1. ملّخص تنفيذي:
خلال أحد عشر عام من النزاع واتساع رقعة الانتهاكات في سوريا، ازدادت معاناة السوريين/ات بشكل عام والنساء والفتيات بشكل خاص، حيث تعرّضن لجملة واسعة من الانتهاكات ولأشكال مختلفة من العنف القائم على النوع الاجتماعي/الجندر بما في ذلك على سبيل المثال لا الحصر، جرائم القتل تحت مسمّى “الدفاع عن الشرف”، إلى جانب العنف الأسري الممارس عليهنّ من قبل أزواجهنّ أو أحد أفراد عائلاتهنّ، فضلاّ عن الابتزاز الجنسي وإجبارهنّ على الزواج في سن مبكر.
تسعى “سوريون من أجل الحقيقة والعدالة” في هذا التقرير إلى تسليط الضوء على جرائم القتل التي ارتكبت بحق نساء وفتيات سوريات من قبل أزواجهنّ أو أقارب لهنّ، تحت مسمّى “الدفاع عن الشرف”، وعرض آخر الإحصائيات التي جمعتها المنظمة. إلى جانب تسليط الضوء على حوادث العنف الأسري سواء تلك التي قتلت فيها نساء وفتيات، أو التي دفعت ببعضهن إلى الانتحار.
يغطي هذا التقرير الفترة الزمنية الواقعة ما بين بداية العام 2019 وحتى تشرين الثاني/نوفمبر 2022، في مناطق سوريّة مختلفة، ابتداءً من المناطق التابعة لسيطرة الحكومة السورية ومروراً بالمناطق الخاضعة لسيطرة هيئة تحرير الشام في إدلب، وتلك الخاضعة لسيطرة الجيش الوطني السوري المدعوم من تركيا في ريف حلب الشمالي والغربي، وانتهاءً بالمناطق التابعة للإدارة الذاتية شمال شرقي سوريا.
بالمحصلة، سجّلت “سوريون” بالتعاون مع منظمتي “مساواة” و “سارا” لمناهضة العنف شمال شرقي سوريا، خلال الفترة الزمنية المشمولة بالتقرير، ما لا يقلّ عن185 جريمة قتل راح ضحيتها نساء وفتيات بذريعة “الدفاع عن الشرف”، كما تمّ تسجيل مقتل ما لا يقلّ عن 20 ضحية أخرى نتيجة العنف المنزلي، فضلاً عن وقوع ما لا يقلّ عن 561 حادثة عنف منزلي أخرى تضمنت الضرب والإيذاء الجسدي.
تشير المعلومات التي تمّ الحصول عليها لغرض هذا التقرير، إلى أن الأعداد الحقيقية لجرائم القتل تحت ذريعة “الشرف” من المرّجح أن تكون أكبر من المعلن عنها، لعدّة أسباب، أبرزها: عدم الإبلاغ عن تلك الحوادث بسبب الخوف أو لتجنب الوصمة المجتمعية أو بغاية تستر الأسرة على مرتكب الجريمة وحمايته.
وسبق لـ”سوريون” أن كشفت في تقرير سابق لها، عن دور العنف الأسري وتزويج الطفلات كأحد العوامل التي تساهم في ازدياد حالات الانتحار بين فئة الفتيات والنساء في سوريا، بعد أنّ سجّلت وقوع ما لا يقلّ عن 350 حالة انتحار منذ بداية عام 2021.[1]
كما سبق لـ”سوريون” أن وثقت في تقرير آخر وقوع سبع جرائم قتل بحق طفلة وستة سيدات على يدّ أقربائهن من الدرجة الأولى والثانية، خلال شهري كانون الثاني/يناير وشباط/فبراير 2022.[2]
تنوه “سوريون” أنّ الإحصائيات الوحيدة التي تمّ الحصول عليها بخصوص حالات الضرب والإيذاء، جاءت من المناطق الخاضعة لسيطرة الإدارة الذاتية، ولم تستطع المنظمة الوصول إلى أرقام دقيقة في باقي المناطق، باستثناء الحصول على بعض الإحصائيات حول جرائم القتل بذريعة الشرف أو العنف الأسري الذي أفضى إلى الموت.
2. توصيات:
- إصدار قانون خاص بالقضاء على العنف ضدّ المرأة في سوريا، بحيث يشمل مختلف أنواع العنف القائم على نوع الجنس/النوع الاجتماعي، سواء كان عنفا جسدياً، نفسياً أو جنسياً.
- ضرورة النصّ على الحقوق الكاملة والمتساوية للمرأة السورية، ومنع وتجريم أي عنف أو تمييز ضدها في الدستور السوري الجديد، وذلك من خلال نصوص واضحة لا تحتمل التأويل. ومن ثمّ سنّ قوانين جديدة أو تعديل القوانين الحالية بما يتوافق مع الدستور الجديد أي حساسة للنوع الاجتماعي، بحيث يتم إلغاء المواد التي تعزز فكرة إمكانية إضطهاد المرأة وتعنيفها أو حتى قتلها بحجج وذرائع واهية، ومنها “الدافع الشريف”.
