1. ملخص تنفيذي:
يتعرّض السّكان في مناطق النزاع إلى تأثيرات مضاعفة بحال حصول اختلال في النظم الخدمية العامة وضعف في أداء الدولة. فبالإضافة إلى محدودية وصولهم لطيف واسع من الخدمات الأساسية، يصبح السكان أكثر عرضة للافتقار إلى المياه الصالحة للشرب والصرف الصحّي، بسبب تضرر البنية التحتية و/أو استهدافها أو نتيجة لاستخدام المياه كسلاح من قبل الأطراف المتنازعة.
هذا ويعدّ تخلخل الأنظمة الخدمية نتيجة حتميّة في البلدان المتأثرة بصراع طويل الأمد، كما في الحالة السورية، بشكل خاص، حيث يطال الضعف أكثر القطاعات الخدمية حيويةً، ومنها على سبيل المثال القطاع الصحّي، لتكون الزيادة في معدلات الإصابة بالأمراض والوفيات، واحدة من تداعيات الهجمات على أنظمة المياه والصرف الصحي والنظافة الصحية.
وفي شمال شرق سوريا، يعاني السكان من مثل هذه الهجمات المتكررة، في منطقة تعيش ظروفاً هشّة واستثنائية من حيث قلّة المياه والصرف الصحي والنظافة العامة؛ فالمنطقة تشهد تدهوراً في توافر المياه لأسباب طبيعية، بالإضافة إلى تلك المرتبطة بالصراع. تسود المنطقة أزمة مياه حادّة بسبب الجفاف الناجم عن تغيرات المناخ، وانخفاض منسوب تدفق نهر الفرات، والتناقص المزمن في مستويات المياه الجوفية، بالإضافة الى الاستخدام الممنهج لمياه محطة علوك كسلاح في النزاع الجاري.[1] هذا وتشهد مناطق أخرى من سوريا، تسليحاً مماثلاً لمصادر المياه؛ حيث تواصل الحكومة السورية قطع مياه محطة عين البيضا عن مدينة الباب، في شمال غرب سوريا، منذ عام 2017.[2]
من الجدير بالذكر، أن الأسباب الطبيعية لأزمة المياه في المناطق الشمالية الشرقية، تنسحب على البلاد بأكملها. حيث تعاني سوريا، مثل العديد من دول منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، من ندرة المياه؛ ويبلغ متوسط هطول الأمطار المسجل أقل من 250 ملم سنوياً،[3] فيما ينبع حوالي 60% من إجمالي المياه المتوفرة في سوريا من خارج حدودها،[4] ويتم تقاسم خمسة من أنهارها الرئيسية، مع الدول المجاورة، مما أدى إلى تاريخ من التعاون والتوتر حول إدارة الأنهار المشتركة.
لا يقتصر الشحّ على المياه السطحية فحسب بسوريا، حيث ارتبط سوء إدارة المياه لأغراض الزراعة وغياب الممارسات المستدامة، بانخفاض توافر المياه الجوفية، مما ترك البلاد عرضة للجفاف. وقد واجهت سوريا العديد من حالات الجفاف في التاريخ الحديث، بسبب التقلبات الهيدرولوجية أيضاً.
كان من أشد موجات الجفاف هذه، تلك التي حدثت بين العامين 2006 و2010؛ لتفوقها حدةً موجة صيف عام 2021، والتي أثرت سلباً على قطاع تربية الماشية، بسبب انعدام وصول الماشية للمراعي والمياه، وهو ما يدفع المجتمعات الرعوية السورية نحو “حافة الفقر”.[5]
قبل بدء النزاع، كان حوالي 90% من سكان سوريا يحصلون على مياه شرب صالحة،[6] ولكن منذ بداية الصراع، أدى نقص إمدادات الطاقة والمواد الاستهلاكية والموارد المالية ونزوح المهنيين المدربين إلى تدهور كبير في البنية التحتية للمياه والوصول إليها. وقد تفاقم هذا الأمر بسبب الهجمات المباشرة وغير المباشرة على البنية التحتية للمياه، حيث سبق وأن وثقت الـ”يونيسف”، 46 استهدافاً لمرافق المياه في سوريا في عام 2019 وحده.[7]
في الوقت الحالي، تشير الإحصاءات إلى أن ثلثي سكان سوريا لا يحصلون على مياه الشرب الآمنة،[8] ما أدى إلى اعتماد السكان على مقدمي المياه غير الرسميين أو الخاصين، مثل أصحاب الصهاريج، وهو ما نجم عنه أعباء اقتصادية كبيرة على المدنيين، فوفقاً للتقديرات تنفق الأسر السورية ربع دخلها على المياه.[9]
تتخطى الآثار السلبية لانخفاض الوصول إلى المياه الجانب الاقتصادي؛ للتعامل مع المخصصات الشحيحة، تلجأ الأسر السورية إلى التقنين، ليصل ذلك إلى فرض قيود على ممارسات النظافة مثل الاستحمام، بالتوازي مع زيادة في استخدام المياه غير المعالجة من الآبار أو صهاريج المياه، وهو ما يجعلها أكثر عرضة للإصابة بالأمراض الوبائية والجلدية. وفي مناطق شمال شرق سوريا، تساهم أمراض مثل الإسهال، المصحوبة بانعدام الأمن الغذائي،[10] بازدياد حالات سوء التغذية.
هذا ويلعب قصور القوانين السورية دوراً أساسياً في مفاقمة أزمة المياه، دافعاً بأسبابها الطبيعية وتلك الناتجة عن الصراع؛ فالتشريعات المحلية غير كافية لإدارة ملف المياه في البلاد، حيث يخلو الدستور من أية مواد تذكر صراحةً الأمن المائي أوالغذائي. بناءً على ذلك، يتحتم على اللجنة الدستورية السورية، إدراج مواد تتناول الجانبين بوضوح في الدستور الجديد، من شأنها أن تمهد لوضع تشريعات مختصة، تؤسس جهة تنفيذية معنية بشأن المياه، وتمنحها سلطة قانونية لتنفيذ مهامها، ومن ضمنها الترشيد والحماية والمحافظة على الموارد المائية الموجودة. بالإضافة إلى ذلك، على التشريعات المختصة أن تدعم وجود برامج توعية دائمة، مدرسية، إعلامية، حكومية تهدف الى ضرورة حماية والحفاظ على الموارد المائية.
واستجابةً إلى الجانب الدولي لأزمة المياه في سوريا، على الجهات المختصة أن تطالب المؤسسات والمعاهدات الدولية ذات الصلة بالضغط على الدول التي تقاسم سوريا معابرها المائية، عن طريق إنشاء آلية مراقبة محايدة ومستقلة بشأن نهر الفرات وجميع الموارد المائية العابرة للحدود التي تشترك فيها سوريا وتركيا والعراق؛ تكون مهمتها مراقبة الالتزام بالاتفاقيات الموقعة وقواعد القانون الدولي ودعم حوار بين أصحاب المصلحة للوصول إلى تسوية مستدامة تضمن استخدام المياه بشكل منصف ومعقول.
