الرئيسية أوراق قانونية سوريا: توصيات إلى المؤسسة الأممية المعنية بالمفقودين

سوريا: توصيات إلى المؤسسة الأممية المعنية بالمفقودين

يجب أن يتبنى الجسم الجديد تعريفاً شاملاً بحيث يشمل جميع حالات وأشكال الفقد في سوريا سواء هؤلاء المختفين قسرياً على يد كافة أطراف النزاع أو المفقودين الآخرين بغض النظر عن أوضاعهم وظروف فقدهم 

بواسطة communication
257 مشاهدة تحميل كملف PDF هذا المنشور متوفر أيضاً باللغة: الإنجليزية حجم الخط ع ع ع

بتاريخ 29 حزيران/يونيو 2023، تبنّت الجمعية العامة للأمم المتحدة قراراً بإنشاء مؤسسة دولية لكشف مصير المفقودين في سوريا وأماكن وجودهم وتقديم الدعم للضحايا وأسرهم.

جاء القرار بعد نضال طويل قاده الناجون/ات وأسر المفقودين/ات ومجموعات وروابط الضحايا ومنظمات سوريّة محلّية وأخرى دولية، وأعقبَ توصية من الأمين العام للأمم المتحدة “أنطونيو غوتيرش” في تقريره الصادر في آب/أغسطس عام 2022، والذي طلب من الدول الأعضاء في الجمعية العامة بالنظر في إنشاء المؤسسة، بوصفها حجر الزاوية في إطار حل قضية الأشخاص المحتجزين والمختطفين والمفقودين في سوريا.

وفي الوقت الذي ترحب فيه “سوريون من أجل الحقيقة والعدالة” بهذا القرار التاريخي، تعتقد أنه من الضرورة الإشارة إلى بعض التحديات المتوقعة لعمل هذه المؤسسة مرفقة بمجموعة من التوصيات التي قد تساهم في عملية تطوير شروط عمل المؤسسة المرجعية والاختصاصية.

  1. ضرورة تبنّي تعريف شامل للمفقودين/ات:

رغم أنّ القرار الأممي قد حدد الولاية المكانية (النطاق المكاني) لعمل المؤسسة الجديدة بكونها مؤسسة مستقلة معنية بالمفقودين في “الجمهورية العربية السورية”، تبرز تحديات تتعلق بالولاية الشخصية للمؤسسة خاصة فيما يتعلق بحالات الفقد المتعلقة بسوريا، ولكنها وقعت خارجها. من أمثلة ذلك اللاجئون الذين فُقدوا خلال رحلات اللجوء برأ أو بحراً. فالعديد من هؤلاء لم يكن مصيرهم ومكان تواجدهم مجهولاً في سوريا، ولكنهم فُقدوا خارجها. فبالإضافة إلى السؤال حول شمول ولاية المؤسسة لهؤلاء، هناك تحدي يتعلق بمدى إلزام الدول الأخرى حيث يُتوقع حدوث الفقد بالتعاون مع المؤسسة بخصوصهم. فعلى الرغم من أن الفقرة السابعة من القرار “تهيب” بجميع الدول بالإضافة إلى أطراف النزاع إلى التعاون الكامل مع المؤسسة، يعود قرار التعاون إلى تلك الدول حسب تقييم كل منها لمدى انطباق موجبات أحكام القانون الدولي ذات الصلة من جهة، ومصالحها السيادية من جهة أخرى. وتتعقد معضلة التعاون حين يتعلق الأمر ببعض الدول المنخرطة بشكل أو بآخر في النزاع في سوريا.