- إلغاء تحفظات الدولة السورية على جميع مواد اتفاقية سيداو (اتفاقية القضاء على جميع اشكال التمييز ضدّ المرأة)، وتعديل مرسوم الغاء التحفظ علي المادة الثانية من اتفاقية السيداو التي اصدرتها الحكومة السورية عام 2017، وإلغاء جملة “بما لا يتعارض مع الشريعة الإسلامية”.
- منع كل مواد قوانين الأحوال الشخصية لجميع الطوائف التي تجيز تزويج الطفلات. مع ضرورة فرض عقوبات مشددة على كل من يشارك في تزويجهن.
- اتباع مقاربة شاملة أثناء التعاطي مع قضايا العنف ضدّ النساء، بحيث يقوم على التصدّي لمختلف اشكال العنف، في مختلف المناطق السورية، وحماية الضحايا.
3. منهجية التقرير:
اعتمد هذا التقرير في منهجيته على خمس عشرة شهادة ومقابلة بالمجمل، من ضمنها أربع شهادات لمصادر مقرّبة من ذوي ضحايا وشهود عيان على جرائم القتل تحت مسمّى “الدفاع عن الشرف” حدثت في مناطق مختلفة من سوريا، وشهادة “أرزو تمو” الناطقة باسم منظمة “سارا” لمناهضة العنف شمال شرقي سوريا حول القضية ذاتها، بالإضافة إلى ست شهادات أخرى من ذوي ضحايا نساء وفتيات تعرّضن للعنف المنزلي على يد أزواجهنّ أو أقربائهنّ، إحداهنّ قتلت بطريقة مرّوعة على يد زوجها والأخرى قررت الإقدام على الانتحار نتيجة العنف المنزلي.
وأخيراً تمّ أخذ رأي الباحث القانوني لدى “سوريون” بخصوص التحليل القانوني لقضية جرائم القتل بحجة الدفاع عن “الشرف” أو بسبب العنف المنزلي.
تمّ إجراء هذه المقابلات خلال الفترة الممتدة ما بين بدايات العام 2021 وحتى تاريخ 14 تشرين الثاني/نوفمبر 2022، حيث تمّ لقاء خمسة منهم بشكل مباشر فيما تمّ لقاء البقية عن طريق الانترنت، ونظراً لحساسية القضية تمّت الاستعاضة عن هويات الشهود الحقيقية بأسماء مستعارة.
تُصدر “سوريون من أجل الحقيقة والعدالة” هذا التقرير تزامناً مع اليوم الدولي للقضاء على العنف ضدّ المرأة والذي يصادف 25 تشرين الثاني/نوفمبر من كل عام.
4. ضحايا نساء وفتيات بحجّة “الدفاع عن الشرف”:
ازدادت جرائم القتل تحت ذريعة “الدفاع عن الشرف” مع تصاعد حدّة النزاع السوري، حيث تشير المعلومات التي حصلت عليها “سوريون” والمنظمات المشاركة في هذا التقرير، إلى أنّ الفلتان الأمني وغياب سيادة القانون وانتشار السلاح، بالإضافة الى انتشار “ثقافة العنف ضد النساء” والتطبيع معها، كلّها أسباب ساهمت بشكل أو بآخر بارتفاع نسبة جرائم القتل تحت ذريعة “الدفاع عن الشرف” في مناطق مختلفة من سوريا بغض النظر عن الجهة المسيطرة عليها.
4.1. مناطق سيطرة الحكومة السورية:
سجّلت منظمتا “سوريون” و”مساواة” ما لا يقلّ عن 14 جريمة قتل بذريعة الدفاع عن “الشرف” في مناطق سيطرة الحكومة السورية منذ بداية العام 2019، وحتى تاريخ إعداد هذا التقرير في تشرين الثاني/نوفمبر 2022. رغم الإقرار بصعوبة توثيق جميع الحالات في مناطق سيطرة الحكومة لأسباب مذكورة آنفاً.
من ضمن تلك الحالات، كانت حالة “رنا”، 26 عاماً، من محافظة درعا، إحدى النساء الضحايا اللواتي قُتلن تحت مسمّى “الدفاع عن الشرف” في شهر حزيران/يونيو 2020، وذلك على يد زوجها الذي أجرى اتفاق مصالحة مع الحكومة السورية عام 2018، ومن ثمّ انخرط في صفوف الفرقة الرابعة التابعة للجيش السوري، بحسب ما روت إحدى المقربات من الضحية لـ”سوريون”، حيث قالت:
“كان زوج رنا معروفاً بتعاطيه للمخدرات بشكل مستمر، وفي يوم الحادثة عاد إلى منزله بينما كانت زوجته نائمة، وقد علمنا لاحقاً من أصدقائه في الكتيبة أنه كان قد تناول حبوباً مخدرة في ذات الليلة قُبيل مغادرته متجهاً نحو منزله. سمعنا صوت إطلاق النار في حوالي الساعة العاشرة مساءً، فهرع إخواني نحو منزل رنا، حيث وجدوها مضرّجةّ بالدماء فيما هرب زوجها. حاولنا إسعافها لكنها كانت قد توفيت بالفعل. على إثر هذه الجريمة تصاعد التوتر بين عائلة الضحية وعائلة زوجها وحدثت اشتباكات مسلحة وسقط ضحايا، لكنّ الزوج حتى يتملّص من أي مسؤولية ادّعى بأنّ زوجته كانت على علاقة غير شرعية مع شخص آخر لذلك قتلها”.
