1. مقدمة:
يتجلى المعنى العميق للنظام الديمقراطي في مشاركة جميع المواطنين/ات في القرار السياسي، حيث تتوفر في هذا النظام مجموعة من العناصر المتكاملة والتي تشمل مبدأ الفصل بين السلطات الثلاث، وسيادة القانون واستقلال القضاء، وحقّ المشاركة في الشؤون العامّة، واعتبار الشعب مصدر الشرعية والسلطات جميعها، واحترام حقوق الإنسان، وحماية حرية التفكير والتعبير وحق التنظيم، وحرية الصحافة والنشر، وتأليف الجمعيات الأهلية والنقابات والأحزاب السياسية، وحرية الاعتقاد وممارسة الشعائر الدينية، وحرية التظاهر والإضراب السلميين، وعدم الاستئثار بالسلطة وتركيزها لصالح فئة أو جهة أو مركز واحد، وتوسيع دائرة اتخاذ القرار في المستويات كافة، ووجود مؤسسات تنفيذية تمثيلية تدير شؤون المواطنين/ات في المناطق المختلفة بهدف الوصول إلى تنمية مستدامة ومتوازنة وعادلة.[1]
وفي هذا السياق تُعتبر المشاركة السياسية هي جوهر كل سياسة؛ كبيرة أو صغيرة، وأنها قلب الديمقراطية، وتأتي أهميتها من حيث إنها تحول دون الاستبداد بالسلطة وتمنع انحرافها، وتمكّن الشعوب من اختيار من يحقق طموحاتها، ومن ثمّ مراقبته وتوجيهه، وتساهم في تعزيز مسؤولية المواطن/ة تجاه المجتمع وانتمائه له، وتساعد المواطن/ة في تعزيز قدرته على إيصال طلباته وتوصياته لصناع القرار.
كما تؤثر المشاركة السياسية على الأفراد وعلى السياسة العامة للدولة على حد سواء، فعلى مستوى الفرد تنمي الشعور بالكرامة والقيمة والأهمية السياسية، وتنبه كلّا من الحاكم والمحكوم إلى واجباته ومسئولياته، وتنهض بمستوى الوعي السياسي.[2]
وفي سوريا، يتبع النظام السلطوي الحالي سياسية مركزية مطلقة في الحكم والقيادة من خلال سيطرته على جميع مناحي الحياة، وتغلغل أجهزته الأمنية داخل الدولة والمجتمع، مع إعطائها صلاحيات واسعة للسيطرة على جميع الأنشطة، انحدرت معها مؤشرات الحكم الرشيد، وأثرت هذه الإجراءات والسياسات الممنهجة في تدني المشاركة الجماهيرية في صياغة القرار وتنفيذه إلى حدّ الانعدام، وتراجعت سيادة القانون على حساب انتشار المحسوبية والرشاوي وغياب وسائل الإعلام المستقلة. وفي إطار هذا التراجع الحاد في ممارسات الحكم ومنظومته، كانت عوامل المظلومية والكره الدفين والمتراكم لأساليب الحكم الفاشلة قد بدأت بالظهور للسطح، وأثمرت عن حراك شعبي واسع النطاق في عام 2011.
مثّلَ هذا الحراك رفضاً واضحاً لأساليب الحكم الفاشلة، ونادى بالتعددية السياسية وسيادة القانون ووحدة الشعب السوري، ورفض ممارسات الفساد والإفساد المنظّم، وطالب بالعدالة الاجتماعية والإنصاف والحياة الكريمة، سواء في الجانب الاقتصادي أو الاجتماعي أو السياسي.
في المقابل ومع بدء ظهور مؤسسات المعارضة السورية عقب خروج مناطق واسعة من سوريا من تحت سيطرة الحكومة المركزية في دمشق، لم تقدم الأشكال الجديدة نموذجاً جيداً يمكن أنّ يشكّل بديلاً مقبولاً من عموم السوريين/ات، إلاّ في بعض السياقات المحددة وعلى مستوى بعض المجلس المحلّية في سوريا. فمؤسسات المعارضة السورية والمتمثلة في الائتلاف الوطني لقوى الثورة السورية، والحكومة السورية المؤقتة، والهيئة العليا للتفاوض واللجنة الدستورية، شهدت محاصصة وتدخلاً خارجياً صارخاً في اختيار وتعيين معظم أفراد تلك الأجسام، وغياب تداول فعلي للسلطة، من دون مشاركة أو انخراطاً فعلياً للأحزاب والكيانات السياسية والمستقلين/ات. على سبيل المثال، في الانتخابات الأخيرة لتعيين رئيس جديد للائتلاف الوطني لقوى الثورة، تم فرض ممثلين من أطراف إقليمية، كما اعتمدت الانتخابات على التفويض من الشخصيات النافذة دون المشاركة المباشرة من الأعضاء الموجودين في الائتلاف (ممن تم تعيينهم أيضاً من قبل أطراف أخرى دون انتخاب).[3]
كذلك الحال بالنسبة للمناطق الخاضعة لسيطرة قوى الأمر الواقع المنفردة بالسلطة، والتي على الرغم من وجود بعض الأطر النظرية فيها للمشاركة السياسية إلا أنها تمنع فعلياً أي مشاركة سياسية تخرج عن الأطر التي ترسمها السلطة الفعلية المركزية، وقد فشلت جميعها في تقديم نموذج للمشاركة السياسية الحقيقية يمكن الاستناد عليه في خطة العمل لمستقبل سوريا.
رغم أن المرحلة التي تمر بها سوريا الآن غير مستقرة وغير واضحة المعالم، لكنها تمثل بالنسبة إلى كثير من السوريين/ات مرحلة المخاض التي لا بد من دخولها، للوصول إلى مرحلة مستقبلية لسوريا. في هذا السياق يشددّ البعض على أهمية ملفات العدالة والمساءلة، وعودة النازحين واللاجئين، وإعادة الممتلكات إلى أصحابها الحقيقيين، وتفعيل دور المجتمع المدني، لضمان المشاركة الفاعلة لجميع السوريين/ات في عملية بناء سوريا القادمة.
2. خلفية الورقة:
كتبت هذه الورقة كجزء من مشروع أوسع تنفذه “سوريون من أجل الحقيقة والعدالة” تحت اسم: “تجسير الهوة بين السوريين/ات واللجنة الدستورية”، حيث تمّ إصدار عدد من الأوراق التي تمحورت حول العدالة الانتقالية وضرورتها كضمانة للوصول إلى سلام مستدام، والعدالة الاجتماعية وكيف تحوّلت مبادئها في سوريا إلى نصوص نظرية مهملة، وأيضاً تمّ نشر ورقة حول العدالة الانتقالية المراعية لاعتبارات النوع الاجتماعي كمطلب أساسي لدعم المسار الانتقالي.
تناقش “سوريون” في هذه الورقة طبيعة المشاركة السياسية في سوريا ومدى ضمان الدستور والتشريعات السورية النافذة لهذه المشاركة، وتعرض الخلل الموجود في الدولة الذي أدى الى اندلاع الاحتجاجات في سوريا في عام 2011، كما تستعرض تجارب بعض الدول التي يمكن الاستفادة منها في رسم تصور مستقبلي للمشاركة السياسية لجميع مكونات الشعب السوري سواء في الأطر القانونية أو في الممارسة العملية.
تستند الورقة على ورشة خاصة، عقدت بشكل فيزيائي في شمال شرق سوريا وعبر الانترنت، ناقشت مفاهيم المشاركة السياسية وأهميتها في صياغة الدستور، وبعض التجارب المشابهة أو التي يمكن الاستفادة منها في صياغة الدستور، وبعض التحديات القانونية والدستورية، وأخيراً دور منظمات المجتمع المدني في تعزيز مفهوم المشاركة السياسية.
