أصدر المركز السوري للعدالة والمساءلة ومنظمة سوريون من أجل الحقيقة والعدالة تقريراً جديداً حول تجنيد المرتزقة السوريين من قبل تركيا وروسيا لدعم حلفاء إقليميين ودوليين. وقال محمد العبد الله المدير التنفيذي للمركز السوري للعدالة والمساءلة إن “مشاركة مرتزقة سوريين في القتال في الخارج تؤدي إلى إثراء وتقوية بعض الجماعات المسلحة الأكثر إجراماً في سوريا نفسها، ولاسيما الجماعات المدعومة من تركيا في الشمال الغربي”.
ويمثل التقرير الجديد: “الارتزاق في سوريا: التجنيد الاستغلالي وإثراء الميليشيات الإجرامية” جهداً مشتركاً بين المنظمتين، ويلقي الضوء على الاقتصاد الاستغلالي لتجنيد المرتزقة والذي تطور في سوريا منذ أواخر عام ٢٠١٩. ومنذ ذلك الحين، توسع هذا الاقتصاد إلى درجة أن يتضمن عدداً كبيراً من القوى الإقليمية والدولية وشركات عسكرية خاصة وجماعات مسلحة وسماسرة.
وقال بسام الأحمد المدير التنفيذي لسوريون من أجل الحقيقة والعدالة “تستغل الجماعات المسلحة المدعومة من الخارج والتي تقوم بتجنيد المرتزقة الأزمة الإنسانية في سوريا. يجب على المجتمع الدولي محاسبة الدول والشركات والجماعات المسلحة الأكثر مسؤولية عن تجنيد المرتزقة المتورطة في هذه الظاهرة. كما يجب عليه معالجة العوامل المسببة التي تجعل عمل المرتزقة من ضمن مصادر دخل وحيدة لكثير من السوريين. محاسبة هذه الجماعات، والدول التي تتعاقد معها وتضيفها لأعمالها في ليبيا وناغورنو كاراباخ ستعزز جهود منع الانتهاكات في سوريا نفسها”.
بالاعتماد على المرتزقة السوريين للتدخل في النزاعات في ليبيا وناغورنو كاراباخ عام 2020، لجأت تركيا وروسيا إلى شبكات من الجماعات المسلحة والسماسرة التي طورتها الحكومتان في سوريا في السنوات السابقة. وعلى الرغم من أن الغرض المقصود لجولات التجنيد المحددة تباين في بعض الأحيان، إنه من الواضح أن الحكومات التي تتورط في النزاعات الإقليمية، سواء مباشرة أو بالوكالة، تُشرك سوريين في القتال في الخارج مقابل وعود ببدل مادي. ولذلك، فهي متواطئة في ممارسة الارتزاق كما تعرفه المادة ٤٧ من البروتوكول الإضافي الأول لاتفاقيات جنيف.
قد استفادت الميليشيات الإجرامية وقوات الأمن مالياً من الطابع غير الرسمي لاقتصاد الارتزاق ودور السماسرة فيه، والذي يعزز بشكل ممنهج تقديم وعود غير صادقة بالحصول على الجنسية، سرقة الأجور، وتجنيد الأطفال والنازحين. وعندما ينتهي القتال، كما حدث في ليبيا، حيث أصبح آلاف السوريون الذين قدموا للقتال مع الجيش الوطني السوري المدعوم من تركيا عاطلين عن العمل وغير مدفوعي الأجر بعد أشهر من تنفيذ وقف إطلاق النار برعاية الأمم المتحدة. تلجأ هذه الجماعات المسلحة إلى مصادر أخرى للإثراء غير القانوني مثل مصادرة الممتلكات وبيع الأسلحة. في غضون ذلك، يترك هؤلاء السوريون الذين غادروا بلادهم للقتال في الخارج عائلات تعتبر من الفئات الأكثر ضعفاً في المجتمع السوري، والتي تفتقر الآن إلى أفرادها الذين يشكلون عادة مصدرها الوحيد للدعم الاجتماعي والمالي.
ويقدم التقرير المشترك من المركز السوري للعدالة والمساءلة وسوريون من أجل الحقيقة والعدالة مجموعة واسعة من التوصيات لمحاسبة الدول والشركات الضالعة في المجالات المختلفة لاقتصاد الارتزاق، وتخفيف المعاناة الإنسانية التي تعتبر من جذور المشكلة.