وتابعت الشاهدة بأنّ زوج “رنا” كان معروفاً بين أهالي الحي بكونه شخصا ذو طباع عنيفة، وخاصةً أنه قام في إحدى المرات بإطلاق النار على أحد أصدقائه بينما كان تحت تأثير المواد المخدرة، مضيفةً بأنه لم يكتفِ بقتل الضحية بل قام باتهامها تهمة باطلة كي يغطي على جريمته، ثمّ لاذ بالفرار إلى لبنان، حيث مازال حتى اللحظة فاراً من قبضة العدالة.
أما “آمنة”، 26 عاماً، من ريف درعا الغربي، فكانت ضحية ثانية أضيفت إلى قائمة النساء اللواتي قُتلن بذريعة “الشرف” في محافظة درعا، بعد أن قامت عائلتها بإطلاق الرصاص عليها صباح يوم 12 شباط/فبراير 2022، عقب اتهامها من قبل إحدى النساء بالوقوف مع أحد شبان البلدة، بحسب ما روت إحدى المقربات من الضحية لـ”سوريون” قائلة:
“كانت آمنة متزوجة منذ خمس سنوات تقريباً، ولديها ثلاثة أطفال، وزوجها يعمل في بيع الخضروات، كما أن أختها الصغرى متزوجة من شقيق زوجها، وجميعهم يسكنون في منزل واحد. بتاريخ 11 شباط/فبراير 2022، اتهمت إحدى النسوة في الحي آمنة بوقوفها مع أحد شبان البلدة، وانتقل الخبر إلى زوجها الذي قام من فوره بتطليقها وطردها إلى بيت أهلها. كذلك فعل شقيقه بتطليق أختها وطردها من منزله. عائلة آمنة من العائلات المحافظة في البلدة، لذا أطلقوا الرصاص عليها صباح اليوم التالي وقتلوها.”
روت الشاهدة بأنّ عائلة “آمنة” قامت بقتلها، مشيرةً إلى أنّ العائلة نجت من العقاب، حيث لم يتدخل أحد من الشرطة في هذه الحادثة، وخاصةً مع غياب سيادة القانون في ريف درعا التي خرجت عن سيطرة فصائل المعارضة المسلحة إلى سيطرة الحكومة السورية.
4.2. المناطق الخاضعة لسيطرة هيئة تحرير الشام في إدلب:
أمّا في المناطق الخاضعة لسيطرة هيئة تحرير الشام (المصنّفة على لوائح الإرهاب) في إدلب، فقد سجّلت “سوريون” و”مساواة” ما لا يقلّ عن 21 جريمة قتل وقعت بذريعة “الشرف”، خلال الفترة الزمنية المشمولة بهذا التقرير، حيث توزّعت تلك الجرائم في مناطق “أريحا وأطمة وسلقين وكللي”.
“رانيا”، 27 عاماً، من مدينة أريحا بريف إدلب، كانت إحدى النساء الضحايا اللواتي قُتلن تحت ذريعة “الشرف” في شهر تموز/يوليو 2022، بعد أن اعترف زوجها بإلقائها من شرفة منزلهما في الطابق الرابع، بحجّة أنها على علاقة غير شرعية بأحد الشبان، بحسب ما روت قريبة الضحية لـ”سوريون”، حيث تحدّثت قائلة:
“كانت رانيا قد تزوجت من أحد أقربائها، وكانت حاصلة على شهادة معهد طبي وتعمل بموجبها بأحد مشافي محافظة إدلب. في بداية عملها كانت مسرورة جداً لأنها حصلت على فرصة للعمل. لكن في ربيع العام الحالي بدأت الخلافات تظهر بينها وبين زوجها بعد أن قاما بإنجاب طفلتين، إذ كان زوج رانيا يطلب منها البقاء في البيت وترك المشفى، إلا أنّها دائماً ما كانت ترفض ذلك وتصرّ على عملها”.
وتابعت الشاهدة بأنّ زوج الضحية كان يعمل بصيانة السيارات وحالته المادية جيدة، لذا لم يكن مبالياً بعمل زوجته ودائماً ما كان يطلب منها ترك العمل، وأكملت قائلة:
“لم يكن زوج رانيا راضياً عن عملها وخاصةً أنها كانت تضطر أحياناً للعمل ليلاً، وكان كثيراً ما يتهمها بأنها على علاقة غير شرعية بأحد زملائها في المشفى. لكنّ رانيا كانت تبدّد شكوكه، وفي أحد أيام شهر أيار/مايو 2022، لحق زوج رانيا بها للمشفى وهناك تشاكل معها أمام الموظفين، ليهبّ أحد الموظفين بالدفاع عنها، مما أشعل نار الغضب بقلب الزوج، فقام بأخذها للمنزل وهناك قام بضربها على رأسها لتبقى طريحة الفراش لمدة عشرين يوماً”.
