الرئيسية تعليقات ورأي الأمم المتحدة في سوريا: الطريق إلى الجحيم معبّد بالنوايا الحسنة!

الأمم المتحدة في سوريا: الطريق إلى الجحيم معبّد بالنوايا الحسنة!

تحليل مخاطر انخراط الأمم المتحدة في الخطة التركية لإعادة توطين ملايين اللاجئين السوريين في مناطق شمال شرق سوريا

بواسطة bassamalahmed
2K مشاهدة تحميل كملف PDF هذا المنشور متوفر أيضاً باللغة: الإنجليزية حجم الخط ع ع ع

خلفية:

في التاسع من شهر تشرين الأول/أكتوبر لعام 2019، أبلغت الحكومة التركية مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة عن نيتها شنّ عملية عسكرية في سورية تحت مسمّى عملية “نبع السلام”، استناداً إلى المادة 51 من ميثاق الأمم المتحدة، حسب ادعائها.[1] وقد رافق هذه العملية منذ انطلاقتها أشكال عدّة من خطابات الكراهية التي تناقلتها جماعات المعارضة السوريّة المسلحة المدعومة من قبل تركيا وحوادث قتل راح ضحيتها مدنيين، من بينها إعدام السياسية الكردية “هفرين خلف”، وهو الخبر الذي ضجّت به وسائل التواصل الاجتماعي مؤخراً. كما تم ارتكاب العديد من أعمال العنف الأخرى التي تمّ تصنيفها من قبل منظمة العفو الدولية على أنها جرائم حرب، وهذا ما أجبر أكثر من 215.000 مدنياً على النزوح من ديارهم، حيث لا يزال 100.000 منهم مهجراً حتى الآن، إضافة إلى أنَّ العملية أدّت إلى مقتل ما يزيد عن 200 مدنيّ.[2]

وفي الأول من تشرين الثاني/نوفمبر لعام 2019، نشرت الأمم المتحدة تقريراً تحت عنوان “غوتيريش في تركيا: الأمم المتحدة تدرس خطة لمناطق إعادة توطين جديدة للاجئين السوريين” قالت فيه:

“أكّد الأمين العام على المبادئ الأساسية المتعلقة بالعودة الطوعية والآمنة والكريمة للاجئين. أبلغ الرئيس بأن مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين ستشكل فريقاً على الفور لدراسة الاقتراح والدخول في مناقشات مع السلطات التركيّة بما يتماشى مع ولايتها”.[3]

رغم أنَّ مقترَح الخطة التركية لم يتم نشره بشكل صريح، إلا أنَّ رؤية تركيا حول موضوع إعادة التوطين، والتي تعتمد على تهجير الكرد من مناطقهم الأصلية على طول الحدود التركية، كان قد تمَّ الإعراب عنها في عدّة مناسبات. وكان الرئيس التركي رجب طيب أردوغان نفسه قد صرّح أنَّ المنطقة المحتلة مناسبة لنمط عيش العرب وليست كذلك بالنسبة للكرد بسبب طبيعتها الجغرافية الصحراوية.

 

إنَّ ما ذكرته الأمم المتحدة في تقريرها عن نيتها في دراسة الخطة التركية، أثار قلق المدافعين عن حقوق الإنسان وأيضاً سكان المنطقة الذين يعرفون حق المعرفة أنَّ الأمم المتحدة لديها القدرة على أن تلحق الضرر بهم تماماً كقدرتها على تقديم المساعدة لهم.

 

وفي الوقت الذي ندعو فيه الأمم المتحدة للتفكير مليّاً قبل مشاركتها في مثل هذه المشاريع التي من الواضح أنّها تقود إلى نتائج وخيمة، من المهم أن نسلط الضوء على شكل المساءلة التي يمكن أن تتعرض لها الأمم المتحدة ومسؤوليها في حال أدت مشاركاتهم إلى أضرار للشعوب المضيفة.

 

سوريون من أجل الحقيقة والعدالة

أولاً: الطريق إلى الجحيم معبَّداً بالنوايا الحسنة:

ولفهم أسباب القلق الذي أثاره تصريح الأمين العام للأمم المتحدة علينا أن ننظر إلى مدى تعقيد النسيج الاجتماعي في المنطقة، حيث تتعدد الأعراق والديانات فيها نتيجة لعدة عوامل وأحداث مرّت عليها وساهمت في أن تكون بالشكل الذي عليه اليوم، كمرور طرق التجارة من خلالها، ووجود مهاجرين فيها وأيضاً تأثرها بالحروب الصليبية والعلاقات القبلية. ولطالما كانت المنطقة ملاذاً آمناً لكل شخص يسعى لتأسيس عائلة أو عمل أو مكان للعبادة.

وتستأثر المنطقة على عدد من المدن ذات طابع متنوع وتركيبة سكانية مختلفة حيث يسكنها آشور وأرمن وعرب وكرد في مدن مثل الدرباسية والحسكة والمالكية/ديريك والقحطانية/تربه سبيه وعامودا.

أمّا مدينة القامشلي التي اتخذت بداية كنقطة مراقبة عسكرية صغيرة من قبل قوات الانتداب الفرنسي، تعكس اليوم تنوع وحيوية المنطقة فهي موطن للأكراد والعرب والآشوريين والأرمن. وأصبحت مدن أخرى، مثل تل الأبيض، التي بناها الأرمن الفارّين من الإبادة الجماعية التي ارتكبتها تركيا بحق أبناء جلدتهم، موطناً لأبناء قوميات أخرى من بينهم عرب وأكراد. وبالمثل، فإن مدينة رأس العين/سري كانييه، هي موطن للعرب والأكراد والآشوريين والأرمن والشيشان.[4]

ولذلك فإنَّ أي خطة لتغيير هذا النسيج بطريقة مفتعلة سوف تؤدي إلى اختلال كبير في المنطقة ويمكن أن تشكل جرائم تهجير قسري ترقى لأن تكون جرائم ضد الإنسانية.

وإنّ التصريحات والممارسات التي تصدر عن تركيا والجماعات المسلحة التابعة لها في هذا الصدد،[5] مثيرة للقلق، حيث أنّ تلك التي وثقتها عدّة منظمات حقوقية، كشفت عن انتهاكات تمّ ارتكابها ضد المدنيين. كما أنَّ الرئيس التركي نفسه تحدّث بالتفصيل عن طموحاته في المنطقة، كاشفاً عن خطة قد تكون بمثابة التهجير القسري لآلاف السوريين من المنطقة.

ففي تاريخ 24 تشرين الأول/أكتوبر 2019، وفي لقاء مدّته (1:23:20) مع قناة (تي آر تي خبر –Haber  TRT) التركية الرسمية، أجاب الرئيس التركي “رجب طيب أردوغان” عن مجموعة من الأسئلة حول الغزو العسكري التركي لشمال شرق سوريا، والعملية العسكرية المسمّاة “نبع السلام“، التي بدأتها تركيا بتاريخ 9 تشرين الأول/أكتوبر 2019. كما قام خلال اللقاء بالتطرق إلى التفاهمات التركية/الأمريكية من جهة والتركية/الروسية من جهة أخرى. والتي أفضت عملياً إلى وقف العملية بعد السيطرة على رأس العين/سري كانييه وتل أبيض.

وأثناء اللقاء، قام الرئيس التركي بتوضيح تفاصيل العملية العسكرية في شمال شرق سوريا، وذكر أنّ سبب تسمية العملية باسم “نبع السلام” يعود إلى وجود ينابيع كثيرة في هذه المنطقة. وأشار إلى التفاهم التركي/الروسي الذي تمّ بتاريخ 23 تشرين الأول/أكتوبر 2019، والذي أفضى لاحقاً إلى دوريات روسية/تركية مشتركة، بعمق 15 كيلومتراً على طول الشريط الشمالي (ما عدا مدينة القامشلي/قامشلو). كما ذكر الرئيس التركي وجود موافقة أمريكية خطيّة على إبعاد “قوات سوريا الديمقراطية” من الشريط الحدودي.