تنقسم الورقة إلى عدة أقسام، يستعرض أولها الحياة السياسية في سوريا، ويتناول القسم الثاني النظام السياسي في سوريا والإطار القانوني الناظم له، كما يستعرض القسم الثالث آليات الخلل في الحياة السياسية من ناحية الممارسة العملية للدولة، ثم تناقش الورقة أدوات المشاركة السياسية وكيفية تضمينها في الدستور المستقبلي لسوريا، وتنتهي الورقة بجملة من التوصيات والمقترحات من المشاركين/ات في الورشة لمشاركتها مع الجهات ذات الصلة.
3. الحياة السياسية في سوريا:
عرف السوريون/ات الأحزاب والحياة الحزبية ومارسوا العمل السياسي منذ العهد الدستوري 1908. وإبّان الحكم العثماني كثرت الجمعيات السياسية التي كانت بمثابة أحزاب.[4] ثم واجهت الحياة السياسية في سوريا خلال مرحلة الانتداب الفرنسي ضغط السلطات الفرنسية، ولكن حتى مع انتهاء الانتداب، لم يضمن جلاء الفرنسيين الاستقرار السياسي، حيث شكّلت فترة الانقلابات ضربة للحياة السياسية في سوريا. حملت فترة ما بعد الاستقلال السياسي خلال الخمسينيات الكثير من التغييرات السياسية المفصلية، فقد مال السوريون نحو الأحزاب “المعادية للغرب”، كما استطاعت الأحزاب الأيديولوجية البروز، وظهر عجز المجتمع السياسي السوري في الوصول إلى عقد يضم مختلف الأحزاب والكتل البرلمانية، وصار الدستور حينها عرضة للتغيرات الدائمة والدورية مما أدى إلى استقالة الحكومات بصورة متكررة. كذلك أثرت الحرب الإسرائيلية الأولى مباشرة على الحياة السياسية في سوريا حيث شكل الاهتمام بالقدرات العسكرية في بناء الجيش وقسم الاستخبارات الهم الأكبر بالنسبة للنخبة الحاكمة على حساب الاهتمام بهياكل المؤسسات الدستورية الأخرى وهو ما سبب إضعاف المؤسسات الديمقراطية الهشّة.[5]
وشكّلت الوحدة مع مصر في 1958، انتكاسة أخرى لدور الأحزاب السياسية والمشاركة السياسية بالعموم، بعد فرض الجانب المصري على الجانب السوري ضرورة حل الأحزاب السياسية وتكفلت الدولة بدور تمثيل المجتمع وتحكمت بتوجيهه، وشملت هذه الفترة حلّ جميع الأحزاب السياسية في سوريا.
بعدها ببضع أعوام، شكّل صعود النخبة العسكرية ذات التوجهات الأيديولوجية –التي تمثّلت في انقلاب 1963– الضربة القاسمة للحياة السياسية في سوريا إذ استهل حزب البعث العربي الاشتراكي حكمه بإعلان قانون الطوارئ وحظر الأحزاب السياسية، وأصبحت السلطات الثلاث التشريعية والتنفيذية والقضائية في قبضة السلطة العسكرية.
وبعد انقلاب 1970 الذي قاده حافظ الأسد ومجموعة من الضباط الآخرين، تم اعتماد دستور عام 1973 الذي نصّت المادة الثامنة منه على أنّ حزب البعث العربي الاشتراكي هو “قائد الدولة والمجتمع” وتمّ الدمج القسري بين الحزب وبين مؤسسات الدولة وبنيتها وميزانيتها، فقُضي رسمياً على العمل السياسي الحرّ في سوريا، وطغت سياسة الولاء على سياسة الكفاءة في العمل. كما أنّ صعود النخب العسكرية داخل حزب البعث نفسه أقصى النخب المثقفة البعثية عن دوائر صنع القرار، وتوقف نشاط المجتمع المدني الذي كان يتشكل بفعل قنوات التواصل بين الممثلين سواء في مؤسسات الدولة أو البرلمان. [6]
واستمر هذا الوضع فعلياً إلى عام 2011 حين أصدر الرئيس بشار الأسد قانون الأحزاب لعام 2011، الذي سوف نناقشه في هذه الورقة.[7]
في المقابل، تعرضت الأحزاب السياسية السورية في الثلث الأخير من القرن العشرين لسلسلة من الانقسامات، ما جعلها أحزاباً صغيرة بلا حافز يدفعها لخوض العمل وفق برامجها المكتوبة على الورق. لا يستثنى من ذلك حزب البعث على الرغم من كثرة أعضائه والصلاحيات التي يتمتع بها على أجهزة الدولة والنقابات. لقد مارست الأجهزة الأمنية الرقابة على خلايا الحزب نفسه ووقفت بالمرصاد لكل فرد أو مجموعة أو حزب يعلن رأياً يخالف مصالح تلك الأجهزة.[8]
هناك أسباب جوهرية دفعت باتجاه ضعف الأحزاب والحراك السياسي في سوريا، منها التغيرات الاقتصادية والاجتماعية التي أثرت على البنى الاجتماعية، حيث فشل القطاع العام بسبب الفساد والبيروقراطية والمحسوبية ولم يتمكن من الوصول إلى المساواة الاجتماعية. كما فشلت الحكومات السورية المتعاقبة في مرحلة ما بعد الاستقلال في إدارة الكثير من الملفات الداخلية والخارجية، وعلى رأسها القضية الفلسطينية المحورية لدول المنطقة حينها. أدى هذا إلى ظهور وتنامي تيارات الإسلام السياسي، والذي تسبب بدوره في ازدياد قبضة العسكر على الحريات والحياة المدنية. تصاعد هذا النهج في السبعينيات والثمانينيات وخصوصاً بعد “أحداث حماه” التي أدّت بالناس إلى تجنب السياسة والعزوف عن المشاركة السياسية.
وبسبب الاستقطابات الداخلية والخارجية فقدت الأحزاب روافدها الشبابية لصالح الاستقطاب الديني والاستقطاب الأمني.[9]
4. النظام السياسي في سوريا:
يستمدّ النظام الحالي في سوريا أصوله من انقلاب 1963 الذي قام به حزب البعث العربي الاشتراكي، ومن دستور عام 1973 الذي أرسى انقلاب حافظ الأسد لعام 1970 وثبّت الدور القيادي لحزب البعث مع السماح لبعض الأحزاب الصغيرة والضعيفة في الاضطلاع بدور ضئيل في الجبهة الوطنية التقدمية. أدى هذا الدور القيادي إلى خلق دائرة ضيقة محيطة بالنظام السياسي، ومبينة على اعتبارات طائفية قائمة على المصالح، مقوضاً مؤسسات الدولة وحتى دور حزب البعث نفسه “كحزب قائد للدولة والمجتمع”.
وفي عام 2000 مُنِحَ بشار الأسد ثقة مجلس الشعب وتم تعيينه رئيساً للجمهورية بعد تعديل الدستور في غضون دقائق، وتم منحه الرتبة العسكرية الأعلى في البلاد، كما منحه حزب البعث صفة الأمين العام القطري للحزب.[10]
كما استعانت السلطات السورية على مدار 40 سنة بحالة الطوارئ في قمع أنشطة المنظمات غير الحكومية ونشاطات المدافعين عن حقوق الإنسان والمهتمين بالشأن العام. أفرغ هذا النهج المجتمع من أي مشاركة سياسية.
