حُرمت نارين من عدّة حقوق أهمها حق المواطنة والتعلّم إضافة إلى حق السفر والانتخاب، وكانت تشعر كالغريبة في بلادها، بسبب الإحصاء الذي تمّ عام (1962) والذي جُرّد بموجبه آلاف الكرد السوريين من جنسيتهم، ولازالت نارين تعاني حتى يومنا هذا، إذ أنّ وضعها القانوني كـ "مكتومة قيد" مجرّدة من الجنسية، لم يتغير حتى تاريخ إعداد هذه القصة في شهر تموز/يوليو 2018.
"نارين متيني" من مواليد مدينة القامشلي عام (1984)، تنتمي لعائلة قسّمها الإحصاء ما بين مكتوم للقيد وأجنبي، وسلبها كافة حقوقها، وفي هذا الخصوص روت للباحث الميداني لدى سوريون من أجل الحقيقة والعدالة في شهر آذار/مارس 2018 قائلة:
"كانت البداية حينما تمّ إجراء الإحصاء الاستثنائي، ومن عجائب هذا القرار أنه جعل أحد الإخوة مواطناً والآخر أجنبي، أو الأب مواطناً والزوجة والابن أجانب أو العكس، وبالنسبة لي فأنا أعتبر مكتومة القيد وزوجي مواطن، أما والدي فقد كان مكتوم القيد في حين كانت والدتي من فئة الأجانب، كذلك الأمر بالنسبة لجدي وأعمامي فقد كانوا مواطنين إلا أنّ الإحصاء سلب منهم الجنسية وأصبحوا مكتومي القيد، وبذلك بات الكردي غريباً في وطنه إذ أنه يولد ويموت فيه بشكل غير شرعي، بحكم أنّ الولادات الناتجة عن الزواج ليس لها أي سجلات رسمية في دائرة النفوس، وخاصة إذا كان أحد الطرفين مكتوم القيد، بمعنى أنّ الرجل يبقى عازباً حتى وإن كان له أولاد. لقد كان هذا الإحصاء بمثابة كارثة إنسانية لا زالت مستمرة حتى يومنا هذا، إذ مُنع الشخص الكردي من عدة حقوق أهمها حق التجنيس والمواطنة، كما حُرم عليه التعلم والعمل والتملك إضافة إلى السفر والزواج والانتخاب وحتى النوم في الفنادق."
حاولت نارين عدة مرات أن تتقدّم بأوراقها إلى دائرة الأحوال المدنية في مدينة القامشلي علّها تحصل على الجنسية، إلا أنها تقول بأن جميع محاولاتها باءت بالفشل، وفي العام 2012، وعقب إصدار المرسوم رقم (49) عاودت نارين محاولاتها، إلا أنّ موظفي دائرة الأحوال كانوا دائماً ما يقولون لها بأنّه تمّ إرسال أوراقها مع أوراق الأخرين إلى مدينة الحسكة، حيث سيتم بعدها إرسالها إلى مدينة دمشق، إلا أنّ ذلك لم يأتِ بأية نتيجة، وفي هذا الصدد تابعت قائلة:
"كانت ومازالت تعترضنا صعوبات كثيرة جداً، فدائماً ما كان هنالك إقصاء بحقنا ككرد من فئة مكتومي القيد، فعلى سبيل المثال درسنا أنا وإخواني حتى نهاية المرحلة الثانوية، إلا أننا لم نكمل دراستنا الجامعية لأنه لم يكن من حقنا الحصول على شهادة، كما كنا ممنوعين من السفر خارج البلاد، حتى وإن أردنا السفر داخل المحافظات السورية، فدائماً ما كان يطالبنا عناصر الحواجز العسكرية بالهويات الشخصية، ناهيك عن الكثير من الضغوطات والأسئلة من قبلهم، لقد كنت أموتُ في كل موقف أمرّ به ألف مرة، ولم يكن يحق لنا تسجيل منزلنا أومكتبنا أو أي شيء يخصنا باسمنا كوننا مكتومي القيد، ومن لم يعش مكتوماً فتأكد أنه لم يعرف معنى الظلم الحقيقي."