وتحدث الرئيس التركي عن مجموعة أخرى من المواضيع منها عدد اللاجئين السوريين في تركيا، حيث قال أنّ هنالك 3 ملايين و650 ألف لاجئ سوري، قائلاً أنّ معظمهم عرب، وبينهم آراميين وكلدان وأيزيديين (دون الإشارة للمكون الكردي)، وأيضاً قال بوجود 350 ألف شخص من كوباني/عين العرب (دون التطرق لكونهم من الكورد كما فعل مع اللاجئين الآخرين).

كما تطرّق إلى “اتفاقية منبج” مع الجانب الأمريكي وقال أيضاً “أنّ نسبّة السكان العرب في منبج هم ما بين 85 إلى 90 % قائلاً:

منبج ليست “للإرهابيين” كما يدعون.”[6]

ولم يشر الرئيس التركي في هذا السياق إلى وحدات حماية الشعب YPG أو قوات سوريا الديمقراطية SDF كأجسام عسكرية ووصفهم بالإرهابيين، بل قام بعمل مقارنة ما بين سكان منبج من العرب و “الإرهابيين”، فيما يمكن أنّ يتم اعتباره وبشكل غير مباشر أنّ الكرد “إرهابيين”.

وبعد الحديث عن إدلب واتفاقات الآستانة مع إيران وروسيا، أشار الرئيس التركي في (الدقيقة 37:00 وحتى الدقيقة 37:40) من اللقاء إلى المنطقة الممتدة ما بين مدينة تل أبيض ورأس العين/سري كانييه قائلاً:

“في الحقيقة تلك المنطقة ذات مساحة ضخمة، والأهم أن نحكم سيطرتنا عليها وأن نجهّز فيها حياة تحت السيطرة، بالإضافة إلى أن العرب هم الأنسب للعيش في تلك المنطقة فهي ليست ملائمة لطبيعة معيشة الكرد.”

المذيعة مقاطعة: من أي ناحية؟

لأن تلك المناطق صحراوية (بريّة).[7]

ومن ثمّ انتقل للحديث مباشرة عن دير الزور والرقة وجود النفط فيها.

 

الرئيس التركي رجب طيب أردوغان وهو يشير إلى المنطقة الواقعة ما بين رأس العين/سري كانييه وتل أبيض خلال اللقاء التلفزيوني.

 

صورة مأخوذة من مقطع الفيديو نفسه تُظهر “الخارطة” التي عرضها الرئيس التركي “رجب طيب أردوغان” أثناء شرحه خطط توطين لاجئين سوريين في المنطقة الممتدة ما بين رأس العين/سري كانييه وتل أبيض.

 

جاء تصريح الأمين العام للأمم المتحدة هذا في سياق عدة تصريحات أخرى مثيرة للقلق، ورغم أنَّه لم يتم العمل به صراحةً إلى الآن، إلّا أنّه يخلق فرصة للتفكير في مسؤولية الأمم المتحدة عن الأذى الذي تسببت به للسكان نتيجة لخطأ أو إهمال منها. حيث أنَّ هناك كوارث سابقة حدثت بسب تدخّل الأمم المتحدة، كشفت صعوبة التحدي الذي يواجهه الضحايا عند محاولتهم محاسبة الأخيرة وطلب التعويض منها. فالحصانة شبه المطلقة التي تتمتع بها الأمم المتحدة أعاقت أي محاولة من جانب الضحايا أو رابطات الضحايا للحصول على العدالة والتعويض. وبعد هذه اللمحة عن نظام المحاسبة القاصر الحالي، سوف يكشف هذا المقال عن وسيلة يمكن أن تفتح الطريق أمام العدالة وتدعم جهود الأمم المتحدة في الالتزام بمبدأ الحيطة الذي يجب أن تأخذ به بقوة عند التخطيط لأي تدخلات.

 

ثانياً: مساءلة الأمم المتحدة:

منذ إنشائها وضمن وثيقتها التأسيسية (الميثاق)، أدرجت الأمم المتحدة أربعة أهداف؛ تقول أنَّ المنظمة سوف تعمل على “إنقاذ الأجيال القادمة من ويلات الحرب” و “التأكيد على الوفاء والإيمان بحقوق الإنسان الأساسية” “التمسك باحترام القانون الدولي” و “تعزيز التقدم الاجتماعي وتحسين مستويات المعيشة”.

ويتطلب تحقيق هذه الأهداف الطموحة إمكانات مالية وقانونية كبيرة، من بينها، الحصانة الممنوحة للمنظمة ومسؤوليها والتي تهدف إلى ضمان أنَّ الدعاوى القضائية المضللة لن تعرقل عملهم بالجدل الذي تثيره. يخضع نظام حصانة الأمم المتحدة لميثاق الأمم المتحدة و”اﺗﻔﺎﻗﻴﺔ اﻣﺘﻴﺎزات اﻷﻣﻢ اﻟﻤﺘﺤﺪة وﺣﺼﺎﻧﺎﺗﻬﺎ” (CPIUN) التي بدأ سريانها عام 1946. وبعد الحصانة الوظيفية الواسعة التي منحها إياها الميثاق في مادته ذات الرقم 105، حصلت الأمم المتحدة على الحصانة المطلقة من خلال “اﺗﻔﺎﻗﻴﺔ اﻣﺘﻴﺎزات اﻷﻣﻢ اﻟﻤﺘﺤﺪة وﺣﺼﺎﻧﺎﺗﻬﺎ”، حيث وسعت الأخيرة نطاق الحماية الذي تتمتع به المنظمة. بيد أنَّ “اﺗﻔﺎﻗﻴﺔ اﻣﺘﻴﺎزات اﻷﻣﻢ اﻟﻤﺘﺤﺪة وﺣﺼﺎﻧﺎﺗﻬﺎ” نصّت على حصانة ذات مستويين بحيث تكون الأمم المتحدة محصنة من المقاضاة أمام المحاكم المحلية بخصوص شتى أنواع القضايا ولكن داخلياً تبقى تحت المساءلة بشأن قضايا القانون الخاص لحين إيجادها طريقة مناسبة لتسويتها.

 

أ. الحصانات الداخلية:

وضعت “اﺗﻔﺎﻗﻴﺔ اﻣﺘﻴﺎزات اﻷﻣﻢ اﻟﻤﺘﺤﺪة وﺣﺼﺎﻧﺎﺗﻬﺎ” نظاماً معقداً بخصوص مساءلة الأفراد لمنظمة اﻷﻣﻢ المتحدة حيث تقول المادة 29 منها:

على الأمم المتحدة أن تضع أحكاما بشأن الطرق المناسبة لتسوية:

(أ) المنازعــات الناشـئة عــن العقــود أو المنازعــات الأخــرى المتعلقـة بالقــانون الخــاص والتي تكون الأمم المتحدة طرفا فيها؛

وعليه صنّفت الاتفاقية الدعاوى التي تقدَّم للأمم المتحدة بين عامة وخاصة. وبينما تُطالِب الاتفاقية الأمم المتحدة بإيجاد “طريقة تسوية مناسبة” لدعاوى القانون الخاص، فهي تمنحها بالمقابل الحصانة المطلقة في الدعاوى التي تصنَّف على أنها ضمن مسائل القانون العام.[8]

وبذلك تكون منظومة التعامل مع الدعاوى ذات شقين: الدعاوى التي تتعلق بالقانون العام مشمولة بالكامل بالحصانة الممنوحة للأمم المتحدة، في حين أن تلك المتعلقة بالقانون الخاص يجب أن تعمل الأمم المتحدة على إيجاد “طريقة تسوية مناسبة” لها.

