مُنح السيد فريد المذهان، المعروف باسمه الحركي “قيصر/سيزر”، الجائزة الفرنسية-الألمانية لحقوق الإنسان خلال احتفال رسمي فرنسي/ألماني أقيم في العاصمة الفرنسية باريس بمناسبة اليوم العالمي لحقوق الإنسان في 10 كانون الأول/ديسمبر 2024، تقديراً لجهوده الاستثنائية في توثيق الانتهاكات الجسيمة التي ارتُكبت خلال عهد النظام السوري السابق.
حضر حفل التكريم في مقر وزارة الخارجية الفرنسية وزير أوروبا والشؤون الخارجية في الجمهورية الفرنسية السيد جان نويل بارو، ووزير الدولة للشؤون الأوروبية في جمهورية ألمانيا الاتحادية السيد غونتر كريشباوم، اللذان سلّما الجائزة للمذهان. وقد شاركت منظمة “سوريون من أجل الحقيقة والعدالة” ممثلة بمديرها التنفيذي “بسام الأحمد”، وعدد من ممثلي/ات منظمات المجتمع المدني السوري العاملة في مجال حقوق الإنسان والعدالة الانتقالية في هذه الفعالية.
المذهان، وهو عسكري سوري سابق يحمل رتبة مساعد أول، كان يعمل رئيساً لقسم الأدلة القضائية في الشرطة العسكرية بدمشق، وينحدر من مدينة الشيخ مسكين في محافظة درعا جنوبي سوريا. استخدم الاسم الحركي “قيصر” للحفاظ على هويته وحماية عائلته، حيث ظل متخفياً لسنوات طويلة.
خلفية:
بعد اندلاع الثورة السورية في آذار/مارس 2011، تغيرت طبيعة عمله حيث كُلّف بتصوير جثث المدنيين الذين قتلوا تحت التعذيب أو أُعدموا على يد قوات النظام. نجح المذهان في تسريب حوالي 55 ألف صورة توثق جثث ضحايا التعذيب في الأفرع الأمنية التابعة للنظام السوري، بمعدل أربع صور لكل جثة، كاشفةً حجم الانتهاكات المروعة داخل السجون السورية.
خضعت هذه الصور للتحقق من صحتها ودراستها في مختبرات مؤسسات قانونية ومحاكم، مما مكّن العائلات السورية من معرفة مصير أحبائهم المعتقلين/ات أو المختفين/ات قسرياً. كما استفادت منها المنظمات الحقوقية والأمم المتحدة والمحاكم الدولية في إعداد التقارير وملاحقة المسؤولين عن جرائم الحرب.
انشق المذهان عن النظام في أواخر عام 2013، وغادر سوريا متوجهاً إلى الأردن ثم قطر وتركيا، قبل أن يستقر في فرنسا تحت حماية مشددة. في كانون الثاني/يناير 2014، نُشر أول تقرير دولي يستند إلى صور قيصر، وفي آب/أغسطس من العام نفسه، عرض شهادته أمام لجنة العلاقات الدولية في الكونغرس الأمريكي. في كانون الأول/ديسمبر 2019، أقر الكونغرس الأمريكي “قانون قيصر لحماية المدنيين السوريين“، الذي يفرض عقوبات اقتصادية مشددة على النظام السوري وحلفائه. كما أدت شهاداته إلى إصدار مذكرات اعتقال دولية بحق عدد من المسؤولين وضباط الأمن التابعين للنظام، وتم القبض على بعضهم ومحاكمتهم في أوروبا.
بعد سقوط النظام السوري في 8 كانون الأول/ديسمبر 2024، كشف المذهان عن اسمه الحقيقي، مؤكداً أن الحقيقة والعدالة لن تكتملا إلا بمحاسبة المسؤولين عن الجرائم أمام محاكم عادلة.
تأتي جائزة حقوق الإنسان الفرنسية-الألمانية، التي أُطلقت عام 2016 وتُمنح سنوياً لشخصيات أو مؤسسات قدّمت إسهامات بارزة في الدفاع عن حقوق الإنسان وسيادة القانون، اعترافاً دولياً بالشجاعة الاستثنائية التي أبداها فريد المذهان في سبيل إحقاق العدالة وكشف الحقيقة للعالم أجمع.