على الرغم من إلغاء حالة الطوارئ في عام 2011، والتي كانت تضع جميع السياسات في يد السلطة التنفيذية المتمثلة في رئيس الجمهورية، إلا أنّ العديد من المواد الدستورية الحالية أيضاً تضمن لرئيس الدولة اليد العليا، كالمادة 111 من الدستور التي تقول بقدرة رئيس الجمهورية على حلّ مجلس الشعب بقرار معلّل يصدر عنه، والمادة 117 التي تنص على أنه لا يمكن لمجلس الشعب محاسبة رئيس الجمهورية عن تصرفاته وأعماله إلا في حالة الخيانة العظمى. أضف إلى ذلك أن رئيس الجمهورية يسمي قضاة المحكمة الدستورية العليا التي لا تملك الاستقلالية اللازمة لضمان مصداقيتها وعدالتها. كذلك فإن قانون مكافحة الإرهاب رقم 19 لعام 2012 يعتبر بمثابة إعلان جديد لحالة الطوارئ، ثم أحدثت “المحكمة الناظرة في قضايا الإرهاب” بموجب القانون رقم 22 لعام 2012 لتحل محل محكمة أمن الدولة العليا والتي تم إلغاؤها بموجب المرسوم التشريعي رقم 53 لعام 2011.[11]
5. الإطار القانوني للنظام السياسي في سوريا:
تنظم الحياة السياسية في سوريا –من حيث المبدأ– من خلال الأطر القانونية المتمثلة بشكل أساسي في الدستور وقانون الأحزاب وقانون الانتخابات والمحكمة الدستورية العليا:
5.1. الدستور:
يحمي الدستور السوري[12] –نظرياً– الكثير من الحقوق الأساسية، كالمشاركة في الحياة السياسية وحرية التعبير وحرية تكوين الجمعيات مع الآخرين. تنص المادة 34 من الدستور على أنه لكل مواطن حق الإسهام في الحياة السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية. وتنص المادة 42 الفقرة 2 على أن لكل مواطن الحق في أن يعرب عن رأيه بحرية وعلنية بالقول أو الكتابة أو بوسائل التعبير كافة. وتنص المادة 44 على أنه للمواطنين حق الاجتماع والتظاهر سلمياً والإضراب عن العمل في إطار مبادئ الدستور.
كما يسمح الدستور بتشكيل الأحزاب والجمعيات. تنص المادة 8 منه على أن النظام السياسي للدولة يقوم على مبدأ التعددية السياسية، وتتم ممارسة السلطة ديمقراطياً عبر الاقتراع؛ تسهم الأحزاب السياسية المرخصة والتجمعات الانتخابية في الحياة السياسية الوطنية، وعليها احترام مبادئ السيادة الوطنية والديمقراطية. أما المادة 45 فتنص على حرية تكوين الجمعيات والنقابات، على أسس وطنية ولأهداف مشروعة وبوسائل سلمية، مكفولة وفقاً للشروط والأوضاع التي يبينها القانون.
إلا أن الدستور نفسه يتضمن العديد من المواد المتناقضة. فمثلاً تنص ديباجة الدستور على أن الجمهورية العربية السورية تعتز بانتمائها العربي، وبكون شعبها جزءاً لا يتجزأ من الأمة العربية مجسدة هذا الانتماء في مشروعها الوطني والقومي، وفي العمل على دعم التعاون العربي بهدف تعزيز التكامل وتحقيق وحدة الأمة العربية. تتجاهل هذه الديباجة المكونات السورية الأخرى مثل الكردية والأرمنية والآشورية والتركمانية وتضعها في خانة القومية العربية. فبينما تذكر المادة 8 من الدستور أنه لا يجوز مباشرة أي نشاط سياسي أو قيام أحزاب أو تجمعات سياسية على أساس ديني أو طائفي أو قبلي أو مناطقي أو فئوي أو مهني، أو بناءً على التفرقة بسبب الجنس أو الأصل أو العرق أو اللون، إلا أن الديباجة المذكورة تجعل من القومية العربية المحرك الأساس في كيان الدولة السورية، كما أن قانون الأحزاب في سوريا قد سمح بنشاط حزب البعث العربي الاشتراكي، وجعله مع باقي أحزاب الجبهة الوطنية التقدمية أحزاب مرخصة حكماً.[13]
كذلك استبعدت المادة 3 من الدستور غير المسلمين من تولي رئاسة الجمهورية وفرضت أن يكون دين رئيس الجمهورية الإسلام مما يتناقض مع المادة 33 التي تنص على أن المواطنين متساوين في الحقوق والواجبات، لا تمييز بينهم في ذلك بسبب الجنس، أو الأصل أو اللغة أو الدين أو العقيدة. بالإضافة إلى ذلك، وعلى الرغم من نص الدستور في المادة 24 على أن الدولة توفر للمرأة جميع الفرص التي تتيح لها المساهمة الفعالة والكاملة في الحياة السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية، وتعمل على إزالة القيود التي تمنع تطورها ومشاركتها في بناء المجتمع، إلاّ أن المادة 84 تحرمها من الحق في الترشح لرئاسة الجمهورية حيث يشترط في المرشح ألا يكون رجلاً متزوجاً من غير سورية.
5.2. قانون الأحزاب:
صدر قانون الأحزاب في سوريا في عام 2011[14]، حيث يعتبر القانون أنّ لمواطني الجمهورية العربية السورية الحق في تأسيس الأحزاب السياسية والانتساب إليها.
يحدد القانون شروط تشكيل الأحزاب السياسية في المادة 5 ولكن هذه المادة تنص على عدم جواز قيام الحزب على أساس ديني، أو قبلي، أو مناطقي، أو فئوي، أو مهني، أو على أساس التمييز بسبب العرق، أو الجنس، أو اللون. تتعارض هذه المادة مع وجود حزب البعث ذاته لكونه حزباً عربياً. وحيث أن سوريا بلد متعدد الأعراق والطوائف والأديان فسيكون من الطبيعي أن نجد أحزاب أو تجمعات تحمل صبغة دينية أو عرقية، مثلاً المكون الايزيدي في سوريا كطائفة دينية لها منهج عقائدي خاص سيكون من الطبيعي أن يكون لها جهة تمثل آرائها وتطلعاتها.
تنص المادة ذاتها على وجوب ألا تنطوي وسائل الحزب على إقامة تشكيلات عسكرية أو شبه عسكرية، علنية أو سرية، أو استخدام العنف بأشكاله كافة أو التهديد به أو التحريض عليه، في حين أن حزب البعث هو يعمل في الجيش والقوات الأمنية المختلفة، ويستخدم قوات شبه عسكرية ولاحقاً مجموعات عسكرية مثل كتائب البعث.
أما بالنسبة إلى المادة 7، فتنص على أن لجنة شؤون الأحزاب تبت بطلبات تأسيس الأحزاب أو تعديل أنظمتها الداخلية وتتكون من وزير الداخلية رئيساً، وقاضٍ يسميه رئيس محكمة النقض عضواً، إضافة لثلاث شخصيات عامة مستقلة يسميهم رئيس الجمهورية وبهذا يكون القانون قد أعطى رئيس الجمهورية القدرة على التدخل في عمل اللجنة.
كذلك تنص المادة 6 على عدم اكتساب أيّ تنظيم صفة الحزب، وعدم جواز ممارسة أيّ نشاط سياسي ما لم يتم استكمال شروط تأسيسه وإجراءاته. عملياً، هذا غير ممكن لأن الحزب السياسي يبدأ بفكرة ومجموعة أفراد قبل أن تتطور وتتحول إلى مرحلة التنظيم والتأسيس القانوني وهو ما قد يستغرق عدة سنوات.
أخيراً، تشير المادة 13 إلى أنه يتوجب بالمنتسب للحزب أن يكون متمتعاً بحقوقه السياسية والمدنية وغير محكوم عليه بجناية أو جنحة شائنة، مما يسبب حرمان الكثير من السوريين/ات من حقهم في الانتساب للأحزاب خاصة في ظل الاعتقالات التعسفية للمعارضين/ات للحكومة.
5.3. قانون الانتخابات:
القانون رقم 5 لعام 2014[15] هو القانون الناظم للعملية الانتخابية، والملاحظ أنه صدر في ذروة الصراع في سوريا بعد أن باتت مناطق واسعة خارج سيطرة الحكومة السورية.