وبالتالي فإنّ الخطأ في تصنيف القضية سوف يكون له تداعيات كبيرة لذلك من الضروري أن يكون هناك تعاريف صريحة لكلا النوعين. لكن وعلى الرغم من أهمية تلك المسألة لايزال نطاق كلا التصنيفين غامضاً.

لم تورد الاتفاقية تعاريف واضحة لأي من التصنيفين كما أنَّ الاجتهاد القضائي الذي يحكم في هذه المسألة لا يوفّر حججاً قوية، وكما أشار البروفيسور “ميغريت” أنّه لا يوجد أي طرف ثالث يمكن أن يبتّ في هذه التصنيفات.[9]  وبذلك تكون الدراسة الدقيقة للإشارات العرضية إلى نظام الحصانة هي السبيل والدليل الوحيدين لفهمه.

1. الدعاوى الخاصة:

ساعدت بعض الوثائق التي نُشرَت من قبل الأمم المتحدة بتوضيح معالم هذا التصنيف، حيث أنَّ هناك تقرير للأمين العام للجمعية العامة صدر عام 1995، ذُكر فيه نوعين من الدعاوى التي تندرج بلا شك تحت مسائل القانون الخاص وهي:

الخلافات الناشئة عن الاتفاقيات التجارية والمطالبات من قبل الغير/الأطراف الثالثة فيما يتعلق بالأذى الشخصي أو الإضرار بالممتلكات وفقدانها خاصة تلك التي تسببت بها قوات حفظ السلام التابعة للأمم المتحدة.

2.      الدعاوى العامة:

ومن الناحية الأخرى فإن نطاق دعاوى القانون العام، التي لايوجد لها حل منصف، يكون فضفاضاً. في هذا الصدد يسلّط الدكتور “بون” الضوء على مثالين لدعاوى ضد ممارسات الأمم المتحدة ومن الواضح أنهما تندرجان في فئة الدعاوى العامة وهما:

  • الدعاوى ضد أخطاء متضمنة في سياق سير عمليات الأمم المتحدة والتي تدخل في جوهر العمل العام للمنظمة.
  • الدعاوى المقدمة ضدّ الأمم المتحدة والقائمة على أساس المظالم السياسية أو ذات الصلة بالسياسة والتي كان السبب بها أفعال أو قرارات من مجلس الأمن أو الجمعية العامة.[10]
3.      عدم الوضوح في تعريف وتأطير الدعاوى العامة:

إنَّ هذه المحاولات في تحديد شكل الدعاوى التي  تندرج تحت كلّ من التصنيفين-الخاص والعام- يمكن أن تساعد أصحاب الدعاوى نوعاً ما في معرفة نوع الدعاوى التي هم على وشك تقديمها، لكنها غير واضحة بما يكفي.

وإنَّ هذا الغموض أدّى إلى وجود العديد من أوجه عدم اليقين القانوني والتعامل غير المرضي مع طلبات التعويض في عدد من الدعاوى التي على الرغم من أنّه كان من الواضح أنَّ ظروفها تستوفي شروط تعريف القانون الخاص رُفض تصنيفها تحته، الأمر الذي أدّى إلى حرمان الضحايا من محاسبة المسؤولين عن الحاق الضرر بهم.

وهذا ما حدث عندما تم الكشف عن مسؤولية الأمم المتحدة في كارثة ضربت كوسوفو بعد حرب كوسوفو 1998-1999 ، عندما أجبر 8000 شخص من الأقليات الغجرية والأشكالية والمصرية على مغادرة منازلهم.

وبعدها قام مجلس الأمن الدولي بنشر وجود دولي-والذي أصبح فيما بعد الحكومة الفعلية لكوسوفو- كما أنشأ مخيمات لإيواء الأشخاص المشردين داخلياً من  مدينة متروفيتشا والذين قدّر عددهم بحوالي 600 عائلة.

هذه المخيمات أقيمت بالقرب من منشآت للتعدين ماجعلها عرضة للتلوث بمستويات عالية من الرصاص، الأمر الذي من شأنه أن يتسبب بمشاكل صحية خطيرة لساكنيها-الذين دامت مدة إقامتهم فيه خمس سنوات وقدّر عددهم آنذاك بحوالي 600 عائلة-حيث أنه يتسبب بأضرار دائمة للجهاز العصبي ويؤثر على نموّ الدماغ.

تمَّ تقديم دعوى إلى الأمم المتحدة بهذا الخصوص وكان قرار الأخيرة بشأنها -والذي صدر عام 2011- أنَّ هذه الدعوى لا تأخذ طابع القانون الخاص بل إنها بمثابة استعراض لأداء ولاية بعثة الأمم المتحدة للإدارة المؤقتة في كوسوفو (UNMIK) ولذلك فهي لا تستوفي شروط المقبولية.[11]

وبالمثل، في عام 2010 ، أدى وباء “الكوليرا” الذي جلبه حفظة السلام “النيباليون” إلى هايتي إلى إصابة 600000 شخص ووفاة 8000 شخص في غضون ثلاثة أشهر.

طالبت مؤسسة العدالة والديمقراطية في هايتي (IJDH) الغير حكومية، ومكتب المحامين الدوليين والذي هو مؤسسة قانونية هايتية، الأمم المتحدة بتعويضات لخمسة آلاف من ضحايا الكوليرا، كانت المنظمة السبب في إصابتهم بسبب إهمالها إجراء فحوصات لقوّات حفظ السلام التي أرسلتها إلى هايتي والتي كانت السبب في انتشار العدوى هناك، كما أنّها لم تتحرك فوراً لاحتواء الكارثة. وبعد عام ونصف على تقديم الالتماس ، قرّرت الأمم المتحدة أن الدعوى ذات طبيعة عامة:

فيما يتعلق بالمطالبات المقدمة، فإن النظر في هذه المطالبات سيشمل بالضرورة مراجعة المسائل السياسية والسياساتية. وبناءً على ذلك ، فإن هذه المطالبات غير مستحقة بموجب المادة 29 من اتفاقية امتيازات الأمم المتحدة وحصاناتها ، التي اعتمدتها الجمعية العامة في 13 فبراير 1946.

ظلت القضية مفتوحة لعدة سنوات، حاول خلالها أصحاب الدعاوى إيجاد منبر يسمعون من خلاله أصوات مطالباتهم للمعنيين. هذه الحياة الطويلة للقضية تخللتها أحداث كثيرة، بدءاً من تقديم دعوى جماعية لدى الأمم المتحدة في تشرين الثاني/نوفمبر 2011، إلى تقديم شكوى إلى المحاكم الفيدرالية في نيويورك والاستئناف الذي حصل لاحقاً، انتهاءً بقرار المحكمة العليا الأمريكية الذي كان داعماً لحصانة الأمم المتحدة.[12]

من الصعب تعليل أو مناقشة كلا هذين القرارين، تماماً كما أشار البروفيسور “ميغريت”، بقوله كون الأمم المتحدة مؤسسة سياسية في جوهرها، فذلك يمنحها القدرة على إضفاء الطابع السياسي على أي قرار وبالتالي زج أي دعوى في التصنيف العام.[13] علاوة على ذلك، هناك قسم من الدعاوى تقوم الأمم المتحدة بتصنيفه ضمن نطاق القانون الخاص، وهو “استخدام الأماكن أو شغلها بدون موافقة مالكيها” وهو يتطلب بالضرورة مراعاة المستوى السياسي.[14] وبذلك يكون حدّ الفصل بين مسائل القانون العام والخاص، والذي يمكن أن يساعد الضحايا على الوصول إلى المساءلة، فضفاضاً إلى الحد الذي يجعل وجوده بلا معنى.