في صباح يوم 13 تموز/يوليو 2022، تمّ العثور على “رانيا” وقد فارقت الحياة، بعد أن سقطت من شرفة منزلها في الطابق الرابع، بحسب رواية مصدر آخر مقرّب من الضحية، والذي أفاد بأنّ زوج الضحية ادّعى لاحقاً لعناصر هيئة تحرير الشام، بأنها انتحرت من تلقاء نفسها، لكنّه خلال سير التحقيق، اعترف بقتلها متهماً إياها بأنها كانت على علاقة غير شرعية بأحد الشبان قبيل مقتلها. تمّ إلقاء القبض عليه وسجنه من قبل هيئة تحرير الشام، لكن دون إطلاق حكم صريح بحقه حتى لحظة إعداد هذا التقرير.
4.3. المناطق الخاضعة للجيش الوطني السوري المدعوم من تركيا:
سجّلت منظمتا “سوريون” و”مساواة” ما لا يقلّ عن 21 جريمة قتل وقعت بداعي “الشرف”، في المناطق التابعة لسيطرة الجيش الوطني السوري المدعوم من تركيا، وذلك منذ بداية العام 2019 وحتى تاريخ إعداد هذا التقرير في تشرين الثاني/نوفمبر 2022، حيث وقعت تلك الجرائم في مناطق مثل عفرين وجرابلس والباب ورأس العين.
“نوفة”، 18 عاماً، من محافظة حمص ونازحة إلى مدينة الباب بريف حلب، كانت هي الأخرى ضحية من ضحايا القتل تحت مسمّى “الدفاع عن الشرف”، وتحديداً في شهر آب/أغسطس 2022، بعد أن قام شقيق زوجها والذي يعمل ضمن فرقة “السلطان مراد” التابع للجيش الوطني السوري المدعوم من تركيا، بإطلاق النار عليها، مدّعياً أنها كانت أيضاً على علاقة غير شرعية بأحد الشبان، بحسب ما روى أحد المصادر المقرّبّة للضحية لـ”سوريون” قائلاً:
“كانت نوفة قد تزوجت في شهر شباط/فبراير 2022، وبعد شهرين تقريباً سلك زوجها طرق التهريب إلى تركيا من أجل العمل. كانت تمضي نوفة النهار في بيت أهل زوجها البعيد نسبياً عن بيتها، ثمّ تعود ليلاً إلى مسكنها. في ليلة يوم 22 آب/أغسطس 2022، أفاق أهالي الحي على صوت إطلاق نار مصدره منزل نوفة، ومع دخولهم المنزل، تمّ العثور على نوفة جثة مضرجة بالدماء، فيما كان شقيق زوجها يجلس بالقرب من باب المنزل حاملاً مسدسه، ومدّعياً أنّ رجلاً ما كان في مسكنها، وبأنه أصابه بقدمه قبل أن يلوذ بالفرار”.
أعلمنا المصدر بأنّه تمّ إلقاء القبض على شقيق زوج الضحية لاحقاً، وسجنه لمدة 3 أشهر فقط، دون أن يتم العثور على الشخص الآخر الذي كان قد أدعّى أنه أصابه في قدمه، مشيراَ إلى أنه تمّ الإفراج عنه لاحقاً، وسافر بعدها إلى مدينة تل أبيض في محافظة الرقة.
4.4. مناطق الإدارة الذاتية شمال شرقي سوريا:
بحسب شهادة “آرزو تمو” الناطقة باسم منظمة “سارا” لمناهضة العنف ضد المرأة شمال شرقي سوريا، فقد تمّ تسجيل ما لا يقلّ عن 129 جريمة قتل وقعت تحت ذريعة “الشرف”، في المناطق التابعة للإدارة الذاتية، إضافة إلى ما لا يقلّ عن 557 حالة ضرب وإيذاء، وذلك منذ بداية العام 2019 وحتى شهر تموز/يوليو 2022، حيث توزّعت تلك الحوادث في مناطق القامشلي/قامشلو والحسكة وكوباني/عين العرب وصرّين بشكل أساسي. فيما لم تحصل “سوريون” على أرقام دقيقة من محافظتي الرقة ودير الزور.
وقد حاولت “سوريون” التواصل مع عدد من ذوي الضحايا شمال شرقي سوريا، إلا أنّ معظمهم امتنع عن الإدلاء بشهادته نظراً لحساسية الموضوع.
5. العنف الأسري كأحد أخطر أشكال العنف الواقعة على المرأة السورية:
بالإضافة إلى القتل بحجة الدفاع عن الشرف، تواجه النساء والفتيات السوريات، جملة من الانتهاكات الواقعة بحقهنّ، أبرزها العنف المنزلي الممارس ضدّهنّ من قبل أزواجهنّ أو أحد أفراد عائلاتهنّ. رصدت “سوريون”، قصص بعض النساء والفتيات ممن تعرّضن للعنف الأسري في مناطق مختلفة من سوريا. بالإضافة إلى التعرض للإيذاء الجسدي والنفسي، أدى هذا العنف إلى مقتل عدد من النساء والفتيات، فيما قرر بعضهنّ الآخر الإقدام على الانتحار.