وبالإضافة إلى توقيت إعلان القانون، يحوي الأخير بعض المواد الإشكالية. تنص المادة 4 على سبيل المثال على أنّ كل مواطن أتم الثامنة عشرة من عمره يتمتع بحقّ الانتخاب أو الاستفتاء ما لم يكن محروماً من هذا الحق أو موقوفاً عنه. تحرم هذه المادة المعارضين للحكومة الذين تم اعتقالهم من الحق بالانتخاب. إضافة إلى أن المادة 30 التي تنص على أن المرشح لرئاسة الجمهورية يجب أن يكون مقيماً في سوريا مدّة لا تقل عن عشر سنوات إقامة دائمة متصلة تحرم كل السوريين الذين اضطروا لمغادرة البلاد بسبب النزاع من حقهم في الترشح.
وهناك عدة مواد في هذا القانون تساهم في فرض هيمنة السلطة التنفيذية على باقي القطاعات. كالمادة 15 التي تمنح الحق للمحافظ بإصدار قرارات تشكيل اللجان الانتخابية في كل مركز انتخابي، مع العلم أن المحافظ نفسه يتم تعيينه من قبل رئيس الجمهورية،[16] والمادة 28 التي تنص على أن إعداد السجل الانتخابي العام يتم على مستوى الجمهورية العربية السورية من قبل وزارة الداخلية بالتنسيق مع وزارتي العدل والإدارة المحلية والمكتب المركزي للإحصاء، وكلها هيئات من دعائم السلطة التنفيذية في البلاد. كذلك تنص المادة 34 على أن المحكمة الدستورية العليا تشرف على انتخاب رئيس سوريا، ومن المعلوم أنّ المحكمة الدستورية الحالية تم تعيينها من قبل رئيس الجمهورية الحالي.
بالإضافة لما سبق، تجدر الإشارة إلى أن المادتين 22 و24 من هذا القانون تنصان على أنّ خمسين بالمئة من أعضاء مجلس الشعب ومجالس الإدارة المحلية هم من قطاعَي العمال والفلاحين، وبذلك تحفظ هذه المادة سيطرة حزب البعث في هذه المجالس لأن نقابات العمال والفلاحين هي أدوات بيد حزب البعث.
5.4. القانون رقم 7 لعام 2014 الناظم لعمل المحكمة الدستورية العليا:
يفترض بالمحكمة الدستورية العليا أن تكون هيئة قضائية مستقلة تسعى إلى تحقيق التوازن بين حقوق الأفراد والجماعات، وحقوق الأكثرية والأقلية، وإلى توفير منصة للمواطنين تمكنهم من رفع الشكاوى في حال انتهاك حقوقهم المحمية دستورياً. وتعتبر الملاذ الأخير الذي يفترض أن يلجأ إليه كل من مُسّت حقوقه الدستورية وعجزت وسائل التقاضي العادية عن إنصافه، مما يفترض أن يساهم بشكل كبير في الفصل بالخلافات والحيلولة دون تحوّلها إلى نزاعات طويلة الأمد بشكل يهدد استقرار عمل مؤسسات الدولة.
تؤكد نص المادة 1 من القانون رقم 7 لعام 2014 والمعروف باسم قانون المحكمة الدستورية العليا[17] على استقلالية المحكمة عن أي سلطة أخرى، ولكن عملياً تقوّض مواد القانون الأخرى هذه الاستقلالية. تنص المادة 3 على أن رئيس الجمهورية هو من يعين أعضاء المحكمة.[18] أي أنّ آلية تعيين أعضاء المحكمة الدستورية العليا في سوريا، والتي من المفترض أن تكون أعلى سلطة قضائية، تشكّل خرقاً لمبدأ الفصل بين السلطات وتعدياً من قبل رأس السلطة التنفيذية (رئيس الجمهورية) على أعمال السلطة القضائية. كما أن منح رئيس الجمهورية سلطات مطلقة في تعيين واختيار أعضاء المحكمة يجعل منهم موظفين إداريين بحكم الواقع وليس هيئة قضائية مستقلة، ويصبحون عرضة للاستبدال في أي وقت دون وجود ضوابط ومعايير استقلالية.
ومع أن المحكمة الدستورية بحسب المادة 11 تختص بمسألة الرقابة على دستورية القوانين والمراسيم التشريعية واللوائح والأنظمة، إلا إنه لم يصدر عنها حتى تاريخ كتابة هذا التقرير أي قرار يلغي أو يبطل أي من التشريعات السورية التي تتعارض مع الدستور السوري رغم كثرتها،[19] باستثناء القرار الذي صدر عنها عام 2019 القاضي بإلغاء بعض مواد مشروع قانون مجلس الدولة، وذلك بعد الانتقادات التي واجهتها الحكومة السورية بخصوص الجدوى من وجود هذه المحكمة طالما أنها لم تقم بأي عمل خلال مدة تقارب نصف قرن من الزمان.[20]
أخيراً، تجدر الإشارة إلى أن عدد القاضيات في المحكمة الدستورية في تمثيلها الحالي لسنة 2020 يقتصر على اثنتين فقط من أصل أحد عشر قاضياً، وقد خلا الدستور وقانون المحكمة الدستورية من أية إشارة إلى ضرورة تواجد المرأة وتمثيلها العادل في عضوية هذه المحكمة.[21]
5.5. قانون الجمعيات:
ينظم قانون رقم 93 لعام 1958[22] عمل الجمعيات والمؤسسات الخاصة، وتمّ تبنيه أثناء الوحدة بين مصر وسوريا في الجمهورية العربية المتحدة (1958 – 1961) وتأثر بأفكار تسلطية على شاكلة وجوب تحكم الدولة في المجتمع وتوجيهه وحل الأحزاب السياسية.
وفي عام 1969 عدلت السلطات السورية من بعض أحكام القانون بالمرسوم التشريعي رقم 224 (النافذ حالياً) بحيث زادت من رقابة الدولة على الجمعيات.
وأحد الأحكام الأساسية التي أضافها المرسوم التشريعي رقم 224 هو السماح للحكومة بدمج الجمعيات التي تؤدي أعمالاً متشابهة. كما أن القانون المذكور منح وزارة الشؤون الاجتماعية والعمل صلاحية حلّ أي جمعية في حال مارست نشاطاً عنصرياً أو طائفياً أو سياسياً يمسّ بسلامة الدولة دون تحديد المقصود بهذه الأنشطة، وإنما ترك الأمر لوزارة الشؤون الاجتماعية والعمل، والتي هي من أعمدة السلطة التنفيذية. وبحسب المادة 36 تعتبر قرارات الوزارة في الحالات المذكورة قطعية ولا تقبل أي طريق من طرق المراجعة.
تضمنت المادة رقم 14 في التعليمات التنفيذية تاريخ 8 آب/أغسطس 1974، الرفض الحكمي لطلبات ترخيص المنظمات غير الحكومية التي لها أهداف مماثلة مع المنظمات الشعبية؛ ولعل ذلك يوضح امتداد “فلسفة الحزب الواحد” التي كرّسها البعث حتى داخل المجتمع المدني في نموذج يجعله متطابقاً مع بنية السلطة.[23]
وقد نصّب القانون وزارة الشؤون الاجتماعية والعمل الجهة المسؤولة عن إدارة القانون، بما في ذلك ممارسة سلطة حل الجمعيات، إلا أنه عملياً كان للسلطات الأمنية يداً عليا، وذلك من خلال فرض وجوب الحصول على موافقة ثلاث أجهزة أمنية هي أمن الدولة والأمن السياسي والأمن العسكري.[24]
وبهدف الإمعان في منع الفضاء المدني السوري من أي مشاركة في الحياة السياسية، فقد منحت اللائحة التنفيذية لهذا القانون، الجهات المختصة حق البت في ترخيص أي جمعية بعد إجراء تحقيق عن المؤسسين عن طريق إدارة الأمن العام،[25] إضافة إلى حقها في أن تعين ممثل أو أكثر للوزارة في مجالس المؤسسات.[26]
5.6. قوانين وقرارات أخرى تعيق المشاركة في الحياة السياسية:
يضاف إلى هذا الإطار القانوني الناظم للحياة السياسية في سوريا، قرارات وقوانين تعيق المشاركة السياسية، فعلى مدار 40 سنة قيّد قانون الطوارئ هذه المشاركة، وكذلك فعل المرسوم رقم 109 لعام 1968 الخاص بإحداث محاكم الميدان العسكرية، والمرسوم رقم 47 لعام 1968 الخاص بإحداث محكمة أمن الدولة العليا والتي تم إلغاؤها عام 2011 والاستعاضة عنها بإنشاء محكمة مكافحة الإرهاب بموجب القانون رقم 22 لعام 2012.