2. مقدمة:
تشكّل المعايير والشروط التي حددها برنامج الأمم المتحدة للبيئة إطاراً مرجعياً حول القضايا الأساسية في المجالات البيئية كافةً، ويشكّل الالتزام بها شرطاً للوصول إلى بيئة سليمة وآمنة. حيث يُعرف الأمن المائي بأنّه: “قدرة السكان على ضمان الوصول المستدام الى كميات كافية من المياه الجيدة المقبولة للحفاظ على سبل العيش ورفاهية الانسان والتنمية الاجتماعية والاقتصادية ولضمان حماية المياه من التلوث وللحماية من التلوث الناجم عن المياه والكوارث المرتبطة بالمياه (الجفاف والفيضانات) وللحفاظ على النظم البيئية في مناخ من السلام والاستقرار السياسي.“[11]
وبالنظر إلى وضع المياه في سوريا، نرى أن البلاد تفتقر إلى كافة العوامل اللازمة لتمتع السكان بالأمن المائي، وما يوفره من سلام واستقرار سياسي. ففضلاً عن الأسباب المناخية، والتي أدت الى فترات جفاف طويلة، وكذلك السوء في حوكمة المياه الموجودة، شكل استخدام المياه كأداة عسكرية و/أو وسيلة سياسية للسيطرة على الأراضي في بيئة متعددة الأعراق والأديان، تهديداً متعدد الأبعاد للمناطق المتأثرة؛ حيث لم يقتصر التهديد على تعميق أزمة الحصول على كمية المياه اللازمة للاحتياج المنزلي وللزراعة، وإنما تعدى ذلك إلى كونه دافعاً لهجرة ونزوح المجتمعات المحلية، وكذلك عاملاً قد يسبب بتمزيق العلاقات البينية بين السكان التي نسجتها هذه المجتمعات.[12]
وعليه، فإن إيجاد حلول تؤمن احتياجات السكان من المياه بشكلٍ كافٍ ودائم، يعد من أهم الوسائل للوصول الى الاستقرار والحد من الهجرة، وهو ما يتطلب النظر في الموضوع من أبعاد اجتماعية واقتصادية وسياسية بشكل متزامن.
في هذا السياق، تحاول هذه الورقة المختصرة، فهم التغيرات التي حدثت خلال الفترة الماضية وتحديد العوامل التي أدت إلى اضعاف الأمن المائي في سوريا، وهي عوامل يجب أن تكون في صلب عمليات رسم السياسة المائية المستقبلية في سوريا، بحيث تعمل على وقف استنزاف الموارد المائية، وتسهم في تخفيف التوتر والاحتقان الاجتماعي، بعيداً عن الأجندات السياسية والعسكرية للأطراف المنخرطة في الصراع.
استندت هذه الدراسة، بشكل أساسي، على مخرجات ورشة نظمتها “سوريون من أجل الحقيقة والعدالة” في إطار مشروعها: “تجسير الهوة بين السوريين واللجنة الدستورية”، حيث تناولت الفعالية مفهوم الأمن المائي باعتباره أحد المفاهيم الحديثة في العلاقات الدولية؛ والتشريعات والمعاهدات الدولية حول المجاري المائية غير الملاحية والناظمة لعلاقات الدول المشاطئة، بالتركيز على العلاقة بين سوريا وتركيا حول المجاري المائية المشتركة بين البلدين وكيفية معالجة المشاكل الحالية؛ وكذلك القوانين والتشريعات السورية ذات الصلة بالأمن المائي ودرجة مساهمتها في حماية الأمن المائي في سوريا.
بالإضافة إلى النقاط الثلاثة أعلاه، استعرضت الورشة واقع الأمن المائي في سوريا خلال النزاع، وتأثير الفاعلين على الأمن المائي وكيف تحول إلى أداة ضغط في يد أطراف ضدّ أطراف أخرى لا تملك القدرة على التحكم بالموارد المائية الموجودة. وبالاستناد إلى النقاشات المكثفة حول هذه النقاط، خرجت الورشة بعدة توصيات ومقترحات تمّ وضعها في مقدمة الورقة في سبيل إيجاد حلول لأزمة نقص المياه في منطقة شمال وشرق سوريا وكيفية معالجة التحديات التي تطرحها. وبالإضافة إلى المعطيات من الورشة المذكورة، استندت هذه الورقة على مجموعة من الدراسات والتقارير الصادرة بخصوص الأمن المائي بشكل عام، والأمن المائي في سوريا ومنطقة شمال شرق سوريا بشكل خاص.
3. أزمة المياه في شمال شرق سوريا:
يعتمد سكان شمال شرقي سوريا (منطقة الجزيرة) على ثلاثة مصادر أساسية للمياه: مياه الأمطار والمياه الجوفية والأنهار التي تمر بالمنطقة. تغطي هذه المصادر احتياجات ما يقدّر بـ 4,800,000 مستفيد/ة، من بينهم أكثر من نصف مليون نازح داخلي.[13]
وفيما يلي أهم الأنهار في الجزيرة السورية:
النهر |
مسافة النهر ضمن الأراضي السورية والطول الإجمالي |
الفرات |
610 كم من 2280 كم |
دجلة |
50 كم من 1718 كم |
الخابور |
402 كم من 477 كم |
الجرجب |
26 كم من 78 كم |
الزركان |
45 كم من 125 كم |
الجغحغ |
100 كم من 124 كم |
كما أقيمت في الجزيرة السورية، مجموعة من السدود التي ساعدت بدورها في تخزين مياه الأمطار والأنهار، وأهم هذه السدود: سد الفرات وسد الخابور وسد السفّان وسد جل آغا (الجوادية) وسدّ مزكفت.
خارطة تم رسمها من قبل “سوريون من أجل الحقيقة والعدالة” تُظهر أبرز الأنهار في شمال شرق سوريا والسدود التي بُنيت عليها ضمن الأراضي التركية والسورية.
في عام 2023، سجلت محافظة الحسكة معدلات هطول أمطار قدرت على أنها أقل ب 60% من المتوسط الموثق خلال السنوات الثلاثة الماضية،[14] لتتوافق هذه النسبة مع إنذار الجفاف الذي أصدره المرصد العالمي للجفاف (GDO) بخصوص شرق سوريا في نيسان/أبريل 2021.[15]
بالتزامن مع انخفاض هطول الأمطار في المنطقة، سجلت المنطقة تراجعاً ملحوظاً بمستويات المياه الجوفية، حيث تُظهر البيانات المجموعة من تشرين الثاني/نوفمبر 2021 وحتى تشرين الأول/أكتوبر 2022، أن بعض المناطق شهدت مستويات أقل من المياه.[16]
كان لأزمة المياه تداعيات سلبية على قطاعات الزراعة وتربية المواشي والطاقة؛ حيث تشير احصاءات تمّ جمعها خلال عام 2021 إلى أن نسبة الأراضي المزروعة تراجعت إلى 53% فقط، بسبب ضعف الموارد المائية وهجرة المزارعين أراضيهم، كما تراجعت نسبة تربية المواشي بحدود 39% عام 2020 مقارنة بعام 2008، لصعوبة تأمين العلف والأدوية البيطرية.[17]
وكذلك كان لانخفاض منسوب نهر الفرات الذي ينبع من تركيا، نتائج كارثية على نتاج المحطات الكهرومائية، حيث تقلصت قدرات توليد الطاقة بنسبة تفوق 66%، وانخفض المتوسط من 415 ميغاواط خلال عام 2020 إلى 141 ميغاواط عام 2021.[18] بالإضافة الى قلة الامطار والجفاف، يعود الانخفاض الحاصل في منسوب الأنهار التي تغذي المنطقة أيضاً، إلى أن جميع هذه الأنهار تنبع من مصادر خارج الحدود السورية، وبالتحديد داخل الأراضي التركية، ما يجعل من السلطات التركية جهة متحكمة بمستويات تدفق هذه الأنهار نحو الأراضي السورية.
4. الأمن المائي في التشريعات والمعاهدات الدولية:
تشكّل المياه اليوم، أكثر من أي وقت مضى، الشغل الشاغل للسياسة الدولية، بالأخص مع الاستهلاك الشامل لموارد المياه العالمية، والتوقعات بأن العالم مقبل على مرحلة لن يكون فيها ما يكفي من المياه لتلبية كافة احتياجات سكان كوكب الأرض، وما سينجم عن ذلك من اقتتال بين البلدان لتلبية احتياجات مجتمعاتها على حساب أخرى، فيما أنه ليس من المستغرب أن المناطق التي لا تنعم بكميات كبيرة من المياه، هي محط التوقعات للصراعات الدولية الأكثر حدة. هذا وتقدم الإشارات المتكررة إلى “حروب المياه” في كل من العالم والشرق الأوسط مؤشر على جدية هذه الظاهرة.[19]
وفي سبيل معالجة المشكلات المحتملة في حالة النزاعات بين الدول تمّ كتابة وتبنّي العديد من الاتفاقيات والمعاهدات الدولية التي تنظم العلاقات الدولية، إلا أنه في جانب المياه وخاصةً تلك التي تدخل في مجال الاحتياجات الإنسانية، فان القانون الدولي لا يزال فقيراً، حيث تعتبر اتفاقية قانون الاستخدامات غير الملاحية للمجاري المائية الدولية عام 1997، الاتفاقية الدولية الوحيدة التي تؤسس لمبادئ وقواعد التعاون بين الدول حول إدارة واستخدام وتوزيع وحماية المجاري المائية الدولية، والتي دخلت حيز التنفيذ عام 2014 (سوريا والعراق طرف فيها).
