حصلت “سوريون من أجل الحقيقة والعدالة” على معلومات استناداً إلى شهادات ذات مصداقية، تؤكد قيام شركة أمنية سورية تعمل كطرف وسيط لصالح شركة “فاغنر” الروسية، بنقل مقاتلين سوريين متواجدين في ليبيا، وتحديداً من مدينة بنغازي إلى سوريا، من أجل نقلهم إلى روسيا للمشاركة بعدها في المعارك الدائرة في أوكرانيا كمرتزقة إلى جانب القوات الروسية.
علاوة على ذلك، حصلت “سوريون” على شهادات أخرى تفيد بصدور أوامر روسية جديدة من أجل تجهيز دفعة جديدة من المقاتلين المتواجدين في ليبيا حالياً تمهيداً لنقلهم إلى روسيا ومن ثمّ أوكرانيا.
أيضاً، رصدت “سوريون” ازدياد وتيرة عمليات تسجيل أسماء مقاتلين راغبين بالقتال في أوكرانيا كمرتزقة في عدة محافظات داخل الأراضي السورية الخاضعة لسيطرة الحكومة السورية. لكنّها (أي المنظمة) لم تستطع حتى الآن التحقق من رحلات جوية مباشرة نقلت هؤلاء المقاتلين (ممن تمّ تسجيل أسمائهم داخل مناطق الحكومة) من سوريا إلى روسيا، حتى تاريخ إعداد هذا التقرير في 16 آذار/مارس 2022.
وسبق أن نشرت “سوريون” تقريراً حول بدء عملية تسجيل أسماء المقاتلين الراغبين بالقتال سواء إلى جانب الجيش الروسي أو إلى جانب الجيش الأوكراني.
-
نقل مرتزقة من ليبيا إلى روسيا عبر طائرات مدنية:
في يوم الثلاثاء 15 آذار/مارس 2022، تحدثت “سوريون من أجل الحقيقة” مع مقاتل (مصدر أول)/عنصر حراسة كان موجوداً في بنغازي الليبية أثناء إجراء المقابلة، رفض نشر اسمه لأسباب أمنية، وعمل على حراسة منشأة نفطية قرب المدينة وتواجد معه في تلك المنطقة مجموعة من عناصر شركة “فاغنر” الروسية، والذي قال في شهاداته ما يلي:
” في يوم الجمعة (11 آذار/مارس) جاء الضباط الروسي المسؤول عن مجموعة الحراسة الخاصة بنا ومعه المترجم، وأخبرنا أنه سوف يتم نقلنا من هذه النقطة إلى مكان آخر دون تحديد هذا المكان وطلب مننا أن نحزم حقائبنا ونتجهز. وفي يوم السبت (12 آذار/مارس) جاء الضباط الروسي والمترجم، وقرأ المترجم أسماء 25 شخصاً من المجموعة وأخذوهم مع حقائبهم. بعد نحو ساعتين، راسلت صديقي الذي غادر ضمن هذه المجموعة وأخبرني أنه موجود في مطار بنغازي مع نحو 150 عنصراً آخرين، وعندما سألته هل المهمة هي حماية المطار؟ أجابني أن الضابط أخبرهم أنه سيتم نقلهم إلى روسيا، وانقطع الاتصال بيننا عند فترة المغرب من ذلك اليوم.. كان صديقي يحمل شريحة هاتف ليبية وعندما اتصلت به كان الهاتف خارج الخدمة، لا بد أنه صعد إلى الطائرة لاحقاً وغادر ليبيا.”
وتابع المصدر:
“مازلت أنا وباقي أفراد المجموعة بانتظار نقلنا، لقد طلبوا منا أن نتوقف عن أداء مهام الحراسة المعتادة يوم الاثنين وأن ننتظر نقلنا.”
أوضح المصدر أنه وصديقه كانا قد وقعا عقداً لمدة ستة أشهر لحراسة المنشآت مع شركة “الصياد/صائدوا داعش” السوريّة، وأنّه تم نقلهما إلى ليبيا وعملا تحت إمرة ضباط روس، وعندما انتهى العقد الأول عادا إلى سوريا وبقيا 45 يوماً ومن ثم حصلا على عقد جديد وذهبا إلى ليبيا مرة أخرى، ومضى على تواجدهما في ليبيا ثلاثة أشهر قبل أن يتم نقل صديقه إلى روسيا.
