253
أعدَّت سوريون من أجل الحقيقة والعدالة هذا التقديم استجابة لدعوة المقررة الخاصة للأمم المتحدة المعنية بمسألة التعذيب وغيره من ضروب المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة، للمشاركة في الاستبيان الذي طرحته تحت عنوان “واجب التحقيق في جرائم التعذيب في القوانين والممارسات الوطنية”. ستقدّم “سوريون” في هذا الطرح إجابات عن بعض أسئلة الاستبيان، تتناول فيها تحليلاً للقانون الجديد رقم 16 لعام 2022 الخاص بتجريم التعذيب، وللأنظمة والقوانين الوطنية المتداخلة معه.
الأطر التنظيمية:
- حظرت جميع الدساتير السورية المتعاقبة فعل التعذيب، ومن ضمنها بطبيعة الحال دستور عام 1973 الذي نصَّ في مادته الـ (28) على أنه لا يجوز تعذيب أحد جسدياً أو معنوياً أو معاملته معاملة مهينة، معتبرةً أنَّ مثل هذه الأفعال تستوجب العقاب بمقتضى القانون.
- وعلى نحو مماثل، تنص المادة (53/2) من دستور عام 2012 النافذ في سوريا على أنه: “لا يجوز تعذيب أحد أو معاملته معاملة مهينة، ويحدد القانون عقاب من يفعل ذلك.”
- كذلك، تقول المادة (391) من قانون العقوبات السوري في هذا الصدد: “من سام شخصاً ضروباً من الشدة لا يجيزها القانون رغبة منه في الحصول على إقرار عن جريمة أو على معلومات بشأنها عوقب بالحبس من ثلاثة أشهر إلى ثلاث سنوات. وإذا أفضت أعمال العنف عليه إلى مرض أو جراح كان أدنى العقاب الحبس سنة.”
- بالرغم من أنَّ النص القانوني العربي للمادة (391) لا يذكر صراحة كلمة تعذيب ويستخدم بدلاً منها مصطلح “الشدّة”، إلا أنَّ القضاء السوري يتعامل مع “الشدة” في الواقع على أنها تعذيب. ومن الجدير ذكره أنَّ هذه المادّة قد تعرضت لانتقادات كثيرة نظراً لمحدودية نطاقها، حيث أنها تنطبق حصرياً على جرائم التعذيب التي تُرتكب أثناء عمليات الاستجواب ضد المتهمين/ات لإكراههم على الاعتراف أو الإدلاء بمعلومات تجرّمهم – وإن كانت كاذبة – وبالتالي، فإنَّ هذه المادة لا تغطي الأفعال المرتكبة بهدف إذلال شخص أو إلحاق المعاناة به أو الانتقام منه، وهي أفعال تُعرَّف قانوناً بأنها قاسية أو مهينة أو غير إنسانية.
- واجهت المادة نفسها أيضاً انتقادات واسعة النطاق بسبب تصنيفها لفعل التعذيب على أنه جنحة وليس جناية، أي أنَّها لم تعتبره جريمة على النحو المنصوص عليه في المادة (4) من اتفاقية مناهضة التعذيب.
- بتاريخ 30 آذار/مارس 2022، أصدر الرئيس السوري بشار الأسد القانون رقم 16 لعام 2022، الذي جرَّم التعذيب. ووفقاً لما نشره الحساب الرسمي للرئاسة السورية على موقع فيسبوك، فإنَّ إصدار هذا القانون جاء تماشياً مع الالتزامات الدستورية للدولة السورية التي تحظر التعذيب، ومع أحكام اتفاقية مناهضة التعذيب وغيره من ضروب المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة الصادرة عام 1984 والتي صادقت عليها الجمهورية العربية السورية في 19 آب/أغسطس 2004. بيد أنَّ هذا القانون لا يمكن اعتباره بحد ذاته تشريعاً يفي بالتزامات الدولة السورية بموجب اتفاقية مناهضة التعذيب وذلك بسبب كون التشريعات السارية الأخرى محدودة التأثير وتشوبها أوجه قصور عديدة.
