مازال العاملون/ات في المجال الإعلامي في شمال غربي سوريا، يعانون من التضييق عليهم بسبب عملهم الصحفي، ففي أحدث تقرير لها، وثقت لجنة التحقيق المستقلة بشأن سوريا “تعرض صــحفیان للضــرب بعصــي خشــبیة وبأعقاب البنادق”، واحتجازهما لمدة وجيزة في الـ18 من كانون الأول/ديسمبر 2023، على خلفية تغطيتهما لوقفة دعت لها “نقابة المحامين الأحرار في سوريا”، أمام قصر العدل في مدينة الراعي، بريف حلب الشمالي، والخاضعة لسيطرة “الجيش الوطني السوري/المعارض”، وذلك للمطالبة بوقف تدخل المنسق التركي بعمل القضاء ونقابة المحامين.
فيما تؤكد عمليات الرصد التي قامت بها “سوريون من أجل الحقيقة والعدالة”، تعرض أربعة صحفيين وإعلاميين آخرين لأشكال مختلفة من العنف خلال الوقفة ذاتها، على يد مجموعات مسلحة تابعة لـ”الجيش الوطني” المدعوم من تركيا، والتي تواجد خلالها عناصر من الاستخبارات التركية، بملابس مدنية كذلك، وفقاً للمصادر التي اعتمد عليها التقرير.
وكانت رابطة الإعلاميين السوريين، التي تعرف عن نفسها على أنها كيان مدني مستقل يسعى للدفاع عن الإعلاميين والرقي بالعمل الإعلامي الثوري، قد أصدرت بياناً نددت فيه بالاعتداء على الصحفيين، مطالبةً “قوى الثورة السورية بكافة أطيافها بحماية صوتهم وعين صورتهم، في وجه آلة القمع الجديدة”. كما عبر العديد من الإعلاميين في المنطقة عن غضبهم إزاء الاعتداء عبر منصات التواصل الاجتماعي، مشيرين أن هذه السلوكيات تستذكر حالة الصحفيين وحرية التعبير في ظل الحكومة السورية قبل العام 2011 (الصورة رقم 1).
كان الاعتداء على الصحفيين أمام قصر العدل الأبرز والأكثر علانيةً خلال العام 2023، ولكنه لم يكن الوحيد من نوعه، ففي شمال غرب سوريا، تواصل سلطات الأمر الواقع، إحكام قبضتها على الحيز المدني، المحدود أساساً، قامعةً المؤسسات والأفراد، وأنشطتهم التي لا تتوافق مع إيدولوجياتها، ومستخدمةً العنف ضد الصحفيين/ات والإعلاميين والنشطاء/ات بالأخص، لاسيما من يسعون إلى توثيق الانتهاكات المستمرة التي ترتكبها فصائل المعارضة المسلحة بحق المجتمعات المحلية.
يتجاوز القمع القيود الإدارية الفضفاضة، ومن ضمنها تصاريح العمل معقدة الإجراءات، التي تفرضها هذه السلطات على حرية التعبير، إلى استخدام التهديد والاعتقال التعسفي والتعذيب وحتى الاغتيال ضد الصحفيين والإعلاميين، أكان ذلك في المناطق المسماة “بغصن الزيتون” و”درع الفرات”، التي تسيطر عليها “الحكومة السورية المؤقتة” إدارياً، و”الجيش الوطني السوري” التابع لها عسكرياً، أو في محافظة إدلب الخاضعة بأكملها لسيطرة “هيئة تحرير الشام” عسكرياً، و”حكومة الإنقاذ” المنبثقة عنها إدارياً.
في هذا التقرير، تكشف “سوريون” عن مجموعة من الانتهاكات الحقوقية التي تعرض لها إعلاميون في شمال غرب سوريا من قبل سلطات الأمر الواقع خلال عام 2023، والتي ترسم صورة عن حالة حرية التعبير شبه المعدومة في المنطقة. يستند التقرير إلى أربع مقابلات، اثنان منها مع إعلاميين شهدا الاعتداء أمام قصر العدل في مدينة الراعي، وآخرين في إدلب؛ رفضوا جميعهم الكشف عن هوياتهم خوفاً من ردود فعل السلطات الانتقامية.