وهناك أيضاً، اتفاقية حماية واستخدام المجاري المائية العابرة للحدود والبحيرات الدولية لعام 1992 (اتفاقية هلسنكي)،[20] والتي تشرف عليها لجنة الأمم المتحدة الاقتصادية لأوروبا، حيث صادقت هذه اللجنة في 2003 انه بإمكان جميع الدول الأطراف في اتفاقية الأمم المتحدة السابق ذكرها الانضمام إلى الاتفاقية (وقد انضمت العراق اليها كأول دولة من بين دول منطقة شرق الاوسط).
وتنص المادة 5 الفقرة 1 من اتفاقية قانون الاستخدامات غير الملاحية للمجاري المائية الدولية على أنّ: “تستخدم دول المجرى المائي، في أراضيها، المجرى المائي الدولي بطريقة عادلة ومعقولة. وعلى وجه الخصوص، تستخدم دول المجرى المائي وتطوره بهدف تحقيق الاستخدام الأمثل والمستدام له والاستفادة منه، مع مراعاة مصالح دول المجرى المائي المعنية، بما يتسق مع الحماية الكافية للمجرى المائي“. فيما تنص الفقرة 2 من المادة على: “تشارك دول المجرى المائي في استخدام المجرى المائي الدولي وتطويره وحمايته بطريقة عادلة ومعقولة. وتشمل هذه المشاركة الحق في الانتفاع بالمجرى المائي وواجب التعاون في حمايته وتنميته، على النحو المنصوص عليه في هذه الاتفاقية.”[21]
وتنص المادة 7 من الاتفاقية على الالتزام بعدم التسبب في ضرر جسيم فتقول: “تتخذ دول المجرى المائي، عند استغلال المجرى المائي الدولي في أراضيها، جميع التدابير المناسبة لمنع التسبب في ضرر جسيم لدول المجرى المائي الأخرى“. كما تتقاطع العديد من المواد الموجودة في اتفاقيات الأمم المتحدة ذات الصلة بموضوع المياه، منها اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة التصحر،[22] وأيضاً اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغيير المناخ،[23] فضلاً عن القانون الدولي والعرف الدولي الذي يدعو الى العدل في تقاسم الموارد المائية.[24]
وعلى الرغم من ورود هذه المواد التي تشير إلى ضرورة المشاركة العادلة للمياه، إلا أن هذه الاتفاقيات لا تتضمن صفة إلزامية على الدول الأطراف فيها، وبطبيعة الحال تبقى غير ملزمة بالنسبة للدول التي لم تنضم إليها.
وفي حالة المناطق شمال شرقي سوريا، نجد أن تركيا تتحكم بمصادر الأنهار الرئيسة التي تمر في سوريا، والمسؤولة عن تغذية هذه المناطق مباشرةً؛ فعلى الرغم من وجود اتفاقيات ثنائية عديدة بين الطرفين إلا أن تركيا، وخصوصاً بعد انخراطها في الصراع في سوريا، عملت على استخدام المياه كسلاح للنيل من إرادة السكان وفرض سياستها على هذه المناطق.
تعود أول اتفاقية بين سوريا وتركيا إلى شهر تشرين الأول/أكتوبر 1921،[25] ووقِعت بين دولة الانتداب فرنسا وتركيا، ونصّت على أنّه يحقّ لمدينة حلب أن تأخذ من مياه الفرات لإشباع حاجات المنطقة.
وفي معاهدة الصلح في لوزان (تموز/يوليو 1923) عقد الاتفاق بين الدول المعنية (وقتها كانت كل من تركيا وفرنسا وبريطانيا) من أجل المحافظة على المصالح والحقوق المكتسبة لكل منها، وتعد هذه الاتفاقية أول اتفاقية متعددة الأطراف يرد فيها نص خاص بمياه الفرات ودجلة، وهو نص المادة (109) حيث نصت على أنه: “إذا لم يوجد نص يخالف ذلك فانه إذا نتج عن تعيين الحدود الجديدة أن نظام المياه “القنوات، الفيضانات، الري، الصرف أو ما شابه ذلك”، في دولة يتوقف على الأعمال المنفذة في إقليم دولة أخرى، فانه يعقد اتفاق بين الدولة صاحبة الشأن للمحافظة على المصالح والحقوق التي اكتسبتها كل منها“. ويتضح من النص بأن هذه الاتفاقية ملزمة ونافذة لكل من تركيا وسوريا والعراق.[26]
وهناك أيضاً، معاهدة الصداقة بين فرنسا وتركيا (أيار/مايو 1926) حيث نصّت المادة 13 منها على تأكيد معاهدة أكتوبر 1921 حول حقوق سوريا في نهر قويق وحق حلب في الانتفاع من مياه نهر الفرات.[27]
إضافةً إلى الاتفاق الفرنسي التركي عام 1929، حيث أكّد على حق البدو المتنقلين في الاستفادة من المياه على طرفي الحدود، وقد خرقت تركيا هاتين المعاهدتين.[28]
وكذلك، معاهدة فرنسا وتركيا (أيار/مايو 1930)، والتي تقضي بأن لسوريا وتركيا حق متساوي بالانتفاع من مياه نهر دجلة، بوصفه نهراً مشتركاً وهذا ينطبق على نهر الفرات.[29]
وأيضاً معاهدة الصداقة بين العراق وتركيا في 1946، وقد خصص البروتوكول الأول منها لتنظيم جريان نهري الفرات ودجلة، وقد ألزمت المعاهدة تركيا في التنفيذ، وأيضاً بروتوكول التعاون الاقتصادي والفني بين العراق وتركيا في عام 1971.[30] وفي سنة 1953 جرت مفاوضات بين الحكومتين السورية والتركية على مياه نهر الجغجغ، وتم الاتفاق على اقتسامها مناصفة بين الجانبين، إلا أن تركيا ماطلت في التوقيع على الاتفاق، وقامت بتنفيذ مشروع الاستيلاء على مياه النهر كلها. وفي أوائل تموز/يوليو1958، قطعت تركيا مياه النهر كلها عن الأراضي السورية، وعبر إليها فقط ما تسرب من المياه الفائضة في فصل الشتاء.[31] وأحكمت تركيا قبضتها على المجاري النهرية الأكبر خصوصاً (نهري الفرات ودجلة) في الستينيات،[32] حيث بدأت ببناء سدود على نهر الفرات لتوليد الطاقة الكهربائية.
وفي عام 1977 ومع الإعلان عن مشروع تنمية شرق الأناضول والذي يعرف بـ “غاب – GAP”، وبناء السدود على هذين النهرين، قامت كل من تركيا وسوريا والعراق بالإعلان عن لجنة إقليمية مشتركة لتنسيق التعاون فيما بينها بخصوص المياه.
تلا الإعلان، بروتوكول التعاون الاقتصادي والفني بين سوريا وتركيا (تموز/يوليو 1987)، والذي نصّ على ما يلي: “خلال فترة ملء حوض سد أتاتورك وحتى التوزيع النهائي لمياه الفرات بين البلدان الثلاثة (تركيا- سوريا- العراق) يتعهّد الجانب التركي بأن يوفر معدلاً سنوياً يزيد عن 500م3/ثا عند الحدود التركية السورية وكما سوف يعمل الجانبان مع الجانب العراقي لتوزيع مياه نهري الفرات ودجلة بأسرع وقت ممكن”.[33] وقد قامت سوريا في عام 1994، بتسجيل الاتفاقية المعقودة مع الحكومة التركية في الأمم المتحدة لضمان الحد الأدنى من حقّ سوريا والعراق في مياه نهر الفرات،[34] إلا أن العراق اعترضت على الاتفاق بأنّ الكمية غير كافية لها.
