مخاوف جديدة بشأن الخصوصية والأمن فرضت نفسها على مرتادي وسائل التواصل الاجتماعي، نتيجة موجة من الاختراقات واقتحام الخصوصية أصابت تلك المواقع في الآونة الأخيرة، سحبت الثقة منها لدى العديد من المستخدمين.
فبعد أن كان الكثيرون يعتبرون أن استخدام تلك المواقع فضاء آمن يصعب الوصول إليه ما لم تكشف كلمة السر، باتت تشكل لهم مصدراً للخوف والقلق وانعدام الأمن.
قالت شركة فيس بوك في شهر أيلول/ سبتمبر 2018 إنها توصّلت بصورة غير قاطعة إلى أنّ اختراقًا حدث في الآونة الأخيرة لما يقرب من 50 مليون حساب، فيما يعد أكبر اختراق أمني لشبكة تواصل اجتماعي على الإطلاق.
وذكرت الشركة أنها تعتقد أن المهاجمين تنكروا كشركة للتسويق الرقمي من أجل إرسال بريد إلكتروني عشوائي لمجموعة كبيرة من المستخدمين، مستغلّين ثغرات أمنية في البنية البرمجية لتطبيق فيس بوك.
وأشارت إلى أنه بالنسبة لخمسة عشر مليون مستخدم، استطاع المهاجمون الوصول إلى الأسماء ووسائل الاتصال مثل أرقام الهواتف وعناوين البريد الإلكتروني أو كليهما بحسب ما أضافه كل شخص على حسابه الشخصي.[1]
وجهٌ آخر للعالم المثالي الذي يتفاعل فيه الأشخاص بشكل وديّ ويتبادلون قصصهم وتفاصيل حياتهم، بات ظاهرًا للعيان إثر استغلال أطراف ثالثة للمعلومات الشخصية في عمليات غير مشروعة.
لا يمكننا التنبؤ بنيّات من يتابعوننا على صفحاتنا الخاصة في مواقع التواصل الاجتماعي التي فتحت الباب واسعاً أمامنا للتعبير عن أنفسنا، ومشاركة مشاعرنا ومشاريعنا وأفكارنا مع الآخرين بسهولة وسرعة، إلا أنها وبموازاة ذلك سهّلت أيضًا عمليات النصب والاحتيال والابتزاز والسرقة وانتحال الشخصيات وانتهاك الخصوصية إلى جانب نشر الشائعات والأخبار الكاذبة.
وفي الوقت الذي أصبح فيه استخدام تلك الشبكات ضرورة يومية سواء في مجالات العمل أو متابعة الأخبار وما يجري حول العالم لما أمّنته من خدمات تعليمية وإخبارية وتجارية وخدمية وحكومية، أو للتواصل مع الأصدقاء والترفيه، بات من المُلحّ والضروري على المستخدمين حماية أنفسهم وحساباتهم من المخترقين عبر أخذ الاحتياطات اللازمة.
احذر تطبيقات الفيس بوك:
العديد من التطبيقات التي انتشرت على موقع فيس بوك تشكل خطرًا على اختراق الحسابات الشخصية وسرقتها والتجسس عليها.
ومنها على سبيل المثال: “شاهد من قام بزيارة بروفايلك، اختبر نسبة ذكائك، اكتشف شبيهك من الممثلين..”.
فبمجرد الضغط على كلمة “موافق” يحصل المخترق الكامن في تلك التطبيقات
على تصريح منك بمعرفة كلّ البيانات الخاصة بك في حسابك الشخصي، فيستطيع قراءة رسائل البريد الخاصة بك، والنشر على صفحتك الشخصية، ومعرفة أصدقائك، والصور الخاصة بك.
بالرغم من وجود أقفال إلكترونية وكلمات سر لتأمين حساباتنا على مواقع التواصل الاجتماعي، يعتمد المخترقون على حيل وطرق ربما تكون بسيطة ولا تحتاج إلى الكثير من الخبرة التقنية للقيام بعمليات الاختراق، تعتمد على أساليب المكر والخداع أو ما يُعرف بالهندسة الاجتماعية، مستفيدين من أجل ذلك بالدرجة الأولى من معلوماتنا الخاصة التي ننشرها على تلك المواقع عن طيب نية.
لماذا يتم التجسس على حساباتنا؟
لأن بياناتنا الشخصية يمكن أن تتحول إلى سلعة، تباع إلى معلنين أو شركات، وفي بعض الأحيان إلى حكومات.
