نحن منظمات حقوق الإنسان في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، نعرب عن قلقنا البالغ إزاء العملية العسكرية التركية في شمال شرق سوريا، وخطة تركيا لإعادة توطين اللاجئين السوريين في المنطقة، أعقاب قرار الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بسحب القوات الأمريكية من المنطقة. فهذا العمل العدواني سيؤدي لانتهاكات خطيرة لحقوق الإنسان ويزيد من زعزعة استقرار المنطقة، خاصة بعدما أدى التوغل العسكري بالفعل إلى مقتل عشرات المدنيين، فضلاً عما تؤكده التقارير من استهداف للبنية التحتية المدنية الرئيسية، بما في ذلك محطات ضخ المياه والسدود ومحطات الطاقة وحقول النفط. الأمر الذي دفع ما بين 150،000 إلى 160،000سوريًا للنزوح بسبب أعمال العنف حتى الآن.
وفيما نرحب نحن الموقعون أدناه بإعلان تركيا التعليق المؤقت لعمليتها العسكرية، نشير إلى أن ثمة تقارير من سوريا تفيد باستمرار القتال على الحدود. وفي هذا الإطار نؤكد على الحاجة إلى اتفاق فوري فعال يفرض وقف إطلاق النار على الأرض، والانسحاب الكامل للقوات التركية من المنطقة، مع ضمان حماية المدنيين ومنع أي محاولات للتغيير الديموغرافي كوسيلة لمواجهة مخاوف أطراف النزاع الأمنية.
على مدى الأعوام الثمانية الماضية، عانى الشعب السوري معاناة كبرى تسبب فيها جميع أطراف النزاع، بما في ذلك القمع الشديد والاعتداءات الوحشية من قبل حكومة الرئيس بشار الأسد. وقد خلقت الحرب الأهلية السورية ما يقرب من 5.6 مليون لاجئ وشرّدت 6.6 مليون شخصًا على الأقل.
كان الرئيس التركي رجب طيب أردوغان قد أعلن عن خطته لإنشاء “منطقة آمنة” في شمال شرق سوريا، ونقل ما يصل إلى مليوني لاجئ سوري قسرًا للمنطقة، الأمر الذي لن يؤد إلا إلى تفاقم الصراع ومزيد من الخسائر وتشريد السكان المحليين، من الأكراد والعرب والآشوريين. هذه العسكرة الإضافية للنزاع زادت الموقف تعقيدًا بعد دخول الجيش السوري إلى الشمال الشرقي لمواجهة الجيش التركي، وبعد اتفاق القوات الديمقراطية السورية والحكومة السورية. وعلى الجانب الأخر، وفي إطار الضغط المستمر من جانب الحكومة التركية على 3.6 مليون لاجئ سوري، تم إغلاق مخيمات اللاجئين وإعادة اللاجئين السوريين قسرًا إلى منطقة حرب، في انتهاك لالتزامات تركيا بموجب القانون الدولي للاجئين.
إننا نشعر بقلق بالغ من أن خطة الحكومة التركية لإعادة توطين اللاجئين السوريين في بعض الأراضي بعد تطهيرها عسكريًا ستؤدي إلى تغيير ديموغرافي قسري يفاقم من الصراع، ويعرض اللاجئين العائدين والسكان المحليين، على حد سواء، للخطر.
إذ تتشابه هذه العملية إلى حد كبير مع عملية غصن الزيتون التركية في شمال غرب سوريا حول مدينة عفرين، والتي نتج عنها انتهاكات خطيرة لحقوق الإنسان وتغيير ديموغرافي مقلق، بعدما تم تهجير حوالي 137,000 سوريًا من عفرين كجزء من خطط تركيا للحد من الأغلبية الكردية في المنطقة. كما نقلت الحكومة التركية العرب السوريين إلى عفرين وإلى منازل الأكراد الذين هربوا.
وفي عفرين أيضًا، دمر الجيش التركي وحلفاؤه المواقع التاريخية والثقافية والدينية للمجتمعات الأصلية. كما عانى السكان من انتهاكات مستمرة على أيدي الجماعات المسلحة المدعومة من تركيا، بما في ذلك الترهيب والاحتجاز التعسفي والخطف والاختفاء القسري والتعذيب وغيره من ضروب سوء المعاملة، فضلاً عن مصادرة الممتلكات والمنازل والنهب. ووفقًا لمكتب المفوض السامي لحقوق الإنسان بالأمم المتحدة، احتجزت هذه الجماعات سكان مدنيين بعد اتهامهم بالانتماء لجماعات سياسية أو جماعات مسلحة، ولا يزال مكان احتجاز هؤلاء المدنيين مجهولاً. وعليه تتحمل تركيا، بصفتها القوة المحتلة، مسئولية هذه الانتهاكات التي يرتكبها حلفاؤها.
في هذا السياق، نطالب بما يلي:
-
التحقيق في وضع حقوق الإنسان في شمال شرق سوريا، من خلال لجنة التحقيق الدولية المستقلة حول الجمهورية العربية السورية.
-
تبادل الجهات الفاعلة الحكومية وغير الحكومية جميع الأدلة على ارتكاب جرائم خطيرة في شمال سوريا مع الآلية الدولية غير المتحيزة والمستقلة (IIIM) وضمان المساءلة من خلال الإجراءات الجنائية ذات الصلة.
-
وضع حد فوري للعمليات العسكرية التركية في شمال شرق سوريا، والتي تشكل تهديدًا للسلم والأمن الدوليين.
-
الضغط على تركيا من جانب المجتمع الدولي لإنهاء عملياتها العسكرية والانسحاب فورًا من المنطقة.
-
امتثال تركيا للقانون الدولي وإعطاء أولوية لحماية المدنيين والتوقف عن مهاجمة البنية التحتية المدنية التي لا غنى عنها لبقاء السكان، مثل مرافق المياه.
-
وفاء الحكومة التركية بالتزاماتها الدولية وضمان حماية اللاجئين والامتناع عن إعادة أي شخص إلى مكان يخاف فيه من التعرض لخطر الاضطهاد والتعذيب أو الخسائر في الأرواح.
-
ضمان عدم استخدام تركيا أي من تمويل من قبل الاتحاد الأوروبي بموجب اتفاقية اللاجئين بين الاتحاد الأوروبي وتركيا، في إعادة اللاجئين السوريين قسرًا.
-
إلزام تركيا والجماعات المتحالفة معها بالقانون الدولي الإنساني والقانون الدولي لحقوق الإنسان، ووقف مصادرة الممتلكات والنهب والاعتقالات التعسفية وتدمير الممتلكات الثقافية.
المنظمات الموقعة:
- مركز القاهرة لدراسات حقوق الإنسان
- المنظمة الفلسطينية لحقوق الإنسان (حقوق)
- المركز السوري للإعلام وحرية التعبير (SCM)
- المركز السوري للعدالة والمساءلة (SJAC)
- المرصد السوري لحقوق الإنسان
- المنظمة المستقلة لحقوق الإنسان
- حملة من أجل سوريا
- سوريون من أجل الحقيقة والعدالة – STJ
- مؤسسة دولتي
- مؤسسة ايزدينا
- منظمة اورنامو