وقد تجنب القرار تحديد الولاية الزمانية للمؤسسة (النطاق الزماني)، رغم إشارته إلى قرارات أممية أخرى صدرت خلال النزاع السوري مثل القرار 2254 (2015) و2474 (2019)، وهو ما قد يُفهم منه أن المؤسسة الجديدة معنية فقط بقضايا الفقد في سوريا بعد العام 2011.  وعلى الرغم من أنه يبدو منطقياً وعملياً تركيز المؤسسة الجديدة على معرفة مصير المفقودين/ات منذ بداية الاحتجاجات الشعبية في سوريا عام 2011 بشكل أساسي، إلا أن هذا لا يعني بشكل عملي عدم تعاطي المؤسسة مع قضايا الفقد الأخرى التي وقعت قبل عام 2011 حيث لا يُتوقع للمؤسسة بنهجها الإنساني أن تتجاوز أية معلومات أو معطيات عن تلك الحالات لمجرد أن ولايتها الزمانية الرسمية تركز على الفترة الممتدة منذ آذار 2011.

أيضاً؛ تحتاج المؤسسة الجديدة إلى تبنّي تعريف شامل للمفقودين بما يتناسب وصيغة القرار من جهة، وبحيث يتناسب والنهج الإنساني بما يشمل جميع حالات وأشكال الفقد في سوريا دون تمييز من جهة أخرى، سواء هؤلاء المختفين قسرياً على يد كافة الأطراف منذ بداية الحراك السلمي في سوريا، أو أي أفراد آخرين لا تتوفر لدى عائلاتهم معلومات عن مصيرهم ومكان تواجدهم، وبغض النظر عن هوية الشخص المفقود أو ظروف فقدانه.

  1. ضرورة تمتع المؤسسة الجديدة بالشمولية وعدم التمييز:

لا يمكن الفصل بين النهج الشمولي الذي ذكره قرار إنشاء المؤسسة وبين التعريف الشامل للمفقودين ضمن اختصاصها. إن عدم التمييز هو أحد المبادئ القانونية الراسخة ويعتبر عماد القانون الدولي لحقوق الإنسان. ويرتبط دون شك بمبدأ عدم الإضرار لأن أي تمييز بين الضحايا أو عائلاتهم وعلى أي أساس يسبب إضراراً بهؤلاء الذين تم التمييز بحقهم. فمن أشكال التمييز – على سبيل المثال – إعطاء الأولوية لقضايا المفقودين في مناطق سيطرة طرف معين في النزاع والتعامل بثانوية أو تأجيل مع القضايا في مناطق سيطرة أطراف أخرى. كما يمكن للتمييز أن يحدث من خلال تأثير أي طرف ذي صلة على عمليات التبليغ ومشاركة البيانات بما يضمن تركيزاً أكثر على فئات معينة من المفقودين أكثر من سواها. بالإضافة إلى ذلك، على المؤسسة أن تتنبّه لضرورة عدم تطبيع التوجه في استثناء فئة ما من المفقودين لادعاءات الميول السياسية أو المشاركة في النزاع أو الانتهاكات.

هناك فرصة حقيقية لدى المؤسسة الجديدة باتباع نهج قائم على عدم التسييس وضمان الشمولية في عمليات التوثيق والبحث، بحيث تتواصل فيه مع جميع الأطراف المعنية فيما يخص ولاية المؤسسة، مع الحذر من إمكانية استغلال أطراف النزاع لهذا التواصل لأجندات خاصة ومحاولة كسب شرعية دون تقديم أي إضافات على عمل المؤسسة.

جاء القرار التاريخي بإنشاء المؤسسة في الوقت الذي لم يتوقف فيه النزاع السوري الذي ما زال يشهد وقوع عمليات اختفاء قسري وخطف وفقدان من قبل جميع أطراف النزاع، بل تشهد المناطق الشمالية من البلاد تهديدات عسكرية متكررة من مختلف أطراف النزاع، وهو ما يخلق تحديات فريدة من نوعها للمؤسسة الجديد، ليس فقط في التعامل مع حالات الفقد القديمة، بل حتى الجديدة أو التي يمكن أن تحدث في المستقبل. ويتطلب هذا إيجاد آلية آمنة ومشفرة يستطيع فيها ذوي المفقودين مشاركة المعلومات حول جميع الحالات، القديمة منها أو الحالية أو التي سوف تحدث في المستقبل إلى المؤسسة، ورفع الوعي لدى عائلات المفقودين بآليات التبليغ. كما يجب على المؤسسة الجديدة، مخاطبة جميع الجهات الفاعلة في سوريا، لتسهيل زيارة ممثلي المؤسسة إلى الأراضي السورية وأماكن الاحتجاز والتوقيف، بما فيها الأماكن غير الرسمية والتي تديرها الأجهزة الأمنية.