على سبيل المثال: يجني موقع فيس بوك أرباحًا من خلال جمع بيانات المستخدمين وتقسيمهم إلى فئات، لعرض إعلانات ذات صلة باهتماماتهم واحتياجاتهم وتوجهاتهم، وهو ما ساهم في الرفع من نمو عائداته.[2]
كيف يمكن التعامل مع شبكات التواصل الاجتماعي؟ وما هي المعلومات التي يجب عدم ذكرها من خلالها؟
ـ تنقسم المعلومات التي يتوجب عدم ذكرها على وسائل التواصل الاجتماعي إلى معلومات: خاصة وحساسة وسرية.
أولاً: المعلومات الخاصة: والتي يندرج ضمنها:
- الصور الشخصية: التي لا نرغب بمشاركتها مع الجميع حتى وإن تم إرسالها عبر رسالة خاصة.
- الآراء الشخصية: التي تؤثر على الوضع المهني/ القانوني/ السياسي/ الاجتماعي الحالي أو المستقبلي.
- التعبيرات النفسية: الناتجة عن حالة معينة كالغضب والحقد والقدح والذم والتهديد..
ثانياً: معلومات حساسة:
- معلومات الهوية الشخصية (تاريخ الميلاد، اسم الوالدين، مكان الإقامة، مكان الولادة، رقم القيد، رقم الهوية، رقم الهاتف الشخصي).
- أنشطة غير مرغوب فيها من قبل جهات قادرة على أن تشكل خطرًا على ممارسيها.
- تحديد مواعيد وأماكن التنقل قبل وأثناء الحدث.
ثالثاً: معلومات سرية:
المعلومات السرية أيًا كان نوعها يجب تجنّب تداولها عبر وسائل التواصل الاجتماعي، بما في ذلك ضمن الرسائل الخاصة حتى وإن كانت مموّهة (كاستخدام ألقاب أو أسماء مزيفة أو تعابير متّفق عليها).
كيف أعرف أنّ حسابي مخترق؟
ممكن أن تثير إشارات معينة الشكوك بأن حسابك على مواقع التواصل الاجتماعي تعرّض للتجسس أو الاختراق، كأن تواجهك مشكلة أثناء عملية تسجيل الدخول للحساب، أو وصول رسائل من حسابك لأصدقائك لم تقم بإرسالها، أو إعجابك في صفحات أو اشتراكك في مجموعات ليس لك علم بها.
كيف يمكن استرجاع الحساب وتأمينه؟
عند ظهور أي من هذه الأعراض ينصح الخبراء بفحص حسابك وجهاز حاسوبك الذي تستخدمه للتأكد من عدم وجود فيروسات أو برمجيات خبيثة على الجهاز أو تطبيقات غريبة وغير موثوقة، وكإجراء عاجل يتوجب تغيير كلمة المرور الخاصة بالحساب إلى كلمة أخرى أكثر تعقيدًا وغير مستخدمة في حسابات تخصّك، ومن ثمّ الإبلاغ عن أي منشور تمّ نشره على حسابك بدون علمك.
إحصائيات عن العالم الرقمي لعام 2018:
- بلغ عدد مستخدمي الإنترنت حوالي 4.021 مليار، بزيادة تبلغ 7٪ سنويًا.
- وصل عدد مستخدمي وسائل التواصل الاجتماعي إلى 3.196 مليار، بزيادة 13٪ سنويًا.
- بدأ ما يقرب من مليون شخص باستخدام وسائل التواصل الاجتماعي لأول مرة يوميًا خلال العام الماضي 2017، أي ما يعادل أكثر من 11 مستخدمًا جديدًا كل ثانية.
- لا يزال موقع “فيس بوك” هو المسيطر على مشهد مواقع التواصل، إذ حققت منصاته تقدمًا وصل إلى 2.17 مليار في بداية عام 2018.
- أصبح موقع “واتساب” أفضل تطبيق للمراسلة في 128 دولة من دول العالم.[3]
[1] للمزيد انظر التحديث الذي نشرته شركة فيس بوك بتاريخ ٢٨ أيلول/سبتمبر ٢٠١٨. (آخر زيارة ١٨ تشرين الثاني/نوفمبر ٢٠١٨). https://newsroom.fb.com/news/2018/09/security-update/?mod=article_inline.
[2] “هل تعلم من أين يجني “فيسبوك” أرباحه الخيالية؟ الرد هي أنت!”، سي إن إن العربية، 28 كانون الثاني/يناير 2018. (آخر زيارة 18 تشرين الثاني/نوفمبر 2018). https://arabic.cnn.com/scitech/2016/01/28/facebook-earnings.
[3] للمزيد انظر التقرير الذي أعدّه موقع “We are socila” تحت عنوان “GLOBAL DIGITAL REPORT 2018″. (آخر زيارة 18 تشرين الثاني/نوفمبر 2018). https://digitalreport.wearesocial.com/..