 

ب. الحصانات الخارجية:

الحصانات الخارجية هي تلك الحصانات التي تحمي من الدعاوى المحالة إلى الهيئات القضائية، وليس إلى الأمم المتحدة. وعادةً ما تكون الهيئات القضائية هي الملاذ الأخير لمقدمي الدعاوى الذين رفضت الأمم المتحدة مطالباتهم، بيد أنّها لم تنصف الضحايا أيضاً. رغم أنّ ميثاق الأمم المتحدة في مادته 105 وضع بدايةً تصور للحصانات على أن تكون وظيفية ومحدودة، ولا تمنح إلا عند الضرورة:

أن تتمتع المنظمة في إقليم كل عضو من أعضائها بالامتيازات والحصانات اللازمة لتحقيق مقاصدها.

غير أنَّ “اﺗﻔﺎﻗﻴﺔ اﻣﺘﻴﺎزات اﻷﻣﻢ اﻟﻤﺘﺤﺪة وﺣﺼﺎﻧﺎﺗﻬﺎ” وسّعت في وقت لاحق نطاق هذا الحصانة، وعدلتها إلى واحدة مطلقة.

حيث تنص في المادة الثالثة منها:

تتمتـع الأمـم المتحـدة وممتلكاتها وموجوداتها أيّـا كـان مكانها أوكـان حائزهـا بالحصـانة القضائية الكاملة ما لم تتنازل عنها صراحة، في حالة معينة، وعلـى ألا يشـمل هـذا التنازل أي إجراء من إجراءات التنفيذ.

ورغم أنَّ المحاكم المحلية لها الحق شرعاً بأن تعمل بما ورد في ميثاق الأمم المتحدة بخصوص الحصانات وليس بـ “اﺗﻔﺎﻗﻴﺔ اﻣﺘﻴﺎزات اﻷﻣﻢ اﻟﻤﺘﺤﺪة وﺣﺼﺎﻧﺎﺗﻬﺎ”، إلّا أنها دأبت على تفسير حصانة الأمم المتحدة على أنها مطلقة.[15] وإحدى الأمثلة على ذلك كانت أثناء النظر في مسؤولية الأمم المتحدة عن الإبادة الجماعية في سريبرينيتسا. ففي بداية النزاع اليوغوسلافي، أنشأت الأمم المتحدة، في عام 1993، “مناطق آمنة” تحت حماية قوات حفظ السلام التابعة لها. وفي تموز/يوليو 1995، هاجم جيش صرب البوسنة في جمهورية صربسكا منطقة سريبرينيتسا اﻵمنة، ولأنها كانت غير مجهزة بما يكفي لمواجهة الهجوم، قامت قوة الحماية التابعة للأمم المتحدة (قوة الأمم المتحدة لحفظ السلام الممثلة على أرض الواقع من قبل الوحدات الهولندية المكونة تقريباً من 400 جندي) بإخلاء المنطقة (ضمت عمليات الإخلاء بعض صفات التهجير القسري إذ فُصِل الرجال عن عائلاتهم ثم احتُجِزوا وأوقفت القوافل وفُتِّشت) تاركة النساء والأطفال تحت حمايتها. أسفر ذلك الهجوم عن مقتل 8000 شخص، معظمهم من الصبية والرجال. وعلى إثر ذلك رفعت عائلات الضحايا قضية أمام الأمين العام للأمم المتحدة، ولكن دون جدوى. بيد أنهم استمروا في تقديم دعاوى إلى المحاكم الهولندية، التي اعترفت بحصانة الأمم المتحدة أمام القضاء المدني. ثم رفع المدعون القضية على أساس حقهم في اللجوء إلى المحكمة بموجب المادة 6 (1) من الاتفاقية الأوروبية لحقوق الإنسان أمام المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان، التي وجدت أنَّ قرار المحكمة الهولندية لم ينتهك حق مقدمي الطلبات في اللجوء إلى المحكمة.[16]

 

ثالثاً: المساءلة الفردية:

إنَّ تصريح الأمين العام للأمم المتحدة (مفوض الأمم المتحدة السامي السابق لشؤون اللاجئين) عن نيته النظر في أمر مساعدة جمهورية تركيا في خطتها لتهجير السكان قسراً ونهائياً ليس أمراً مثيراً للقلق البالغ فحسب، بل إنَّ هذا التصريح يمكن أن يؤدي أيضاً إلى مساءلته. ففي الواقع، يمكن اعتبار أعمال الترحيل والنقل القسري التي قام بها الجيش التركي وجماعات المعارضة المدعومة من قبله، وفقاً للمادتين 7 (1) (د) و 8 (2) (ب) (ثامناً) ، جريمة ضد إنسانية، أو جريمة حرب، أو كليهما، وربما تشكل إبادة جماعية، إذا تم إثبات وجود النية التي يشترطها قانون المحاسبة. إنَّ مسؤولية الرئيس أردوغان والمسؤولين الأتراك والجماعات المسلحة المعارضة المدعومة من تركيا عن الجرائم المرتكبة ضد الإنسانية المتمثلة في التهجير والترحيل القسري تخضع بالفعل للتدقيق وسيتم التعامل معها. حيث أنَّ مبادئ المسؤولية العامة للقانون الجنائي الدولي تنطبق أي شخص يرتكب جرائم دولية أو يشارك فيها أو يكون مسؤولاً عنها. وهناك عدة مذاهب توسع نطاق دائرة الإجرام لتشمل ليس فقط الجاني الرئيسي، بل أيضاً الأفراد الآخرين الذين يشاركون في الجريمة بأي شكل من الأشكال.

أ. الأحكام:
    1. مسؤولية الهدف المشترك:

استناداً إلى السوابق القضائية للمحكمة الجنائية الدولية ليوغوسلافيا السابقة (ICTY)، ينص النظام الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية (ICC) في المادة 25 (3) (د):

يسأل الشخص جنائياً ويكون عرضة للعقاب عن أية جريمة تدخل في اختصاص المحكمة في حال قيام هذا الشخص بالمساهمة بأية طريقة أخرى في قيام جماعة من الأشخاص، يعملون بقصد مشترك، بارتكاب هذه الجريمة أو الشروع في ارتكابها، على أن تكون هذه المساهمة متعمدة وأن تقدم:

  1. إما بهدف تعزيز النشاط الإجرامي أو الغرض الإجرامي للجماعة، إذا كان هذا النشاط أو الغرض منطويا على ارتكاب جريمة تدخل في اختصاص المحكمة؛
  2. أو مع العلم بنية ارتكاب الجريمة لدى هذه الجماعة؛

ولذلك فإن العناصر المادية اللازم توافرها لتنفيذ المادة 25(3)(د) مذكورة بوضوح وتتمثل أولاً في جريمة مرتكبة أو محاولة تدخل في اختصاص المحكمة الجنائية الدولية، وفي قضيتنا قيد الدراسة، تتمثل الجريمة في النقل والترحيل القسري. يضيف النظام الأساسي أنَّ الجريمة يجب أن يتم ارتكابها من قبل مجموعة من الأشخاص الذين يعملون سوية لتحقيق هدف مشترك. وأخيراً، تنص المادة 25 (3) (د) على أنَّ مساهمة المتهم في ارتكاب جريمة يكفي أن تكون “بأي طريقة أخرى”.