في هذا السياق توصي “سوريون من أجل الحقيقة والعدالة” بأن تتضمن الشروط المرجعية للمؤسسة تحديداً واضحاً للنطاق الشامل لعملها مع كافة الأطراف ذات الصلة وفي أية مواقع أو سياقات يعتقد أن تتوفر فيها معلومات حول مصير ومكان تواجد أي مفقود، وبحيث تكون معايير الأولويات مقتصرة على المعلومات المتوفرة وإمكانيات الوصول بكافة أشكاله. كما يجب أنّ تخصص المؤسسة كافة الموارد اللازمة والمتوفرة للتعامل مع هذه الأولويات دون أية اعتبارات لنطاق وخلفية قضايا الفقد التي يتم التعامل معها.

  1. ضرورة إشراك أسر المفقودين والضحايا ومنظمات المجتمع المدني في المراحل الأولى والمستقبلية:

ذكر قرار إنشاء المؤسسة في الفقرة الثانية منه (أن يكون للمؤسسة عنصر هيكلي يضمن مشاركة الضحايا والناجين وأسر المفقودين في الجمهورية العربية السورية وتمثيلهم بشكل كامل ومجدٍ في تشغيلها وعملها وأن تعمل مع المنظمات النسائية ومنظمات المجتمع المدني الأخرى بطريقة منتظمة ومستمرة).

تُعتبر هذه الفقرة تحديداً سابقةً للأمم المتحدة التي لم يسبق لها أن أقرّت في قرار أممي المشاركة الهيكلية للضحايا والعائلات. لم يكن لهذا الإنجاز أن يرى النور لولا النضال الطويل للضحايا والعائلات والعديد من المنظمات السورية والدولية. ومن الضروري الحفاظ على هذا الإنجاز واستثماره بفعالية لتحقيق شمولية عمل المؤسسة. ويتحقق هذا بشكل أساسي بضمان المشاركة الحقيقية والتمثيل الفعلي لجميع الضحايا والعائلات دون تمييز خاصة على أساس الانتماء السياسي، أو مكان التواجد، أو نوع الفقد، أو غير ذلك.

ومما لا شك فيه أن تحقيق شمولية التمثيل هذه عملية بالغة الصعوبة نظراً لتعقيدات الواقع السوري وتحديات الوصول والمشاركة. ولعل أولى التدخلات الأساسية اللازمة هي تعميم المعرفة المستنيرة على المستوى المجتمعي لضمان أن الضحايا والعائلات مدركين لماهية الفقد واختصاص المؤسسة وما المتوقع منها وأهمية دورهم فيها. وتقع على عاتق المؤسسة في هذا السياق مسؤولية التخطيط الفوري لنشر هذه المعرفة المستنيرة خاصة من خلال شراكات موثوقة مع جهات متخصصة وقادرة على الوصول.

كما يجب أن يتبع إنشاء المؤسسة وعملها عملية تشاركية تضمن دوراً مركزياً لأسر المفقودين في تصميم وتنفيذ التدابير المتعلقة بالبحث، وأن تتاح لها قنوات اتصال آمنة وفعالة، وأن تبني المؤسسة الثقة مع العائلات من خلال الشفافية وتقديم التحديثات بشكل دوري ومستمر.

في هذا السياق ترى “سوريون من أجل الحقيقة والعدالة” بأنّه على المؤسسة الجديدة أن تنشئ مجلساً استشارياً داخل المؤسسة، يقدم لها التوصيات والمقترحات مع ضمان تطبيق وتنفيذ تلك التوصيات حيثما أمكن وبما يتفق مع ولاية المؤسسة. وفي ذات الإطار، توصي “سوريون” بضرورة تمثيل عادل ومتوازن لجميع أسر المفقودين من مختلف الجغرافية السورية ومن قبل مختلف أطراف النزاع المتورطين بعمليات الاختفاء، مع ضمان وجود آلية تضمن اختياراً شفافاً وعادلاً ومتوازناً لجميع أسر المفقودين.