التحديات والعوائق والعقبات:
- باستثناء مانصت عليه المادة (391)، لا يعتبر القانون السوري التعذيب فعلاً إجرامياً في حد ذاته، وإنما يعتبره ظرفاً مشدداً في حال ارتُكب في سياق جرائم أخرى. فعلى سبيل المثال، تنص المادة (545) من قانون العقوبات على تشديد العقوبة على جرائم القتل التي تقترن بأعمال التعذيب أو القسوة. وبالمثل، تدفع المادة (556) من القانون نفسه إلى تشديد عقوبة الحرمان من الحرية في حال أُنزل بالضحية تعذيب جسدي أو معنوي.
- يُثنى على القانون رقم 16 توسيعه لنطاق الأفعال المدرجة تحت مصطلح التعذيب وكذلك الفئات التي تقع تحت طائلة العقاب بمقتضى هذا الفعل، حيث لم يجّرم القانون فقط أعمال التعذيب التي تصدر عن موظف أو أي شخص يتصرف بصفته الرسمية كما هو الحال بالنسبة للمادة (1) من اتفاقية مناهضة التعذيب، بل أقرَّ بتجريم جميع الأفعال التي تقع من قبل أي شخص أو جماعة والتي ينطبق عليها تعريف التعذيب كما أورده.
- لكن في المقابل، يُؤخذ على القانون رقم 16 أنه لا يراعي مبدأ المساواة أمام القانون، حيث أنه ينصَّ على عقوبة أشدّ لفعل التعذيب في حال ارتُكب من قبل شخص عادي ضد موظف حكومي، مقارنة بتلك المفروضة على الموظف في حال كان الوضع عكس ذلك، وذلك حسبما نصت المادة (2) منه.
- على أية حال، هناك العديد من القوانين والمراسيم السارية في سوريا تجعل كل ماورد من تجريم لفعل التعذيب سواءً في المادة (391) من قانون العقوبات أو في المادة (1) من القانون رقم 16 بلا معنى وغير فعال. ونذكر من ذلك قانون إحداث إدارة أمن الدولة – المعروفة رسمياً باسم إدارة المخابرات العامة – الصادر بالمرسوم التشريعي رقم 14 لعام 1969 والذي يسمح لموظفي الإدارة بممارسة التعذيب دون عقاب، حيث تنص المادة 16 من المرسوم على ما يلي: “لا يجوز ملاحقة أي من العاملين في الإدارة عن الجرائم التي يرتكبونها أثناء تنفيذ المهمات المحددة الموكلة إليهم أو في معرض قيامهم بها إلا بموجب أمر ملاحقة يصدر عن المدير.”
- وهناك مرسومٌ ثانٍ أيضاً يحمي عناصر الأمن المتهمين بممارسة التعذيب وهو المرسوم رقم 549 لعام 1969 المتضمن قانون التنظيمات الداخلية لإدارة أمن الدولة والذي ينص في المادة (74) منه على أنه: “لا يجوز ملاحقة أي من العاملين في إدارة أمن الدولة أو المنتدبين أو المعارين إليها أو المتعاقدين معها مباشرة أمام القضاء، في الجرائم الناشئة عن الوظيفة، أو في معرض قيامه بها قبل إحالته على مجلس التأديب في الإدارة واستصدار أمر ملاحقة من قبل المدير.”
- وعلاوة على ذلك، وسَّع المرسوم التشريعي رقم 64 لعام 2008 نطاق الموظفين الحكوميين المتمتعين بالحصانة، أي الذين لا يمكن ملاحقتهم قانونياً إلا بموجب أمر صادر عن القيادة العامة للجيش والقوات المسلحة، حسب ما ورد في قانون العقوبات وأصول المحاكمات العسكرية الصادر بالمرسوم التشريعي رقم 61 لعام 1950. وقد شمل المرسوم رقم 64 ضباط الشرطة وعناصرها وعناصر الجمارك والأمن السياسي. ووفقاً لقانون العقوبات العسكري، فإن الأجهزة التي ينتمي إليها هؤلاء الموظفين هي فقط من يمكنها إجراء التحقيقات الجنائية الأولية معهم.