وفي اتفاق وقعتاه في نيسان/أبريل عام 1990، اتفقت سوريا والعراق على أن تكون حصة الأخير بموجب هذا الاتفاق 58% من المياه الواردة في نهر الفرات عند الحدود التركية السورية وحصة سوريا 42% منها.[35]
فيما تضمن اتفاق أضنة الموقع عام 1998،[36] بنود تتعلق بمشكلة المياه بين البلدين، تم السعي لنقاشها في عام 2008، حيث اتفقت كل من تركيا وسوريا والعراق في محادثات مبدئية على انشاء مؤسسة تعمل على إيجاد حلول لمشاكل المياه بين البلدان الثلاثة، ولكن لم يشهد الاتفاق أي تقدم بعد اندلاع الاحتجاجات في سوريا عام 2011، خصوصاً من الجانب التركي.
لم تلتزم تركيا بأي من المعاهدات والاتفاقيات حول المياه التي تتشاركها مع سوريا، بل واستعملتها كورقة ضغط على الحكومة السورية بين الفينة والأخرى، لاسيما وأن مواقف الحكومة التركية إزاء الأنهار الدولية غير متسقة. ففي حين تصرّ تركيا على الاعتراف بدولية الأنهار التي تنبع من خارج حدودها وتمر في أرضيها، كما في حالة نهر ميرزيج والذي ينبع من بلغاريا ويمر في تركيا وتشترك فيه اليونان، إلا أنها تعتبر وبشكل قاطع الأنهار المشتركة مع سوريا والعراق “أنهار وطنية” خاضعة لسيادة تركيا، وتتعامل معها على أنها أنهار غير دولية بل عابرة للحدود، وتعتبر حوضي دجلة والفرات حوضاً واحداً، وهو ما كان واضحاً في الورقة التي قدمتها السفارة التركية في القاهرة الى الدورة 18 لمجلس الجامعة العربية عام 1996. كما أن تركيا، رغم عدم مصادقتها على اتفاقية الأمم المتحدة لعام 1997، إلا أنها تتمسك بالمادة ال 5 من الاتفاقية والتي تنص على أنه: “عندما ترى دولة من دول المجرى المائي أن مواءمة أحكام هذه الاتفاقية أو تطبيقها ضروريان بسبب خصائص مجرى مائي دولي معين واستخداماته، تتشاور دول المجرى المائي بغية التفاوض بحسن نية بقصد عقد اتفاق أو اتفاقات مجرى مائي“. لذلك تتحجج تركيا بأن مشكلة سوريا والعراق تكمن في في وجود الكثير من الأراضي غير المنتجة والمنعدمة الجدوى الاقتصادية زراعياً، وأنهما تصران على أن تعطيهما تركيا المياه على الرغم من ذلك.[37]
كما تدّعي تركيا أن موقفها هذا يستند على موقف المقرر القانوني السابق للجنة القانون الدولي “ستيفن سي. مكآفري” الذي يؤكد على أن: “دولة المجرى الأسفل للنهر الدولي التي تكون قد طورت قبل غيرها مواردها المائية لا تستطيع أن تمنع دولة المجرى الأعلى من تطوير مواردها لاحقا بحجة ان هذا التطوير يلحق بها اضراراً… ” وهذا إذا علمنا ان كل من العراق وسوريا قد بدأت في بناء السدود على الفرات قبل تركيا.[38]
إلا أن رفض تركيا الاعتراف بنهري دجلة والفرات على أنهما نهرين دوليين ولا ينطبق عليهم القانون الدولي، والإصرار على تصنيفهما كأنهار عابرة للحدود، يعاكس الطريقة التي تعاملت بها تركيا مع كل من (فرنسا وبريطانيا) ولاحقاً مع سوريا والعراق أثناء المفاوضات الثنائية أو الثلاثية، والتي أظهرت أنها تتعامل مع حوض النهرين بصفة دولية؛ فيما لم يلق التعريف الذي قامت تركيا بعرضه حول الأنهار العابرة للحدود أي قبول من قبل المنظومة الدولية، وكان هذا واضحاً عندما سعت تركيا للانضمام إلى الاتحاد الأوروبي، حيث تظل القضايا البيئية، ومنها إدارة المياه، أحد أهم المجالات في قانون الاتحاد الأوروبي، والذي يدرج متطلبات تفصيلية لإدارة المياه الوطنية والتزام أعضاء الاتحاد الأوروبي بتنسيق أنشطتهم دولياً على طول أحواض الأنهار من أجل تحقيق الأهداف البيئية للتوجيه. لذلك كان النهج العابر للحدود الذي تتبناه تركيا في إدارة المياه موضوعاً رئيسياً في مفاوضات الانضمام، بهدف الامتثال للمكتسبات البيئية والمائية الأوروبية.[39]
فضلاً عن ذلك، هناك عدّة صكوك قانونية دولية أخرى، منها ما يعتبر انعكاساً للقانون الدولي العرفي، التي تنظم العلاقات الدولية فيما يخص المجاري المائية الدولية. كما أن حالة النزاع المسلح القائم في سوريا منذ 2012 وانخراط تركيا فيه تستدعي إنفاذ أحكام القانون الدولي الإنساني ذات الصلة؛ حيث أنه بموجب القانون الإنساني الدولي، المدرج في البروتوكول الإضافي الأول لاتفاقيات جنيف (حماية ضحايا النزاعات المسلحة الدولية)، تُحظر الهجمات على “الأعيان التي لا غنى عنها لبقاء السكان المدنيين” (بما في ذلك البنية التحتية للمياه)،[40] وهو ما تؤكد عليه أيضاً قائمة جنيف للمبادئ المتعلقة بحماية البنية التحتية للمياه بموجب المبدأ 12،[41] والقاعدة 10 من المبادئ التوجيهية للجنة الدولية للصليب الأحمر بشأن حماية البيئة في النزاعات المسلحة،[42] وقواعد برلين لعام 2004 بشأن الموارد المائية لرابطة القانون الدولي،[43] في المادة 51، التي تنص على أنه: “لا يجوز بأي حال من الأحوال أن يهاجم المقاتلون أو يدمروا أو يزيلوا أو يجعلوا غير صالحة للاستخدام المياه والمنشآت المائية التي لا غنى عنها لصحة السكان المدنيين وبقائهم على قيد الحياة، إذا كان يُتوقع من هذه الأفعال أن تترك السكان المدنيين بمياه غير كافية تؤدي إلى وفاتهم بسبب نقص المياه أو إجبارهم على الهجرة“. يغطي نطاق هذا الحكم بناء منشآت مائية مثل السدود التي تمنع الوصول إلى المياه التي لا غنى عنها لبقاء السكان المدنيين على قيد الحياة.[44]
5. الأمن المائي في السياسات السورية:
تقع مسؤولية إدارة الموارد المائية على عاتق عدة وزارات،[45] أهمها وزارة الموارد المائية التي تم إنشاؤها عام 2012، لتحل محل وزارة الري. وتعمل جميع هذه الوزارات ضمن اللجنة العليا للمياه، وتدعمها على المستوى المحلي مختلف لجان إدارة أحواض الأنهار وشركات مياه الشرب في المحافظات السورية.