أوضحت المحكمة الجنائية الدولية في وقت لاحق المادة 25 (3) (د) من عدة جوانب. حيث رأت أولاً أنَّ مساهمة الجاني المزعوم ليس بالضرورة أن تكون جوهرية، بل يكفي أن تكون “كبيرة”. وأوضحت الدائرة التمهيدية الأولى أنَّ هناك عوامل يجب أخذها بعين الاعتبار لتقرير ما إذا كانت مساهمة الجاني “كبيرة” أم لا وهي:

  1. استمراره بالمشاركة حتى بعد معرفته بالطبيعة الاجرامية للهدف المشترك للمجموعة
  2. في حال بذل أي جهد لمنع نشاط إجرامي أو لعرقلة الأداء الفعال لجرائم الجماعة
  3. فيما إذا كان الشخص هو واضع الخطة الإجرامية أم فقط منفذها
  4. موقع المشتبه به في المجموعة أو نسبة للمجموعة
  5. و ربما الأهم من ذلك كله، حجم الدور الذي لعبه المشتبه به نسبةً لخطورة الجرائم ونطاقها[17]

بالنسبة للسؤال المتعلق بضرورة أو عدم كون الجاني المزعوم عضواً في المجموعة -التي تعمل لهدف مشترك- لتقع عليه المسؤولية ، قررت نفس الدائرة التمهيدية أيضًا ما يلي:

وجدت الدائرة أن التفسير الصحيح للمسؤولية الواردة في  للمادة 25 (3) د أنها يجب أن تُطبَّق بغض النظر عما إذا كان الشخص عضواً أم لا في المجموعة التي تعمل لهدف مشترك.[18]

بالنسبة للبروفيسور “كاسيسي” فإن المسؤولية الجنائية للمشاركين الخارجيين كانت حتى في صميم المحاسبة عن الهدف المشترك.[19]

إنَّ العناصر العقلية لإثبات المسؤولية عن جريمة الهدف المشترك هي ذات شقين: أولاً: يجب أن يكون المتهم قد قصد أولاً المساهمة في ارتكاب الجرائم. ثانياً، يجب أن يكون قد نفَّذ مساهمته بهدف تعزيز غرض أو نشاط المجموعة، لكن المحكمة الجنائية الدولية قررت أيضاً أنَّ مجرد معرفة الجاني المزعوم بنية المجموعة ارتكاب جرائم تكفي لمحاسبته عن مسؤولية ارتكاب جريمة هدف مشترك.[20]

  1. المساعدة والتحريض

يمكن أن يؤدي النمط الثاني من المسؤولية إلى مقاضاة السيد “غوتيريش”، إذا ثبت أنّه قام بتسهيل توطين اللاجئين في سوريا في مناطق لا ينتمون إليها أصلاً. لقد أدخلت كل من المحكمة الجنائية الدولية ليوغوسلافيا السابقة والمحكمة الجنائية الدولية لرواندا ومحكمة أمن الدولة العليا في نظامهم الأساسي المسؤولية عن المساعدة والتحريض. في قضية “تاديتش” ذكرت المحكمة الجنائية الدولية ليوغوسلافيا السابقة أن:

يقوم المساعد والمحرض بتنفيذ أعمال موجهة تحديداً لمساعدة أو تشجيع أو تقديم دعم معنوي لارتكاب جريمة معينة […]، وهذا الدعم له تأثير كبير على ارتكاب الجريمة. […]. العنصر العقلي المطلوب هو معرفة أن الأفعال التي يقوم بها المساعد والمحرض ساعدت في ارتكاب جريمة محددة من قبل الفاعل الأساسي.[21]

تنص المحكمة الجنائية الدولية بدورها في المادة 25 (3) (ج) من نظامها الأساسي على ما يلي:

يسأل الشخص جنائياً ويكون عرضة للعقاب عن أية جريمة تدخل في اختصاص المحكمة في حال قيام هذا الشخص بما يلي:

تقديم العون أو التحريض أو المساعدة بأي شكل آخر لغرض تيسير ارتكاب هذه الجريمة أو الشروع في ارتكابها، بما في ذلك توفير وسائل ارتكابها.

على الرغم من أنَّ نظام روما الأساسي يشترط لإثبات مسؤولية المعاون والمحرض أن يكون لديهما النية لتسهيل ارتكاب الجريمة، قررت الدائرة التمهيدية للمحكمة الجنائية الدولية ليوغوسلافيا السابقة ما يلي:

في الغالبية العظمى من الحالات، تكون أفعال المتهم والتي يكون على علم بأنها تساعد على ارتكاب جريمة، لا تحتمل تفسير معقول آخر غير أنَّ المتهم كان ينوي المساعدة على ارتكاب تلك الجريمة.

أكدت المحكمة الجنائية الدولية أنه لإثبات هذا الشكل من المسؤولية:

يجب أن يكون الشخص قد ساعد في ارتكاب الجريمة، وبقيامه بذلك فهو حتماً لديه النية بتسهيل ارتكابها.[22]

ولخص البروفيسور “كاي أمبوس” المقصود بالمادة 25 (3) (ج) بقوله:

“تشمل المساعدة والتحريض أي مساعدة، جسدية أو نفسية، يكون لها تأثير كبير على ارتكاب الجريمة، أي أن يشكل ذلك مساهمة سببية في الفعل الرئيسي.[23]

لذلك، إذا كانت الأمم المتحدة والسيد غوتيريش الأمين العام قد قاموا بتسهيل أو الموافقة بأي شكل من الأشكال على النقل القسري الدائم للسكان، فإنّ السيد الأمين العام غوتيريش -الذي في الحقيقة لا يمكن حرمانه من منصبه كأمين عام للأمم المتحدة- يمكن أن يلاحق قضائياً إذا ثبت أنه ساعد في ارتكاب جريمة الحرب والجريمة ضد الإنسانية المتمثلة بالترحيل والنقل القسري على أساس المادة 25 (3) (د) والمادة 25 (3) (ج) من نظام روما الأساسي .

 

ب. الحصانة:
    1. أحكام الحصانة:

إنَّ التحدّي الرئيسي الذي يواجهه مقدمو الطلبات الراغبين باتباع هذه الطريقة، يكمن في الحصانة الواسعة الممنوحة لمنصب الأمين العام للأمم المتحدة. حيث أنَّ “اتفاقيـة امتيـازات الأمـم المتحـدة وحصاناتها” تمنح الأمين العام المساعد والمسؤولين الأعلى مستوى منه، بمن فيهم الأمين العام نفسه، حصانات دبلوماسية كاملة. تنص المادة 19 من الاتفاقية على ما يلي:

يتمتع الأمين العام وجميع الأمناء العامين المساعدين، وأزواجهم وأولادهم القصّر، علاوة علـــى الحصـــانات والامتيـــازات المحـــددة في البنـــد ١٨، بالامتيـــازات والحصـــانات والإعفـــاءات والتسهيلات التي تُمنح للمبعوثين الدبلوماسيين وفقا للقانون الدولي.

ولفهم حدود الحصانة الممنوحة للأمين العام ينبغي مقارنتها مع تلك الممنوحة للدبلوماسيين، والمنصوص عليها في “اتفاقية فيينا للعلاقات الدبلوماسية” (VCDR) ، التي تمت فيها الإشارة إلى الحصانة الممنوحة للدبلوماسيين من الولاية القضائية الجنائية في المادة 29، التي نصت على الحصانة الشخصية، وهذه تختلف عن الحصانة الوظيفية من حيث أنّها تعطي حصانة مطلقة للشخص أثناء فترة ولايته:

لشخص الممثل الدبلوماسي حرمة، فلا يجوز بأي شكل القبض عليه أو حجزه، وعلى الدولة المعتمد لديها أن تعامله بالاحترام اللازم له، وعليها أن تتخذ كافة الوسائل المعقولة لمنع الاعتداء على شخصه أو على حريته أو على اعتباره…

تتابع المادة 31 في السياق نفسه:

يتمتّع الممثل الدبلوماسي بالحصانة القضائية الجنائية في الدولة المعتمد لديها.