  1. إيلاء اهتمام خاص بالضحايا النساء وأسر المفقودين من الأطفال والنساء:

يجب على المؤسسة الجديدة، إيلاء اهتمام خاص بالناجيات وأسر وعائلات المفقودين/ات، بحيث تراعي حساسية وقوع تلك الانتهاكات ضد النساء بشكل خاص، أو عندما يجعل الفقد المرأة مسؤولة بشكل كامل عن إعالة أسرتها بعد فقدان المعيل، لذا توصي “سوريون” بتصميم برامج خاصة تراعي فيها الحساسية الجندرية للنساء المفقودات وبرامج موجّهة للنساء من أسر المفقودين، سواء تلك البرامج التنموية أو بسبل العيش ومتابعة أمورهن القانونية وبشؤون أطفال المفقودين، حيث أدى الفقد في كثير من الحالات إلى حرمانهم من الثبوتيات وأحياناً من الجنسية السورية.

  1. أهمية التكامل في الدعم وضبط التوقعات:

ذكرت الفقرتان الأولى والثانية من قرار إنشاء المؤسسة ضرورة تلقي أسر المفقودين (الدعم الكافي). لا يقدم القرار بطبيعة الحال المزيد من التوضيح حول ماهية هذا الدعم ويقع على عاتق الأمين العام مدعوماً من المفوضية السامية لحقوق الإنسان عبء التحديد الدقيق لأشكال ونطاق الدعم الذي ستقدمه المؤسسة. تعاني أسر المفقودين من تحديات واحتياجات مضاعفة نتيجة النزاع المسلح، التهجير، والفقد، منها الاقتصادي والقانوني والنفسي وغيرها. ومع اتساع رقعة تواجد هذه الأسر وتنوع وتراكم احتياجاتها، يجب التعامل مع مفهوم وأشكال الدعم المنضوية ضمن اختصاص المؤسسة بموضوعية وشفافية كي لا تفقد الأسر ثقتها فيها بما ينعكس سلباً على اختصاص المؤسسة الأساسي المتمثل في العمل على كشف مصير المفقودين. كما يجب الأخذ بعين الاعتبار الاختلافات الجوهرية في احتياجات الأسر حسب سياق وخصوصية كل منها، وذلك على الرغم من التقاطعات الواضحة في هذه الاحتياجات في كثير من الحالات. لا ينفصل تقديم الدعم عن تعريف الضحايا وأسرهم، وكذلك عن آليات التحقق من المعلومات وتنسيقها، وذلك تجنباً للاستغلال وهدر الموارد وإلحاق الضرر بالمحتاجين الفعليين لهذا الدعم.

توصي “سوريون” بتحديد أنواع الدعم حيثما أمكن، بحيث يتم ضبط توقعات الناجين/ات والضحايا وأسر المفقودين، وهذا يتطلب جهود نشر المعرفة المستنيرة بالتوازي مع تعميم المعرفة حول المؤسسة واختصاصها بالعموم. يمكن للمؤسسة الجديدة الاطلاع على تجارب الدول الأخرى والاستفادة من الدروس السابقة في هذا السياق، بحيث يتم ضمان عدم تكرار الجهود. كما توصي “سوريون من أجل الحقيقة والعدالة”، وكدرس مستفاد من مشاريع سابقة نفذتها المنظمة، بأنّ يكون ذلك الدعم المزمع تقديمه، متكاملاً ومدروساً بحسب حاجة كل أسرة/عائلة، وألاّ يقتصر على نوع دون سواه، ومن الأهمية بمكان أنّ يكون هنالك تكامل بين الدعم القانوني والنفسي والطبي والاجتماعي وحتى الاقتصادي المزمع تقديمه للأسر. وفي حال عدم قدرة المؤسسة الجديدة على تقديم هذا الدعم، توصي “سوريون”، بأن تكون المؤسسة جهة مخولة ببناء شراكات رسمية مع مزودي خدمات موثوقين وهي التي تتولى الإحالة لتلك الجهات حسب حاجة كل عائلة/أسرة.

