبتمبر 2018، ساءت الأمور كثيراً بالنسبة لمدرّسي محافظة القنيطرة، فمع عودة القوات الحكومية السورية للسيطرة على المحافظة، كان أول إجراء تقدم عليه هو استدعاء جميع المدرّسين من داخل الملاك التدريسي، لمراجعة شعبة الأمن السياسي أو شعبة المخابرات الجوية لإجراء دراسات أمنية لكل مدرّس.
وعليه تمّ صرف عدد كبير من المدرّسين في المحافظة لأسباب مختلفة، وحول ذلك أفاد أحد المدرّسين في محافظة القنيطرة (29 عاماً) وتحديداً ممن تم تثبيتهم بموجب عقود دائمة في العام 2013، في مديرية التربية والتعليم التابعة للحكومة السورية حيث تحدّث لسوريون من أجل الحقيقة والعدالة قائلاً:
«أنا مدرّس منذ حوالي السبع سنوات، وحين وقعت قريتي تحت سيطرة المعارضة المسلّحة، تابعت مهنتي في التدريس ولم أتركها، لكنني لم أراجع المالية التابعة للحكومة السورية لأحصل على راتبي، وذلك خشية من الاعتقال، باعتبار أنّ ذلك حدث بشكل متكرر مع زملاء لي، فالكثير منهم كانوا قد ذهبوا لاستلام رواتبهم، فتمّ اعتقالهم ولم يعودوا، لذا تكفّل الموجه التربوي بمتابعة أموري الإدارية في مديرية التربية والتعليم التابعة للحكومة السورية، وهو إجراء روتيني، واليوم وبعد عودة الحكومة السورية للإشراف على العملية التعليمية في محافظة القنيطرة، وتحديداً منذ أواخر شهر أيلول/سبتمبر 2018، تفاجأت باستدعائي لفرع المخابرات الجوية للتحقيق، حيث تمّت مساءلتي أمنياً، ليتمّ صرفي لاحقاً من الخدمة دون معرفة السبب."
ثالثاً: حجز احتياطي على الأموال المنقولة وغير المنقولة بتهمة "التورط بأعمال إرهابية":
ليس الصرف من الخدمة هو الإجراء الوحيد الذي اتبعته القوات الحكومية السورية لدى سيطرتها على محافظة القنيطرة، فهنالك قرارات رديفة تمثّلت بالحجز على الرواتب السابقة للمدرّسين، وتحديداً أولئك الذيم لم يتمكنوا من استلام مرتبهم خلال فترة سيطرة المعارضة المسلّحة على القنيطرة، وكذلك على الأموال غير المنقولة، وفي هذا الخصوص قال "مسعود" وهو أحد المدرّسين الذين تمّ فصلهم في محافظة القنيطرة (42 عاماً)، والذي كان يعمل في مهنة التدريس منذ ثمانِ وعشرين عاماً، حيث تحدّث لسوريون من أجل الحقيقة والعدالة قائلاً:
"في بدايات شهر تشرين الأول/أكتوبر 2018، قمت كغيري من المدرّسين في القنيطرة بمراجعة مديرية التربية والتعليم التابعة للحكومة السورية، من أجل استكمال إجراءات التثبيت في الوظيفة، وهو إجراء يُقدم على فعله كل مدرّس بناءً على تعليمات من قبل مدير التربية، وهناك قيل لي أنني موقوف عن العمل وصدر بحقي قرار حجز احتياطي على رواتبي السابقة، بتهمة التورط بأعمال ارهابية، وحين طلبت تفسير نوع الأعمال الارهابية التي قمت بها لم يتم اعلامي بها."
رابعاً: طلبات ترحّم:
أمام هذه القرارات القاسية والتي طالت نسبة كبيرة من المدرّسين في محافظة القنيطرة، دفع ذلك قسماً كبيراً منهم لمخاطبة رئاسة مجلس الوزراء التابعة للحكومة السورية، من أجل التخلي عن قرارات الصرف تلك، وهو إجراء اعتبره العديد من مدرّسي محافظة القنيطرة، بالجيد ولاقى استجابة جزئية وبادرة أمل لأن تتراجع الحكومة عن هذه القرارات مستقبلاً، وفي هذا الخصوص تحدّث أحد المدرّسين في محافظة القنيطرة، ممن اتبع هذا الإجراء، حيث قال لسوريون من أجل الحقيقة والعدالة قائلاً:
"بتاريخ 4 تشرين الأول/أكتوبر 2018، رفعنا كتاب إلى رئاسة مجلس الوزراء من أجل التخلي عن قرار الصرف بحق أكثر من 50 مدرساً تمّ صرفهم لتهم مختلفة، وبعضها لم يوضح، وتمّت الاجابة على الكتاب بقبول طلب الترّحم هذا، وبعودة 11 مدرّساً فقط لاستكمال إجراءات عودتهم لعملهم."