تنوه “سوريون” أنّ الإحصائيات الوحيدة التي تمّ الحصول عليها بخصوص حالات الضرب والإيذاء، جاءت من المناطق الخاضعة لسيطرة الإدارة الذاتية، ولم تستطع المنظمة الوصول إلى أرقام دقيقة في باقي المناطق، باستثناء الحصول على بعض الإحصائيات حول جرائم القتل بدافع الشرف أو العنف المنزلي الذي أفضى إلى الموت.
5.1. قام زوجها بطعنها ثمّ وضعها في برميل وسكب مادة الاسمنت على جثتها:
“منال”، 34 عاماً، من مدينة سراقب بريف إدلب، كانت ضحية زوجها الذي أقدم على قتلها بطريقة مرّوعة. حيث قام الأخير بطعنها وتخبئة جثتها في برميل وسكب مادة الاسمنت عليها ليخفي ما فعل.
كانت “منال” قد نزحت مع زوجها إلى مخيم “مشهد روحين” بريف إدلب منذ نهاية عام 2019، وعملت كممرضة في أحد مشافي محافظة ادلب، بأجر يتجاوز الـ 300$ شهرياً بحسب ما روت والدة الضحية لـ”سوريون”. قالت الشاهدة أيضاً:
“أثناء إقامة منال مع زوجها في المخيم، كانت تتعرّض للضرب بشكل مستمر من قبله، ما أدى إلى ظهور اّثار جروح وكدمات بالغة على وجهها وجسدها. كنا نسعى إلى حل الخلافات بينهما خشيةً منا من وسمها بالمطلقة. كانت ابنتي تعمل كممرضة حرصاً منها على تأمين حياة كريمة لأسرتها وتجنباً للمشاكل التي كانت تحدث بينها وبين زوجها. كذلك قامت بشراء سيارة واتفقت مع زوجها أن يعمل عليها في خدمات توصيل الركاب، رغبةً منها بإبعاده عن رفاق السوء الذين امتهنوا أعمال سرقة وتعاطي مخدرات”.
مع مرور الأيام تفاقمت الخلافات بين “منال” وزوجها وارتفعت وتيرة العنف الممارس ضدها، خاصةً بعد اعتراضها على عدم استخدامه السيارة للعمل وإعارتها لرفاقه. أكملت والدة الضحية قائلة:
“كلّما كانت ابنتي تشتكي من سلوك زوجها، كان يقدم على ضربها بشكل مبرح، إلى جانب سبّها وشتمها بكلمات نابية ومهينة تُسمع أصداؤها في أرجاء الحيَ، مما دفع بابنتي لاحقاً إلى بيع السيارة واللجوء إلى منزلنا هرباً من العنف الذي كان يُمارس عليها”.
تحدثت “سوريون” إلى أحد جيران الضحية الذي أفصح عن سماع أصوات الخلافات والضرب اللذين كانت تتعرض لهما “منال” من زوجها، وخاصةً في شهر كانون الثاني/يناير 2021، أي بعد شهرين من شرائها السيارة له. قال المصدر:
“في بعض الأحيان تدخل الجيران لإيقاف العنف الواقع على منال، إلى أن قررت آخر الأمر اللجوء لمنزل عائلتها. حاول زوجها عدّة مرات إقناعها بالعودة إلى منزله وقدم لها وعوداً بأنه سيصلح شأنه، فعادت منال في نهاية شهر شباط/فبراير 2021، غير أنّها اختفت منذ ذلك التاريخ ولم يرَها جيرانها وأهلها بعد ذلك. قام أهل الضحية لاحقاً بتقديم شكوى ضدّ زوجها بتهمة إخفائه لزوجته، غير أنّ الزوج أنكر الواقعة وادعى أنها هربت من منزله مع عشيقها”.
فيما روت إحدى قريبات الضحية لـ”سوريون” بأنّ أخبار “منال” كانت قد انقطعت تماماً عن عائلتها عقب عودتها إلى منزل زوجها. ظن أفراد أسرتها في البداية أنّ ضغط العمل وظروف الحياة هما السبب وراء ذلك، إلى أن قرروا زيارة منزلها. أخبرهم الجيران بأنهم لم يروا الضحية منذ رحيلها إثر وقوع خلاف بينها وبين زوجها. تابعت القريبة قائلة:
“توجه أهل منال لأحد مخافر هيئة تحرير الشام وقدموا شكوى. تمّ لاحقاً استجواب الزوج، والذي ادّعى بأن زوجته هربت مع عشيقها، متحجّجاً بأنه تكتّم على اختفائها خوفاً من وسم الناس له، فما كان من العناصر المسؤولة عن التحقيق من قبل هيئة تحرير الشام إلا أن أخلت سبيله غير مكترثة البتة”.