عمليات التحقيق والملاحقات القضائية المراعية لحقوق الإنسان
- يشدد القانون الجديد رقم 16 على أنه يجب على السلطات المسؤولة عن تلقي الشكاوى، بما في ذلك المدعون العامون أو أقسام الشرطة، اتخاذ التدابير اللازمة لضمان الحق في تقديم الشكاوى أو الإبلاغ عن حالات التعذيب، وتوفير الحماية لصاحب الشكوى والحفاظ على سرية المعلومات المتعلقة به وبحادثة التعذيب. وفيما يتعلق بالحماية أيضاً، يشدّد القانون على ضرورة حماية الشهود والخبراء المشاركين في أي قضية يتم الإبلاغ عنها، هم وأسرهم. ويشمل مصطلح “الخبراء” بحسب القانون، الأطباء الشرعيين الذين يقومون بفحص الضحايا الذين يُزعم أنهم تعرضوا للتعذيب، ويصدرون تقارير طبية تكون بمثابة وثائق قانونية تقدم إلى المحاكم والدوائر الرسمية.
- بيد أنَّ القانون نفسه لم يدعم هذه التوجيهات بخطوات عملية، أي أنه لم يُدرج صراحةً التدابير الواجب اتخاذها لضمان حماية الضحايا أو الشهود أو الخبراء أو أي طرف آخر قد يكون معرضاً للخطر بسبب الشكوى. كما لم يُلزم القانون النيابة العامة بفتح تحقيق فوري حول حادثة تعذيب ما على أساس ما يقدم لها من أدلة من قبل المسؤولين المتابعين للتبليغ أو الدعوى، وإنما يشترط للشروع في التحقيق حضور الضحية الذي تظهر عليه علامات التعذيب أمام المحكمة شخصياً.
- تقرر النيابة العامة (السلطة القضائية) عادةً إقامة دعوى الحق العام ومباشرتها ضد مرتكبي الجرائم، لكنها تكون مجبَرة على إقامة هذه الدعوى إذا أقام المضرور نفسه مدعياً شخصياً وفاقاً للشرائط المعينة في القانون، وذلك وفقاً لقانون أصول المحاكمات الجزائية ذو الرقم 112 لعام 1950.
- إنَّ المرسومين التشريعيين رقم 14 لعام 1969 ورقم 549 لعام 1969 يتم استخدامهما لمنع النيابة العامة من رفع دعاوى ضد عناصر قوى الأمن حتى لو أقام الطرف المتضرر أو الذي تعرض للتعذيب نفسه مدعياً شخصياً. وعليه فإنَّ المرسومان يمنحان امتيازات خاصة لأفراد الأمن، منتهكين مبدأ المساواة أمام القانون.
- عند قراءة الأطر القانونية النافذة بالاقتران مع بعضها البعض، نلاحظ وجود نمط من التمييز ضد الضحايا خاصة وأنَّ هذه القوانين تشدد العقوبة عندما يكون الشخص ضحية التعذيب موظفاً أو مسؤولاً في الحكومة. هذا التمييز ينتهك العديد من النصوص القانونية الدولية، بما في ذلك المادة (7) من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان (UDHR) والمادة (2) من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية (ICCPR)، والتي تحظر كل أشكال التمييز القائم على العرق، أو اللون، أو الجنس، أو اللغة، أو الدين، أو الرأي السياسي أو غير السياسي، أو الأصل القومي أو الاجتماعي، أو الثروة، أو النسب، أو غير ذلك.
- وعلاوة على ذلك، فإنَّ القوانين السارية تلقي على عاتق الضحية بعبء الوصول إلى جبر فعال لما لحق به من ضرر، وذلك لأنَّ هذه القوانين ليست غامضة بطرح تدابير الحماية فحسب، بل إنها أيضاً لا تلزم السلطات صراحةً بمسؤولية إجراء التحقيقات والملاحقات بمجرد تلقيها أي معلومات عن حالات تعذيب أو امتلاكها أسباباً تدعوها للاعتقاد بارتكاب هذا الفعل. وهذا يتعارض بوضوح مع التزام الدولة بموجب المادة (12) من اتفاقية مناهضة التعذيب.