كُلّفت المحكمة –التي تتخذ من وزارة العدل مقراً لها– بمحاكمة المدنيين والعسكريين على السواء عند تعلق التهم بـ”الإرهاب”. تستغل المحكمة الأحكام الفضفاضة لقانون مكافحة الإرهاب –الذي بدأ العمل به في يوليو/تموز 2012– لإدانة نشطاء سلميين بتهمة مساعدة الإرهابيين في محاكمات تنتهك الحقوق الأساسية في الإجراءات القضائية العادلة.[27]
وعلى صعيد مشابه، ينص القانون رقم 14 لعام 1969 على عدم جواز ملاحقة أي من العاملين في الإدارة عن الجرائم التي يرتكبونها أثناء تنفيذ المهمات المحددة الموكلة إليهم أو في معرض قيامهم بها إلا بموجب أمر ملاحقة يصدر عن المدير.[28]
بالإضافة إلى القوانين والقرارات الموجودة، شكّل الحضور الكبير للأجهزة الأمنية التي تمارس دور الرقيب على حياة المواطن السوري في الداخل والخارج، المانع الفعلي لأي مشاركة أو مطالبة بالمشاركة. تمتلك هذه الأجهزة الأمنية حصانة قانونية نص عليها المرسومان التشريعيّان رقم 64 لعام 2008 ورقم 61 لعام 1950.
6. المشاركة السياسية في سوريا في ضوء القرارات الدولية المتعلقة بسوريا:
تواجه المشاركة السياسية في سوريا عراقيل متعددة، ابتداءً من التمييز لأسباب مختلفة مثل الجنس أو اللغة أو الدين أو الرأي السياسي أو الأصل القومي أو الإثني أو الاجتماعي وغيرها، فضلاً عن عدم المساواة في الوصول إلى حقوق الإنسان الأخرى التي تعيق عملياً ممارسة الحق في المشاركة السياسية.
مع اندلاع الاحتجاجات في سوريا والتصدي لها بالعنف من قبل الأجهزة الأمنية والجيش، أصدرت الجمعية العامة في 16 شباط/فبراير 2012 القرار رقم 66/253 الذي طالب الأمم المتحدة بأن تشارك جامعة الدول العربية في دعم التوصل إلى حل سلمي للنزاع من خلال عملية انتقالية سياسية. كذلك جاء القرار رقم 2042 لعام 2012 في 14 نيسان/أبريل 2012 الذي ينص على الالتزام بالعمل مع المبعوث الخاص المشترك للأمم المتحدة في عملية سياسية شاملة تقودها سوريا لتلبية الاهتمامات المشروعة للشعب السوري.
وفي 30 حزيران/يونيو 2012، توصلت مجموعة العمل من أجل سوريا إلى إصدار “بيان جنيف”[29] الذي دعا صراحة إلى البدء بعملية سياسية بقيادة سوريّة تفضي إلى عملية انتقالية تلبي التطلعات المشروعة للشعب السوري. كما اتفقت الأطراف المشاركة على خطة من ست نقاط تضمنت مبادئ توجيهية لعملية انتقالية سياسية. كما نص البيان على ضرورة إعادة النظر في النظام الدستوري والمنظومة القانونية، وأن تمثل المرأة تمثيلاً كاملاً في جميع جوانب العملية الانتقالية. وفي 30 تشرين الأول،أكتوبر 2015 صدر بيان فيينا بشأن سوريا الذي دعا إلى جمع ممثلي الحكومة والمعارضة في سوريا في عملية سياسية تفضي إلى تشكيل حكومة ذات مصداقية وشاملة وغير طائفية، على أن يعقب تشكيلها وضع دستور جديد وإجراء انتخابات.[30] هذا إضافة إلى القرار 2254 لعام 2015 الذي دعا إلى الدخول في مفاوضات رسمية بشأن عملية انتقال سياسي، لتحقيق تسوية سياسية دائمة تستجيب لمتطلبات الحوكمة وأعلى المعايير الدولية من حيث الشفافية والمساءلة وتشمل جميع السوريين الذين تحق لهم المشاركة، وقد شدد القرار على ضرورة قيام جميع الأطراف في سوريا باتخاذ تدابير لبناء الثقة من أجل المساهمة في فرص القيام بعملية سياسية وتحقيق وقف دائم لإطلاق النار.[31]
نرى مما سبق أن القرارات الأممية التي صدرت بخصوص سوريا نتيجة الصراع الدائر فيها منذ عام 2011 قد ركزت بشكل كبير على ضرورة تشكيل حكومة شاملة غير طائفية، ووضع دستور جديد للبلاد، وإجراء انتخابات حرة وحقيقية، وتحقيق التعددية الحزبية، وضمان سيادة القانون وغيرها من الأساسيات التي تضمن المشاركة الفاعلة للسوريين/ات في الحياة السياسية.
7. أدوات تحقيق المشاركة السياسية:
توجد فجوة واسعة بين الأحكام النظرية الواردة في الدستور السوري لعام 2012 الذي ينص على أهمية حماية حقوق الإنسان والأقليات، وبين تطبيقها في الواقع. أدى ذلك إلى فقدان المواطنين/ات الثقة بهذا الدستور واعتبار أحكامه مجرد وعود لتهدئة الحراك، وإلى تقويض إيمانهم بقدرته على أن يكون الوثيقة القانونية التي تقود المرحلة الانتقالية.
ترى معظم الأطراف الفاعلة على الساحة السورية بوجوب اعتماد دستور جديد للبلاد أو تعديل الدستور الحالي في إطار الحل السياسي. وعليه، أُنشئت اللجنة الدستورية السورية بموجب القرار رقم 2254 لعام 2015 المذكور آنفاً. تمَّ الإعلان رسمياً عن اللجنة بعد مؤتمر الحوار الوطني الذي انعقد في سوتشي/روسيا عام 2018 كجزء من استراتيجية دولية لحل النزاع السوري. تشمل هذه الاستراتيجية إنشاء حكومة انتقالية غير طائفية ذات مصداقية، ووضع جدول زمني لمسودة دستور جديد، وإجراء انتخابات حرة ونزيهة بعد وضع الدستور، وخوض حرب موحدة ضد الإرهاب. رأت اللجنة أنَّ عملية كتابة الدستور أو تنقيحه لا بدَّ منها أولاً لتحديد الخطوات اللازمة لتنفيذ الخطوات الأخرى.[32]
رافق تشكيل اللجنة الدستورية، الكثير من الأخذ والرد والفيتو على الشخصيات والمكونات المشاركة من قبل الأطراف الراعية، وعلى الرغم من القيام بعدة جولات بين أطراف اللجنة الدستورية من دون تحقيق أي تقدم أو حتى مناقشة أمور تتعلق بالدستور وحياة السوريين/ات، إلا أنها كانت خطوة إلى الحل وفرصة للسوريين لمناقشة الدستور وعمل اللجنة الدستورية وتقديم أفكار ورؤى حول ما يجب تضمينه أو تعديله، وما يجب أخذه بعين الاعتبار لضمان تحقيق ذلك.
