بمناسبة انعقاد مؤتمر بروكسل السابع 2023، حول “دعم مستقبل سوريا والمنطقة”، ألقى ممثل عن غرفة دعم المجتمع المدني السوري كلمة في الاجتماع الوزاري الذي تلى يوم الحوار، نقل فيها توصيات ومخرجات مجموعات العمل الأربعة التي عملت على استضافة خبراء/ات من المجتمع المدني السوري لبحث القضايا التي تأتي في صلب القضية السورية وتقاطع بين مختلف الجغرافيا السورية.
وأُنشِئَت غرفة دعم المجتمع المدني في كانون الثاني/يناير 2016، من قبل مكتب المبعوث الخاص لسوريا كمنصة لضمان عملية سياسية شاملة من خلال التشاور مع مجموعة واسعة ومتنوعة من الجهات الفاعلة في المجتمع المدني وإشراكها. إذ يمكن من خلالها للجهات الفاعلة في المجتمع المدني أن تلتقي وتتفاعل وتتبادل الأفكار فيما بينها، مع مكتب المبعوث الخاص، والجهات الفاعلة المعنية في الأمم المتحدة، فضلاً عن أصحاب المصلحة الدوليين.
تؤكد “سوريون من أجل الحقيقة والعدالة” على أهمية تبنّي وتطبيق التوصيات التي نقلها السيد بهجت حجّار عن غرفة المجتمع المدني السوري، للوصول إلى خطاب جامع للسوريين قائم على قيم العدالة والديمقراطية والمساواة، وتأسف على عدم قدرة زميلة وزميل آخر من الغرفة لحضور المؤتمر، وتتمنى من المنظمين بذل جهود إضافية خلال السنوات القادمة لضمان تقديم الدعم اللوجستي الكامل لمساعدة الأصوات من داخل سوريا وفي دول الجوار لحضور المؤتمر. وفيما يلي نص الكلمة التي ألقاها السيد حجّار:
“السيد جوزيب بوريل فونتيليس، الممثل السامي للاتحاد الأوروبي للشؤون الخارجية والسياسة الأمنية، معالي الوزراء، سعادة السفراء والمبعوثين، الزملاء الزميلات في المجتمع المدني السوري.
السيدات والسادة:
أتحدث إليكم اليوم كعضو مشارك في غرفة دعم المجتمع المدني السوري، التي أسسها مكتب المبعوث الخاص إلى سوريا بناء على قرار مجلس الأمن 2254 كآلية لإشراك المجتمع المدني السوري في العملية السياسية التي تيسرها الأمم المتحدة، عملت هذه الغرفة خلال عام ونصف وفق 4 مجموعات عمل، على استضافة خبراء من المجتمع المدني السوري متنوعين من حيث التخصص والجغرافيا، لبحث جملة من القضايا التي تأتي في صلب القضية السورية وتقاطع بين مختلف الجغرافيا السورية.
توزع الخبراء على أربع مجموعات وفق التخصص:
- مجموعة مساحة المجتمع المدني والقيم المدنية.
- مجموعة الاقتصاد والتعافي والتنمية.
- مجموعة أولويات الحماية للسوريين.
- ومجموعة الحوكمة المحلية واللامركزية.
تمكنت مجموعات العمل عبر نقاشات تقنية معمقة من كسر الاستقطاب السياسي، والعمل على بناء خطاب جامع قائم على قيم العدالة والديمقراطية والسلام.
وانا هنا بينكم، لأنقل لكم بأمانة مخرجات وتوصيات المجموعات الأربعة.
بداية مساحة المجتمع المدني والقيم المدنية:
توصلت المجموعة الى ان دعم مسار التغيير في سوريا يحتاج إلى عوامل أهمها:
- حماية الفضاء المدني كعامل مساهم في خلق مرتكزات البيئة الآمنة، ويعتبر إصلاح القوانين الناظمة منطلقا مهما لتنظيم قواعد العمل للمنظمات والهيئات المدنية.