وكانت “سوريون” قد وثقت في تقريرٍ صدر عام 2023، تفاصيل عملية اغتيال الناشط الإعلامي “أبو غنوم” في مدينة الباب في الشمال السوري، على يدّ مسحلين مرتبطين بفرقة “الحمزة/الحمزات”، التابعة للجيش الوطني، والذين لم تتم محاسبتهم حتى اليوم. وفي تحقيقٍ آخر نشر بداية العام 2024، رصدت “سوريون” الآثار السلبية للقيود التي تفرضها سلطات الأمر الواقع على العمل النسائي في شمال غرب سوريا، بما في ذلك نشاط الصحفيات والإعلاميات المستقلات.
الصورة رقم (1)-لقطة شاشة لحساب الفيسبوك الخاص بأحد الإعلاميين الذين شهدوا الاعتداء أما قصر العدل في مدينة الراعي.
اعتداء أمام قصر العدل في مناطق الوطني:
تواصلت “سوريون” مع الإعلاميين سعيد الحسن[1] ورامي العبود،[2] الذين عملا على تغطية وقفة المحامين الاحتجاجية أمام قصر العدل في مدينة الراعي بتاريخ 18 كانون الأول/ديسمبر 2023.
تقاطعت إفادات المصدرين في وصفهما للحضور العسكري والأمني المكثف خلال الاعتصام، حيث تواجد عناصر من “الشرطة العسكرية” و”الشرطة المدنية”، والذين يعرفون من ثيابهم الموحدة، وكذلك عناصر من جهاز “الأمن السياسي”، “وهم مخابرات الجيش الوطني التابعين للشرطة المدنية”، يرتدون اللباس المدني ويركبون سيارات الشرطة.
كما حضر الوقفة، بحسب رامي، عناصر من الاستخبارات التركية، “بلباس مدني ويركبون سيارات مدنية مصفحة ويضعون أسماء تركية على الجاكيت الخارجي للتعريف بأنفسهم، وجميعهم مسلحين بالمسدسات على القدم أو الخصر.”
روى سعيد لـ”سوريون” تطور الأحداث بعد انتهاء الوقفة، والعنف الذي تعرض له أحد زملائه، قائلاً أن مسؤولاً من المسلحين، اللذين ارتدوا لباساً مدنياً، طالب المحاميين بالمغادرة من الباب الرئيسي للقصر، فيما أمر الإعلاميين بالانتظار أمام المبنى لإخراجهم بطريقة أخرى “بنية اعتقالهم”، فرفض الإعلاميون والمحامون محاولة الفصل وأصروا على الخروج معاً. وهو ما أدى لتدافعٍ بينهم وبين القوى الأمنية والعسكرية:
“خلال عملية التدافع، هاجم شخص زميلي، لطمه على وجه، وضربه على ظهره وسلب كاميرته وكسرها وسلب منه جواله أيضاً؛ تدخل المحامون وأعادوا الكاميرا المكسورة و الجوال.”
قال سعيد أن التدافع استمر حتى قرر المحامون الخروج معاً برتلٍ من السيارات ليمنعوا الاستفراد بأي شخص واعتقاله، مضيفاً أن أحد المحامين أخبر زميله الذي تعرّض للضرب أن الأمن السياسي مصر على اعتقاله بسبب فيديو نشره من الوقفة، وأن بعض الزملاء الآخرين كانوا قد تعرضوا للضرب والاعتقال من قبل الأمن السياسي، وتم الإفراج عنهم لاحقاً تحت ضغطٍ مباشر من المحامين.
نوَّه سعيد أن الاعتداء الجسدي على زميله لم يكن الأول، وذلك بسبب عمله السابق مع قناة أورينت المغلقة الآن، والتي تربط بينها وبين الفصائل المسيطرة حالة عداء شديدة، بسبب إصدارها تقارير عن ممارساتهم. حيث حاول فصيل “الحمزة/الحمزات” توجيه رسالة للقناة عام 2022 من خلال ضرب زميله، الذي وثق هجوماً لأحد قادة الجيش الوطني على منزل مدني في مدينة الباب، شمال حلب، وضرب والدته، ما سبب احتقاناً في المدينة:
“حمل زميلي ميكروفون عليه لوغو قناة اورينت؛ وقتها تهجم عليه (ص. ح.) … وهو نصير مدني لأي مشكلة تفتعلها فرقة الحمزة باسم المدنيين في مدينة الباب بعيداً عن العسكرة. تهجم عليه هو وعناصره، و كان معه المصور وتم كسر الكاميرا والميكروفون.”
