عقب انهيار اتفاق “أستانا” الذي أفضى إلى إنشاء نقاط مراقبة تركية في محيط منطقة “خفض التصعيد/شمال غرب سوريا” في العام 2017، وبعد اتفاق “خفض التصعيد” الأخير (اتفاق موسكو) الموقع ما بين روسيا وتركيا في 5 آذار/مارس 2020، قام الجيش التركي بتعزيز تواجده العسكري في محافظة إدلب وتوزيع قواته في أكثر من 53 نقطة جنوبي إدلب ومنها منطقة جبل الزاوية.
يسلّط هذا التقرير الضوء على بعض الممارسات التي قامت بها القوات التركية في منطقة جبل الزاوية جنوبي إدلب أثناء نشر قواتها العسكرية في تلك المنطقة، فبحسب شهادات حصرية من السكان المحليين، حصلت عليها “سوريون من أجل الحقيقة والعدالة” خلال الأشهر الثلاثة الأولى من عام 2021، فقد تمركزت هذه القوات في مدارس وأوقف فيها الدوام المدرسي، كما واستولى الجنود الأتراك على منازل وأراضي زراعية تعود ملكيتها لمدنيين دون رضاهم، وقامت بتخريب واقتلاع مئات الأشجار المثمرة، كما ورفضت القوات التركية مراراً طلب الأهالي بمغادرة منازلهم، ولم تقم بتعويضهم عن أي من الأضرار التي تسببت بها.
-
توزع النقاط العسكرية التركية في جبل الزاوية:
توزعت القوات التركية في 18 موقعاً في عموم منطقة جبل الزاوية، ورافقها في تلك المهمة عناصر من “الجيش الوطني السوري/المعارض”، وكان معظمهم من فصيل “فيلق الشام”، حيث تمثّلت مهمة عناصر الفصيل بحماية النقاط التركية من الخارج والتنسيق بين القوات التركية والمدنيين عند الحاجة. وقال مصدر عسكري في “فيلق الشام” للباحث الميداني لدى “سوريون من أجل الحقيقة في هذا الصدد ما يلي”:
“في كل نقطة عسكرية تركية يوجد مرافقين من الجيش الوطني ومهمتهم حماية النقاط التركية عبر انشاء حواجز/نقاط متقدمة حول القاعدة العسكرية، كما ينسق الفصيل بين القوات التركية والمدنيين، ويتقاضى العنصر الواحد في الفصيل مقابل هذه الخدمات مبلغ 600 ليرة تركية شهرياً.”
ورصد ناشطون محليون متعانون مع سوريون من أجل الحقيقة والعدالة في منطقة جبل الزاوية مواقع تمركز القوات العسكرية التركية وكانت على الشكل التالي:
- نقطة كدورة، متواجدة على تلة استراتيجية غرب البلدة وتطل على الطريق الدولي M5 وهي تلة مرتفعة، وتضم النقطة نحو 150 جندي تركي و30 آلية عسكرية.
- نقطة رويحة، وتقع على تلة المرقب وهي منطقة استراتيجية تطل على مدخل مدينة أريحا والطريق الدولي.
- نقطة نحلة، تمركزت القوات التركية ضمن البلدة في تجمع منازل للمدنيين، وهي قاعدة عسكرية تضم نحو 15 دبابة و100 جندي.
- نقطة سرجه، تمركزت القوات التركية في منازل مدنيين وأراضي زراعية لهم تطل على الطريق الدولي، والبلدة حالياً خالية من السكان.
- نقطة شنان، تمركزت القوات التركية في منازل مدنيين، وما يزالون هناك رغم مطالبات الأهالي لهم بالخروج من منازلهم
- نقطة فركيا تابعة لنقطة شنان، متمركزة داخل البلدة في منازل المدنيين، وتضم النقطة نحو 100 جندي.
- نقطة مغارة، تمركزت القوات في أراضي زراعية، وتضم النقطة 12 مدفع و8 دبابات وهي نقطة صلة الوصل بين نقطتي احسم وشنان.
- نقطة احسم، وتعد نقطة مركزية موجودة في الحارة الجنوبية في مدينة احسم، حيث استولت القوات التركية على حارة سكنية كاملة ومدرسة، وتضم النقطة نحو 200 جندي وعشرات الآليات العسكرية.
- -نقطة ابديتا، تمركزت في منازل مدنيين وفيها تقريبا 100 جندي و30 آلية.
- نقطة كفر شلايا، هي نقطة حماية للطريق الدولي، وتمركزت في منازل المدنيين وفيها تقريبا 50 جندي وعدة آليات.
- نقطة بسامس، موجودة قرب رام بسامس وهي نقطة تابعة لنقطة تل النبي أيوب وفيها 6 دبابات و4 مدافع.
- نقطة جوزف/النبي أيوب، وهي نقطة استراتيجية كبيرة وفيها مضاد طائرات.