ونتيجة لذلك، يستفيد الأمين العام للأمم المتحدة من حصانة واسعة، و ذلك يعوق أي محاولات لمحاسبته. ومع ذلك، لا تزال هناك بعض المنافذ أمام أصحاب المطالبات للحصول على للعدالة.

  1. تجاوز العقبات:

على الرغم من أنَّ نظام الحصانة الممنوح للأمين العام للأمم المتحدة واسع النطاق، إلا أنَّ نظام الأمم المتحدة، كمؤسسة، يعتبر نافذاً بشكل أكبر. أولاً، لدى مجلس الأمن الدولي سلطة إسقاط الحصانة خدمة لمصلحة الأمم المتحدة. ثانياً، إنَّ الاتفاق بين المحكمة الجنائية الدولية والأمم المتحدة-والذي يتناول آلية التعاون بينهما- قد يُجبر المؤسسة على إسقاط الحصانة عن الأمين العام. وأخيراً ، فإن السوابق القضائية للمحاكم المحلية التي تتناول حصانات رؤساء الدول السابقين توفر خياراً آخر لتجاوز الحصانات.

 

أ. إسقاط الحصانة من قبل مجلس الأمن:

الخيار الأول طريقة تجاوز حصانة الأمين العام للأمم المتحدة  تكمن في البند 20 من “اﺗﻔﺎﻗﻴﺔ اﻣﺘﻴﺎزات اﻷﻣﻢ اﻟﻤﺘﺤﺪة وﺣﺼﺎﻧﺎﺗﻬﺎ”، الذي يقول:

تمنح الامتيازات والحصانات للموظفين من أجل تحقيق مصالح الأمـم المتحـدة ولـيس مـن أجـل تحقيـق مصـالحهم الخاصـة. ويحـق للأمـين العـام، بـل ويجـب عليـه، أن يرفـع الحصـانة عـن أي موظـف في أيـة حالـة يـرى معهـا أن تلـك الحصـانة تحـول دون أن تأخـذ العدالـة مجراهـا، وأنـه مـن الممكن رفعها دون الإضـرار بمصـالح الأمـم المتحـدة. وجمللـس الأمـن حـق رفـع الحصـانة بالنسـبة إلى الأمين العام.

وبالتالي فإن مجلس الأمن لديه سلطة إسقاط الحصانة عن الأمين العام للأمم المتحدة. لكن لا يزال هنالك شك فيما إذا كان اللجوء إلى مجلس الأمن، الذي تعتبر قراراته سياسية إلى حد كبير ، هو الخيار الأنسب الذي يمكّن الضحايا من الوصول حقاً إلى العدالة.

 

ب. الحصانات الشخصية والوظيفية في المحكمة الجنائية الدولية:

لا يمكن للدبلوماسيين الذين تكون دولهم طرفاً في نظام روما الأساسي الاستفادة من الحصانة ضد محاكمة المحكمة الجنائية الدولية. ينص نظام روما الأساسي في المادة 27 (2) على ما يلي:

لا تحول الحصانات أو القواعد الإجرائية الخاصة التي قد ترتبط بالصفة الرسمية للشخص سواء كانت في إطار القانون الوطني أو الدولي، دون ممارسة المحكمة اختصاصها على هذا الشخص.

وبالتطبيق على للدبلوماسيين، ينصّ الحكم ضمنيّاً إلى أنَّه عند التصديق على نظام روما الأساسي، تتفق الدول على أنَّ الحصانة الممنوحة لموظفيها لا تمنع ملاحقتهم قضائياً من قبل المحكمة الجنائية الدولية.

ومع ذلك ، فإن محاولة تطبيق هذا الحكم على حصانة الأمين العام ليست ضرورية ، حيث ينص الاتفـاق التفاوضي ﺑﺸﺄن اﻟﻌﻼﻗﺔ بين اﻷﻣﻢ المتحدة والمحكمة الجنائية اﻟﺪوﻟﻴﺔ ، في المادة 19 منه:

إذا مارسـت المحكمـة اختصاصـها بمحاكمـة شـخص ادعـي أنـه مسـؤول جنائيـاً عـــن ارتكــاب جريمــة تنــدرج في نطــاق اختصــاص المحكمة، وكان هذا الشخص في هذه الظـروف يتمتـع، طبقـا لاتفاقيـة امتيـازات الأمـم المتحـدة وحصاناتها وقواعـد القـانون الـدولي ذات الصلـة، بالامتيـازات والحصانـات الضروريـة لأداء عملـه في الأمـم المتحـدة بصـورة مسـتقلة، تتعـهد الأمـم المتحـدة بـأن تتعـاون تعاونــاً تامــاً مــع المحكمــة وبـأن تتخـذ جميـع التدابـير اللازمـة مـن أجـل السـماح للمحكمـة بممارسـة اختصاصـها، لا سـيما برفـــع أي مــن هــذه الامتيــازات والحصانــات، وفقاً لاتفاقية امتيازات الأمم المتحدة وحصاناتها وقواعد القانون الدولي ذات الصلة.

إنَّ ما ذكر في النص عن إمكانية الأمم المتحدة رفع الحصانات، وسع نطاق هذه الصلاحية التي ذكر البند 20 أنها من حق مجلس الأمن الدولي فقط. وعليه يمكن القول بأنّ أجهزة الأمم المتحدة الأخرى، ولاسيما الجمعية العامة، لديها سلطة إسقاط الحصانة عن الأمين العام للأمم المتحدة.

ج. الحصانات الشخصية والوظيفية في المحاكم الوطنية:

لا تعرف الحصانة الشخصية أي استثناء أمام المحاكم الوطنية. ومن ناحية أخرى، فإن هناك قدر كبير من المنح الدراسية وسوابق قضائية عديدة ذهبت باتجاه ضرورة تطبيق مبدأ الحصانة الوظيفية التي لا تعوق إجراء المحاكمات على الجرائم الدولية أمام المحاكم الوطنية، وعلى الرغم من أنَّ بعض أحكام محكمة العدل الدولية قد شككت بإمكانية تطبيق هذا المبدأ على أرض الواقع إلا أنه يبدو راسخاً في نظام الولايات القضائية المحلية. ويكون هذا الأمر ذا أهمية عند التفكير في السبل الممكنة لمقاضاة شخص الأمين العام للأمم المتحدة، لأنّه عندما تنتهي ولاية الدبلوماسي -وقياساً عليه ولاية الأمين العام- تستمر حصانتهم ولكن فقط لتغطي أعمالهم الرسمية، وبالتالي تصبح إجراءات محاكمتهم فعالة.

المادة 39 (2) من اتفاقية فيينا للعلاقات الدبلوماسية تنص على ما يلي:

عندما تنقضي مهمة شخص من الذين يتمتعون بالمزايا والحصانات تنتهي عادة هذه المزايا والحصانات من وقت مغادرة هذا الشخص لأراضي الدولة المعتمد لديها أو عند انتهاء المهلة المعقولة التي تمنح له لهذا السبب، ويستمر سريانها لهذا الوقت حتى عند قيام نزاع مسلح، ومع كل، تستمر الحصانة بالنسبة للأعمال التي قام بها هذا الفرد كعضو في البعثة.

وخير دليل على ذلك قرار مجلس اللوردات في قضية بينوشيه، الذي أكد أنَّ حصانة رئيس دولة سابق لا تمنع تسليمه للمحاكمة.[24]  وفي حال رفعت دعاوى قضائية ضدّ الأمين العام للأمم المتحدة بعد انتهاء ولايته، يمكنها أن يتم على أساس ذلك تجاوز الحصانة الممنوحة له.