وبحسب سعيد، العنف الجسدي ليس الأداة الوحيدة التي تستخدمها الفصائل المسلحة للضغط أو الانتقام من الإعلاميين في المنطقة. حيث رفعت إحدى الفصائل دعوى “تشهير وتحقير” ضد زميله نفسه، بسبب اشتباهها بتزويده قناة أورينت بمعلومات عن عملية للتحالف الدولي ضد داعش لاعتقال أحد قيادي تنظيم “الدولة الإسلامية/داعش” في مدينة الباب، حيث ينشط الفصيل. استمرت الدعوى لمدة عام ونصف قبل انتهائها بتبرئته، كان قد تعرض خلالها لضغوط من قبل القاضي نفسه للاعتراف بالتهمة.
وفي سياق وقفة المحاميين أيضاً، روى رامي العبود لـ”سوريون” ما حدث مع الناشط الإعلامي فارس زين العابدين، بعد أن اعتقل الأمن السياسي مراسلي “تلفزيون سوريا”، في نهاية الفعالية:
“قرر فارس وزميله اللحاق بالمراسلين إلى مركز الشرطة بسيارتهما؛ فلحقت بهم سيارة فضية مدنية وأوقفتهم على الطريق؛ نزل منها عدد من الأشخاص المسلحين بالكلاشنكوف ويرتدون ملابس مدنية، وطلبوا منهم الركوب معهم. وعندما طلب فارس وزميله أن يعرِّف المسلحون بأنفسهم وسبب طلبهم الذهاب معهم، انهالوا عليهم بالضرب. بعد ضرب مستمر لمدة عشر دقائق فقد فارس وعيه، وضعوه بالسيارة من الخلف وثبتوه، ووضع أحد العناصر قدمه على رأسه وبدأ يشتم أخته وأمه. لم يكن فارس قادر على الحركة أو حتى الرد عليه بالكلام وبدأ العنصر يردد عبارة: (عبد الرحمن مصطفى رئيسك ليوم القيامة).”
أضاف رامي، أن “الشرطة المدنية” ومحامون من الوقفة تدخلوا لإنقاذ فارس وزميله خلال اقتيادهم إلى جهة مجهولة من قبل المسلحين، وفي مركز الشرطة علموا أن المسلحين يتبعون للمفرزة الأمنية الخاصة بعبد الرحمن مصطفى، رئيس “الحكومة السورية المؤقتة”. أضاف رامي:
“قصد فارس مشفى اعزاز بسبب الآلام الكبيرة بجسده، وعندما علمت الشرطة هناك رفضت أن تكتب ضبطاً أو تقريراً طبياً؛ وعندما نشر فارس أنهم رفضوا فعل ذلك، عادت الشرطة وكتبت ضبطاً وتقريراً، ذهب بعدها فارس إلى المحكمة وقدم شكوى رسمية ضد عبد الرحمن مصطفى و المفرزة الأمنية الخاصة به، ولكن حتى الآن لم تتحرك الدعوى ولم يطلب للتحقيق.”
وبحسب رامي، خضع فارس لعمل جراحي في قدمه، بسبب الضربات التي تركزت على ساقه مسببةً بتمزق غضروفي.
الصورة رقم (2)-زين العابدين بعد خضوعه للعمل الجراحي، وقد حصلت “سوريون” على الصورة من المصدر.
الصورة رقم (3)-تم تداولها على مواقع التواصل الاجتماعي، وتظهر آثار الضرب على جسد الناشط الإعلامي فارس زين العابدين.
استدعاءات أمنية متكررة في مناطق “هيئة تحرير الشام”:
وفي إدلب، ضمن بيئة على ذات القدر من التقييد، تعمل “مديرية الإعلام” التابعة لـ”هيئة تحرير الشام” كأداة استدعاء وتبليغ، تستخدمها الأجهزة الأمنية كوسيط بينها وبين من تعتبرهم مخالفين من الصحفيين والإعلاميين. وكانت “هيئة تحرير الشام” قد أسست “المديرية العامة للإعلام” بداية العام 2019، والتي وصفتها وسائل إعلامية محلية على أنها أُسِسَت “للتحكم بالواقع الإعلامي” في مناطق سيطرة الهيئة.
كان الإعلامي ياسين الحاج،[3] واحداً من ضحايا هذا التعاون الأمني، حيث استدعته “مديرية الإعلام” ثلاث مراتٍ نيابةً عن “الأمن العام” خلال العام 2023، تلتها جلسات تحقيق للإستيضاح عن الجهات التي يعمل معها، وتسليم روابط أعماله.