تشير “سوريون” إلى انقطاع الاتصال مع المصدر الأساسي للمعلومة (والذي كان يحمل أيضاً شريحة اتصالات ليبية) ظهر يوم 16 آذار/مارس 2022، بالتوقيت المحلّي الليبي، حيث كان قد أخبر المنظمة أنّه تمّ نقله إلى مطار بنغازي تمهيداً لنقله إلى سوريا وثمّ روسيا لاحقاً بحسب ما أخبره المترجم نقلاً عن الضباط الروس، دون معرفته الدقيقة بتوقيت إقلاع الطائرة من بنغازي، وفيما إذا كانوا قد يضطرون للانتظار ساعات أو ربّما أيام في سوريا قبل نقلهم إلى روسيا.
بعد الحصول على هذه الشهادة، قامت “سوريون من أجل الحقيقة والعدالة” وبواسطة خبير التحقق الرقمي لديها بالاستعانة بتطبيقات مراقبة رحلات الطيران، واستطاعت تحديد رحلة انطلقت من مدينة بنغازي ظهر يوم الأحد 13 آذار/مارس 2022، باتجاه العاصمة دمشق، أي بعد ساعات من إشارة المصدر الأول الأساسي إلى اقتراب موعد رحلة صديقه. (تعتقد سوريون أنّ تلك الرحلة هي إحدى الرحلات التي أقلت مقاتلين سوريين من بنغازي إلى دمشق/سوريا، تمهيداً لنقلهم عبر رحلات مختلفة أخرى من سوريا إلى روسيا لاحقاً ومن ثمّ أوكرانيا، وتحديداً للقتال في محور العاصمة كييف وفي الإقليمين الإنفصاليين).
صورة رقم (1) – إحدى الرحلات التي تعتقد “سوريون من أجل الحقيقة والعدالة” بأنّها أقلّت مقاتلين سوريين من ليبيا، وذلك على متن الخطوط الجوية السورية، وهي تحمل الرقم RB6502. وكانت الطائرة من نوع iLyushin iL-76T – وهي مخصصة لنقل العتاد والأفراد. (تمّ توثيق استخدام طائرات الشحن هذه لنقل الأفراد داخل سوريا بشكل متكرر ولعشرات المرات). علماً أنّ موقع Flight Radar 24 التقط هذه الرحلة بعد حوالي ساعة من انطلاقها من بنغازي. (تمّ مقارنة خط سير هذه الرحلة/الممر الجوي مع رحلات أخرى في الأيام السابقة للرحلة والأيام اللاحقة وتبيّن أنّها كانت على نفس المسار).
أيضاً، قامت “سوريون” وبواسطة خبير التحقق الرقمي، برصد رحلة أخرى أقلعت من مطار بنغازي يوم 14 آذار/مارس 2022، (الساعة 5:37 صباحاً بالتوقيت المحلّي الليبي)، وذلك بواسطة شركة أجنحة الشام السوريّة، وحيث أنّ عمليات بدء نقل المقاتلين السوريين من ليبيا قد بدأت قبل هذا التاريخ، فإنّ “سوريون” تعتقد بإمكانية استخدام هذه الرحلة أيضاً لإيصال المقاتلين إلى سوريا ولاحقاً إلى روسيا.
صورة رقم (2) – رحلة خاصة بشركة “أجنحة الشام السورية” تحمل رقم 6Q352 (نوع الطيارة A320) متوجهة من بنغازي إلى دمشق، وتستطيع حمل 220 راكباً. (تعتقد سوريون استناداً إلى الشهادات وتوقيت الرحلة غير الاعتيادي أنّ هنالك احتمالية تواجد مقاتلين سوريين على متن هذه الرحلة). مصدر الصورة: موقع Flight Radar 24.