لم يتطرق الدستور السوري لعام 2012 بشكل مباشر لمسالة الأمن المائي،[46] إلا أن بعض مواده يمكن اعتبارها ذات صلة بالموضوع، مثل المادة 14 والتي تدور حول الثروات الطبيعية، والمادة 24 التي تنص على تكفل الدولة بالتضامن مع المجتمع والأعباء الناجمة عن الكوارث الطبيعية (الجفاف كارثة طبيعية)، وأيضاً المادة 27، التي تنص على أن “حماية البيئة مسؤولية الدولة والمجتمع وهي واجب على كل مواطن.” كما لم يكن هناك قانون مستقل شامل للمياه حتى عام 2005، حين تم اعتماد قانون التشريع المائي رقم 31.[47] وينظم القانون نُهج إدارة الطلب على المياه على المستوى الوطني واستخدام موارد المياه لتجنب نضوب المياه الجوفية.[48]
ما عدا القانون رقم 31، اقتصرت التشريعات السورية التي تطرقت لشأن المياه، على جملة من مواد قانون العقوبات العام 148 لعام 1949 ،[49] التي تتناول حالات سوء استخدام المياه، مثل المواد (731-732-733-735)، وقانون الآبار رقم 165 لعام 1985 ،[50] في استعمال المياه العامة السطحية والجوفية؛ حيث اخضع استعمال المياه الجوفية والسطحية إلى رخصة، غير أن حالة الفساد في المنظومة الإدارية جعلت من تطبيق هذه القوانين سبيلاً للحصول على منافع شخصية لشخصيات مسؤولة.
بالتوازي مع قصور الأطر القانونية الناظمة لشأن المياه، تفتقر سوريا لخطط أو استراتيجيات وطنية للمياه، حيث “ركزت السياسات المالية العامة في سوريا في العقود الماضية على تنمية المياه القائمة على العرض. وهذا يعني تأمين إمدادات المياه من خلال زيادة سعة التخزين وتوسيع خدمات المياه و – بدرجة أقل – خدمات الصرف الصحي. وقد أدت المستويات العالية من سعة التخزين والتغطية الواسعة لإمدادات المياه والبنية التحتية للري إلى مجموعة جديدة من مشكلات إدارة المياه. فقد تم إنفاق ما يقرب من 70% من إجمالي ميزانية الاستثمار العام للزراعة والري على البنية التحتية للري”.[51] وفاقمت مشكلات المياه السياسات الزراعية، التي تحفز انتاج الحبوب ذات القيمة الممنخفضة والمستهلكة للمياه.
كما أن التعامل مع مياه الشرب ومياه الري كقطاعات خدمية عامة غير مولدة للدخل، حيث وضعت قيمة ضئيلة على الاستهلاك، أدت إلى تراجع السياسات المائية المخصصة لحماية مصادر المياه وتطوير القطاعات المرتبطة بها.
فضلاً عن سوء الحوكمة التي مارستها الحكومات السورية في إدارة الموارد المائية الموجودة، كان نزاعها مع تركيا حول نهر الفرات واستثمارها التمرد الكردي في الثمانينات من القرن الماضي المتمثل في “حزب العمال الكردستاني”، واضحاً في اتفاقية أضنة عام 1998،[52] والتي تضمنت بنوداً بخصوص حصة سوريا في مياه الفرات، مقابل طرد زعيم الحزب واعتبار الحزب “منظمة إرهابية”، وقد خلفت هذه السياسة الانتهازية آثاراً سلبية مستمرة حتى وقتنا الحالي، حيث تقوم الحكومة التركية بالانتقام من شمال شرق سوريا باستخدام المياه كسلاح ضد إرادة المنطقة.[53]
وبعد اندلاع الاحتجاجات في سوريا عام 2011، غاب دور سوريا كدولة ذات سيادة، بعد خروج بعض المناطق عن سيطرة الحكومة في دمشق، وخضوعها لسلطات الأمر الواقع كما في شمال غرب سوريا (حكومة الإنقاذ والحكومة المؤقتة) وفي شمال شرق سوريا (الإدارة الذاتية لشمال شرق سوريا). هذا ولا تمتلك هذه الهياكل الناشئة أية رؤى في إدارة ملف الموارد المائية، فعلى الرغم من وجود معظم مؤسسات المعارضة السورية، من بينها “الائتلاف الوطني لقوى الثورة السورية”، في تركيا إلا أنها لم تشكل أي ثقل يذكر بحيث تدفع تركيا الى اتباع نهج عادل في توزيع مياه نهر الفرات، وفي المقابل ورثت الإدارة الذاتية حالة العداء بين الحكومات التركية وسوريا، وحملت وزر تورط “حزب العمال الكردستاني” كأداة في النزاع على مياه نهري الفرات ودجلة، حيث تستخدم تركيا المياه في الضغط على الإدارة الذاتية التي لا تملك، بدورها، سياسة واضحة في إدارة موارد المياه الموجودة، وتلبية حاجات السكان من تخزين للمياه والتصفية والتعقيم.
6. تأثير “الحرب على المياه ومصادرها” على منطقة شمال شرق سوريا:
عانت سوريا من ارتفاع معدلات الاستخدام المائي منذ ما قبل عام 2011، حيث ركزت الحكومات السورية المتعاقبة جُلَّ اهتمامها على المردود الاقتصادي للإنتاج الزراعي مع الإهمال الكامل للبعد البيئي.[54]
في 2011، قدر خبراء استهلاك المياه السنوي في سوريا كنسبة مئوية من وارداتها من المياه المتجددة الداخلية بحوالي 160%، مقارنة بـ 80% في العراق و20% في تركيا.[55] بالمقابل حذرت الأمم المتحدة في منتصف 2021 من آثار إنسانية واسعة النطاق على ملايين السوريين بسبب انخفاض منسوب المياه، مشيرة إلى أن أكثر من خمسة ملايين شخص شمال شرقي سوريا، يعتمدون على نهر الفرات، سيعانون.[56]
كما أن نهر الخابور الذي كان يغذي المنطقة الممتدة من مدينة رأس العين/سري كانيه إلى مدينة الحسكة بالمياه، قد تحول مؤخراً إلى قناة مياه شتوية بعد جفاف الينابيع الجوفية التي غذته والواقعة حول مدينة رأس العين، بريف الحسكة على الحدود السورية-التركية. ويعود ذلك الجفاف، للاستمرار غير المنضبط في حفر الآبار على حوضه، والإجهاد في الضخ على جانبي الحدود، وتحويل استخدام الأراضي البعلية المستخدمة للرعي إلى محطة زراعات مروية، وهو ما تسبب بحرمان سكان البلدات والقرى على طول مجراه من مياه الشرب والري، وتوجههم إلى الزراعات العطرية كالكمون والكزبرة لانخفاض تكلفتها، إضافة إلى الاعتماد على محاصيل غير مروية، وتقليل عدد مواشيهم. ينطبق ذلك على مجرى نهر البليخ في محافظة الرقة أيضاً، ما ساهم بنزوح وهجرات جماعية وفردية، “إذ لم يبق أكثر من 800 شخص في قرى حوض الخابور”.[57]
هذا وقد زاد الصراع من حدة المشكلات البيئية في سوريا، بسبب إهمال إجراءات حماية البيئة في قطاعات مختلفة، ومنها قطاع الطاقة. تسهم عمليات استخراج ونقل النفط بتلويث المياه والتربة، حيث تتسبَّب المياه المرافقة لإنتاج النفط، وخطوط نقل النفط الخام نتيجة انتهاء عُمر تشغيلها الافتراضي في تلوث الأراضي الزراعية. هذا ويزيد من معدلات تلوث المياه السطحية والجوفية، انتشار مصافي النفط الخاصة وغير الرسمية بعد بدء الصراع، حيث تقوم هذه المصافي بإطلاق نفاياتها في الأودية، وهي نتيجة تؤدي إليها ممارسات أخرى، منها طرح النفايات الصلبة غير المعالجة بالقرب من مصادر المياه، كما في حالة مكب القامشلي في منطقة الهلالية الواقع قرب مجموعة من الآبار، وطرح الصرف الصحي غير المعالج إلى المجاري المائية الطبيعية وبحيرات السدود، كما في حالة مكب تل أبيض على منابع البليخ. [58]
بالإضافة إلى الممارسات غير المراعية لأمن المياه والمعادية للبيئة، تعاني سوريا اليوم من تحول المياه إلى سلاح حرب، ولا سيما في شمال شرق البلاد حيث حوضي دجلة والفرات. وباتت السيطرة على الموارد المائية هدفاً استراتيجياً للقوى العسكرية المتصارعة، حيث يمنح التحكم في إمدادات المياه سيطرة استراتيجية لهذه القوى على المدن والأرياف.