- ومن المآخذ أيضاً على القانون رقم 16 لعام 2022 أنه تناول فعل التعذيب لكنه تجاهل الأفعال الأخرى ذات الصلة التي ناهضتها الاتفاقية إلى جانب التعذيب، وهي المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة. علماً أنَّ هناك أفعال ترتكب على نطاق واسع في سوريا تندرج تحت هذه التصنيفات ومنها الإهانة والشتائم و “الضرب الخفيف” وظروف الاحتجاز. وعليه، فإنَّ مرتكبي هكذا أفعال سيفلتون من العقاب نظراً لعدم وجود نصوص قانونية تعرّفها وتعاقب عليها أو تجرّمها.
- وفي السياق نفسه، نجد أنَّ الاتفاقية تنص صراحةً في المادة (16) منها على أنَّ جميع أحكامها تنطبق على أي ممارسات أخرى من أعمال المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة التي لا تصل إلى حد التعذيب كما حددته في المادة (1). لكن القانون رقم 16 لم يورد أساساً ذكراً لهذه الأفعال مبرراً بذلك إفلات مرتكبيها من العقاب كونها لا تصنف تعذيباً حسب تعريفه.
- أثار إصدار القانون رقم 16 في آذار/مارس 2022 جدلاً حول ضرورة أن يكون له أثر رجعي يمكّن أولئك الذين تعرضوا للتعذيب قبل سَنّهِ، من الإستفادة منه لجبر الضرر الذي لحق بهم، حيث أنَّ جميع القوانين التي سبقته لم تكن كافية على الإطلاق لتجريم التعذيب وسوء المعاملة، وبالتالي إنصاف الضحايا. بيد أنَّ وجود القاعدة الراسخة المتمثلة في عدم رجعية القوانين سيمنع جميع الضحايا الذين تعرضوا للتعذيب قبل آذار/مارس 2022 من الاستفادة من القانون الجديد، بصرف النظر عن أوجه النقص والقصور التي تشوبه.
آليات ذات صلة:
- هناك في سوريا نوعين من الرقابة الداخلية “الرسمية” على عمل المؤسسات الأمنية التابعة للحكومة السورية وهما:
- رقابة إدارية/داخلية ضمن دوائر الأمن: لا يمكن الوثوق بفعالية هذه الرقابة، أو استقلاليتها، أو شفافيتها، أو مصداقيتها، وذلك بسبب عدم إمكانية وصول الهيئات المستقلة إلى هذه الدوائر.
- الرقابة القضائية: هناك معطيات تعطّل ممارسة هذا النوع من الرقابة من ضمنها هيكلية وتكوين مجلس القضاء الأعلى في سوريا، حيث يخضع القضاة للسلطات التنفيذية إدارياً وعملياً.
- ينص دستور عام 2012 الساري في سوريا على استقلالية السلطة القضائية، بيد أنَّ الدستور نفسه يعيق قدرة القضاء على تحقيق هذه الاستقلالية، حيث تنص المادة (133) منه على أنَّ رئيس الجمهورية هو رئيس المجلس الأعلى للقضاء، ويمثله وزير العدل، والأخيران هما من ركائز السلطة التنفيذية، أي أنَّ السلطة التنفيذية تهيمن على سلطة القضاء.
- إضافة إلى ذلك، فإنَّ نصف أعضاء المجلس الأعلى للقضاء هم من موظفي وزارة العدل، بمن فيهم نائب وزير العدل، و رئيس دائرة التفتيش القضائي، ووزير العدل الذي يرأس النيابة العامة على النحو المنصوص عليه في المادة (137) من الدستور، وبهذا يخضع النائب العام لسلطة وزير العدل ويمتثل لأوامره.
- يقوم مجلس القضاء الأعلى بتعيين القضاة وترفيعهم وتأديبهم وعزلهم بناءً على اقتراح وزير العدل أو رئيس مجلس القضاء الأعلى أو ثلاثة من أعضائه، كما يحيل المجلس القضاة على التقاعد أو الاستيداع ويقبل استقالتهم وكل ما يتعلق بمهمتهم بمقتضى المادة (67) من قانون السلطة القضائية الصادر بالمرسوم التشريعي رقم 98 لعام 1961. وبالتالي فإنَّ هيكلية السلطة القضائية وديناميكية العمل فيها تقوّضان استقلالية مجلس القضاء الأعلى لأنهما ترسخان هيمنة السلطات التنفيذية على النظام القضائي.