  1. التنسيق وآليات التبليغ والتحقق:

كما بات معروفاً، شهد النزاع السوري واحدة من أكثر عمليات التوثيق كثافة، ويساهم في هذه العملية العديد من منظمات المجتمع المدني السورية والدولية وروابط الضحايا والعائلات، عدا عن الدول والهيئات الأممية مثل لجنة التحقيق الدولية. ومما لا شك فيه أن حجم البيانات المتعلقة بالأشخاص المفقودين هائل، ولكنه يفتقر إلى آلية تنسيقية تضمن فعالية استثمار تلك البيانات في عمليات البحث وكشف مصير المفقودين. في الحقيقة، فإن غياب التنسيق كان أحد الأسباب الرئيسية التي استند إليها الأمين العام للأمم المتحدة في تقريره ليوصي بتأسيس هذه المؤسسة الدولية.

يقع على عاتق المؤسسة الدولية تطوير آلية تنسيق متطورة وفعالة تتيح مشاركة البيانات من قبل كافة الأطراف المعنية والتحقق منها ومقاطعتها بما يفضي إلى معلومات موحدة وموثوقة حول حالات الفقد، ومما يمكّن المؤسسة من الاضطلاع باختصاصها في توظيف تلك المعلومات للكشف عن مصير المفقودين. يجب على المؤسسة الجديدة، إنشاء قاعدة بيانات مركزية، تشمل كافة البيانات الواردة والموجودة حالياً لدى الجهات الأخرى المعنية ومن ضمنها بيانات الأفراد مجهولي الهوية، وكذلك وضع منهجية صارمة للتحقق من جميع البيانات الواردة إلى الجسم الجديد، أو التي سوف يتم جمعها في المستقبل، وذلك من أجل تجنّب عمليات التضليل التي قد تتعرض لها، وخاصة من قبل الأطراف المتورطة بعمليات الاختفاء والفقد.

في هذا السياق توصي “سوريون من أجل الحقيقة والعدالة” بأنّ يتمّ عقد جلسات تقنية دورية ما بين الجهة المكلفة بكتابة اللوائح المرجعية التنفيذية ومنظمات وروابط الضحايا، ومنظمات المجتمع المدني السورية والدولية، وخاصة تلك العاملة في قضايا التوثيق وجمع المعلومات، على أنّ يتم الاستفادة من سنوات الخبرة لديها، وتوقيع مذكرات تفاهم من أجل إرسال جميع المواد الداخلة ضمن اهتمامات واختصاصات المؤسسة إلى الجسم الجديد، وضمان أن تقوم المؤسسة الجديدة بتقديم تغذية راجعة مكتوبة حول المعلومات المجموعة من قبل المنظمات السورية والدولية بحيث تساعد على توحيد منهجيات التوثيق وجمع المعلومات.

إن بناء مختبر للتحقق من عينات الحمض النووي، يتم نقله إلى سوريا، في المستقبل، قد تكون فكرة جديرة بالنقاش والتبنّي. كما ترى “سوريون” أنّه من الأهمية بمكان، وخلال نقاشات كتابة اللوائح التنفيذية والاستشارات المستقبلية، ألا ينحصر الحضور على أسر الضحايا والمفقودين المتواجدين في دول الاتحاد الأوربي، بل يجب أنّ تقوم المفوضية بجلسات تشاورية إقليمية في لبنان والأردن وتركيا والعراق وكردستان، مع ضمان مشاركة عائلات عبر الانترنت في حال تعذر خروجهم من الأراضي السورية لأي سبب كان.