وبحسب إفادات العديد من المدرّسين الذين التقاهم الباحث الميداني لدى سوريون من أجل الحقيقة والعدالة في محافظة القنيطرة، فإنّ السبب وراء استجابة مديرية التربية والتعليم التابعة للحكومة السورية ولو بشكل جزئي لطلبات الترّحم تلك، هو معرفتها بأنّ مدارس المحافظة لديها نقص حاد بالمدرّسين، حيث كانت هذه المدارس قد اعتمدت على حاملي شهادة الثانوية العامة من خارج الملاك التدريسي، وذلك عقب قرارات الفصل الأخيرة بحق المدرّسين.
خامساً: قرارات فصل وغرامات مالية وأحكام بالسجن لموظفي مديرية الزراعة:
في أواخر شهر آب/أغسطس 2018، تلّقى موظفو مديرية الزراعة في محافظة القنيطرة، قرارات أقسى من تلك التي فرضتها مديرية التربية والتعليم التابعة للحكومة السورية على موظفيها، حيث أصدرت رئاسة مجلس الوزراء التابعة للحكومة السورية، قراراً يقضي بفصل عدد كبير من الموظفين التابعين لمديرية الزراعة في المحافظة، هذا وقد قدّر أحد الموظفين في المديرية لسوريون من أجل الحقيقة، عدد من تمّ صرفهم بأكثر من 300 موظفاً ممن يعملون في الوحدات الإرشادية المتوزعة على البلدات في المحافظة، وفي محطات البحوث العلمية والمشاتل الزراعية، وفي هذا الخصوص تحدّث أحد موظفي مديرية الزراعة في محافظة القنيطرة، لسوريون من أجل الحقيقة والعدالة قائلاً:
"أصدرت رئاسة مجلس الوزراء التابعة للحكومة السورية، قرارات الصرف بحق الموظفين وفرضت عليهم غرامات مالية، وصلت لأكثر من ثلاثمائة ألف ليرة سورية لكل موظف، وأحكام بالسجن تتراوح ما بين ستة أشهر وثلاث سنوات، لهذا جميع زملائي لم يبق لديهم رغبة بالعودة للوظيفة، كل ما نريده أن تلغى تلك الاحكام القضائية والغرامات المالية، وألا يؤدي ذلك لاستجوابنا أمنياً، وأعتقد أنّ هذا الإجراء تمّ كنوع من العقاب، لأنّ الحكومة السورية تحملنا كموظفين مسؤولية، سيطرة فصائل المعارضة سابقاً على المؤسسات الزراعية وتحويلها لمقار عسكرية، فقط أريد أن أفهم ما ذنبنا نحن."
سادساً: موظفو مديرية الصحة في القنيطرة: "الحكومة السورية تحاربنا بلقمة عيشنا":
في العام 2011، كانت محافظة القنيطرة تضمّ 23 مركزاً صحيّاً موزعة على المحافظة، لكن ومع سيطرة فصائل المعارضة المسلّحة على المحافظة في العام 2013، بقي منها 8 مراكز فعّالة فقط، وقد أصدرت مديرية الصحة التابعة للحكومة السورية لاحقاً قرارات فصل بحق العاملين في جميع هذه المراكز، عقب سيطرتها على عموم المحافظة في شهر آب/أغسطس 2018.
"سليمان" (39 عاماً) وهو أحد الممرّضين الذين تمّ فصلهم في محافظة القنيطرة مؤخراً، تحدّث لسوريون من أجل الحقيقة حول قرار فصله في بدايات شهر تشرين الأول/أكتوبر 2018 قائلاً:
"كنا في المركز الصحي خمسة ممرضين ومستخدم، وتمّ ايقافنا من العمل وطُلب منا مراجعة شعبة الأمن السياسي لإجراء دراسة أمنية، وبالفعل قمت بذلك فتمّ استجوابي بشكل مفصّل عن جميع ما قمت به من أعمال خلال السنوات السابقة، فقلت لهم أنني كنت أتقاضى راتبي من إحدى المنظمات الطبية، لكنني لا أعلم مصدر تمويل المنظمة التي أعمل معها، وبعد فترة قمنا بمراجعة مديرية الصحة بشكل جماعي ليقال لنا أنّ قراراً بالفصل من رئاسة مجلس الوزراء صدر بحقنا، وأننا من غير الممكن العودة لمزاولة عملنا قبل صدور قرار جمهوري يصدر من رئيس الجمهورية، لهذا ننتظر قراراً قد يصدر بأي لحظة."