وضمن هذا السياق ناقشت الورشة التي نظمتها “سوريون” حول المشاركة السياسية في سوريا جملة من الآراء والأفكار وقدمت بعض المقترحات نعرضها في الفقرات التالية.
7.1. اختيار أعضاء اللجنة الدستورية:
كان تشكيل اللجنة الدستورية عبارة عن محاصصة دولية، بعيدة عن الكفاءة والتخصص والتمثيل،[33] فلم توجد آليات شفافة محددة للاختيار أو تمثيل لجميع مكونات الشعب من دون تهميش أو إقصاء حيث تم استبعاد الكرد وسكّان منطقة شمالي شرق سوريا ومنعت أنقرة أي عضو من الإدارة الذاتية لشمال وشرق سوريا من المشاركة في اللجنة.
7.2. توفير ضمانة دولية لتحقيق التغيير:
تتمثل مرجعية اللجنة الدستورية بالأمم المتحدة وليس بالدول الثلاث الضامنة (تركيا وروسيا وإيران) بحيث تكون الأمم المتحدة شريك أساسي في الإشراف على عمل هذه اللجنة، وتضمن بيئة آمنة للوصول إلى حل سياسي بين أطراف النزاع لضمان مشاركة جميع مكونات الشعب السوري ومن ضمنهم النازحين داخلياً واللاجئين في دول العالم.
7.3. الدستور وسيادة القانون:
نص الدستور السوري على نظام حكم رئاسي يمنح رئيس الجمهورية صلاحيات واسعة ويعتمد جهاز حكومي تنفيذي قوي. أما عملياً، فالنظام السائد في سوريا حلت فيه الأجهزة الأمنية محل الجهاز المدني الحكومي في كثير من مفاصل الحياة السياسية والمدنية والخدمية، وحلّت المجموعة المقربة من رئيس الجمهورية محل أدوات الحكم المعروفة والمنصوص عليها في الدستور.
ناقش المشاركون في الورشة التي أقامتها “سوريون” بأن سوريا بحاجة لدستور يفصل بين السلطات ويضمن استقلال القضاء الضامن لحقوق وحريات أفراد الشعب بكل مكوناته العرقية والدينية. يعتبر الدستور الوثيقة أو العقد الأساسي الذي لا بد أن يبرم من جديد بين أبناء الشعب السوري لأنه الضابط للحكومات وأجهزتها، ولاستقلالية القضاء ونزاهته، ولفعالية البرلمان وحيويته، ولأنه يعبر عن هوية الدولة والشعب.
يفرض مبدأ فصل السلطات تعديل قانون السلطة القضائية ليتضمن بشكل رئيسي إعادة هيكلة مجلس القضاء الأعلى بحيث تنحصر عضويته بالقضاة فقط، وأن يتم استبعاد رئيس الجمهورية ووزير العدل من مجلس القضاء الأعلى، وأن يتم اختيار رئيس المجلس وأعضائه من قبل القضاة، وأن يكون السلطة العليا الوحيدة التي تتولى شؤون السلطة القضائية، ويُمنح استقلالاً كاملاً عن سائر أجهزة الدولة ليتولى الإشراف على كافة الهيئات القضائية. وكذلك الأمر بالنسبة لإدارة التفتيش القضائي التي يجب أن تتبع مجلس القضاء الأعلى بما يسمح لها بالرقابة الفعلية على عمل أعضاء السلطة القضائية ومحاسبتهم وفرض العقوبات بحق المخالفين.
7.4. إصلاح قانون الأحزاب وإلغاء احتكار حزب البعث:
على الرغم من أن نظام الحكم في سوريا على الصعيد النظري كان نظاماً مختلطاً حزبياً مدنياً في آن معاً، إلا أنه أعطى لحزب البعث العربي الاشتراكي صلاحية ومكانة كبيرة جداً حسب دستور عام 1973 من خلال قيادته للدولة والمجتمع وترشيح رئيس الجمهورية من قبل القيادة القطرية لذلك الحزب.
خلال الورشة التي عقدتها “سوريون”، تركز النقاش على نظام الأحزاب وتأسيس منظومة تضمن التعددية الحزبية وتفتح المجال للأحزاب للمشاركة الفعالة في السلطة، إلى جانب وضع أسس ومعايير لأي عملية انتخابية قادمة، بحيث تضمن تمثيل حقيقي لكافة شرائح المجتمع وتضمن مشاركة عادلة لكافة المحافظات والمدن السورية، بحيث تنتج العملية الانتخابية مجلس نواب يعبر بحق عن الشعب السوري.
لذا لا بد من وجود قانون انتخابي يدعو إلى إجراء انتخابات أولية لجمعية دستورية ذات تمثيل شعبي واسع تشرف على وضع الدستور المستقبلي لسوريا. كذلك يجب أن يتضمن الدستور الجديد مواداً تتناول كيفية تغيير النظام الانتخابي المؤقت، حيث يحدد الدستور كيفية الانتقال للانتخابات المستقبلية، كما يجب أن تراعي الاقتراحات المتعلقة بالنظام الانتخابي القواعد الدولية السائدة وأفضل الممارسات المطبقة في الانتخابات الديمقراطية، بما فيها تلك التي تلحظها مختلف الوثائق الصادرة عن الأمم المتحدة وفي مقدمتها العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية لعام 1966، وخاصة المادة رقم 25 التي تنص على الحق في المشاركة في الشأن العام وحق الانتخاب وحق التمتع بالوصول إلى الخدمات العامة.
7.5. الإصلاح الاقتصادي والمشاركة في الثروة:
لم تستطيع الحكومات السورية المتعاقبة منذ استلام البعث للسلطة السير ببرنامج تنموي شامل قادر على تلبية المتطلبات الأساسية للتنمية المستدامة، وعانت القطاعات الاقتصادية من انتشار الفساد والبطالة وارتفاع معدلات التضخم وعدم وجود عدالة في توزيع الثروة إلى جانب التراجع المستمر لقيمة العملة السورية.
من أبرز الأولويات العملية في المرحلة الانتقالية هي الاستجابة للحاجات المعيشية وضمان الأمن الاقتصادي للاستثمار. لذا لا بد من اقتراح خطوات محددة للانتقال بالاقتصاد السوري نحو التحرر والانفتاح، وتخفيف الأعباء والضرائب عن المواطنين، وخلق مزيد من فرص العمل، وفتح الباب أمام المستثمرين من خلال سياسات تشجع الاستثمار. كما لابد من وضع جدول زمني محدد لإعادة هيكلة القطاع العام الذي يمتاز بحالة من البيروقراطية الشديدة والفساد المعيقَين لأي تقدم اقتصادي. إن تحقيق الإصلاحات الاقتصادية المطلوبة يعزز من فرص المشاركة السياسية للسوريين.
7.6. ضمان مشاركة الأقليات:
تُعد المفاوضات مع كل الأطراف السورية ذات المصلحة بما في ذلك الأقليات الدينية والإثنية واحدة من أهم المراحل لنجاح العملية السياسية. إن إدماج الأقليات السورية يرتكز بشكل رئيسي على إصلاح نظام الإدارة لكي يسمح للأقليات بتمثيل أنفسهم في الحكومة والمشاركة بشكل فعال في كتابة الدستور. يمكن تحقيق ذلك من خلال الاتفاقيات التي صادقت عليها سوريا والتي يمكن أن تصادق عليها مستقبلاً، بالإضافة إلى إجراء تعديلات دستورية وتشريعية، مع ضمان مشاركتهم في اللجان والمؤسسات والهيئات.