يتجلى هذا التحول بشكل واضح في سياسات تركيا، التي استخدمت المياه كسلاح وكذريعة استراتيجية للتمدد إلى مناطق عديدة من سوريا؛ بعد سيطرتها على المنطقة المعروفة بـ”درع الفرات” من خلال عملية حملت ذات الاسم عام 2016، سعت تركيا إلى تأمين احتياجات المنطقة من المياه والطاقة من خلال شن عمليات عسكرية أخرى والسيطرة على مناطق أوسع، وهذا ما حصل خلال عملية “غصن الزيتون” عام 2018، والتي أفضت إلى سيطرة الجيش التركي على منطقة عفرين، حيث قامت تركيا بعدها بإمداد المياه والطاقة الكهربائية من سد ميدانكي في عفرين إلى مناطق اعزاز والراعي.[59] وتكررت ذات الممارسات خلال عملية “نبع السلام” عام 2019، حيث سيطرت تركيا على مناطق تل أبيض ورأس العين، وبسطت نفوذها على منابع نهر الخابور بشكل كامل وكذلك محطات ضخ المياه (محطة علوك) في المنطقة. هذا وقد أدت كلا العمليتين العسكريتين إلى حركات نزوح داخلي وهجرة خارجية كبيرة، رافقتها تجاوزات وانتهاكات بيئية عديدة من قبل الفصائل العسكرية المدعومة من تركيا. [60]
وقد ساهم في تجفيف الخابور كذلك، تحكم فصائل “الجيش الوطني السوري” المدعوم من تركيا بمسار المياه وبناء عدة سدود ترابية على مجرى النهر،[61] لمنع تدفقه نحو مناطق الإدارة الذاتية، فضلاً عن تعثر عدة اتفاقات بين تركيا و”قوات سوريا الديمقراطية” (قسد)، متعلقة بتقديم “قسد” خط كهرباء لمحطة مبروكة المائية ولمناطق رأس العين وتل أبيض الواقعة تحت سيطرة تركيا،[62] مقابل أن تسمح الأخيرة بعمل محطة علوك، وضخ المياه لمناطق الحسكة الخاضعة لقوات “قسد”، رغم توسط منظمة اليونيسيف وإشارتها مؤخراً أن مشكلة مياه علوك سياسية وليست تقنية.[63]
[1]“تركيا: تكرار استخدام مياه “علوك” كسلاح خلال جائحة كوفيد 19 في سوريا”، 28 نيسان/أبريل 2020 (آخر زيارة للرابط: 22 أيلول/سبتمبر 2023). https://stj-sy.org/ar/%d8%aa%d8%b1%d9%83%d9%8a%d8%a7-%d8%aa%d9%83%d8%b1%d8%a7%d8%b1-%d8%a7%d8%b3%d8%aa%d8%ae%d8%af%d8%a7%d9%85-%d9%85%d9%8a%d8%a7%d9%87-%d8%b9%d9%84%d9%88%d9%83-%d9%83%d8%b3%d9%84%d8%a7%d8%ad-%d8%ae/
[2] “الباب عطشى: هل تستخدم الحكومة السورية قطع المياه كعقاب؟”، سوريون من أجل الحقيقة والعدالة، 28 تموز/يوليو 2023 (آخر زيارة للرابط: 22 أيلول/سبتمبر 2023). https://stj-sy.org/ar/%d8%a7%d9%84%d8%a8%d8%a7%d8%a8-%d8%b9%d8%b7%d8%b4%d9%89-%d9%87%d9%84-%d8%aa%d8%b3%d8%aa%d8%ae%d8%af%d9%85-%d8%a7%d9%84%d8%ad%d9%83%d9%88%d9%85%d8%a9-%d8%a7%d9%84%d8%b3%d9%88%d8%b1%d9%8a%d8%a9/
[3] “Syria Average Precipitation”, Trading Economics, last updated September 2023. https://tradingeconomics.com/syria/precipitation
[4] Tabor, R., Almhawish, N., Aladhan, I., Tarnas, M., Sullivan, R., Karah, N., Zeitoun, M., Ratnayake, R., & Abbara, A. (2023, February 4). Disruption to water supply and waterborne communicable diseases in northeast Syria: a spatiotemporal analysis. Conflict and Health, 17(1). https://doi.org/10.1186/s13031-023-00502-3
[5] “We fear more war, we fear more drought,” PAX for Peace, 16 February 2022. https://paxforpeace.nl/publications/we-fear-more-war-we-fear-more-drought/
[6] Tabor, R., Almhawish, N., Aladhan, I., Tarnas, M., Sullivan, R., Karah, N., Zeitoun, M., Ratnayake, R., & Abbara, A. (2023, February 4). Disruption to water supply and waterborne communicable diseases in northeast Syria: a spatiotemporal analysis. Conflict and Health, 17(1). https://doi.org/10.1186/s13031-023-00502-3
[7] “UNICEF Executive Director Henrietta Fore’s remarks at the Security Council briefing on the humanitarian situation in Syria”, UNICEF, 29 march 2021. https://www.unicef.org/mena/press-releases/unicef-executive-director-henrietta-fores-remarks-security-council-briefing
[8] Tabor, R., Almhawish, N., Aladhan, I., Tarnas, M., Sullivan, R., Karah, N., Zeitoun, M., Ratnayake, R., & Abbara, A. (2023, February 4). Disruption to water supply and waterborne communicable diseases in northeast Syria: a spatiotemporal analysis. Conflict and Health, 17(1). https://doi.org/10.1186/s13031-023-00502-3
[9] المصدر السابق.
[10]“أكثر من 16 ألف طفل يعانون من سوء تغذية في شمال شرق سوريا (منظمة)”، Swiss Info، تشرين الثاني/ نوفمبر 2022 (آخر زيارة للرابط: 22 أيلول/سبتمبر 2023). https://www.swissinfo.ch/ara/afp/%D8%A3%D9%83%D8%AB%D8%B1-%D9%85%D9%86-16-%D8%A3%D9%84%D9%81-%D8%B7%D9%81%D9%84-%D9%8A%D8%B9%D8%A7%D9%86%D9%88%D9%86-%D9%85%D9%86-%D8%B3%D9%88%D8%A1-%D8%AA%D8%BA%D8%B0%D9%8A%D8%A9-%D9%81%D9%8A-%D8%B4%D9%85%D8%A7%D9%84-%D8%B4%D8%B1%D9%82-%D8%B3%D9%88%D8%B1%D9%8A%D8%A7–%D9%85%D9%86%D8%B8%D9%85%D8%A9-/48046210
[11] لجنة الأمم المتحدة المعنية بالمياه، 2013: https://www.unwater.org/sites/default/files/app/uploads/2017/05/unwater_poster_Oct2013.pdf
[12] تحديات الأمن المائي في الجزيرة السورية: حوكمة ندرة المياه من سوء الإدارة إلى التسويات السياسية”، أحمد حاج اسعد، الشرق للأبحاث الاستراتجية، آب/أغسطس 2020 (آخر زيارة للرابط: 20 أيلول/سبتمبر 2023). https://research.sharqforum.org/ar/2022/10/24/%D8%A7%D9%84%D8%A3%D9%85%D9%86-%D8%A7%D9%84%D9%85%D8%A7%D8%A6%D9%8A-%D9%81%D9%8A-%D8%A7%D9%84%D8%AC%D8%B2%D9%8A%D8%B1%D8%A9-%D8%A7%D9%84%D8%B3%D9%88%D8%B1%D9%8A%D8%A9/
[13]” مراسلة مشتركة إلى الإجراءات الخاصة في الأمم المتحدة حول أزمة المياه في شمال شرق سوريا”، سوريون من اجل الحقيقة والعدالة، تموز/يوليو 14, 2023 (آخر زيارة للرابط: 20 أيلول/سبتمبر 2023).
