أواسط العام الحالي، أصدر مكتب مراقبة الأصول الأجنبية التابع لوزارة الخزانة الأمريكية، إذناً عاماً يسمح بأنشطة اقتصادية محددة في مناطق معينة لا تخضع لسيطرة الحكومة السورية في شمال شرق وشمال غرب سوريا.
وبحسب المكتب، فإنّ هدف هذا الترخيص هو دعم الاستقرار الاقتصادي في المناطق التي كانت تحت سيطرة تنظيم الدولة الإسلامية/داعش.
يشمل الإذن أنشطة في القطاعات الاقتصادية التالية: الزراعة؛ المعلومات والاتصالات؛ البنية التحتية لشبكة الطاقة؛ أعمال بناء؛ المالية؛ الطاقة النظيفة؛ النقل والتخزين؛ إدارة المياه والنفايات؛ خدمات صحية؛ التعليم؛ التصنيع؛ والتجارة.
لم يذكر الإذن تفاصيل بخصوص تلك الأنشطة المذكورة، ولكن تجدر الإشارة إلى أن مكتب مراقبة الأصول قد أكد على أن هذا الإذن يجب ألا يُفهم بأنه يتضمن رفع أي عقوبات مفروضة على “النظام السوري” أو أية منظمات مصنفة “كإرهابية”.
ومما لا شك فيه أن العديد من المنظمات الإنسانية يمكنها أن تستفيد من هذا الإذن/الاستثناء للاستجابة إلى الحاجات الإنسانية للمدنيين في المناطق المستهدفة، خاصة وأن القطاعات المشمولة في الإذن تتعلق بحياتهم اليومية.
إلا أنه من الضروري عدم إغفال حقيقة وقوع هذه المناطق تحت سيطرة عدة جهات فاعلة عديدة، أثبتت التقارير الحقوقية الأممية والمستقلة تورطها في انتهاكات عديدة وبعضها ممنهج وواسع النطاق لأحكام القانون الدولي الإنساني ولحقوق الإنسان للسكان الأصليين والنازحين على حدٍ سواء.
وتقع على عاتق هذه المنظمات مسؤولية أخلاقية وقانونية باتخاذ أقصى تدابير العناية الواجبة لضمان عدم مساهمة أية تدخلات ذات طابع إنساني من قبلها في دعم طرف من الأطراف أو التورط في الانتهاكات الواقعة أو المحتملة بحق أية أفراد أو مكونات سكانية.
بناءً على ذلك، تُذكّر “سوريون من أجل الحقيقة والعدالة” جميع الفاعلين الإنسانيين العاملين في المناطق المعنية بالموجبات التالية التي قد يؤدي عدم الالتزام بها إلى تورطهم مباشرة أو غير مباشرة في أية انتهاكات أو جرائم قائمة أو محتملة، وهذه الموجبات هي:
- يجب أن تكون الأنشطة إنسانية بشكل مطلق، وهي تلك التي تسعى إلى الحفاظ على حياة جميع الأشخاص المتضررين من النزاع وأمنهم وكرامتهم وسلامتهم الجسدية والعقلية، أو التي تسعى إلى استعادة تلك الرفاهية إذا تم التعدي عليها. إن الانخراط في أنشطة ربحية أو سياسية أو عسكرية تحت مظلة العمل الإنساني يعتبر مخالفة واضحة لشروط العمل الإنساني ويعرض المدنيين المحتاجين لخطر الحرمان من المساعدة التي يستحقونها.
- يجب أن تكون الأنشطة الإنسانية غير منحازة، بحيث لا يتم التمييز بين المستفيدين المدنيين إلا على أساس التناسب في مستوى الحاجة الإنسانية والاستجابة لتلك الحاجة. لذا يجب أن يتم تخطيط الأنشطة والتدخلات الإنسانية بناءً على تقييم من هم بأمسّ الحاجة لها، وليس على أسس انتقائية خاضعة، أو متأثرة باعتبارات مؤسساتية، أو بإملاءات القوى السياسية أو العسكرية المسيطرة.
