ملخص تنفيذي:
يواجه مسار العدالة الانتقالية في سوريا خطراً جوهرياً يتمثل في حصر نطاقه بانتهاكات النظام السابق فقط، في حين أن الانتهاكات الجسيمة ارتكبتها أطراف متعددة خلال فترة النزاع السوري. هذا الإقصاء يقوّض شمولية العملية ويثير شكوكاً جديّة حول شرعية العملية برمّتها.
ففي آذار/مارس 2025، نصّ الإعلان الدستوري في المادة 49 منه على إنشاء “هيئة لتحقيق العدالة الانتقالية”،[1] أعقبه المرسوم الرئاسي رقم (20) القاضي بتشكيل “هيئة مستقلة باسم الهيئة الوطنية للعدالة الانتقالية”.[2] غير أنّ كلاهما تجاهلا الانتهاكات المرتكبة بعد سقوط نظام الأسد أو من قبل أطراف غير حكومية، ما جعل العدالة المطروحة أقرب إلى أداة سياسية انتقائية بدلاً من أن تكون مساراً شاملاً يضمن حقوق الجميع.
من هنا، تسعى هذه الورقة إلى تقديم تحليل نقدي للمرسوم رقم (20) لعام 2025 وموقعه ضمن الإطار الدستوري الانتقالي، من خلال دراسة نماذج من الانتهاكات في سوريا وتعدد مرتكبيها، واستعراض أبرز الثغرات القانونية والإجرائية التي تشوبه. كما تتناول الورقة استمرار أنماط جسيمة من العنف والانتهاكات بعد سقوط النظام، وما يكشفه ذلك من قصور جوهري في مفهوم العدالة الانتقالية.
وإلى جانب التحليل القانوني، تعرض الورقة شهادات مباشرة لضحايا من مناطق مختلفة، ممن عانوا انتهاكات على أيدي أطراف غير النظام ولم يتم تضمينهم في إطار مسار العدالة الانتقالية التي نص عليها المرسوم 20، لتُظهر كيف أسهم هذا الإقصاء في تعميق مشاعر الظلم والتمييز. كما ترصد الورقة انعكاسات منح مناصب رسمية لأشخاص ارتبطت أسماؤهم بانتهاكات موثقة، على مصداقية مسار العدالة وثقة الضحايا بجدّيته. وفي ختامها، تقدم الورقة توصيات عملية تسعى إلى ضمان عدالة شاملة لجميع الضحايا، قائمة على مبادئ القانون الدولي، وقادرة على كسر إرث الإفلات من العقاب وترسيخ السلم الأهلي.
يأتي هذا التقرير بعد مرور حوالي ستة أشهر على صدور المرسوم رقم (20) لعام 2025 القاضي بإنشاء الهيئة الوطنية للعدالة الانتقالية، بهدف تقييم مدى انسجامه مع مبادئ العدالة الشاملة واستجابته لتطلعات الضحايا في سوريا.
لقراءة التقرير كاملاً وبصيغة ملف PDF يُرجى الضغط هنا.
[1][1] تنص المادة 49 (1) من الإعلان الدستوري على ما يلي: “تُحدث هيئة لتحقيق العدالة الانتقالية تعتمد آليات فاعلة تشاورية مرتكزة على الضحايا، لتحديد سبل المساءلة، والحق في معرفة الحقيقة، وإنصاف للضحايا والناجين، إضافة إلى تكريم الشهداء”.
[2] الوكالة العربية السورية للأنباء (سانا). المرسوم الرئاسي رقم (20) القاضي بتشكيل الهيئة الوطنية للعدالة الانتقالية. 17 أيار/مايو 2025.