[14] “Drought in Syria and Iraq – April 2021”, GDO, 22 April 2021. https://edo.jrc.ec.europa.eu/documents/news/GDODroughtNews202104_Syria_Iraq.pdf
[15] “Climate Change its Causes & Consequences”, HDC, https://www.hdcorganisation.com/_files/ugd/5f262a_e154c459a4d34bc58b8ba2b38a0914ca.pdf
[16] “Current Situation of the Water Crisis in Northeast Syria and its Humanitarian Impacts”, REACH, 26 June 2023. https://reliefweb.int/report/syrian-arab-republic/current-situation-water-crisis-northeast-syria-and-its-humanitarian-impacts-july-2023-northeast-syria
[17] “Water Crisis and Its Repercussions”, HDC, https://www.hdcorganisation.com/_files/ugd/5f262a_ad65c5b99b39498381a51b14cf5a66d7.pdf
[18] المصدر السابق.
[19] “إشكاليات السياسة المائية بين سوريا وتركيا”، أميرة إسماعيل العبيدي، قسم الدراسات السياسية والإستراتيجية / مركز الدراسات الإقليمية- جامعة الموصل، مجلة التربية والعلم – المجلد ( 17 )، العدد ( 2)، لسنة 2010، ص: 58.
[20]“الأسئلة المتداولة بشأن اتفاقية المياه لعام 1992″، الأمم المتحدة، جنيف، 2021. https://unece.org/sites/default/files/2021-02/20-00395-UNECE-FAQ-1992-Water-Convention-Web.pdf
[21] “اتفاقية قانون استخدام المجاري المائية الدولية في الأغراض غير الملاحية”، ستيفن سي. ماكفري، الأمم المتحدة، 2010. https://legal.un.org/avl/pdf/ha/clnuiw/clnuiw_a.pdf
[22]“الاتفاقية الدولية لمكافحة التصحر في البلدان التي تعاني من الجفاف الشديد و/أو من التصحر، وبخاصة في أفريقيا”. https://www.wipo.int/wipolex/ar/treaties/details/937
[23] “اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغيير المناخ”. https://www.wipo.int/wipolex/ar/treaties/details/268
[24] “مدى تطبيق نظام استخدام المجاري المائية الدولية للأغراض غير الملاحية”، صبا علوان شلال، رسالة لنيل الماجستير الى جامعة شرق الأوسط في عمان، الأردن، 2020.
[25] The Franco-Turkish Agreement Signed at Angora on October 20, 1921. https://web.archive.org/web/20170517110648/http:/www.hri.org/docs/FT1921/Franco-Turkish_Pact_1921.pdf
[26] “النص الكامل لمعاهدة لوزان 1923″، المعهد المصري للدراسات، 17 آب/أغسطس 2020. https://eipss-eg.org/%D8%A7%D9%84%D9%86%D8%B5-%D8%A7%D9%84%D9%83%D8%A7%D9%85%D9%84-%D9%84%D9%85%D8%B9%D8%A7%D9%87%D8%AF%D8%A9-%D9%84%D9%88%D8%B2%D8%A7%D9%86-1923/
[27] “الأمن المائي في الجزيرة السورية”، مركز الفرات للدراسات، 21 آذار/مارس 2018.https://firatn.com/?p=476
[28] المصدر السابق.
[29] المصدر السابق.
[30] “الاتفاقات الخاصة حول اقتسام مياه أنهار الهلال الخصيب بين التنازع والتكامل والحق الطبيعي 4/2″، صحيفة البناء، https://www.al-binaa.com/archives/article/47367
[31] “الجزيرة السورية بين الماضي والحاضر”، إسكندر داوود، مطبعة الترقي في دمشق، 1959، ص: 365.
[32] “الاتفاقات الخاصة حول اقتسام مياه أنهار الهلال الخصيب بين التنازع والتكامل والحق الطبيعي 4/2″، صحيفة البناء، https://www.al-binaa.com/archives/article/47367
[33] “Protocol on Matters Pertaining to Economic Cooperation between the Syrian Arab Republic and the Republic of Turkey”, signed on 17 July 1987. http://gis.nacse.org/tfdd/tfdddocs/1086ENG.pdf
[34] Protocol on Matters Pertaining to Economic Cooperation: Signed at Damascus on 17 July 1987. No. 30069. Syrian Arab Republic and Turkey, United Nations Office of Legal Affairs, UN i-Library. DOI: https://doi.org/10.18356/350747e9-en-fr
[35] “المياه… سلاح تستخدمه تركيا ضد سكان شمال وشرق سوريا”، مركز اسو للدراسات، 2020، ص:6-5.
[36] “الاتفاقات الخاصة حول اقتسام مياه أنهار الهلال الخصيب بين التنازع والتكامل والحق الطبيعي 4/2″، صحيفة البناء، https://www.al-binaa.com/archives/article/47367
[37] “مدى تطبيق نظام استخدام المجاري المائية الدولية للأغراض غير الملاحية”، صبا علوان شلال، رسالة لنيل الماجستير الى جامعة شرق الأوسط في عمان، الأردن، 2020، ص: 79.
[38] المصدر السابق.
[39] Kibaroglu, A., Scheumann, W., & Kramer, A. (2011, August 19). Turkey’s Water Policy. Springer Science & Business Media. P. xxvi.
[40] الملحق (البروتوكول) الأول الإضافي إلى اتفاقيات جنيف، 1977. https://www.icrc.org/ar/resources/documents/treaty/protocol-i-additional-to-the-geneva-conventions
[41] Geneva Water Hub, “The Geneva List of Principles on the Protection of Water Infrastructure”, Geneva 2019. https://www.genevawaterhub.org/sites/default/files/atoms/files/gva_list_of_principles_protection_water_infra_www.pdf
[42] Guidelines on protection of natural environment in armed conflict, ICRC, 25 September 2020. https://www.icrc.org/en/document/guidelines-protection-natural-environment-armed-conflict-rules-and-recommendations-relating
[43] Berlin Conference (2004); Water Resources Law, International Law Association. https://www.internationalwaterlaw.org/documents/intldocs/ILA/ILA_Berlin_Rules-2004.pdf
[44] “شمال شرق سوريا: استخدام المياه كسلاح خلال النزاع يُفاقم الأزمة الإنسانية ويعرض الهوية الثقافية وحياة المدنيين للخطر”، منظمة تأزر، 19حزيران/يونيو 2023 (آخر زيارة للرابط: 20 أيلول/سبتمبر 2023). https://hevdesti.org/ar/weaponizing-water-resources-in-syria/
[45] “إدارة المياه في سوريا”، مياه الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، 9 نيسان/أبريل 2019 (آخر زيارة للرابط: 20 أيلول/سبتمبر 2023). https://water.fanack.com/ar/syria/water-management/#_ftnref1
[46] دستور الجمهورية العربية السورية الصادر عام 2012. https://learningpartnership.org/sites/default/files/resources/pdfs/Syria-Constitution-2012-Arabic-1.pdf
[47] القانون 31 لعام 2005: قانون التشريع المائي، الجمهورية العربية السورية-مجلس الشعب. http://www.parliament.gov.sy/arabic/index.php?node=201&nid=16089&ref=tree&
[48] DAHER, Joseph, Water scarcity, mismanagement and pollution in Syria, Middle East Directions (MED), 2022/10, Wartime and Post-Conflict in Syria – https://hdl.handle.net/1814/74678
[49] قانون العقوبات العام 148 لعام 1949 (المعدّل بــ المرسوم التشريعي 1 لعام 2011)، الجمهورية العربية السورية-مجلس الشعب. http://www.parliament.gov.sy/arabic/index.php?node=55151&cat=12278#:~:text=%D9%82%D8%A7%D9%86%D9%88%D9%86%20%D8%A7%D9%84%D8%B9%D9%82%D9%88%D8%A8%D8%A7%D8%AA%20%D8%A7%D9%84%D8%B9%D8%A7%D9%85%20148%20%D9%84%D8%B9%D8%A7%D9%85,%D8%A7%D9%84%D9%85%D8%B1%D8%B3%D9%88%D9%85%20%D8%A7%D9%84%D8%AA%D8%B4%D8%B1%D9%8A%D8%B9%D9%8A%201%20%D9%84%D8%B9%D8%A7%D9%85%202011)&text=1%20%D9%80%20%D9%84%D8%A7%20%D8%AA%D9%81%D8%B1%D8%B6%20%D8%B9%D9%82%D9%88%D8%A8%D8%A9,%D9%8A%D9%86%D8%B5%20%D8%A7%D9%84%D9%82%D8%A7%D9%86%D9%88%D9%86%20%D8%B9%D9%84%D9%89%20%D9%87%D8%B0%D8%A7%20%D8%A7%D9%84%D8%AC%D8%B1%D9%85
[50] القانون 165 لعام 1985:قانون الآبار، الجمهورية العربية السورية-مجلس الشعب. http://www.parliament.gov.sy/arabic/index.php?node=201&nid=6368&ref=tree&#:~:text=%D8%AA%D8%B9%D9%8A%D9%86%20%D9%88%D8%B2%D8%A7%D8%B1%D8%A9%20%D8%A7%D9%84%D8%A3%D8%B4%D8%BA%D8%A7%D9%84%20%D8%A7%D9%84%D8%B9%D8%A7%D9%85%D8%A9%20%D8%A8%D8%A7%D9%84%D8%A7%D8%B3%D8%AA%D9%86%D8%A7%D8%AF,%D8%A7%D9%84%D9%84%D8%A7%D8%B2%D9%85%20%D9%88%D8%A8%D8%AD%D8%B3%D8%A8%20%D8%A3%D9%88%D8%B6%D8%A7%D8%B9%20%D9%83%D9%84%20%D9%85%D9%86%D8%B7%D9%82%D8%A9.