- نقطة معراتة، تمركزت في مدرسة معراتة وتل الشيخ تمام، وفيها نحو 500 جندي و25 آلية.
- نقطة بليون، تمركزت في مبنى مشفى الأطفال في قرية بليون (المشفى خرج عن الخدمة بعد تعرضه للقصف أواخر عام 2019)، وتضم النقطة نحو 200 جندي و30 آلية.
- نقطة البارة، تمركزت جنوبي البلدة قرب منطقة المسبح وتضم نحو 300 جندي و50 آلية.
- نقطة كنصفرة، تمركزت في أراض تعود ملكيتها للحكومة السورية عند تل بدران، وتضم نحو 100 جندي و30 آلية.
- نقطة فوقفين، تمركزت في تل فوقفين وتطل على سهل الغاب وجبل شحشبو.
- نقطة دير سنبل، تمركزت في معمل طوب جنوب غرب البلدة على الطريق الواصل بين البارة ودير سنبل وفيها حوالي 25 آلية.
صورة رقم (1)- خريطة توضح مواقع انتشار القوات التركية في منطقة جبل الزاوية.
-
ممارسات القوات التركية في جبل الزاوية بحسب الأهالي:
خلال عملية إعادة نشر وتوزيع القوات التركية في منطقة جبل الزاوية، بعد اتفاق آذار/مارس 2020، تمركزت هذه القوات في مواقع/أماكن كثيرة تعود ملكيتها لأشخاص مدنيين، وتم استخدام/التمركز في الكثير هذه المواقع دون موافقة المالكين الأصليين، علاوة على ذلك، رفضت القوات التركية مراراً طلبات المالكين بإخلاء أملاكهم.
أخبرت مجموعة من أهالي جبل الزاوية “سوريون من أجل الحقيقة” عن عمليات تمركز للقوات التركية في أكثر من 30 منزلاً سكنياً وعشرات الدونمات من الأراضي زراعية، التي ألحقت أضراراً جسيمة بها؛ حيث تم تخريب المنازل واقتلاع الأشجار وتجريف التربة، إضافة إلى تمركزها في 3 مدارس على الأقل ما سبب تعطل عملية التعليم فيها بشكل كامل. منها مدرسة “الإمام النووي” ومدرسة “معراتة الثانوية” في بلدة معراتة، حيث كانت المدرستان تخدمان أكثر من 1000 طالب/طالبة في البلدة، وبعد تمركز القوات التركية فيهما اضطر الطلاب للذهاب إلى بلدة جوزف المجاورة لاستكمال تعليمهم. مصدر من أهالي البلدة قال للباحث الميداني لدى “سوريون” ما يلي:
“في يوم 4 حزيران 2020 دخلت قوات تركية لاستطلاع قرية معراتة، وبعد 15 يوماً وبتاريخ 19 حزيران/يونيو 2020، عادت القوات التركية إلى القرية واستولت على مدرستين (مدرسة معراتة الأساسية، ومدرسة الإمام النووي)، ونشرت فيهما أكثر من 500 جندي و22 آلية عسكرية ما بين عربات مدرعة ودبابات واتخذتهم كقواعد عسكرية لها، وعندما عارض الأهالي هذه الخطوة من الأتراك، رفض الأتراك إخلاء القرية بحجة أنهم قدموا احداثياتها للروس، لقد قامت القوات التركية بتخريب المدرستين حيث أتلفوا المقاعد، والسبورات، والكتب المدرسية، والخزانات”.
صورة رقم (2) – صورة خاصة بسوريون من أجل الحقيقة والعدالة تظهر مدرسة معراتة الثانوية بعد تمركز القوات التركية فيها.
وماتزال القوات التركية متمركزة في هذه المدرستين حتى تاريخ إعداد هذا التقرير في بداية نيسان/أبريل 2021.
وفي بلدة المسطومة التابعة لناحية أريحا، قام الباحث الميداني برصد تواجد القوات التركية في مدرسة البلدة، ولكن لم نستطع الحصول على تفاصيل إضافية حول تاريخ دخول القوات التركية إليها وعدد الطلاب الذين كانت تخدمهم المدرسة.
صورة رقم (3) – صورة خاصة بسوريون من أجل الحقيقة والعدالة تظهر مدرسة المسطومة بعد تمركز القوات التركية فيها، ويظهر في منتصف الصورة آليات عسكرية تحمل العلم التركي.
قال سكان محليون لـ”سوريون من أجل الحقيقة والعدالة” بأنّ القوات التركية تمركز في عشرات المنازل السكنية والأراضي الزراعية في قرى وبلدات شنان والبارة وإحسم، حيث قامت هذه القوات بتخريب المنازل واقتلاع أشجار الزيتون والفستق الحلبي وتجريف تربة عدد من الأراضي ورفع سواتر ترابية ضخمة في بعضها الآخر، وكان ذلك كله دون موافقة المالكين واعتراضهم، كما رفضت القوات مراراً طلب المالكين بإخلاء منازلهم ولم تقدم أي تعويض أو وعود بالتعويض عن الأضرار الحاصلة.