- وفي حين أنه لا يزال من السهل نظرياً ممارسة الرقابة على الوكالات التابعة لوزارة الداخلية، بما في ذلك دوائر الشرطة ومخافرها وحتى فروع الأمن الجنائي وما إلى ذلك، فإن فروع الأجهزة الأمنية الأخرى بعيدة عن متناول آليات الرقابة، ويمكن أن يعزى ذلك إلى الوضع القانوني المتناقض لهذه الفروع حيث أنها تعتبر من الناحية النظرية والقانونية شرطة إدارية مسؤولة عن مكافحة الجريمة، لكنها وبحسب الفقه القضائي هي شرطة قضائية عدلية مهمتها التحقيق في الجرائم بعد وقوعها.
- إنَّ الغموض القانوني المتعمَّد الذي يحيط بمهام ووظائف الأجهزة الأمنية ووضعها القانوني يجب أن لايحول دون التزامها بالقانون وأن لا يبرر عدم التزام موظفيها والعاملين فيها بواجبهم في إنفاذ القانون. وعليه، يجب وضع آليات جديدة لممارسة رقابة إضافية على هذه الأجهزة، وجعلها تلتزم بالقانون رقم 16 لعام 2022، والضغط عليها للالتزام بالولاية القضائية المحددة لها.
- وعلى الصعيد الخارجي/الدولي، فإن تحفّظ الحكومة السورية على المادة (20) من الاتفاقية يجعل انضمامها لها لامعنى له وغير فعال حيث أنَّ هذه المادة هي جزء جوهري من الاتفاقية حيث أنها تنص على أنه إذا تلقت لجنة مناهضة التعذيب (CAT) معلومات موثوقة عن عمليات تعذيب تمارس على نحو منظم في أراضي دولة طرف، ينبغي على الأخيرة التعاون مع اللجنة في دراسة هذه المعلومات وتسهيل زيارة للجنة إلى أراضيها والسماح لها بإجراء تحقيقات تصوغ على أساس نتائجها تقريراً يتضمن تعليقات واقتراحات ملائمة للوضع القائم في البلد.
- يؤخذ على القانون الجديد أيضاً أنه لم يحدد أي آليات أو إجراءات تضمن رقابة مستقلة وشفافة على تنفيذ أحكامه على أرض الواقع، الأمر الذي يعتبر ضرورياً، خاصة في ظل وجود تشريعات وأنظمة إجرائية متداخلة معه.
خاتمة
- لقد ثَبُتَ أنَّ أجهزة الأمن السورية تستخدم التعذيب كسياسة لكم أفواه منتقدي ومعارضي الحكومة السورية وترهيبهم. وفي الواقع إن لم تعمل الحكومة السورية على تغيير عقليتها وفلسفتها وطريقة تعاطيها مع قضايا حقوق الإنسان وحرياته الأساسية، فإنَّ جميع الخطوات التي ستتخذها ستكون منقوصة، حيث إنَّ الترسيخ النظري لهذه الحقوق والحريات في النصوص القانونية والدستورية غير كافٍ، وإنما يجب اتخاذ تدابير لضمان مراعاة الحقوق والحريات في الممارسة العملية.
- إنَّ تجريم التعذيب يتناقض مع توفير مناخ يعزز إفلات المتهمين بارتكابه من العقاب، وذلك كما ورد في المرسومان المذكوران أعلاه اللذان يحميان العديد من موظفي الحكومة، ومن بينهم أفراد الأمن والشرطة.
- كما أنَّه من غير المنطقي مصادقة سوريا على اتفاقية مناهضة التعذيب وتحفّظها في الوقت نفسه على المادة (20) التي تنص على واجباتها تجاه لجنة مناهضة التعذيب، لاسيما وأنَّ اضطلاع اللجنة بمهامها المتمثلة في تلقي الشكاوى المتعلقة بحالات التعذيب ورصد مدى امتثال الدول الأطراف لالتزاماتها بموجب الاتفاقية يعتمد بشكل أساسي على تعاون الدولة الطرف.