كان من اللافت أن طائرة روسية قادرة على حمل 180 شخصاً، قد انطلقت من قاعدة حميميم العسكرية في سوريا (والتي تخضع لسيطرة مباشرة من القوات الروسية في محافظة اللاذقية)، يوم 15 آذار/مارس 2022. أي في نفس الفترة الزمنية التي بدأت فيها القوات الروسية بنقل المقاتلين السوريين من ليبيا إلى سوريا، وذلك كخطوة أولى لنقلهم إلى روسيا ومن ثمّ أوكرانيا.
صور رقم (3) و (4) – تُظهران الرحلة الروسية ذات الرقم (RFF 202) التي انطلقت من قاعدة حميميم باتجاه روسيا. يبدو أنّ الرحلة اختفت من الرادار فوق الساحل التركي، لتعود إلى الظهور بالقرب من سواحل البحر الأسود.
صورة رقم (5) – يتوافق توقيت هذه الرحلة (14:56 بالتوقيت المحلّي الليبي – 12:56 UTC)، مع شهادة المصدر الأساسي الذي تحدّثت معه “سوريون”. حيث كان قد أشار بتاريخ 16 آذار/مارس 2022، إلى نقله إلى مطار بنغازي تهميداً لنقله إلى سوريا ومن ثمّ روسيا. (علماً أن الاتصال انقطع مع المصدر قبل حوالي ساعة فقط من انطلاق الرحلة)، وهو ما يعزز رواية المصدر.
مصدر ثاني، وهو أحد مسؤولي المصالحة المحليين وهو أيضاً أحد السماسرة الذين عملوا على تجنيد مقاتلين مرتزقة في ليبيا لصالح روسيا ومتواجد حالياً في سوريا، قال إنه تحدث مع أحد المقاتلين المتواجدين في ليبيا يوم الثلاثاء 15 آذار/مارس والذي قال له إنه تم بالفعل نقل عدة مجموعات وعلى عدة دفعات من ليبيا إلى روسيا خلال الأيام القليلة الماضية، الأمر الذي يتوافق مع الشهادة السابقة ويتطابق مع رحلات الطيران بين البلدين والتي رصدها خبير التحقق الرقمي لدى “سوريون من أجل الحقيقة” خلال أيام 13 و14 و16 آذار/مارس.
أيضاً، أضاف المصدر في حديثه مع “سوريون” ما يلي:
“بشكل دائم يتواصل معي الشبان الذين ساعدتهم على العمل في ليبيا، أخبرني معظمهم أنهم متخوفون من نقلهم للقتال في أوكرانيا، ليس فقط بسبب المعارك إنما بسبب إمكانية عدم حصولهم على تعويض مالي من قبل الروس، والسبب أنهم خلال تواجدهم في ليبيا يحصلون على رواتبهم من حكومة حفتر، ولم يقم الضباط الروس هناك أو أي مسؤول عنهم بتوضيح الوضع المالي في حال تم نقلهم إلى أوكرانيا.”
مصدر ثالث، وهو عنصر حراسة موجود في بنغازي قال بأن عناصر الحراسة السوريين المتواجدين في ليبيا والذين تم تجنيدهم من قبل شركات أمنية سورية وروسية يقدر عددهم بنحو ألفي عنصر متوزعين على معسكرات وقواعد عسكرية ومنشآت نفطية، ويشرف عليهم بشكل مباشر ضباط روس من شركة “فاغنر” يتولون الإشراف العسكري والتدريبات ومراقبة المهام، أما الأمور الإدارية واللوجستية فيشرف عليهم ضباط روس يتبعون للحكومة الروسية وليس لشركات أمنية.