لم يقتصر صراع ياسين مع السلطات على الاستدعاءات، فقد تعرض في كانون الأول/ديسمبر 2023، للإحتجاز على أحد حواجز “هيئة تحرير الشام” لخمسة ساعات وذلك على خلفية عمله مع قناة أورينت، والتي كانت “حكومة الإنقاذ” التابعة للهيئة، قد منعت عملها في إدلب منذ عام 2022، مما جعل كل العاملين مع القناة، المغلقة اليوم، مطلوباً للهيئة. يقول ياسين أنه احتجز على الرغم من أنه أخفى ارتباطه بالقناة بعد المنع، حيث أن لـ”هيئة تحرير الشام” مخبرين يتتبعون مقاطع الفيديو التي تنشرها القناة عن إدلب؛ يجمعون المعلومات من خلال الذهاب إلى الشهود وسؤالهم عن الشخص الذي أنجز الفيديو.
طلب العناصر على الحاجز من ياسين النزول للتحقيق بعد أن أظهر البحث عن معلوماته الشخصية على الكمبيوتر الموجود في الحاجز وجود مذكرة توقيف بحقه صادرة عن الشرطة التابعة لـ”حكومة الإنقاذ”، دون أن يتم إخباره بمحتوى المذكرة في البداية. يضيف ياسين:
” بعدها جاء مسؤول أمني تابع لهيئة تحرير الشام وليس محقق من شرطة حكومة الإنقاذ. وبعد أخذ المعلومات الشخصية، أخبرني ان المذكرة بسبب فيديو قد صورته، سبب بمقتل عدد من عناصر الهيئة وبدأ بالتلاعب والضغط النفسي؛ الفيديو قديم، منذ سنة تقريباً، ومصور في الشارع أثناء ركوب السيارة وليس على الجبهة، لذلك هي قصة للضغط النفسي ولدفعي على الاعتراف بأمور أخرى.”
طلب المسؤول الأمني من ياسين أن يسلمه هاتفه للتفتيش، وهو ما رفضه بدايةً، خوفاً على خصوصية عائلته، ليستسلم بعد مشادات وتهديد بتحويله إلى القضاء العسكري إن لم يتجاوب. يضيف ياسين:
“بعد أن فتش المحقق هاتفي، بما في ذلك المحادثات والصور، ولم يجد ما يبحث عنه، أنذرني أنني حالياً سوف يتم عدم اعتقالي والإفراج عني، ولكن على أن اعتبر نفسي موقوفاً عن العمل، حتى تسوية وضعي مع هيئة الاعلام التابعة لحكومة الإنقاذ.”
من بعد الحادثة، توقف ياسين عن العمل في إدلب وقرر الانتقال بسكنه إلى إعزاز خوفاً من الاعتقال مرة أخرى.
وفي إدلب أيضاً، يظل الصحفيون والإعلاميون والنشطاء عرضة للاعتقال والتحقيق لعدم التزامهم ببنود “قانون الإعلام” الصادر عن حكومة الإنقاذ غير المنشور، بحسب الإعلامي مهند السالم،[4] الذي استدعي للتحقيق بسب تغطيته لمظاهرة في إدلب نهاية العام 2023، نظمتها زوجات أعضاء من “حزب التحرير”، والذي ” يروّج لخطاب يدعو إلى إعادة الخلافة الإسلامية”. طالبت النساء خلال المظاهرة بالإفراج عن أزواجهن المعتقلين لدى “هيئة تحرير الشام” وايضاً “بإسقاط أبو محمد الجولاني”.
هذا وكانت “مديرية الإعلام” قد أصدرت “قانون العمل الإعلامي” في شباط من العام 2022، والذي يهدف إلى “تنظيم سير العمل الإعلامي، وحفظ حقوق العاملين في الحقل الإعلامي وحقوق الغير من الاعتداء عليها باستخدام وسائل الإعلام”.
