عملت “هيئة تحرير الشام” على هدم وتفكيك أجزاء من جسر في ناحية بداما غربي محافظة إدلب، في حين عمل “الحزب الإسلامي التركستاني” على نهب وتفكيك ما تبقى من معمل السكر في ناحية جسر الشغور وذلك عقب انتهائه من تفكيك محطة كهرباء زيزون وأنابيب مياه الريّ، حيث تم تسليم كل من الجسر ومعمل السكر إلى تاجر خردوات من أجل استخراج الحديد منهما مقابل مبلغ مالي دفعه المستثمرون مسبقاً للتنظيمين.
عمليات نهب وتفكيك المنشآت العامة استمرت منذ منتصف عام 2020 وحتى الأشهر الأولى من عام 2021، وتمت بالاتفاق بين هيئة تحرير الشام التي تسيطر على محافظة إدلب وبين الحزب الإسلامي التركستاني، حيث سبق أن نشرت “سوريون من أجل الحقيقة والعدالة” تقارير مفصلة حول عمليات نهب أخرى طالت محطة كهرباء زيزون وخط الغاز منشآت حيوية أخرى. [1]
وكان ناشطون محليون التقتهم “سوريون” أشاروا إلى أن عمليات النهب التي طالت معمل السكر قد أثرت بشكل سلبي على مستقبل زراعة الشمندر السكري في المنطقة التي لطالما اشتهرت بها، حيث كان يأمل المزارعون أن تقوم إحدى الجهات/الحكومات الموجودة في المنطقة بإعادة تشغيل المعمل الأمر الذي يحسن الواقع الزراعي والاقتصادي ويوفر فرص عمل إضافية، كما أن عملية تفكيك الجسر أضرت بسكان ناحية بداما وحرمتهم من استخدام طريق رئيسي يخدم المنطقة.
-
تفكيك جسر بداما:
يصل جسر بداما أو ما يعرف بجسر سكة قطار اللاذقية بين بلدتي الزعينية وبداما غرب محافظة إدلب، ويمر الجسر من فوق السكة الحديدية بطول 245 متر وارتفاع 18 متر، ويتألف من 8 فتحات، منها 2 من الباطون بطول 16,5 متر و6 فتحات أخرى معدنية بطول 34 متر لكل منها.
بحسب المعلومات والشهادات التي جمعتها “سوريون” فإن هيئة تحرير الشام قامت بتسليم الجسر لأحد تجار الخردة والحديد في المنطقة على سبيل الضمان/الاستثمار مقابل مبلغ مالي تسلمته مسبقاً من التاجر، وبتاريخ 11 كانون الثاني 2021 شرع التاجر بعملية هدم الجسر واستخراج الحديد لتتوقف عملية الهدم في نهاية الشهر ذاته بعد أن طالبت الهيئة بمبلغ إضافي من المال بحجة أنه لم يتم تخمين كمية الحديد الموجودة في الجسر بشكل صحيح. تحدثت “سوريون” مع 3 شهود من أبناء المنطقة حول الحادثة، وقالوا في شهادتهم ما يلي:
الشاهد الأول/ ناشط مدني يدعى “أبو منير” قال ما يلي:
“قام المدعو ش. ر بالاتفاق مع هيئة تحرير الشام على ضمان الجسر، وبدأ أعمال تفكيك واستخراج القضبان الحديدية بوم 11 كانون الثاني 2021، لقد هدم الأطراف وسحب الحديد منها وحملها بسيارات توجهت نحو مدينة جسر الشغور.”
الشاهد الثاني/نضال، من أبناء بلدة بداما ومقيم فيها، قال ما يلي:
“خلال عشر أيام من العمل في هدم الجسر تم استخراج حمولة 5 سيارات محملة بقضبان حديدية، خلال عمليات الهدم كانت سيارات لعناصر من هيئة تحرير الشام متواجدة وتؤمن الحراسة للعمال وتراقب كميات الحديد المستخرج، وبشكل مفاجئ توقفت أعمال الهدم وغادرت الآليات الموقع يوم 30 كانون الثاني، لقد تم إزالة النصف العلوي من الجسر وبقيت العوارض الاسمنتية فقط”
الشاهد الثالث/ ناشط مدني واسمه راكان مواس، قال ما يلي:
“توقفت أعمال الهدم في جسر بداما لأن هيئة تحرير الشام طالبت المستثمر/الضامن بمبلغ مالي إضافي غير المتفق عليه، وذلك بحجة أنه لم يتم تخمين كمية الحديد بشكل صحيح وأن الكمية أكبر بكثير من المتفق عليها في عقد الضمان بين الطرفين، ولكن الضامن رفض الدفع وطالب بفسخ العقد واسترداد نقوده وغادر الموقع، ولكن الهيئة رفضت إعادة المال وقامت بإحالة القضية لمحكمة تتبع لها.”