توجد عدة طرق لضمان تمثيل الأقليات في الحكومة، منها التمثيل النسبي في مجالس الإدارة المحلية في مناطق وجود هذه الأقليات، أو عن طريق اللامركزية لإعادة توزيع السلطة السياسية. يرى الأكراد في سوريا ضرورة تأكيد الدستور القادم على الخصوصية القومية للشعب الكردي –وغيره من القوميات– كمكون رئيسي من مكونات الشعب السوري، وأن يتم إلغاء القوانين والمشاريع التمييزية المطبقة بحقهم وتعويض المتضررين منها (مثل مشروع الحزام العربي)، وإعادة الجنسية للمكتومين بتسجيلهم في سجلات الأحوال المدنية، واعتبار اللغة الكردية لغة رسمية في المناطق الكردية إلى جانب اللغة العربية، ودعم وتشجيع إحياء التراث الشعبي والاهتمام بالفلكلور القومي الكردي وتطويره وإغنائه كجزء رئيسي من تراث الشعب السوري.
7.7. المشاركة السياسية للمرأة:
تواجه المرأة السورية معوقات سياسية ودينية واجتماعية موروثة تحدّ من دورها في الحياة العامة، خاصة في ظل انعدام البيئة الحامية لها بالمفهومَين التقليدي والقانوني.
على سبيل المثال، تحد بنية الدولة نفسها من مشاركة المرأة، حيث تغيب مقومات الدولة المدنية التي تضمن حقوق جميع مكوناتها وفئاتها الاجتماعية. استمرت الدساتير السورية المتعاقبة في تغييب فئات ومكونات عديدة من الشعب بتكريس سياسة الإقصاء والتهميش وعدم تطبيق النصوص التي ترسخ قيم المواطنة وإطلاق الحريات.
أجمع المشاركون/ات في الورشة التي عقدتها “سوريون” على أهمية النص في الدستور السوري بشكل صريح وواضح على المساواة التامة بين الرجل والمرأة في جميع مناحي الحياة، واستخدام صياغة شاملة جنسانياً لا تنطوي على تمييز ضد جنس أو نوع اجتماعي أو هوية جنسانية معينة ولا تكرس القوالب النمطية الجنسانية، ومراجعة القوانين السورية لإلغاء أو تعديل نصوص المواد التي تكرس التمييز، والنص في الدستور على التدابير والآليات لتنفيذ نصوصه لكفالة التحقيق العملي لمبدأ المساواة من خلال التشريع أو غيره من الوسائل المناسبة، وإنشاء هيئة وطنية خاصة بالمرأة تعمل على تعزيز المساواة بين الجنسين في جميع الخطط والبرامج الحكومية ومؤسسات الدولة، وتهدف إلى تمكين المرأة، وتقوم بدور أساسي في تعزيز حقوقها، على أن تتمتع هذه الهيئة بالسلطة اللازمة لأداء وظائفها واتخاذ القرارات.[34]
7.8. التنشئة السياسية والثقافة الدستورية:
لا توجد في سوريا ثقافة سياسية حقيقية، فمنذ أكثر من خمسة عقود يتراجع دور النشاط السياسي المدني إلى درجة باتت فيها مقاومة المجتمع للسلطة العسكرية-الأمنية ضعيفة. لقد ساهمت العقود الخمسة من الحكم الشمولي في تكريس النزعات المحلية وعبادة السلطة والثروة وتغييب القانون وغياب القدرة على حل المشكلات عبر الحوار والمشاركة، هذا وقد خلت مناهج التعليم من التطرق لما يبني ثقافة سياسية سليمة تسمح للشخص بالتعبير عن رأيه بشكل حر.
لذا يمكن تحقيق المشاركة السياسية على المدى البعيد من خلال التنشئة السياسية، يأتي هذا من خلال تنمية معايير وقيم محددة، كالتركيز على سيادة القانون، والمواطنة المتساوية، وعدم التمييز على أساس الدين أو اللغة أو الجنس أو أي أساس آخر، والتداول السلمي للسلطة، ومشاركة الجميع في الحياة السياسية للبلاد. لا بد من تعزيز الوعي السياسي الديمقراطي الذي يشكل منبع التفكير والسلوك الديمقراطيين، والتنشئة السياسية عبر استحضار دورها المحوري في التربية، ومنح الاستقلالية للمؤسسات الإعلامية وتحريرها من قبضة السلطة التنفيذية المتمثلة بوزارة الإعلام.
[1] سوريون يُصدرون وثيقة فكرية سياسية حول “واقع ومستقبل سورية”، جيرون 5 تموز/ يوليو 2018: https://www.geiroon.net/2018/07/05/%d8%b3%d9%88%d8%b1%d9%8a%d9%88%d9%86-%d9%8a%d9%8f%d8%b5%d8%af%d8%b1%d9%88%d9%86-%d9%88%d8%ab%d9%8a%d9%82%d8%a9-%d9%81%d9%83%d8%b1%d9%8a%d8%a9-%d8%b3%d9%8a%d8%a7%d8%b3%d9%8a%d8%a9-%d8%ad%d9%88%d9%84/ (آخر زيارة 27 آب/أغسطس 2023).
[2] حقوق المشاركة السياسية، مركز آدم للدفاع عن الحقوق والحريات، 17 تشرين الأول/أوكتوبر 2017: https://ademrights.org/news345 .
[3] كيف أصبح هادي البحرة رئيسًا لـ”الائتلاف” قبل انتخابه، عنب بلدي، 13 أيلول/سبتمبر 2023.
https://www.enabbaladi.net/archives/659387#ixzz8DOWLTbgt (آخر زيارة 18 أيلول/سبتمبر 2023).
[4] الحياة الحزبية في سوريا 1908- 1955، محمد حرب فرزات، دمشق 1957، ص 47.
[5] السلطة والاستخبارات في سوريا، ص 35-40.
[6] المصدر السابق.
[7] خطة التحول الديمقراطي في سوريا، المركز السوري للدراسات الاستراتيجية وبيت الخبرة السوري، آب/ أغسطس 2013.
[8] عبد الله حنا، صفحات من تاريخ الأحزاب السياسية في سوريا، المركز العربي للدراسات والأبحاث ص 300-301
[9] المصدر السابق.
[10] الإصلاح في سوريا: التأرجح بين النموذج الصيني وتغيير النظام، أوراق كارنيغي، سلسلة أوراق الشرق الأوسط، رقم 69، يوليو/ تموز 2006.
[11] تقرير خاص حول قانون مكافحة الإرهاب رقم 19. مركز توثيق الانتهاكات في سوريا. نيسان/أبريل 2015: https://www.vdc-sy.info/pdf/reports/1430186775-Arabic.pdf (آخر زيارة 27 آب/أغسطس 2023).
[12] المرسوم 94 لعام 2012، الدستوري السوري، موقع مجلس الشعب السوري، 27 شباط/ فبراير 2012: http://www.parliament.gov.sy/arabic/index.php?node=5518&cat=423& (أخر زيارة 29 تموز/يوليو 2023)
[13] المادة 35 من قانون الأحزاب رقم 100 لعام 2011.
[14] المرسوم التشريعي 100 لعام 2011، قانون الأحزاب، موقع مجلس الشعب السوري، http://parliament.gov.sy/arabic/index.php?node=55105&cat=4399& (آخر زيارة 29 تموز/يوليو 2023)
[15] قانون الانتخابات العامة – القانون 5 لعام 2014، موقع مجلس الشعب السوري، 24 آذار/ مارس 2014: http://parliament.gov.sy/arabic/index.php?node=5516&cat=327 (آخر زيارة 29 تموز/يوليو 2023)
[16] المادة 40 من قانون الإدارة المحلية رقم 107 لعام 2011.