- يجب أن يضمن الفاعلون الإنسانيون عدم تحويل المساعدة الإنسانية عن غايتها النهائية، لأن عدم قدرة هؤلاء الفاعلين على الإشراف الفعال على مسار وتوزيع المساعدات الإنسانية وفقاً لمبادئ الإنسانية وعدم الانحياز يُسهم في فقدانهم الحق في عرض المساعدة الإنسانية وتوزيعها مما يعرض المحتاجين الحقيقيين لخطر الحرمان من حقهم في الحصول على تلك المساعدة.
- يجب ألا تساهم المساعدات الإنسانية بأي فائدة للجهد العسكري أو اقتصاد أي طرف في النزاع، لأن ذلك يُناقض مبدأ الحياد في العمل الإنساني، وقد يرقى ليكون دعماً مباشراً أو غير مباشر لأحد أطراف النزاع و/أو تورطاً في الأفعال الصادرة عن تلك الأطراف ومن ضمنها انتهاكات القانون الدولي الإنساني والقانون الدولي لحقوق الإنسان.
- يجب أن يكون الأفراد المشمولون بالحماية وفقاً للقانون الدولي الإنساني هم المستفيدون النهائيون من العمل الإنساني، ولذلك فإن استفادة المشاركين في النزاع المسلح كأفراد أو بصفتهم الجمعية التي تمثل طرفاً في النزاع من المساعدات الإنسانية يعرض الفاعلين الإنسانيين لمسؤولية مخالفة مبادئ العمل الإنساني أولاً، وانتهاك حق هؤلاء المحميين في الحصول على المساعدة الإنسانية الواجبة. قد يرقى هذا الحرمان من المساعدة الإنسانية إلى عدة أنواع من جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية خاصة إذا ما تم القيام به في إطار ممنهج و/أو متعمد ضد فئة محددة من السكان.
- يجب ألا يشكل العمل الإنساني عنصراً مباشراً أو وسيلة لارتكاب أطراف النزاع انتهاكات أو جرائم دولية، ومن ذلك توزيع أو استخدام المساعدات الإنسانية بقصد اضطهاد أفراد أو فئات محددة، أو معاملتهم معاملة لاإنسانية، أو السيطرة غير المشروعة على ممتلكاتهم، أو فرض واقع ديموغرافي معين، أو غير ذلك من الانتهاكات الجسيمة والجرائم.
- يجب على الفاعلين الإنسانيين تنفيذ العناية الواجبة لحقوق الإنسان لتحديد، الوقاية من، تجاوز، والمحاسبة على أية آثار عكسية على حقوق الإنسان، حيث يجب أن تشمل العملية تقييم الآثار الفعلية والمحتملة على حقوق الإنسان، ودمج النتائج والعمل بناءً عليها، وتتبع الاستجابات، والإبلاغ عن كيفية معالجة الآثار. يجب على عملية العناية الواجبة أن تغطي الآثار الضارة بحقوق الإنسان التي قد تسببها المنظمة أو تساهم فيها من خلال أنشطتها، أو التي قد تكون مرتبطة بشكل مباشر بعملياتها أو منتجاتها أو خدماتها من خلال علاقاتها وارتباطاتها.
- يجب على الفاعلين الإنسانيين أن يتواصلوا بشفافية وانتظام مع المستفيدين وخارجياً بخصوص خططهم، أنشطتهم التنفيذية، شركائهم، التحديات وأساليب واستراتيجيات التغلب عليها، الموارد المتوفرة والمستخدمة، والمنهجيات المستخدمة لتحديد وتجنب أية آثار عكسية على حقوق الإنسان.
- يجب على الفاعلين الإنسانيين ألا ينساقوا إلى محاولة السلطات التلاعب بالحاجات الإنسانية للاستمرار في انتهاكات حقوق الإنسان. على سبيل المثال، إن الاستجابة للحاجات الإنسانية للنازحين يجب ألا تعني بأي شكل من الأشكال تكريس تهجيرهم القسري أو تهجير السكان الأصليين حيث نزحوا. يجب أن يكون مبدأ عدم إلحاق الضرر دون تمييز هو المبدأ المحوري والدائم لعمل الفاعلين الإنسانيين.
- يجب على الفاعلين الإنسانيين أن ينخرطوا مع الأطراف المسيطرة والمؤثرة على نشاطهم الإنساني، ومع المجتمعات المتضررة في حوار فعال حول الحقوق والواجبات وتبعات انتهاكها من خلال عرقلة أو تحويل أو إساءة استخدام المساعدات الإنسانية.