لاحقاً قامت “هيئة تحرير الشام” باعتقال مجموعة من الشبان بتهمة السرقة وتعاطي المواد المخدرة في ريف إدلب، وكان زوج الضحية “منال” واحداً منهم بحسب ما روى أحد المصادر المطلّعةّ على هذه القضية، والذي أفاد لـ”سوريون” بأنّ أحد الشبان وخلال سير التحقيق، اعترف بأنه ساعد زوج الضحية “منال” على إخفاء جثتها بعد أن قتلها الأخير طعناً بواسطة سكين في منطقة “مشهد روحين”. قال الشاب أنهما وضعا جثتها داخل برميل ونقلاها بسيارة إلى منزل زوجها في المخيم، حيث سكب الزوج فوق جثتها الاسمنت. اعترف الزوج آخر الأمر بما فعله، وتمّ سجنه لكن دون أن يتم إطلاق حكم صريح بحقه حتى اللحظة.
5.2. فضلت الموت على الحياة في ظل تعنيف والدها:
كانت “سمر”، 35 عاماً، من ريف درعا الغربي، ضحية أخرى من ضحايا العنف الأسري الممارس عليها من قبل والدها، ما دفعها لإنهاء حياتها في 29 أيلول/سبتمبر 2022، بحسب ما روت إحدى الصديقات المقربات من الضحية لـ”سوريون”:
“كانت سمر تعاني من أزمة نفسية حادة، وبات ذلك واضحاً عليها في السنوات الأخيرة، فوالدها رجل قاسٍ وصعب، وكان يرفض كل شاب يتقدّم طالباً يدها للزواج. استمرّت تلك الحالة حتى بلغت سمر سن الخامسة والثلاثين. كانت تعمل طوال النهار، من الصباح حتى الظهيرة في المشتل الزراعي، وبعد الظهيرة تقوم برعاية الأبقار والعمل في الأرض، وكان والدها يأخذ منها مرتبها الشهري”.
تابعت الصديقة بأنّ الضحية كانت قد أخبرت والدها قبل أيام من وفاتها عن رغبتها بأخذ إجازة طويلة من العمل في المشتل الزراعي لأنها تشعر بالتعب، وأن الإجازة ستكون بدون راتب. رفض والدها ذلك وقام بضربها بشدّة. عقب أيام قررت “سمر” الانتحار بعد تناول مواد سامّة مخصصّة للاستخدام كمبيدات زراعية.
5.3. أشعلت النيران في جسدها لتخلصه من عنف زوجها:
“إلهام”، 33 عاماً، من منطقة معرة النعمان، ضحية أخرى قررت إنهاء حياتها أواخر عام 2021، من خلال سكب مادة مشتعلة على جسدها وحرق نفسها أملاً في وضع حد لمعاناتها ولعنف زوجها. روت إحدى قريبات الضحية لـ”سوريون” ما يلي:
“كانت إلهام تتعرّض للتعنيف والضرب الدائم من قبل زوجها المعروف بمزاجه السيء والمتقلب نتيجة إدمانه على شرب الكحول. في أحد الأيام لم تعد تتحمل تلك المعاناة، فقررت حرق نفسها بواسطة مادة قابلة للاشتعال تستخدم في الطلاء”.
أكملت القريبة بأنّ أفراد عائلة “إلهام” كانوا على علم بالتعنيف والأذى البدني الذي تتعرض له أمام طفليها اللذين لم يبلغا الثامنة، لكنهم دائماً ما نصحوها بالصبر والتحمل. أشارت كذلك إلى المخاوف الكبيرة التي كانت تتملك الضحية من نظرة المجتمع والوسط المحيط بها في حال قررت الطلاق.
5.4. حُرمت من أطفالها وأمضت عدّة أيام في المشفى بعد تعرّضها للضرب المبرح:
أمّا “سعاد”، 26 عاماً، من ريف إدلب، متزوجة ولديها ثلاثة أطفال، فقد أمضت عدّة أيام في أحد مشافي البلدة، بعد تعرّضها لضرب مبرح من قبل زوجها، بحسب ما روت الضحية لـ”سوريون”:
“كنتُ دائماً ما أطلب من زوجي اقتناء هاتف جوال كي أتواصل من خلاله مع عائلتي وأصدقائي، إلا أنّه دائماً ما رفض ذلك، لذا قامت والدتي بشراء هاتف لي. في ذلك اليوم عاد زوجي إلى المنزل بينما كنت أتحدّث على الهاتف الجديد، فانهال عليّ بالضرب المبرح بواسطة يديه، ثم بدأ بركلي على ظهري. تناول عصا وبدأ بضربي بشدّة على كامل جسدي، حتى جاء الجيران وخلصوني منه، بعد أن سالت الدماء من أنفي وفمي”.
وتابعت الضحية بأنّها شعرت بآلام شديدة فقام والدها في الصباح التالي باصطحابها للمشفى حيث تبيّن وجود كسر في يدها اليمنى بالإضافة إلى إصابتها برضوض أخرى سيّما على ظهرها. وأضافت الشاهدة قائلة:
“قمت بتقديم شكوى ضدّ زوجي في أحد المخافر التابعة لهيئة تحرير الشام، معتقدة أنه سيعاقب بالحبس، إلا أنّ العناصر رفضوا تسجيل الشكوى والتدخل، متحجّجين بأنّ القاضي يرفض النظر في الخلافات العائلية. أعيش حالياً في منزل عائلتي، بعد أن قام زوجي بمنع أطفالي من زيارتي، وإلى اليوم لا أعلم إن كنت سأجتمع بأولادي مرة أخرى أم لا”.