[51] “إدارة المياه في سوريا”، مياه الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، 9 نيسان/أبريل 2019 (آخر زيارة للرابط: 20 أيلول/سبتمبر 2023). https://water.fanack.com/ar/syria/water-management/#_ftnref1
[52]” نص اتفاق أضنة… 10 تنازلات متبادلة بين أنقرة ودمشق”، الشرق الأوسط، https://aawsat.com/home/article/1561746/%C2%AB%D8%A7%D9%84%D8%B4%D8%B1%D9%82-%D8%A7%D9%84%D8%A3%D9%88%D8%B3%D8%B7%C2%BB-%D8%AA%D9%86%D8%B4%D8%B1-%D9%86%D8%B5-%D8%A7%D8%AA%D9%81%D8%A7%D9%82-%D8%A3%D8%B6%D9%86%D8%A9-10-%D8%AA%D9%86%D8%A7%D8%B2%D9%84%D8%A7%D8%AA-%D9%85%D8%AA%D8%A8%D8%A7%D8%AF%D9%84%D8%A9-%D8%A8%D9%8A%D9%86-%D8%A3%D9%86%D9%82%D8%B1%D8%A9-%D9%88%D8%AF%D9%85%D8%B4%D9%82
[53] Daoudy, M. (2020, March 26). The Origins of the Syrian Conflict. Cambridge University Press. P. 91.
[54] “تحديات الأمن المائي في الجزيرة السورية: حوكمة ندرة المياه من سوء الإدارة إلى التسويات السياسية”، أحمد حاج اسعد، الشرق للأبحاث الاستراتجية، آب/أغسطس 2020 (آخر زيارة للرابط: 20 أيلول/سبتمبر 2023). https://research.sharqforum.org/ar/2022/10/24/%D8%A7%D9%84%D8%A3%D9%85%D9%86-%D8%A7%D9%84%D9%85%D8%A7%D8%A6%D9%8A-%D9%81%D9%8A-%D8%A7%D9%84%D8%AC%D8%B2%D9%8A%D8%B1%D8%A9-%D8%A7%D9%84%D8%B3%D9%88%D8%B1%D9%8A%D8%A9/
[55] “نهر الفرات: انخفاض غير مسبوق في منسوب تدفقه”، بي بي سي، 19 أيار/مايو 2021 (آخر زيارة للرابط: 22 أيلول/سبتمبر 2023). https://www.bbc.com/arabic/middleeast-57001890
[56] “United Nations Resident Coordinator and Humanitarian Coordinator for Syria, Imran Riza, and Regional Humanitarian Coordinator for the Syria Crisis, Muhannad Hadi – Statement on Essential Services in Syria [EN/AR],” 17 June 2021. https://reliefweb.int/report/syrian-arab-republic/united-nations-resident-coordinator-and-humanitarian-coordinator-12
[57] “موجات الجفاف تهدد سلة سورية الزراعية”، أحمد جاموس، معهد التحرير لسياسات الشرق الأوسط، 7 أيلول/سبتمبر 2023 (آخر زيارة للرابط: 20 أيلول/سبتمبر 2023). https://timep.org/post-arabic/%d9%85%d9%88%d8%ac%d8%a7%d8%aa-%d8%a7%d9%84%d8%ac%d9%81%d8%a7%d9%81-%d8%aa%d9%87%d8%af%d8%af-%d8%b3%d9%84%d8%a9-%d8%b3%d9%88%d8%b1%d9%8a%d8%a9-%d8%a7%d9%84%d8%b2%d8%b1%d8%a7%d8%b9%d9%8a%d8%a9/
[58] “تحديات الأمن المائي في الجزيرة السورية حوكمة ندرة المياه من سوء الإدارة إلى التسويات السياسية”، مصدر سابق، ص: 20.
[59] “البحث عن ماء نظيف في شمال سوريا”، منصور حسين،الجمهورية، 18 تشرين الأول/ أكتوبر 2022 (آخر زيارة للرابط: 20 أيلول/سبتمبر 2023): https://aljumhuriya.net/ar/2022/10/18/%D8%A7%D9%84%D8%A8%D8%AD%D8%AB-%D8%B9%D9%86-%D9%85%D8%A7%D8%A1-%D9%86%D8%B8%D9%8A%D9%81-%D9%81%D9%8A-%D8%B4%D9%85%D8%A7%D9%84-%D8%B3%D9%88%D8%B1%D9%8A%D8%A7/
[60] شمال شرق سوريا: استخدام المياه كسلاح خلال النزاع يُفاقم الأزمة الإنسانية ويعرض الهوية الثقافية وحياة المدنيين للخطر”، منظمة تأزر، 19حزيران/يونيو 2023 (آخر زيارة للرابط: 20 أيلول/سبتمبر 2023). https://hevdesti.org/ar/weaponizing-water-resources-in-syria/
[61] “Killing the Khabur: How Turkish-backed armed groups blocked northeast Syria’s water lifeline”, PAX, 3 November 2021 (Last visited: 20 September 2023). https://paxforpeace.nl/news/killing-the-khabur-how-turkish-backed-armed-groups-blocked-northeast-syrias-water-lifeline/
[62] “سوريا: أطراف النزاع يفاقمون وباء الكوليرا”، هيومان رايتس واتش، 7 تشرين الثاني/نوفمبر 2022 (آخر زيارة للرابط: 22 أيلول/سبتمبر 2023). https://www.hrw.org/ar/news/2022/11/07/syria-parties-conflict-aggravate-cholera-epidemic
[63] “مياه الحسكة: اليونيسيف أخبرتنا أن مشكلة مياه علوك سياسية وليست تقنية”، وكالة نورث برس، 1 آب/ أغسطس 2023 (آخر زيارة للرابط: 22 أيلول/سبتمبر 2023). https://npasyria.com/161351/