وتابع "سليمان" قائلاً حول ما سبق قائلاً:
"إنهم يحاربوننا بلقمة عيشنا، وعلى الحكومة السورية أن تراعي ما مررنا به، فعن نفسي بقيت ثلاث سنوات و أنا عاطل بلا عمل، وجاء صديق لي يخبرني أنّ المركز الصحي ينقصه ممرض، وحين خلوت بنفسي وجدت أنها فرصتي الأخيرة كي أسددّ ديوني التي تراكمت، و أعيل عائلتي، فأنا متزوج ولدي ستة أولاد ولدي أم وأب وإخوة صغار وأنا المعيل الوحيد لأسرة كبيرة، لهذا قبلت العمل معهم، كما أني في هذه المهنة لا أحمل السلاح بوجه الدولة، فأنا لم أقف ضد الدولة يوماً، فمهنتي إنسانية وهي تقديم الدواء للمدنيين فقط، فلما إذاً أُطرد من وظيفتي!!."
سابعاً: للحكومة السورية وجهة نظر أخرى:
من جانب آخر، ترى الحكومة السورية بأنّ إجراءات الفصل الأخيرة ضرورية، وتستدعيها الحاجة الأمنية، بحسب ما أكده أحد موظفي مديرية العقارات التابعة للحكومة السورية في محافظة القنيطرة بشكل مقتضب للباحث الميداني لدى سوريون من أجل الحقيقة والعدالة، حيث تحدّث حول ما سبق قائلاً:
"جميع قرارات الصرف من الخدمة والدراسات التي تتم بشكل مباشر أو غير مباشر وغيرها، هي إجراءات طبيعية ستتبعها أي حكومة في العالم تعرّضت لما تعرضت له سوريا، وإنّ تلك القرارات ستلغى عن كل من لم يثبت تورطه بأعمال أخلّت بأمن البلد، كما أنّ الحكومة تريد من وراء تلك التحقيقات والقرارات معرفة مصادر تمويل تلك المنظمات وهل لعبت دوراً في تدمير البلد أم لا."
[1] "الحكومة السورية تفصل 201 معلماً في عموم سوريا لرفضهم الالتحاق بالخدمة العسكرية الاحتياطية"، سوريون من أجل الحقيقة والعدالة في 1 تشرين الأول/أكتوبر 2018، آخر زيارة بتاريخ 22 تشرين الأول/ أكتوبر 2018، https://www.stj-sy.org/ar/view/805.
[2] وأبرز هذه الفصائل "الجبهة الجنوبية لفصائل المعارضة المسلّحة"، وقد تمّ تشكيلها في 14 شباط/فبراير عام 2014، ومن بين التجمعات العسكرية التي كانت تضمها "جبهة ثوار سوريا" و"تجمع قاسيون" و"المجلس العسكري في القنيطرة"، إضافة إلى بعض الفصائل الإسلامية التي كانت تسيطر على القنيطرة، ومنها هيئة تحرير الشام وحركة أحرار الشام الإسلامية، وحركة المثنى الاسلامية. كما لم تكن تخلو المحافظة من تواجد خلايا نائمة وفصائل تتبع لتنظيم "الدولة الاسلامية".
[3] " لافروف: اتفاق خفض التصعيد في الجنوب السوري يفترض وجود قوات سورية فقط"، موقع سبوتنيك في 4 تموز/يوليو 2018، آخر زيارة بتاريخ 22 تشرين الأول/أكتوبر 2018، https://arabic.sputniknews.com/russia/201807041033530293-%D9%84%D8%A7%D9%81%D8%B1%D9%88%D9%81-%D8%AE%D9%81%D8%B6-%D8%A7%D9%84%D8%AA%D8%B5%D8%B9%D9%8A%D8%AF-%D8%B3%D9%88%D8%B1%D9%8A%D8%A7-%D9%82%D9%88%D8%A7%D8%AA-%D8%B3%D9%88%D8%B1%D9%8A%D8%A9/.
[4] بحسب الباحث الميداني لدى سوريون من أجل الحقيقة والعدالة، فقد نصّ اتفاق التسوية والموقّع في مدينة نوى (شمال درعا) بتاريخ 19 تموز/يوليو 2018، -وتحديداً ما بين فصائل المعارضة المسلّحة والقوات الحكومية السورية في محافظة القنيطرة، على عدة بنود كان أهمها وقف فوري لإطلاق النار إلى أجل غير محدّد، يليها البدء بإجراءات (تسوية وضع) لمن يود البقاء من المعارضة المسلّحة بعد عفو عام، مع ضمان عدم الملاحقة الأمنية للضباط والعناصر المنشقين عن القوات الحكومية السورية والمدنيين الذين سبق لهم أن كانوا ضمن صفوف المعارضة المسلّحة، إضافة إلى منح مهلة مدتها 6 أشهر للمتخلفين عن الخدمة الإلزامية. كما كان من بنودها أيضاً إعطاء الصلاحية بالخروج إلى إدلب لكل من لا يرغب بالتسوية.
[5] كان قد نزح مؤخراً إلى الشمال السوري.