[17] قانون المحكمة الدستورية العليا – القانون 7 لعام 2014، موقع مجلس الشعب السوري، http://parliament.gov.sy/arabic/index.php?node=201&nid=4226 (آخر زيارة 29 تموز/يوليو 2023)
[18] المحكمة الدستورية العليا في سوريا: استقلالية شكلية وأداة بيد رئيس الجمهورية، سوريون من اجل الحقيقة والعدالة، 15 آب/ أغسطس 2022: https://stj-sy.org/ar/%D8%A7%D9%84%D9%85%D8%AD%D9%83%D9%85%D8%A9-%D8%A7%D9%84%D8%AF%D8%B3%D8%AA%D9%88%D8%B1%D9%8A%D8%A9-%D8%A7%D9%84%D8%B9%D9%84%D9%8A%D8%A7-%D9%81%D9%8A-%D8%B3%D9%88%D8%B1%D9%8A%D8%A7-%D8%A7%D8%B3%D8%AA/ (آخر زيارة 29 تموز/يوليو 2023)
[19] ونذكر هنا على سبيل المثال لا الحصر مرسوم إحداث محاكم الميدان العسكرية رقم 109 لعام 1968، والمرسوم 14 لعام 1969 الخاص بإحداث إدارة أمن الدولة، وقانون مكافحة الإرهاب رقم 22 لعام 2019، والمرسوم 55 لعام 2011، والمرسوم 63 لعام 2012، والقانون رقم 10 لعام 2018.
[20] المحكمة الدستورية العليا في سوريا: استقلالية شكلية وأداة بيد رئيس الجمهورية
https://stj-sy.org/ar/%D8%A7%D9%84%D9%85%D8%AD%D9%83%D9%85%D8%A9-%D8%A7%D9%84%D8%AF%D8%B3%D8%AA%D9%88%D8%B1%D9%8A%D8%A9-%D8%A7%D9%84%D8%B9%D9%84%D9%8A%D8%A7-%D9%81%D9%8A-%D8%B3%D9%88%D8%B1%D9%8A%D8%A7-%D8%A7%D8%B3%D8%AA/ (آخر زيارة 29 تموز/يوليو 2023)
[21] الغائبة شعبياً ورسمياً… المحكمة الدستورية السورية، مصدر سابق
[22] قانون الجمعيات والمؤسسات الخاصة رقم 93 لعام 1958، وزارة الشؤون الاجتماعية والعمل: http://213.178.227.241/Ar/SitePage/Index?sysCode=301&postid=52#tab_301 (آخر زيارة 29 تموز/يوليو 2023)
[23] الضمانات القانونية الدولية للمنظمات غير الحكومية ومدى تطبيقها في الحالة السورية، مركز الحوار السوري، 17 تشرين الثاني/نوفمبر 2021: https://sydialogue.org/%D8%A7%D9%84%D8%B6%D9%85%D8%A7%D9%86%D8%A7%D8%AA-%D8%A7%D9%84%D9%82%D8%A7%D9%86%D9%88%D9%86%D9%8A%D8%A9-%D8%A7%D9%84%D8%AF%D9%88%D9%84%D9%8A%D8%A9-%D9%84%D9%84%D9%85%D9%86%D8%B8%D9%85%D8%A7%D8%AA/ (آخر زيارة 30 تموز/يوليو 2023)
[24] لا مجال للتنفس: الدولة تقمع حقوق الإنسان في سوريا، هيومان رايتس ووتش، تشرين الأول/ أكتوبر 2007: No Room to Breathe: State Repression of Human Rights Activism in Syria: لا مجال للتنفس (hrw.org) (آخر زيارة 30 تموز/يوليو 2023)
[25] المادة 6 من اللائحة التنفيذية لقانون تنظيم الجمعيات والمؤسسات الخاصة رقم 1330 لعام 1958.
[26] المادة 28 من المرجع السابق.
[27] سوريا- استخدام محكمة مكافحة الإرهاب لخنق المعارضة، هيومان رايتس ووتش، 25 حزيران/يونيو 2013: https://www.hrw.org/ar/news/2013/06/25/250229 (آخر زيارة 30 تموز/يوليو 2023)
محكمة الإرهاب في سوريا – أداة تنفيذ جرائم حرب !، مركز توثيق الانتهاكات في سوريا، نيسان/أبريل 2015: https://www.vdc-sy.info/index.php/ar/reports/1430186775 (آخر زيارة 30 تموز/يوليو 2023)
[28] قانون إحداث إدارة أمن الدولة وقانون التنظيمات الداخلية لإدارة أمن الدولة، اللجنة السورية لحقوق الإنسان، 6 شباط/ فبراير 2004: https://www.shrc.org/?p=7451 (آخر زيارة 30 تموز/يوليو 2023)
[29] البيان الختامي لمجموعة العمل من أجل سوريا عام 2012 (بيان جنيف)، موقع هيئة التفاوض السورية/اللجنة الدستورية: https://syriancc.org/2021/09/02/%D8%A8%D9%8A%D8%A7%D9%86-%D8%AC%D9%86%D9%8A%D9%81/ (آخر زيارة 30 تموز/يوليو 2023)
[30] البيان المشترك الصادر عن اجتماع فيينا بشأن سوريا بتاربخ 30 تشرين الأول/أكتوبر 2015، ، موقع هيئة التفاوض السورية/اللجنة الدستورية: https://syriancc.org/2022/01/12/%D8%A7%D9%84%D8%A8%D9%8A%D8%A7%D9%86-%D8%A7%D9%84%D9%85%D8%B4%D8%AA%D8%B1%D9%83-%D8%A7%D9%84%D8%B5%D8%A7%D8%AF%D8%B1-%D8%B9%D9%86-%D8%A7%D8%AC%D8%AA%D9%85%D8%A7%D8%B9-%D9%81%D9%8A/ (آخر زيارة 30 تموز/يوليو 2023).
[31] الأمم المتحدة، مجلس الأمن، S/RES/2254، القرار 2254، 18 كانون الأول/ديسمبر 2015. https://undocs.org/Home/Mobile?FinalSymbol=S%2FRES%2F2254(2015)&Language=E&DeviceType=Desktop&LangRequested=False (آخر زيارة 30 تموز/يوليو 2023).
[32] آلية تشكيل وعمل اللجنة الدستورية السورية، سوريون من أجل الحقيقة والعدالة، مشروع أصوات سورية لدستور شامل، 11 أيار/ مايو 2021: https://stj-sy.org/ar/%D8%A2%D9%84%D9%8A%D8%A9-%D8%AA%D8%B4%D9%83%D9%8A%D9%84-%D9%88%D8%B9%D9%85%D9%84-%D8%A7%D9%84%D9%84%D8%AC%D9%86%D8%A9-%D8%A7%D9%84%D8%AF%D8%B3%D8%AA%D9%88%D8%B1%D9%8A%D8%A9-%D8%A7%D9%84%D8%B3%D9%88/ (آخر زيارة 5 آب/أغسطس 2023)
[33] مسار اللجنة الدستورية السورية، مركز جسور، 4 كانون الأول/ديسمبر 2019: https://jusoor.co/ar/details/%D9%85%D8%B3%D8%A7%D8%B1-%D8%A7%D9%84%D9%84%D8%AC%D9%86%D8%A9-%D8%A7%D9%84%D8%AF%D8%B3%D8%AA%D9%88%D8%B1%D9%8A%D8%A9-%D8%A7%D9%84%D8%B3%D9%88%D8%B1%D9%8A%D8%A9 (آخر زيارة 5 آب/أغسطس 2023)
[34] سوريا: العدالة الانتقالية المراعية لاعتبارات النوع الاجتماعي كمطلب أساسي لدعم المسار الانتقالي، سوريون من أاجل الحقيقة والعدالة، 19 حزيران/ يونيو 2023: https://stj-sy.org/ar/%d8%b3%d9%88%d8%b1%d9%8a%d8%a7-%d8%a7%d9%84%d8%b9%d8%af%d8%a7%d9%84%d8%a9-%d8%a7%d9%84%d8%a7%d9%86%d8%aa%d9%82%d8%a7%d9%84%d9%8a%d8%a9-%d8%a7%d9%84%d9%85%d8%b1%d8%a7%d8%b9%d9%8a%d8%a9-%d9%84%d8%a7/ (آخر زيارة 5 آب/أغسطس 2023)