ماتزال المرأة في سوريا مهددة بالقتل تحت ذريعة “جريمة الشرف” على اختلاف الجهات المسيطرة على الأرض، حيث سُجّل ما لايقل عن عشرة “جرائم شرف” في مناطق عدّة بسوريا خلال النصف الأول من العام 2019، كان آخرها بحق طفلة لاجئة في تركيا بتاريخ 23 حزيران/يونيو 2019، واثنتين في ريف حلب الشمالي الخاضع لسيطرة الجيش الوطني التابع للمعارضة السوريّة/الحكومة السورية المؤقتة، وستقوم سوريون من أجل الحقيقة والعدالة بنشر تقريرين منفصلين حول الجرائم المرتكبة في محافظتي الحسكة والسويداء في وقت لاحق.
تنحدر الضحايا الثلاث من محافظة إدلب وكانت إحداهن تقيم في ولاية أضنة بتركيا والثانية في مدينة عفرين والثالثة في مدينة الباب بالريف الشرقي لمحافظة حلب.
1. جريمة قتل بحق طفلة لاجئة بتركيا:
بتاريخ 23 حزيران/يونيو 2019 أقدم شاب سوري/باسل، ض 20 عاماً، على قتل شقيقته الطفلة (بغداد.ض) 14 عاماً طعناً بالسكين بداعي “الشرف” في منزلها بأحد أحياء مدينة أضنة التركية، وقامت الشرطة التركية باعتقال شقيق الضحية ووالدها بعد الحادثة مباشرة.
تفاصيل الحادثة: تحدث الباحث الميداني لدى سوريون من أجل الحقيقة والعدالة إلى أحد أقارب الطفلة الضحية -رفض كشف هويته- والذي قال:
“تنحدر الطفلة (بغداد.ض) من قرية القاهرة في الريف الجنوبي الشرقي بمحافظة إدلب، وهي من أصول عشائرية، نزحت الضحية الطفلة مع أهلها من قريتها في آذار/مارس 2017 إلى مخيم عشوائي قرب قرية الشيخ بحر في منطقة حارم، وفي شهر حزيران/يونيو 2018 تمت خطبتها لابن عمها وقبل الزفاف بيوم واحد قامت الضحية الطفلة بالهروب مع الشاب (ع.ن) من أبناء قرية الشيخ بحر، وبعد نحو ثلاث ساعات من هروب الطفلة حدثت مواجهات مسلحة بين عائلتها وعائلة الشاب استمرت لساعات، وعلى إثر ذلك غادر أهل الطفلة المخيم وتوجهوا نحو منطقة عفرين، وبعد أسبوع من الحادثة تم إلقاء القبض على الطفلة والشاب من قبل فصيل “فيلق الشام” وتم تسليمهما إلى “دار القضاء” في منطقة حارم.”
وتابع الشاهد:
“تم سجن الضحية في مدينة ادلب لمدة ثلاثة أشهر وتم تسليمها إلى أحد أقاربها بعد أن تعهد بكفالتها وحمايتها وقام بإخراجها إلى تركيا بطريقة غير شرعية مع والدتها، كما أن الشاب (ع.ن) ما يزال مسجوناً أيضاً حتى تاريخ اعداد هذا الخبر، ولم يتم عرضه للقضاء مطلقاً وإنما هو مسجون حرصاً على حياته حيث أنه مهدد بالقتل من قبل أهل الضحية الذين سبق أن قتلوا شقيقه وابن عمه بعد أن طاردوهم على طريق سهل الروج- إدلب خلال شهر تموز/ يوليو 2018.”
وفي تركيا وبعد مرور نحو عام على الحادثة، تمكن والد الضحية وشقيقها (20 عاماً) من دخول تركيا بطريقة غير شرعية والعثور عليها، حيث أقدم شقيقها على طعنها مرات عدة بالسكين في حمام المنزل، وتمكنت الشرطة من القاء القبض على الجاني وبدء التحقيق معه، بحسب ما نقل موقع “نيو ترك برس”[1] عن وكالة “إخلاص” الناطقة باللغة التركية.
2. جريمة قتل بحق امرأة في مدينة عفرين:
بتاريخ 1 آذار/مارس 2019 أقدم رجل على قتل زوجته -نازحة من منطقة سراقب- بإطلاق النار عليها في الحديقة العامة بمدينة عفرين، وماتزال دوافع الجريمة غير معروفة والقضية قيد التحقيق بحسب ما نشر “لواء السلطان سليمان شاه” حول الحادثة.
