تتقدّم منظمة سوريون من أجل الحقيقة والعدالة بهذه الورقة إلى الجمعية العامة للأمم المتحدة لطلب تسليط الضوء على الوضع في منطقة عفرين ذات الغالبية الكردية، والتي هي جزء لا يتجزأ من الأراضي السورية. إنّنا نناشد المجتمع الدولي أن يشارك بفعالية في معالجة التجاوزات الحاصلة في منطقة عفرين كالمحاسبة على الانتهاكات بمقتضى القانون الدولي وتطبيق ممارسات مناسبة للنظر في هذه المسائل ضمن إطار الإجراءات المتبعة في تناول قضايا الشأن السوري.
لقد أفضت عملية غصن الزيتون التي شنتها القوات التركية بمساندة فصائل من قوات المعارضة المسلحة السورية ضد وحدات حماية الشعب (YPG) إلى احتلال تركيا لمنطقة عفرين، وتحديداً في كانون الثاني/يناير 2018. وأدت العمليات العسكرية المتضمنة في العملية، والتي قام بها الجيش التركي بمساعدة الجيش السوري الحر المدعوم من قبله وآخرون، إلى تداعيات خطيرة شملت انتهاكات جسيمة للقانون الدولي.[1]
ويذكر أنّ وتيرة الاعتقالات التعسّفية قد تزايدت بشكل ملحوظ خلال الأشهر الثلاثة الماضية فقد سجلت 56 حالة في شهر حزيران/يونيو و 63 حالة في تموز/يوليو في حين ارتفع العدد إلى أكثر من 80 حالة في آب/أغسطس.[2]
وإلى جانب ذلك هناك خطر متزايد يهدد هوية سكان المنطقة، بمن فيهم المشردون/النازحون داخلياً. علماً أنّ آلية العمل الجديدة لدى السجل المدني في عفرين، والتي وضعتها الحكومة التركية، لا تفرّق بين الأشخاص المشردين داخلياً والمواطنين المحليين/الأصليين من حيث الانتماء الجغرافي وعليه فهي تتجاهل عند التسجيل ماضي وأصول الكثير من الأشخاص. وعلاوة على ذلك، فإن السجل المدني الجديد لا يدرج معلومات بطاقة الهوية السابقة للشخص، تاركاً الدليل الرسمي على أصول المواطنين في ملف ورقي واحد معرض للتلف أو الضياع/الاختفاء في أي وقت.
وأخيراً، فقد قامت الجهات المسيطرة في المنطقة بارتكاب انتهاكات ضد المواقع التاريخية والثقافية والدينية. فقد تم تدمير الضريح التاريخي “علي دادا” في عفرين خلال العمليات العسكرية. وتظهر أدلة بصرية حديثة كيف تم جرف المقبرة الحاضنة للضريح بواسطة المركبات العسكرية التابعة للجيش التركي والقوات الحليفة.[3]
وإضافة إلى البيانات المذكورة أعلاه ، نود أن نشير إلى أحد الاستنتاجات الواردة في التقرير الأخير للجنة التحقيق الدولية المستقلة بشأن الجمهورية العربية السورية، وتحديداً في الفقرة 66 منه التي تقول “وتخلص اللجنة إلى وجود أسباب معقولة تدعو إلى الاعتقاد بأن أفراد الجماعات المسلحة في عفرين لا يزالون يرتكبون جرائم حرب”.[4] علاوة على ذلك ، نودّ تسليط الضوء إلى أهمية النظر في البيانات المذكورة سابقاً في ضوء الاحتلال العسكري للمنطقة من قبل القوات التركية، مايعني ضمناً تطبيق التزامات القانون الدولي.
توصيات
في ضوء البيانات الموضحة أعلاه، وبغية ضمان توثيق الأفعال غير القانونية داخل منطقة عفرين بصورة شاملة وتحقيق آليات عدالة انتقالية فعّالة في المستقبل، نوصي المجتمع الدولي بما يلي:
-
التعامل مع قضية منطقة عفرين كجزء من جدول أعمال الجمعية العامة للأمم المتحدة لمعالجة قضايا الصراع السوري، وخاصة في مراعاة نتائج لجنة التحقيق الدولية المستقلة بشأن الجمهورية العربية السورية، التي صرحت في تقرير سابق لها بالقول: “تلاحظ لجنة التحقيق الدولية المستقلة المعنية بالجمهورية العربية السورية ببالغ القلق تزايد الأعمال العدائية مؤخرًا في شمال غرب سوريا، محذرة من أن أي تصعيد جديد سيفضي حتماً إلى كارثة إنسانية وكارثة في مجال حقوق الإنسان.”
-
حث تركيا وجماعات المعارضة المسلحة على الالتزام بالمعايير الدولية والامتناع عن القيام بعمليات اعتقال تعسفية وأفعال الاختفاء القسري والتعذيب والحفاظ على التراث الثقافي واحترام هويات السكان الأصليين واتخاذ جميع التدابير الممكنة لمنع حدوث تغييرات ديموغرافية في المنطقة.
-
حث كلّ من الآلية الدولية المحايدة والمستقلة ((IIIM، و لجنة التحقيق الدولية المستقلة بشأن الجمهورية العربية السورية (COI) ومفوضية الأمم المتحدة السامية لحقوق الإنسان (OHCHR) والمفوضية السامية لشؤون اللاجئين (UNHCR)، للنظر في عمل آلية السجل المدني المطبّقة في منطقة عفرين ومنطقة “درع الفرات”.
————————————-
[1] في تقرير لها وصفت منظمة العفو الدولية الوجود التركي في عفرين بالاحتلال وذكرت أسماء بعض الفصائل المتهمة بارتكاب انتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان ومن بينهم: الفرقة 55، الجبهة الشامية، فيلق الشام، فرقة السلطان المراد وأحرار الشرقية.
“سوريا: يجب على تركيا وضع حد للانتهاكات التي ترتكبها الجماعات الموالية لها والقوات المسلحة التركية ذاتها في عفرين”، 2 آب/أغسطس 2018 https://www.amnesty.org/ar/latest/news/2018/08/syria-turkey-must-stop-serious-violations-by-allied-groups-and-its-own-forces-in-afrin/.
[2] لمزيد من المعلومات ، يرجى الرجوع إلى المصادر العامة التالية:
[3] لمزيد من المعلومات يرجى الاطلاع على تقرير للمنظمة بعنوان” سوريا: أدلة بصرية جديدة حول جرف مزار في عفرين”، 10 أيلول/سبتمبر 2019 https://stj-sy.org/ar/%d8%b3%d9%88%d8%b1%d9%8a%d8%a7-%d8%a3%d8%af%d9%84%d8%a9-%d8%a8%d8%b5%d8%b1%d9%8a%d8%a9-%d8%ad%d9%88%d9%84-%d8%ac%d8%b1%d9%81-%d9%85%d8%b2%d8%a7%d8%b1-%d9%81%d9%8a-%d8%b9%d9%81%d8%b1%d9%8a%d9%86/
وتقرير آخر لموقع بيلينغكات بعنوان: “عفرين: حوادث تدنيس وتدمير للمواقع الثقافية”.
[4] A/HRC/42/51 “تقرير لجنة التحقيق الدولية المستقلة المعنية بالجمهورية العربية السورية”،النسخة المنقحة،الفقرتان 69-61 والفقرة 62، في 15 آب/أغسطس 2019.