اعتقل جهاز الأمن العسكري في مدينة حماه امرأة ورضيعتها (4 أشهر) المصابة بمرض في القلب بناء على "تقرير كيدي"، وذلك في 3 تشرين الثاني/نوفمبر 2018، حيث تم الإفراج عن الطفلة الرضيعة لقاء مبلغ مالي كبير في حين تم نقل الوالدة إلى عدة أفرع أمنية واستقرت أخيراً في سجن عدرا المركزي بدمشق، وذلك وفق شهادات حصلت عليها سوريون من أجل الحقيقة والعدالة.
المرأة المعتقلة (28 عاماً) كانت قد أخذت طفلتها لجلسة علاج عند طبيبها الذي يشرف على علاجها، حيث تعاني من فتحات خلقية في القلب، في حي صلاح الدين وسط حماه، وهناك تم اعتقالها مع طفلتها وتم اقتيادهما إلى "مقر الأمن العسكري" الواقع على طريق حماه-حمص.
زوج المعتقلة معاذ -اسم مستعار- وهو من مدينة إدلب ومقيم فيها، تحدث لسوريون من أجل الحقيقة والعدالة حول الحادثة وقال:
"في ذلك اليوم كنت أحاول الاتصال كثيرا بزوجتي ولكنها هاتفها كان مغلق وغير متصلة على أي نوع من برامج التواصل، ومع طول الوقت بدأت أشعر بالقلق خاصة وأن طفلتي ولدت ولديها مرض في القلب".
كانت المعتقلة قد سافرت في 25 تشرين الأول/أكتوبر 2018 من مدينة إدلب نحو مدينة حماة حيث تقيم عائلتها بقصد علاج طفلتها بسبب عدم توفر إمكانية العلاج في محافظة إدلب وعدم قدرة العائلة على إدخالها إلى تركيا كونها لا تعتبر حالة إسعافية عاجلة وعليهم انتظار حتى يحين دورهم وقررت العائلة عدم المخاطرة بالانتظار ونقل الطفلة إلى مدينة حماة لتلقي العلاج مع أمها والإقامة في منزل عائلة الأم.
يتابع معاذ حديثه :
"طلبتُ من عائلة زوجتي البحث عن زوجتي والطفلة في المشافي، وكنت خائفاً من أن تكون حالة الطفلة قد ساءت وقامت أمّها بإسعافها لأحدى المشافي في المدينة، بعد ذلك تبادر لزهني أن تكون قد تعرضت للخطف، ولكن لم يخطر ببالي نهائياً فكرة اعتقالها فزوجتي ليس لديها أي صلة بأي نشاط معارض للنظام وهي ربة منزل تهتم بعائلتها فقط، إلا أن أحد الأشخاص الذين لديهم علاقات مع أفرع الأمن بحماة أخبر عائلة زوجتي بعد انتشار خبر فقدانها أنها معتقلة في فرع الأمن العسكري".
بقيت الأم مع طفلتها يومان داخل فرع الأمن العسكري وبعد تواصل أحد الوسطاء مع الفرع ودفع العائلة لمبلغ 450 ألف ليرة سورية وافق الفرع على ترك الرضيعة وتسليمها لأحدى شقيقات أمها، وقابل الباحث الميداني لدى سوريون من أجل الحقيقية والعدالة شقيقة السيدة التي استملت الرضيعة من الفرع بتاريخ 5 تشرين الثاني/نوفمبر 2018، وأخبرته عن ظروف استلامها قائلة:
"في تمام الساعة 11 ليلا اتصل بي عنصر من فرع الأمن العسكري وطلب مني الذهاب إلى الفرع لاستلام ابنة أختي وذهبت بصحبة أخي الأكبر إلى الفرع، ووقفنا ننتظر على باب الفرع الخارجي إلى أن جاء عنصر وفتح الباب وبيده كيس أسود بداخله الطفلة أعطاني الطفلة وطلب مني توقيع على استلامها ووقعت وذهبنا مسرعين نحو السيارة من خوفنا، كانت الطفلة في حالة مأساوية جسدها بارد وملفوفة بكيس أسود وكانوا قد وضعوا ملابس مهترئة كحفاضات لها، وذهبنا مباشرة إلى المشفى لإسعافها".
صورة خاصة لسوريون من أجل الحقيقة والعدالة للطفلة التي كانت معتقلة وهي تتعالج بإحدى مشافي مدينة حماه.
بقيت الطفلة المريضة أصلا قرابة أسبوع في أحدى مشافي مدينة حماة تتلقى الأوكسجين والعلاج الخاص بها وقامت شقيقة أمها برعايتها بظل غياب الأم المعتقلة في فرع الأمن العسكري، واستمرت محاولات العائلة لمعرفة سبب الاعتقال الذي تبين فيما بعد أنه تقرير أمني كيدي مكتوب بحق الأم من قبل أحد مخبري النظام في الحي الذي تسكنه الأم مع عائلتها وحاولت العائلة بشتى الطرق لإطلاق سراح الأم إلا أن فرع الأمن العسكري رفض وقام بتحويلها نحو القضاء العسكري بمدينة حماه في 13تشرين الثاني/نوفمبر 2018 الذي قام بإصدار قرار تحويل الأم المعتقلة إلى محكمة الإرهاب بدمشق.
أخبر معاذ سوريون من أجل الحقيقة والعدالة عن لأنباء التي وصلته عن زوجته فقال:
"بعد أطلاق سراح زوجتي من قبل القضاء العسكري بحماة تم تحويلها إلى محكمة الإرهاب بدمشق وسجنت في سجن عدرا المركزي ونحن الآن ننتظر بأسى فمن جهة زوجتي التي لا نعلم ماذا سيكون مصيرها وجهة أخرى طفلتي التي تحتاج لرعاية أمها الدائمة حتى تتعافى، لم أكن أعلم أن العلاج سيكلفني هذا العقاب القاسي، كل ما أردناه أن تتعافى طفلتنا فوجدنا أنفسنا بين الأفرع الأمنية والمحاكم".