  1. المفقودون الأجانب على الأراضي السورية والمفقودون السوريون خارج سوريا:

شهدت سوريا، نزاعاً مدمراً فريداً من نوعه، فإلى جانب عشرات المجموعات العسكرية الوافدة إلى سوريا التي قاتلت إلى جانب الحكومة السورية، شهد النزاع بروز مئات المجموعات العسكرية الأخرى، سواء تلك المرتبطة بالمعارضة السورية المسلّحة، أو بأطراف أخرى مثل قوات سوريا الديمقراطية، أو تلك الجهادية العابرة للحدود.

وقد تورطت جميع الأطراف المذكورة (وبنسب مختلفة) بحالات خطف وفقد، حيث تشير التقديرات إلى وقوف الحكومة السورية وتنظيم الدولة الإسلامية وراء النسبة الأكبر من عمليات الاختفاء، دون تبرئة الأطراف العسكرية الأخرى من آلاف عمليات الإخفاء التي تورطت بها.

إلى ذلك، شهدت سوريا حالات اختفاء لجنسيات غير سوريّة، منهم مواطنون من دول الجوار مثل لبنان والأردن، وأيضاً ضحايا عراقيون (ومنهم آلاف النساء والأطفال الايزيديين) الذين تم جلبهم من قبل تنظيم الدولة الإسلامية (داعش) من العراق أثناء فترة سيطرته على مساحات شاسعة من سوريا والعراق، كما قام التنظيم نفسه بنقل مئات وربّما آلاف الأشخاص الذين فقدوا في سوريا إلى داخل الأراضي العراقية.

كما شهدت المناطق الشمالية من سوريا، نقل غير قانوني لعشرات وربّما مئات السوريين إلى داخل الأراضي التركية، وخاصة عقب عملية “نبع السلام” التي شنّتها تركيا إلى جانب فصائل سوريّة معارضة.

لذا، تعتقد “سوريون من أجل الحقيقة والعدالة” بضرورة إشراك منظمات معنية بقضايا المفقودين في دول الجوار مثل لبنان وتركيا والعراق والأردن وفلسطين وغيرها بعمليات كتابة اللوائح التنفيذية ولاحقاً للاستشارات الدورية. كما يجب على المؤسسة الجديدة عدم إهمال المفقودين من عائلات مقاتلي تنظيم داعش، خاصة النساء والأطفال منهم.

  1. التعاطي مع قضية المقابر الجماعية:

مع تعدد السيطرة الميدانية في سوريا من قبل أطراف النزاع وغياب سلطة القانون الفعالة، يصبح التعامل مع المقابر الجماعية وأماكن الدفن الأخرى قضية حساسة وقابلة للعبث. فعلى الرغم من أن بعض الأطراف قد يكون هدفها مساعدة عائلات المفقودين في الكشف عن مصير أبنائهم، إلا أن التعامل غير القانوني وغير الاحترافي مع هذه المواقع له نتائج سلبية تفوق النوايا الإيجابية. إن تغيير ملامح هذه المواقع في ظل غياب آلية توثيق وتنسيق رسمية يحدّ من الفائدة المرجوّة للعائلات وقد يضاعف من معاناة الكثيرين منهم. عدا عن ذلك، يجب على أية جهود للتعامل مع هذه المواقع أن تلتزم بالمعايير الدولية وفي مقدمتها بروتوكول مينيسوتا مع الأخذ بعين الاعتبار مشاركة العائلات بفعالية في اتخاذ القرار بخصوصها.

تعتقد “سوريون” بوجوب أن تتولى المؤسسة الجديدة دور المرجعية القانونية فيما يتعلق بموضوع المقابر التي يتم تحديدها، بحيث تكون مرجعية التبليغ وتقديم التوجيهات اللازمة للتعامل مع هذه الأماكن المكتشفة ومن ضمن ذلك حين يمكن تكليف أية جهات متخصصة ومعتمدة من قبل المؤسسة بعمليات البحث والتنقيب، مما يساهم في الحد من العبث في هذه المقابر.

منشورات ذات صلة

اترك تعليقاً

* By using this form you agree with the storage and handling of your data by this website.

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك ، ولكن يمكنك عدم المشاركة إذا كنت ترغب في ذلك. موافق إقرأ المزيد