-
تفكيك معمل السكر:
يقع معمل السكر جنوب مدينة جسر الشغور بـ 6 كم على طريق جسر الشغور -السقيلبية وتقدر مساحة المعمل والأبنية الملحقة به بحوالي هكتار واحد ما يعادل 10 آلاف متر مربع.
كان المعمل يستقبل محصول الشمندر السكري بريف حماة الشمالي الغربي وريف ادلب الغربي بطاقة انتاجية تصل إلى 1300 طن يومياً، وتوقف المعمل عن العمل في حزيران/يونيو 2011، وسيطرت عليه فصائل المعارضة في نيسان/أبريل 2015.
وبحسب الناشط “محمد العبدالله” فإن المعمل قد تعرض لقصف من قبل طائرات حربية تتبع لقوات الحكومة السورية ما تسبب بأضرار فيه، وبعد أن سيطرت “هيئة تحرير الشام” (جبهة النصرة آنذاك) مع “الحزب الإسلامي التركستاني” تمركزت كتائبهم فيه.
عملية تفكيك معمل السكر ونهب معداته بدأت منذ سيطرة “الحزب التركستاني” عليه، واستمرت على مراحل ونشطت بشكل كبير منذ منتصف عام 2020 وحتى نهايته، وتم تفكيكه بالكامل حتى تمت إزالته وبقيت آثاره فقط.
كانت “سوريون من أجل الحقيقة” قد ذكرت في تقرير سابق قيام “هيئة تحرير الشام” ببيع معدات وآليات من المعمل[2]، ومن جانبه قال الشاهد عبد الكرين العدنان:
“في البداية كانت عمليات النهب وبيع المعدات مقتصرة على المعدات البسيطة والأبواب والأثاث، وكان ينفذها عناصر من التركستاني يبيعونها لتجار خردة جوالين، وخلال عامي 2016-2017 كانت حركة أنصار الشام تتخذ من معمل السكر مركز لتدريب عناصرها بالتزامن مع اعمال النهب التي يمارسها الحزب.”
وفي منتصف عام 2020 استكمل “الحزب التركستاني” عمليات السلب لكن هذه المرة بطريقة منظمة، حيث جلب رافعات لرفع القطع والآلات الضخمة الموجودة بالمعمل وتحميلها بشاحنات كبيرة، وذلك وفق الشاهد سلامة الادلبي حيث قال:
“بدأت شاحنات نقل كبيرة بدخول المعمل ونقل معدات ضخمة من باتجاه مدينة ادلب تمهيداً لبيعها لتجار، واستمرت عمليات النقل والتفكيك قرابة 6 أشهر حيث أفرغ الحزب المعمل من تجهيزاته والآلات لتبقى فقط الجدران والاسوار الحديدية وبعض الانابيب الضخمة المصنوعة من الحديد.”
وفي الربع الأخير من عام 2020، قام “الحزب التركستاني” بتسليم المعمل لتاجر خردة الذي قام بتفكيك الألواح والأسوار الحديدية واستخراج الحديد المتبقي في الجدران، وذلك وفق شهادة الناشط “دريد محمود” الذي قال:
“لم يكتفي الحزب التركستاني بتفكيك الأجهزة والمعدات من معمل سكر جسر الشغور بل عمد الى تأجير بناء المعمل لاحد ابناء المنطقة الذي سبق وأن استثمر من الحزب برج تبريد محطة كهرباء زيزون، ويدعى ف . أ، ودفع التاجر مبلغ 37 ألف دولار أمريكي مقابل الحصول على المواد التي بقيت من المعمل، وفي بداية كانون الأول/ديسمبر 2020، تم جلب جرافات وتم هدم الجدران المتبقية والأبنية المحيطة به من أجل استخراج الحديد منها.”
_____
[1] للمزيد انظر: التصحر يهدد سهل الغاب بعد اقتلاع “التركستاني” أنابيب ريّ مغذيّة من العاصي، سوريون من أجل الحقيقة والعدالة بتاريخ 10 نوفمبر 2020، آخر زيارة بتاريخ 15 نيسان/أبريل 2021، https://stj-sy.org/ar/%d8%a7%d9%84%d8%aa%d8%b5%d8%ad%d9%91%d8%b1-%d9%8a%d9%87%d8%af%d8%af-%d8%b3%d9%87%d9%84-%d8%a7%d9%84%d8%ba%d8%a7%d8%a8-%d8%a8%d8%b9%d8%af-%d8%a7%d9%82%d8%aa%d9%84%d8%a7%d8%b9-%d8%a7%d9%84%d8%aa%d8%b1/
[2]الاستيلاء على الممتلكات العامة والخاصة في جسر الشغور، سوريون من أجل الحقيقة والعدالة بتاريخ 27 سبتمبر 2017، آخر زيارة بتاريخ 22 أبريل 2021، https://stj-sy.org/ar/262/