تفاصيل الحادثة: تحدث الباحث الميداني لدى سوريون من أجل الحقيقة والعدالة إلى أحد عناصر الشرطة في مدينة عفرين -رفض كشف هويته- والذي كان مطلعاً على القضية، وروى ما يلي:
“كانت الضحية مع أولادها (طفل 7 سنوات طفل 12 سنة وطفلة 15 سنة) في الحديقة العامة بعفرين عندما قدم والدهم وحاول أخذ الأولاد منها ودار جدال بينهم حول ذلك وانتهى بأن قام الزوج بإطلاق النار من بندقيته مباشرة على الزوجة وقتلت على الفور في الحديقة، ويظهر أحد المقاطع التي التقطتها كميرات المراقبة بالحديقة الجريمة كاملة.”
وتابع الشاهد: ” لقد أفادت ابنة الضحية وعمرها 15 عاماً أن والدها قد جاء من مدينة حلب لأخذهم للعيش معه ولكن الأم رفضت وقتلها لذلك، ويدل كلام أبناء الضحية أن والدتهم لم تكن متزوجة من شخص آخر غير والدهم ولم تكن الجريمة “جريمة شرف” كما يروج لها لواء السلطان سليمان شاه.”
وألقت فرقة التدخل السريع في الشرطة المدّنية القبض على الجاني وتم تسليمه للشرطة العسكرية، وقامت باسعاف الضحية إلى مشفى “عفرين” وقام أخوة الضحية وهم عناصر في الجيش السوري الحر بإدلب باستلام جثتها.
وفي الرواية المقابلة، قال لواء السلطان سليمان شاه إن الجريمة ارتكبها أحد عناصره بدافع “الشرف”، حيث أنه كان معتقلاً لدى النظام السوري وأطلق سراحه ليعود ويكتشف أن زوجته تزوجت وهي ماتزال على ذمته ولهذا السبب قتلها، وضاف اللواء أن الجاني يخضع للقضاء العسكري، لكن الشرطة المدّنية شككت برواية الفصيل بحسب العنصر الذي قال:
“إن رواية الفصيل غير دقيقة، الضحية لم تكن متزوجة وبحسب كلام الطفلة فإن والدها كان يقيم في مدينة حلب وليس منضوياً في الفصيل، وتستبعد الشرطة كونه معتقلاً لدى النظام وتم إطلاق سراحه قبل أقل من شهر على ارتكاب الحادثة، حيث أنه من غير المنطقي أن يتم إطلاق سراحه لدى النظام ويسارع للانضمام ضمن فصيل عسكري في عفرين ويقوم بجريمة القتل هذه في مدة لا تتجاوز الشهر، كما أن هناك خلافاً بين الشرطة العسكرية والشرطة المدّنية حيث أن الأولى اتهمت الشرطة المدنية بسرقة مخزن بندقية الجاني.”
وأكد الشاهد أن الشرطة المدنية لم تعد على إطلاع بمستجدات القضية ولا مكان الجاني، حيث أن الشرطة العسكرية استلمته منهم وقالت أنه سوف يخضع للمحاكمة.
3. جريمة قتل بحق امرأة في مدينة الباب:
بتاريخ 8 كانون الثاني/يناير 2019 أقدم شاب على ذبح شقيقته (س.م.ح) بالسكين في منزلها الزوجي بمدينة الباب بريف محافظة حلب، وذلك لأنها تزوجت -بموجب عقد شرعي/كتاب شيخ لكن- دون موافقة أهلها.
تفاصيل الحادثة: تحدث الباحث الميداني لسوريون من أجل الحقيقة والعدالة إلى أحد المطلعين على ملف القضية في المحكمة الشرعية بمدينة الباب والذي قال:
“إن الضحية (س.م.ح) من مدينة إدلب تزوجت الشاب (م.ف) مقاتل في فصيل عسكري نتحفظ عن ذكره- بموجب عقد شرعي عند رجل دين بتاريخ 11 أيلول/سبتمبر 2017، ولكن دون موافقة أهلها رغم أنه تقدم لخطبتها مرات عدة، وتوجهت مع زوجها إلى مدينة الباب للاستقرار هناك، وفي يوم 8 كانون الثاني/ يناير 2019 بينما كان الزوج في أحد مهام الحراسة قدم شقيق الضحية وأقدم على ذبح شقيقته وهرب، وسمع الجيران صراخ المولود الصغير المستمر، وقامت إحدى الجارات بتفقد الطفل مستغربة سبب البكاء الطويل لساعات، لتجد الباب مفتوحاً والضحية في ساحة المنزل مضرجة بدمائها.”
وأوضح الشاهد أن الشرطة تمكنت من إلقاء القبض على القاتل شقيق الضحية، وأنه في الوقت الحالي بالسجن ينتظر المحاكمة لأن القاضي لم يعتبر الجريمة “جريمة شرف” نظراً لوجود عقد زواج شرعي بين الضحية والزوج.
—-
[1] سوري يذبح شقيقته الطفلة لرفضها الزواج في أضنة، نيو ترك برس، بتاريخ 24 حزيران/يونيو 2019، آخر زيارة بتاريخ 3 تموز/يوليو 2019. https://www.newturkpost.com/Details/49258.