 

رابعاً: خاتمة:

ينبغي على الذين يعملون باسم الأمم المتحدة اتخاذ أهدافها التأسيسية كبوصلة توجّه تصرفاتهم وأعمالهم في كل الأوقات. لأنه عندما ينكصون عن الوفاء بالالتزامات المترتبة عليهم يكون من الضروري محاسبتهم من قبل ضحايا إهمالهم وأخطائهم الذين يصبح من حقهم الوصول إلى سبل العدالة والانصاف.

إنَّ مبرر وجود الأمم المتحدة لا يتطلب أن يكون لها حصانة مطلقة، لكن يكفي، ومن الضرورة بمكان، أن يكون لديها حصانة تسمح لها بالعمل بشكل مريح. وإنَّ المخاطر التي تترتب على فتح الطريق أمام تحقيق العدالة بالنسبة لهذه المؤسسة التي لا يترك استقرارها المالي وسعيها المستمر للشرعية مجالاً كافياً للتحديات، لا يمكن أن يبرر ترك الضحايا دون تعويضات.

وعلاوة على ذلك، لم يعد هناك مبرر لأن يكون لدى الأمم المتحدة هذه الحصانة الواسعة، في ضوء تطور فكرة الحصانات، وبعد أن تعرضت تلك الحصانة لانتقادات واسعة.[25] ومن الضروري، ومن أجل الأمم المتحدة نفسها بالدرجة الأولى، إنشاء آلية فعالة تسمح للضحايا بإيصال صوت مطالبهم وتسهّل لهم طرقاً للحصول على التعويضات.

وفي ظل الغياب الحالي لهذه الآلية، فإنه من الأهمية بمكان التفكير في طرق مبتكرة للسعي إلى تحقيق العدالة لضحايا الإهمال والأخطاء والإغفالات التي تقوم بها الأمم المتحدة. وقد تم التفكير فعلاً في طرق مختلفة لتحقيق هذا الغرض.

لقد تناول هذا المقال مسألة المساءلة الفردية، بينما هناك بعض الخبراء الممارسين في هذا المجال ومقدمي بلاغات يكتشفون طرق أخرى ليسلكوها نحو تحقيق العدالة، من بينها عرض القضايا أمام الهيئات القضائية المحلية وذلك لتحفيز إنشاء لجنة المطالبات، وإعادة تأكيد المعنى الحقيقي لمبدأ قاعدة التخصيص أو تناول الدعاوى من منظور حقوق الإنسان مع التركيز على الحق في الوصول إلى المحكمة وسبل الانتصاف.[26]

إنَّ استكشاف مثل هذه الطرق أمر ضروري ويجب أن يدفع الأمم المتحدة ليس فقط إلى مراجعة مواقفها تجاه الحصانات، ولكن أيضاً إلى التفكير في واجب تقديم الرعاية المرتبط بسبب وجودها.

إن بياننا -في سوريون من أجل الحقيقة والعدالة- المؤيد لحفظ السلام يعتبر دليل على ثقتنا في الأمم المتحدة، إذ لا يمكننا أن نتصور عالمنا بدونها.[27] ومع ذلك، وكمستفيدين من برامجهم، وضحايا محتملين لقراراتهم، نضع المنظمة ومسؤوليها قيد المحاسبة على الأضرار الجانبية التي قد تنتج عن تعاونهم مع تركيا في تنفيذ خطتها وندعوهم إلى تقديرالعواقب التي ستترتب على هذه المساعدة المحتملة.

 

خامساً: توصيات:

    1. إلى الأمم المتحدة:
  • الامتناع عن الانخراط في أي خطط أو أعمال تؤدي إلى توطين اللاجئين السوريين في مناطق لا ينتمون إليها.
  • التحقيق في انتهاكات حقوق الإنسان التي ترقى إلى حد جريمة التهجير القسري والتي وقعت في شمال شرق سوريا وفي عفرين قبل ذلك.
    1. إلى الأطراف الفاعلة:
  • ضمان إيجاد حل سياسي حتى يتمكن اللاجئون من العودة إلى مدنهم الأصلية.
  • الامتناع عن المشاركة في أي مشاريع تؤدي إلى التهجير القسري والتغيير السكاني (الديموغرافي) كالاستثمارات في البنية التحتية وإعادة الإعمار.
  • أن تأخذ بعين الاعتبار موقف الاتحاد الأوروبي الذي أعرب عنه في تشرين الأول/أكتوبر 2019 والذي قال فيه” إنّ الاتحاد الأوروبي لن يوفر الاستقرار أو المساعدة الإنمائية في المناطق التي يتم فيها تجاهل حقوق السكان المحليين أو انتهاكها.”

 


[1] رسالة مؤرّخة في 9 تشرين الأول/أكتوبر 2019، موجهة إلى رئيس مجلس الأمن من الممثل الدائم لتركيا لدى الأمم المتحدة، S/2019/804، https://undocs.org/ar/S/2019/804.

“هيئة الصحة التابعة للإدارة الكردية في شمال شرق سوريا: 218 مدنياً قتلوا في الهجوم التركي على المنطقة”، رويترز، 17 تشرين الاول/أكتوبر (آخر زيارة للرابط: 21 شباط/فبراير 2020).  https://uk.reuters.com/article/uk-syria-security-turkey-casualties/kurdish-led-health-authority-in-northeast-syria-says-218-civilians-killed-in-turkish-offensive-idUKKBN1WW1A5.

[2] “أدلة إضافية تدعم مسؤولية “الجيش الوطني” عن إعدام السياسية الكردية هفرين خلف”. سوريون من أجل الحقيقة والعدالة. 10 كانون الأول/ديسمبر 2019. (آخر زيارة للرابط: 21 شباط/فبراير 2020). http://bit.ly/39K8KT8.

“سوريا: أدلة دامغة على جرائم الحرب وغيرها من الانتهاكات التي ارتكبتها القوات التركية والجماعات المسلحة المتحالفة معها”، منظمة العفو الدولية، 18 تشرين الأول/أكتوبر2019،(آخر زيارة للرابط: 21 شباط/فبراير 2020).  https://www.amnesty.org/ar/latest/news/2019/10/syria-damning-evidence-of-war-crimes-and-other-violations-by-turkish-forces-and-their-allies/

https://twitter.com/Hiwaosman/status/1184449625303998465?s=20

فيديو يلقي الضوء على أدلة عن حدوث عمليات إعدام قرب الحدود التركية السورية، Bellingcat، 1 تشرين الثاني/نوفمبر 2019، (آخر زيارة للرابط: 11 شباط/فبراير 2020).

https://www.bellingcat.com/news/mena/2019/10/31/video-evidence-sheds-light-on-executions-near-turkey-syria-border/

مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الانسانية في سوريا، الجمهورية العربية السورية: “عمليات النزوح في شمال شرق سوريا”. 5 تشرين الثاني/نوفمبر 2019، (آخر زيارة للرابط: 11 شباط/فبراير 2020)

https://reliefweb.int/map/syrian-arab-republic/syrian-arab-republic-north-east-syria-displacement-5-november-2019.

“هيئة الصحة التابعة للإدارة الكردية في شمال شرق سوريا: 218 مدنياً قتلوا في الهجوم التركي على المنطقة”، رويترز، 17 تشرين الاول/أكتوبر،(آخر زيارة للرابط: 11 شباط/فبراير 2020)  https://uk.reuters.com/article/uk-syria-security-turkey-casualties/kurdish-led-health-authority-in-northeast-syria-says-218-civilians-killed-in-turkish-offensive-idUKKBN1WW1A5.

[3] “غوتيريش في تركيا: الأمم المتحدة تدرس خطة “مناطق توطين جديدة” للاجئين السوريين، أخبار الأمم المتحدة، 1 تشرين الثاني/نوفمير 2019، (آخر زيارة للرابط: 11 شباط/فبراير 2020) https://news.un.org/en/story/2019/11/1050451.