وفي تناقضٍ صارخ مع أهداف قانون الإعلام، روى مهند لـ”سوريون” ما حدث معه بعد أن نشر فيديو من موقع المظاهرة، حيث اقتادته قوة من الشرطة المدنية التابعة لـ”حكومة الإنقاذ” إلى أحد مراكزها القريبة دون توضيح الأسباب، مضيفاً أن محقيين من الجاهز الأمني التابع لـ”هيئة تحرير الشام” هما من تولا التحقيق معه، فيما لم يشارك محققا الشرطة الحاضرين بالاستجواب:
” تم اتهامي بأنني تابع لحزب التحرير وقد أنكرت ذلك؛ فأخبرني أمني أنه ما من سببٍ ثانٍ لتغطيتي للمظاهرة؛ أخبرته أنني لم أتظاهر، وأنني صورت وشاركت الحدث مثل أي حدث آخر فقط، وأني صحفي ولدي بطاقة صحافة من هيئة الإعلام التابعة لحكومة الإنقاذ، فأخبروني أنها لا تكفي وأنني بحاجة تصريح، وقانون الإعلام الذي وقعته يحظر تغطية مظاهرات واحتجاجات دون موافقتهم. أخبرته أن قانون الإعلام لم ينشر ولا نعرف بنوده، فقال: (خلص محظور هالشي وكل الدنيا بتعرف). استمر النقاش العقيم، هو يضغط علي نفسياً ويتهمني أني من حزب التحرير وأنا أوكد أني صحفي فقط.”
بعد جدلٍ طويل مع المحققين، حُوِل مهند إلى القضاء العسكري التابع لـ”هيئة تحرير الشام”، والذي قال أنه “الجهاز الذي يحقق بقضايا الدواعش و النظام والعمالة والتجسس”؛ وبعد تأجيل التحقيق معه في القضاء العسكري، تم إغلاق القضية بتدخلٍ من رابطة الإعلاميين في إدلب؛ تعرض مهند للضغط ليوقع تعهد بعدم تكرار الفعل، ولكنه رفض، “لأنه تعهد دون وجه حق”، خصوصاً وأنه لم يتم إعلامه بأن الهيئة تمنع على الصحفيين تغطية مظاهرات على صلة بـ”حزب التحرير”.
ولم تكن هذه المرة الوحيدة التي تعرض فيها مهند للتحقيق على خلفية عمله؛ ففي عام 2019، اقتادته قوة أمنية لم تعرف عن نفسها إلى مركز احتجاز، بقي فيه أسبوع، بموجب مذكرة توقيف كان غرضها الاستعلام عن عمله. يقول مهند:
“تم اقتيادي مغلق العينين إلى مكان واضح أنه منشأة حكومية تم تحويلها إلى سجن. ومكثت فيها لمدة سبعة أيام. حتى الآن لا أعلم أين موقع هذا السجن. ولكنه بالتأكيد ضمن إدلب. وضعوني في زنزانة تحتوي عناصر من تنظيم داعش وحزب التحرير وعناصر من النظام السوري. هذا كان أسوأ عقاب، لاني كنت مجبر للاستماع إلى تكفيري علنياً من قبل عناصر داعش الموجودين ضمن الزنزانة وكلام موجه لي عن التكفير و الردة والعمالة للغرب، وأن أحد أدواته المواد الإعلامية التي نصورها و نشاركها وننشرها.”
غُيبَ مهند لمدة يومين، ولم يتم الكشف عن مكانه إلا بعد أن نشرت عائلته خبراً أنه قد جرا اختطافه، تواصلت بعدها معهم الجهة الأمنية لتخبرهم أنه خاضع للتحقيق بموجب مذكرة.
وأضاف مهند أنه عرض على التحقيق لأول مرة بعد خمسة أيام من احتجازه، مورس خلالها عليه ضغطاً نفسياً على الرغم من أنه أخبر المحققين عن الوسيلة التي عمل معها من تلقاء نفسه، وعلى الرغم من معرفتهم بتفاصيل عمله مسبقاً.
الصورة رقم (4)-ورقة تبليغ واستدعاء صادرة عن جهاز الأمن العام بحق المصدر.
[1] تم استخدام اسم مستعار بناءً على طلب المصدر خلال مقابلة عبر الإنترنت أجراها الباحث الميداني في “سوريون من أجل الحقيقة والعدالة” بتاريخ 31 كانون الثاني/يناير 2024.
[2] تم استخدام اسم مستعار بناءً على طلب المصدر خلال مقابلة عبر الإنترنت أجراها الباحث الميداني في “سوريون من أجل الحقيقة والعدالة” بتاريخ 31 كانون الثاني/يناير 2024.
[3] تم استخدام اسم مستعار بناءً على طلب المصدر خلال مقابلة عبر الإنترنت أجراها الباحث الميداني في “سوريون من أجل الحقيقة والعدالة” بتاريخ 1 شباط/فبراير 2024.
[4] تم استخدام اسم مستعار بناءً على طلب المصدر خلال مقابلة عبر الإنترنت أجراها الباحث الميداني في “سوريون من أجل الحقيقة والعدالة” بتاريخ 1 شباط/فبراير 2024.