- في قرية شنان: تمركزت القوات التركية في منازل مدنيين تعود ملكيتها لعائلات “العثمان” و”العك” و”الفرهود” و”أصلان”، وما يزالون متمركزين فيها رغم مطالبات الأهالي لهم بالخروج من منازلهم.
- بلدة احسم: أفاد شاهد عيان من أهالي البلدة إن القوات التركية تمركزت في الحي الجنوبي من البلدة واستولت على أكثر من عشرين منزل للمدنيين، قامت بتسكين الجنود فيها، وذلك خلال فترة نزوح السكان من البلدة، وعندما عاد الأهالي وطالبوا بمنازلهم رفضت القوات التركية إخلائها، وقال الشاهد ما يلي:
“في يوم 28 شباط / فبراير 2020 دخل الجيش التركي إلى بلدة إحسم في وأنشأ نقطة مراقبة في الحي الجنوبي بالقرب من مبنى البريد، وقاموا باستخدام منازل المدنيين للسكن، حيث استولوا على أكثر من 20 منزلا في الحي، وعندما طالب الأهالي الأتراك بالخروج من المنازل كان الرد: معنا أوامر من القيادة التركية بالتمركز في هذه المنطقة، وهل إذا جاءت الحكومة السورية واستولت على منازلكم ستطالبون بها؟“
وتابع الشاهد:
“توزّع الجنود الأتراك على تلك المنازل واستقر في كل منزل ما بين 10 إلى 15 جندي، ومن ثم قاموا بفك النوافذ والأبواب الداخلية في المنازل وقاموا بتجريف حدائق المنازل وقلع أشجار المحلب والكرز والزيتون، وإنشاء محارس داخل الحي كما رفعوا سواتر ترابية في محيط المنازل.”
صورة رقم (4) – صورة خاصة بسوربون من أجل الحقيقة والعدالة تظهر أحد المنازل التي استولت عليها القوات التركية في بلدة احسم.
- في بلدة البارة: تمركزت القوات التركية في أراض زراعية عدة تجاوزت مساحاتها 40 دونماً، دون موافقة المالكين، وقامت بنقل نقاط التمركز مرتين عملت خلالهما على اقتلاع الأشجار وتجريف الأرض، ما تسبب بأضرار كبيرة دون تعويض المزارعين. أحد المالكين المتضررين من انشاء النقطة التركية ونقلها قال في شهادته للباحث الميداني ما يلي:
“أنا من قرية البارة في إدلب وأملك أرضاً جنوب البلدة مساحتها 19 دونماً مزروعة بأشجار التين والزيتون ونحو 175 شجرة مثمرة، وعندما دخل الجيش التركي إلى القرية في شهر آذار قاموا بإنشاء نقطة مراقبة داخل أرضي وأرض جيراني دون علمنا ودون الرجوع إلينا، وقاموا بقلع الأشجار وجرف التربة ورفع سواتر ترابية كبيرة بمحيط النقطة، وتضررت أرضي بنحو 40%، وبعد هذا كله قرروا تغيير مكان نقطة المراقبة في شهر كانون الأول، وقرروا إنشاء النقطة الجديدة جنوب غرب القرية بمساحة أكثر من 60 دونم، وقاموا بتجريف المنطقة بشكل كامل، وتضررت أرضي الزراعية الثانية حيث أخذوا نصفها لضمه للنقطة الجديدة.“
وتابع الشاهد:
“عندما تم إنشاء النقطة الجديدة كنت نازحا خارج القرية وعندما عدت حاولت الاستفسار ومراجعة الجيش الوطني السوري في مقرهم الرئيسي جنوب إدلب المصاحب للقوات التركية هناك حول مصير أرضي، وكان ردهم: توقف عن محاولة استعادة الأرض فلن يخرج الأتراك منها”.
وبحسب الشاهد فقد تضررت أراضي أخرى تعود لعائلات “عباس” و”شرتح” و”الدقس” و”العثمان” و”حبوب” و”سكاف”، وتقدر مساحة الأراضي المتضررة ب 73 دونم على الأقل، علاوة على قلع أكثر من 400 شجرة زيتون وتين وأشجار مثمرة، كما تم تجريف تربة أرض زراعية مساحتها 16دونم فيها نحو 350 شجرة قامت القوات التركية بتجريف جميع الأشجار وجرف التربة من الأرض ونقلها من مكان النقطة التركية القديمة (التي ذكرها الشاهد آنفاً) إلى مكان انشاء النقطة الجديدة ورفع ساتر ترابي.