[4] ألبرت حبيب حوراني ، الأقليات في العالم العربي (لندن ، المملكة المتحدة: مطبعة جامعة أكسفورد ، 1947)، المحررون: إدموند هيرزيغ ومارينا كوركشيان.

الأرمن: الماضي والحاضر في صنع الهوية الوطنية (روتليدج ، 2005) ؛ المحرر: هنبعل ترافيس.
الإبادة الجماعية الآشورية: الموروثات الثقافية والسياسية (روتليدج ، 2018).
جوردي تيجل، أكراد سوريا (روتليدج ، 2009).
جين عراف، إنه وقت خطير بالنسبة للمسيحيين في شمال شرق سوريا، NPR ، 12 شباط/فبراير 2020.
https://choice.npr.org/index.html?origin=https://www.npr.org/2020/02/12/805154261/its-a-dangerous-time-for-christians-in-northeastern-syria?t=1581772155299

[5] “سوريا: انتهاكات بحق المدنيين في “المناطق الآمنة”، إعدامات خارج القانون، ومنع العودة من قبل جماعات مسلحة تدعمها تركيا”، هيومن رايتس واتش، 29 تشرين الثاني/نوفمبر 2019، (آخر زيارة للرابط: 11 شباط/فبراير 2020) https://www.hrw.org/ar/news/2019/11/27/336083

[6] يقول النص الأصلي للمقابلة:
“Şu bölge gerçekten devasa bir alan ve bu devasa alanda önemli olan böyle bir birikimi kontrol altında tutmak kontrollü bir yaşam orada hazırlamak ki oraya da en uygun olan Araplardır, Kürtlerin yaşam tarzının uygun olduğu yerler değildir.”

Ne açıdn?

“Çünki buralar adeta çöl bölgeleri.”

[7] تمّت ترجمة المقطع من قبل باحث متخصص في الشؤون التركية، يعمل مع سوريون من أجل الحقيقة والعدالة.

[8] كريستين ي بون، “الأمم المتحدة كسامريّ صالح: الحصانة والمسؤولية”، مجلة شيكاغو للقانون الدولي، المجلد 16، 2016.

[9] كريستين ي بون.

[10]  كريستين ي بون.

[11]  كريستين ي بون.

[12] جورج في مواجهة الأمم المتحدة: الدعوى ضد الأمم المتحدة بسبب الكوليرا ، معهد العدالة والديمقراطية في هايتي http://www.ijdh.org/cholera-litigation/.

[13] فريديريك ميغريت ، “مسؤولية الأمم المتحدة في وقت تفشي الكوليرا” ، المجلة البلجيكية للقانون الدولي XLVII ، رقم 1 (2013): 161–189.

[14] ميغريت.

[15] كريستين ي بون، “الأمم المتحدة كسامريّ صالح: الحصانة والمسؤولية”، مجلة شيكاغو للقانون الدولي، المجلد 16، 2016.

[16] محكمة الاستئناف الهولندية ، أمهات سريبرينيتسا في مواجهة دولة هولندا ، القضية رقم 200.022.151 / 01 ، 30 آذار/مارس 2010) ؛

المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان، مجلس أمهات سريبرينيتسا في مواجهة هولندا (المقبولية)، التطبيق رقم 65542/12 ، 11 حزيران/يونيو 2013. https://hudoc.echr.coe.int/fre?i=001-%20%20122255#{%22itemid%22:[%22001-122255%22]}

[17] الجلسة التمهيدية الأولى للمحكمة الجنائية الدولية، مباروشيمانا، 16 كانون الأول/ديسمبر 2011، الفقرة 284، (آخر زيارة للرابط: 11 شباط/فبراير 2020) https://www.icc-cpi.int/CourtRecords/CR2011_22538.PDF

[18] الجلسة التمهيدية الأولى للمحكمة الجنائية الدولية، مباروشيمانا، 16 كانون الأول/ديسمبر 2011، الفقرة 284، (آخر زيارة للرابط: 11 شباط/فبراير 2020) https://www.icc-cpi.int/CourtRecords/CR2011_22538.PDF.

[19] أ. كاسيسي ، القانون الجنائي الدولي (الطبعة الثانية ، أكسفورد: مطبعة جامعة أكسفورد ، 2008).

[20] المحكمة الجنائية الدولية،بلي غودي، قرار الدائرة التمهيدية بشأن تأكيد التهم ، ICC-02 / 11-02 / 11 ، 11 ديسمبر 2014 ، الفقرة 173، (آخر زيارة للرابط: 11 شباط/فبراير 2020) https://www.icc-cpi.int/CourtRecords/CR2015_05444.PDF

[21] دائرة استئناف المحكمة الجنائية الدولية ليوغوسلافيا السابقة ، تاديتش ، 15 تموز / يوليو 1999، (آخر زيارة للرابط: 11 شباط/فبراير 2020) https://www.icty.org/x/cases/tadic/acjug/en/tad-aj990715e.pdf

[22] المدعي العام ضد بلي غودي، الرقم ICC-02 / 11-02 / 11-186 ، قرار بشأن تأكيد التهم ، PTC ، 11 كانون الأول/ديسمبر 2014 ، الفقرة 167 https://www.icc-cpi.int/CourtRecords/CR2015_05444.PDF

[23] أوتو تريفتير وكاي أمبوس، تحرير، نظام روما الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية: تعليق، بيك/هارت للنشر، 2016.

[24] Regina v. Bow Street Stipendiary Magistrate ex parte Pinochet Ugarte (No. 3). [1999]

[25] كريستين ي بون، “الأمم المتحدة كسامريّ صالح: الحصانة والمسؤولية”، مجلة شيكاغو للقانون الدولي، المجلد 16، 2016.

[26] روزا فريدمان ونيكولاس ليماي هيبرت، “نحو تفسير بديل لحصانة الأمم المتحدة: نهج قائم على حقوق الإنسان يدرس قضية الكوليرا في هايتي”، أسئلة القانون الدولي 19 (2015): 5-18؛ فريدريك ميغريت، “تدارك انتهاكات الأمم المتحدة من خلال لوي ذراع الدولة المضيفة: القضية الحالية تدعو الحكومة الهايتية إلى إنشاء لجنة مطالبات دائمة”، أوبيديوجوريس، 2018. كارلا فيرستمان، “التعويضات عن الأضرار الجماعية التي شاركت الأمم المتحدة في تسبيبها: الاستثنائية المضللة في عمليات حفظ السلام”، مراجعة قانون المنظمات الدولية 16، رقم 1 (2019): 42-67، https://brill.com/view/journals/iolr/16/1/article-p42_42.xml

[27] “التصور المحتمل لشكل عملية حفظ السلام في سوريا”. سوريون من أجل الحقيقة والعدالة. 10 تشرين الثاني/نوفمبر 2019. (آخر زيارة للرابط 13 شباط/فبراير 2020). https://stj-sy.org/ar/%d8%a7%d9%84%d8%aa%d8%b5%d9%88%d8%b1-%d8%a7%d9%84%d9%85%d8%ad%d8%aa%d9%85%d9%84-%d9%84%d8%b4%d9%83%d9%84-%d8%b9%d9%85%d9%84%d9%8a%d8%a9-%d8%ad%d9%81%d8%b8-%d8%a7%d9%84%d8%b3%d9%84%d8%a7%d9%85/.

منشورات ذات صلة

اترك تعليقاً

* By using this form you agree with the storage and handling of your data by this website.

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك ، ولكن يمكنك عدم المشاركة إذا كنت ترغب في ذلك. موافق إقرأ المزيد