-
ازدياد وتيرة عمليات التسجيل للمقاتلين/المرتزقة في محافظات عدة:
رصد الباحثون الميدانيون لدى “سوريون من أجل الحقيقة والعدالة” في محافظات حمص ودرعا والسويداء، تزايد وتيرة عمليات تسجيل مقاتلين للقتال في أوكرانيا، ويتمّ التسجيل من قبل أشخاص يتبعون لأجهزة أمنية أو سماسرة مقربين من تلك الأجهزة، وتمّ رصد وجود إقبال كبير من الشبان على التسجيل
-
في محافظة حمص (وسط سوريا):
في مدينة حمص، أفادت مصادر محلية لسوريون من أجل الحقيقة والعدالة، أنّ بعض عمليات التسجيل تتم في مبنى فرع أمن الدولة (جهاز المخابرات العامة)، وذكرت تلك المصادر أنّ معظم الأشخاص الذين أقدموا على التسجيل هم من المتطوعين ضمن مجموعات مرتبطة أصلاً بالأجهزة الأمنية، وبحسب المصادر قد تمّ الحديث عن منح مبلغ 1000 دولار أمريكي كراتب شهري.
أما في ريف حمص الشمالي، فقد أفادت مصادر محلّية أخرى أنّ بعض عمليات التسجيل تتم في مدينة الرستن بواسطة عناصر مرتبطين بجهاز الأمن العسكري (شعبة المخابرات العسكرية)، وتمّ الترويج لراتب شهري قدره 1000 دولار أمريكي أيضاً، وذكرت المصادر أنّ معظم المقبلين على التسجيل هم من عناصر انخرطت في عمليات التسوية/المصالحات أو من المتطوعين السابقين في ميلشيات محلية، مع عدد قليل من المدنيين.
-
في محافظة درعا (جنوب سوريا):
رصد الباحث الميداني لدى “سوريون من أجل الحقيقة والعدالة” وجود عدّة سماسرة يومون بعمليات تسجيل أسماء المقاتلين، ويكون هؤلاء السماسرة تابعون أو محسوبون على أجهزة أمنية معينة، ويتم تداول معلومات حول أن الأجر المالي لقاء القتال في أوكرانيا هو 1000 دولار شهرياً ومدة المهمة هي سبعة أشهر.
وبحسب المصادر التي تحدث معها الباحث، فإنه تم رفض تسجيل أعداد كبيرة من الشبان بسبب عدم وجود الخبرة القتالية المطلوبة لديهم، وطلب من عدد من المتقدمين التسجيل في مناطق أخرى (خوفاً من عمليات الاغتيال بحق السماسرة المروجين لعمليات التجنيد). وقالت المصادر بتورط أفراد من حزب البعث العربي الاشتراكي بعمليات التجنيد وأيضاً أشخاص مرتبطين بجهاز الأمن العسكري (المخابرات العسكرية).
-
في محافظة السويداء (جنوب سوريا):
في مدينة الشهباء، تحدث الباحث الميداني مع أحد الشبان الذين سجلوا اسمهم لدى أحد سماسرة التجنيد وهو محامي “م . ب” ويقوم بالتسجيل لصالح جهاز المخابرات الجوية، والتقى المصدر بالسمسار بتاريخ 12 آذار/مارس 2022 عند مبنى شعبة الحزب ومن ثم توجها إلى مكتب السمسار القريب. وقال المصدر في شهادته ما يلي:
“طرح عليً السمسار عدة أسئلة حول الاسم والتوجه السياسي والتحصيل العملي والخدمة الإلزامية والاحتياطية والعمليات العسكرية التي شاركت بها والاختصاص العسكري، وأيضاً ما إذا كنت أرغب بالذهاب إلى أوكرانيا بمفردي أم مع مجموعة من أصدقائي.”
وتابع:
“قال السمسار أن التسجيل سوف يكلفني 200 دولار أمريكي، ولكن إن قمت بجلب شبان آخرين سوف يتم تسجيلي مقابل 100 دولار فقط وسوف أحصل على 50 ألف ليرة سورية لقاء كل شخص أجبله، وقال لي أن الراتب هو 7 آلاف دولار لمدة سبعة أشهر، أي ألف دولار لكل شهر.”
4 التعليقات
[…] المنظمة الحقوقية، اليوم الاثنين، إن الشهادات التي حصلت عليها من […]
[…] المصدر: منظمة سوريون من أجل الحقيقة والعدالة […]
[…] منظمة “سوريون من أجل الحقيقة والعدالة” أن شركة أمنية سورية تعمل مع مجموعة “فاغنر” […]
[…] للاطلاع على التقرير كاملاً اضغط هنا. […]