5.5. ضحية لعنف زوج ولخوفها من وصم المجتمع:
“ليال”، 22 عاماً، من مدينة الحسكة، ضحية أخرى من ضحايا العنف الأسري الممارس ضدّها من قبل زوجها، لكنها اضطرت للبقاء معه رغم كل ما تقاسيه، خوفاً من نظرة المجتمع لها ووسمها بالمطلّقة. روت الضحية ما يحدث معها لـ”سوريون”:
“عندما كنتُ في سن الثامنة عشر زوجتني عائلتي من رجل يكبرني بعشر سنوات. وبعد أقل من عام على زواجنا، بدأ بضربي وإهانتي. كانت أفكارنا وأهدافنا مختلفة بسبب فارق العمر الكبير. في كل مرة أتعرض فيها للضرب، يحصل خلاف كبير يصل إلى حد الاقتتال بين أهلي وأهل زوجي، ليتدخل في النهاية ‘كبارية’ العائلتين لحل الخلاف. في كل مرة يتعهد زوجي بعدم ضربي، لكن من دون جدوى. أنا صابرة على البقاء مع زوجي خوفاً من الطلاق ووصم المجتمع لي”.
6. رأي قانوني:
أدّى النزاع القائم منذ العام 2011، إلى خروج الكثير من المناطق السوريّة عن سيطرة الحكومة المركزية في دمشق، وظهرت قوى سيطرة مختلفة، حاولت بعضها تطبيق القوانين السوريّة بشكل جزئي، بينما استعاضت بعض القوى الأخرى بتطبيق الشريعة الإسلامية.
سوف تفرد “سوريون” تقريراً خاصّاً في العام 2023، حول طريقة تعاطي قوانين سلطات الأمر الواقع في سوريا، مع “جرائم الشرف” أو “العنف القائم على نوع الجندر/النوع الاجتماعي “في مختلف مناطق السيطرة، وسوف تكتفي بإيراد القوانين السوريّة المطبقة حالياً في مناطق سيطرة الحكومة السورية بشكل كامل، وبشكل جزأي في مناطق الإدارة الذاتية ومناطق سوريّة أخرى.
6.1. حالات العنف الأسري/الجسدي في القانون السوري:
يوجد في قانون العقوبات السوري عدة مواد تمنع وتجرم ضرب الأشخاص بشكل عام ولكنها غير خاصة بالعنف أو الإيذاء الواقع على النساء/المرأة.
تنص المواد 540، 541، 542، 543 من القانون على أن: من أقدم على ضرب شخص أو إيذائه أو جرحه، ولم ينجم عن الفعل تعطيل الضحية عن العمل لمدة تزيد عن عشرة أيام، يعاقب بناء على شكوى الفريق المتضرر بالحبس ستة أشهر على الأكثر أو بالحبس التكديري.[3]
أما إذا تجاوزت مدة التعطيل عن العمل العشرة أيام عوقب الفاعل بالحبس مدة لا تتجاوز السنة. وفي حال تجاوزت مدة التعطيل عن العمل العشرين يوماً عوقب الفاعل بعقوبة الحبس من ثلاثة أشهر إلى ثلاث سنوات. وإذا أدى الفعل إلى قطع أو إستئصال عضو أو بتر أحد الأطراف أو تعطيل أحد الحواس عن العمل أو تسبب في إحداث تشويه جسيم أو أية عاهة أخرى دائمة أو لها مظهر العاهة الدائمة، عوقب الفاعل بالأشغال الشاقة المؤقتة عشر سنوات على الأكثر.
يمكن الاستنتاج بدلالة هذه المواد المجردة، أن القانون السوري يمنع الضرب سواء ضرب الرجل او المرأة، ويمكن تشديد العقوبة إذا أفضى هذا الضرب الى إيذاء جسدي يعطل الحركة و العمل. |
إلاّ أن ما يؤخذ على هذا القانون هو عدم وجود نص صريح يشير و يجرم ضرب المرأة بشكل خاص وواضح، باستثناء المادة 544 من قانون العقوبات التي نصت على عقوبة الأشغال الشاقة عشر سنوات على الأكثر لمن يتسبب في إجهاض حامل وهو على علم بحملها.
غالباً ما تكون المرأة ضحية لمثل هذا النوع من العنف الجسدي لكن بشكل غير مرئي، بحكم العادات والأعراف في الكثير المناطق السورية، حيث أن بعض الأعراف المحلية تدين المرأة التي تُشهر بوليها أو من قام بضربها وتعنيفها، وعليه فإن الأعراف الاجتماعية والعادات تصبح فوق القانون. |
6.2. القانون السوري “وجرائم الشرف”:
شهد العام 2020، تحولاً في نظرة المشرّع السوري إلى الجرائم التي كانت تقع في سوريا تحت “مسمّى الشرف”. ففي 8 آذار/مارس 2020، صدر القانون رقم (2) القاضي بإلغاء المادة 548 من قانون العقوبات المتعلقة بمنح العذر المخفف بـ “جرائم الشرف”، كما نصّ القانون على إلغاء جميع تعديلات المادة الصادرة في العام 1949.
