ندين نحن، مجموعة من المنظمات الفلسطينية والإقليمية، الإعلان الأخير الصادر عن وزير خارجية الولايات المتحدة الأمريكية مايك بومبيو، في 18 نوفمبر 2019، والذي قال فيه أن “إنشاء مستوطنات مدنية إسرائيلية في الضفة الغربية لا يتعارض في حد ذاته مع القانون الدولي”، ونعرب عن بالغ قلقنا إزاء سياسات الإدارة الأمريكية الحالية، والتي تهدد بشكل كبير حق الشعب الفلسطيني في تقرير المصير والعدالة والمساواة.
هذه المحاولة لتطبيع سياسات إسرائيل وممارساتها تنتهك بوضوح القانون الدولي لحقوق الإنسان والقانون الدولي الإنساني في الأرض الفلسطينية المحتلة (الضفة الغربية المحتلة، بما في ذلك القدس الشرقية وغزة) وكذا في الجولان السوري المحتل، بينما سمح تقاعس المجتمع الدولي عن اتخاذ إجراءات فعالة حيال هذه الانتهاكات بارتكاب المزيد منها. لذا ندعو المجتمع الدولي إلى الوقوف في وجه مشروع الاستيطان الإسرائيلي، بما في ذلك إبرام اتفاق دولي لفرض حظر كامل في السوق الدولية على جميع المنتجات والخدمات القادمة من المستوطنات الإسرائيلية. كما نحث الدول الأعضاء في الأمم المتحدة على حماية استقلالية ونزاهة ولاية المفوض السامي لحقوق الإنسان، من خلال دعم النشر الفوري لقاعدة بيانات جميع الشركات العاملة في الأنشطة المتعلقة بمشروع الاستيطان غير القانوني لإسرائيل في الأرض الفلسطينية المحتلة، والمزودة بأسماء الشركات وأخر التطورات، وفق قرار مجلس حقوق الإنسان رقم 31/36. هذا بالإضافة إلى ضرورة اتخاذ المجتمع الدولي تدابير مضادة وعقوبات، تضمن احترام إسرائيل والأطراف الأخرى ذات الصلة لالتزاماتها بموجب القانون الدولي، وتكفل المساءلة الكاملة للمسئولين السياسيين والعسكريين الإسرائيليين المسئولين عن الانتهاكات الجسيمة للقانون الدولي في الأرض المحتلة، من خلال المحكمة الجنائية الدولية والولاية القضائية العالمية.
لقد كان لتجاهل الإدارة الأمريكية للقانون الدولي تداعيات ضارة واسعة النطاق على حقوق الإنسان، تهدد استقرار المنطقة والتقدم المحرز في تطوير القانون الدولي، والنظام الدولي القائم على القانون. إذ شجع هذا التجاهل الأمريكي رئيس الوزراء الإسرائيلي نتنياهو في 19 نوفمبر الجاري على الموافقة على تقديم مشروع قانون يفرض سيادة إسرائيل على غور الأردن، في خطوة تحرم الشعب الفلسطيني من حقه في تقرير المصير وتجعل الدولة الفلسطينية المستقلة حلم مستحيل المنال.
أن المستوطنات الإسرائيلية تنتهك القانون الدولي بشكل مباشر، وتُعتبر جريمة حرب بموجب اتفاقية جنيف الرابعة التي تنص على أنه “لا يجوز للسلطة القائمة بالاحتلال ترحيل أو نقل سكانها المدنيين إلى الأراضي التي تحتلها.” كما يمنع مشروع الاستيطان الإسرائيلي غير القانوني الفلسطينيين من الوصول إلى أراضيهم وثرواتهم ومواردهم الطبيعية من خلال نظم تخطيط وتقسيم تمييزية لصالح المستوطنين الإسرائيليين، ما يخلق بيئة قسرية، ويؤدي إلى التهجير غير القانوني للسكان الفلسطينيين الأصليين، علمًا بأن تهجير السكان يصبح بمثابة جريمة ضد الإنسانية عندما يكون جزءًا من ممارسة واسعة النطاق أو منهجية مؤسسة لسياسة الدولة.
وهذا الإعلان الصادر مؤخرًا عن وزير الخارجية الأمريكي هو الأحدث في سلسلة طويلة من السياسات التي تتبعها الإدارة الأمريكية الحالية والتي تقوض الحقوق غير القابلة للتصرف للشعب الفلسطيني. فقد سبق واعترف الرئيس دونالد ترامب بالقدس عاصمة لإسرائيل، وأقر بضم إسرائيل للجولان السوري المحتل، في انتهاك فج للقانون الدولي. كما خفضت الولايات المتحدة تمويلًا مهمًا لوكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين، وهو برنامج أمريكي قائم في الضفة الغربية المحتلة وغزة، وأغلقت مكتب واشنطن للوفد العام لمنظمة التحرير الفلسطينية، واقترحت ما يسمى بـ”صفقة القرن” التي تعصف بالحقوق الأساسية للشعب الفلسطيني، بل ومن المرجح أن تعرض تطلعات الشعب الفلسطيني المشروعة نحو الحرية والعدالة والاستقلال لخطر بالغ.
المنظمات المنضمة لهذا البيان تدعو المجتمع الدولي إلى الاستجابة لتحذير مقرر الأمم المتحدة الخاص المعني بحالة حقوق الإنسان في الأرض الفلسطينية المحتلة منذ عام 1967، مايكل لينك، بأن هذا الوضع “سيؤكد فقط واقع دولة واحدة تتبنى نظام صارم يقسم سكانها لطبقتين فيما يتعلق بالحقوق القانونية والسياسية على أساس العرق والدين. وهذا من شأنه أن يفي بالتعريف الدولي للفصل العنصري.”
المنظمات الموقعة:
- مركز القاهرة لدراسات حقوق الإنسان
- المركز الفلسطيني لحقوق الإنسان
- المنظمة الفلسطينية لحقوق الإنسان
- المركز السوري للإعلام وحرية التعبير
- الشبكة السورية لحقوق الإنسان
- المرصد السوداني لحقوق الإنسان
- بديل- المركز الفلسطيني لمصادر حقوق المواطنة واللاجئين
- منظمة الحق
- مركز القدس للمساعدة القانونية وحقوق الإنسان
- منظمة عدالة -المغرب
- مركز البحرين لحقوق الإنسان
- منظمة مواطنة لحقوق الإنسان
- منظمة سوريون من أجل الحقيقة والعدالة