قبل ذلك وفي العام 2009، عُدلت المادة المذكورة (رغم أنّ المرسوم الجديد الذي حمل الرقم 37 استخدم مصطلح إلغاء) وألغي العذر المُحل من العقوبة وبقي العذر المخفف، حيث تمّ النص على ما يلي: “يستفيد من العذر المخفف من فاجأ زوجه أو أحد أصوله أو فروعه أو أخته في جرم الزنا المشهود أو في صلات جنسية فحشاء مع شخص آخر فأقدم على قتلها أو إيذائها أو على قتل أو إيذاء أحدهما بغير عمد على ألا تقل العقوبة عن الحبس مدة سنتين في القتل.[4]
كانت المادة 548 من قانون العقوبات السوري لعام 1949، تنصّ سابقاً “أ – يستفيد من العذر المحل من فاجأ زوجته أو أحد أصوله أو فروعه أو أخته في جرم الزنا المشهود أو في صلات جنسية فحشاء مع شخص آخر فأقدم على قتلهما أو إيذائهما أو على قتل أو إيذاء أحدهما بغير عمد. ب – يستفيد مرتكب القتل أو الأذى من العذر المخفف إذا فاجأ زوجه أو أحد أصوله أو فروعه أو أخته في حالة مريبة مع آخر”.
رغم إلغاء هذه المادة في عام 2020، لكن لا يمكن تجاهل آثارها الكارثية على المجتمع السوري وثقافته طوال العقود الماضية، حيث لا تزال غالبية المجتمع السوري تؤمن بمشروعية قتل المرأة أو اضطهادها بحجة الدفاع عن الشرف.
6.3. إشكالية عبارة الدافع الشريف المنصوص عليها في المادة 192:
رغم إلغاء المادة 548 من قانون العقوبات السوري، إلاّ أنّ القانون مازال يحتوي على ثغرة يمكن استخدامها لتخفيف العقوبة على مرتكبي الجرائم تحت مسمّى الشرف. حيث أنّ المادة رقم 192 تعطي للقضاء صلاحيات في تخفيف الأحكام في حال تبيّن له أنّ دافعاُ شريفاً حمّل الفاعل على الفعل. وقالت:
أنه “إذا تبين للقاضي أن الدافع كان شريفاً قضى بالعقوبات التالية: الاعتقال المؤبد أو 15 سنة بدلاً من الأشغال الشاقة المؤبدة، والاعتقال المؤقت بدلاً من الأشغال الشاقة المؤقتة، والحبس البسيط بدلاً من الحبس مع التشغيل، وللقاضي أن يعفي المحكوم عليه من العقوبة”.
بالتحليل القانوني؛ فإن المادة 192، ورغم أنّها مادة عامّة ولا تختص بالجرائم المرتكبة بذريعة الدفاع عن الشرف فقط، فهي مازالت تمنح أعذاراً مخففة للعقوبة إذا ارتكبت “بدافع شريف”، مع أنها لم تبين المقصود بعبارة الدافع الشريف. وقد عرّفت محكمة النقض الدافع الشريف بأنه “عاطفة نفسية جامحة تسوق الفاعل إلى ارتكاب جريمته تحت تأثير فكرة مقدسة لديه”.[5]
[1] ” سوريا: تسجيل قرابة 350 حالة انتحار منذ بداية 2021″، سوريون من أجل الحقيقة والعدالة في 10 أيلول/سبتمبر 2022. آخر زيارة بتاريخ 14 تشرين الثاني/نوفمبر 2022. https://stj-sy.org/ar/%d8%b3%d9%88%d8%b1%d9%8a%d8%a7-%d8%aa%d8%b3%d8%ac%d9%8a%d9%84-%d9%82%d8%b1%d8%a7%d8%a8%d8%a9-350-%d8%ad%d8%a7%d9%84%d8%a9-%d8%a7%d9%86%d8%aa%d8%ad%d8%a7%d8%b1-%d9%85%d9%86%d8%b0-%d8%a8%d8%af%d8%a7/
[2] ” سوريا: سبع جرائم قتل بحق نساء خلال كانون الثاني وشباط 2022″، سوريون من أجل الحقيقة والعدالة في 3 آذار/مارس 2022. آخر زيارة بتاريخ 14 تشرين الثاني/نوفمبر 2022. https://stj-sy.org/ar/%d8%b3%d9%88%d8%b1%d9%8a%d8%a7-%d8%b3%d8%a8%d8%b9-%d8%ac%d8%b1%d8%a7%d8%a6%d9%85-%d9%82%d8%aa%d9%84-%d8%a8%d8%ad%d9%82-%d9%86%d8%b3%d8%a7%d8%a1-%d8%ae%d9%84%d8%a7%d9%84-%d9%83%d8%a7%d9%86%d9%88%d9%86/
[3] تتراوح مدة الحبس التكديري بين يوم وعشرة أيام (المادة 60 من قانون العقوبات السوري).
[4] المرسوم التشريعي رقم 37 القاضي بإلغاء المادة 548 من قانون العقوبات المتعلقة بالشرف.
[5] نقض – سوري. 1983. مجلة المحامون. الإصدار 1 و 2.