- اعتماد فكر المواطنة منهجا في المراحل التعليمية المختلفة وفي الممارسة ضمن علاقات المؤسسات المدنية باتجاه عقد اجتماعي جديد في سوريا منسجم مع القيم المدنية.
- توفير آليات شفافية بمعايير عليا، تعزز المساءلة المجتمعية الفاعلة.
- تعزيز الشراكات المجتمعية المحلية، والانتقال نحو الحلول التنموية بالاعتماد على المجتمعات المحلية كضامن رئيسي، وتحفيز المشاركة المجتمعية.
- تعزيز المساهمة المدنية في قضايا السوريات والسوريين الملِّحة، ويتصدر هذه القائمة قضية التعليم ومخاطر الفجوات التي أحدثتها سنوات الصراع واختلاف المناهج التعليمية.
ثانيا مجموعة الاقتصاد والتعافي والتنمية:
ودعت المجموعة إلى جملة من التوصيات من أهمها:
- إعادة هيكلة الاقتصاد حيث تتمركز الموارد في يد السلطة الحاكمة دون عدالة في التوزيع.
- أن يلعب المجتمع السوري دورًا رئيسيًا في دعم النمو الاقتصادي، سواء من خلال منظمات المجتمع المدني أو المبادرات أو الشبكات والمؤسسات غير الرسمية على المستويين المحلي والوطني. والتركيز على دعم المشاريع المتوسطة والصغيرة.
- تعزيز الاقتصاد التضامني من خلال تشجيع المشاريع الاقتصادية البديلة القائمة على التضامن والتي تنهي تدريجياً أنشطة تجار الأزمات، وتضمن التعافي المبكر.
- تبني الجهات الفاعلة الخارجية والجهات المانحة نهجا عادلا في التدخلات مما يساهم في تخفيف التنافس السلبي بين المجتمعات المحلية.
- التركيز على الحلول المستدامة من خلال ربط كل الدعم بأهداف التنمية المستدامة وتشجيع المساءلة.
- كما قدموا عددا من التوصيات الهامة لتعزيز السيادة الغذائية ومنها استراتيجية “مراكز التلاقي التنموية”.
ثالثا مجموعة أولويات الحماية للسوريين:
أمّا مجموعة الحماية فقد بحثت في معايير البيئة الآمنة وأكدت على ضرورة إيجاد حد أساسي من الحماية لكل السوريات والسوريين وأوصت بما يلي:
- إنهاء الانفلات الأمني ووقف الاعتقال التعسفي وإلغاء المتابعات الأمنية وإعادة المصادرات.
- الكشف عن مصير المعتقلين والمختطفين والمختفين قسرا لدى كافة الأطراف في كامل سوريا والإفراج عنهم.
- ضمان العودة الآمنة والطوعية للاجئين إلى أماكن سكناهم الأصلية أو ما يختارونه، مع ضمان سلامة العائدين.
- ضمان الوصول المرن للثبوتيات (شخصية – ملكية – سفر).
- تحسين الأوضاع المعيشية عبر تأهيل البنى التحتية ودعم مشاريع التعافي المبكر والتنمية الاقتصادية.
وأخيراً مجموعة الحوكمة واللامركزية:
والتي كنت أحد أعضائها فقد رأينا أن اللامركزية خطوة أساسية في ضمان وحدة البلاد وبناء السلام وبدء عملية التحول الديمقراطي فيها. واقترحت المجموعة أن يستخدم الإطار القانوني الحالي (قانون الإدارة المحلية 107) مدخلاً مناسباً لمراجعة التجربة واقتراح إصلاحات في الأطر السياسية والاقتصادية والاجتماعية والخدمية لتطوير الحوكمة بالاستفادة من تجارب جميع المناطق في سوريا والخبرات التي طورت فيها. وعليه نقدم التوصيات التالية:
- بداية على الرغم من ضرورة تطوير إطار قانوني جديد، إلا أنه يمكن البناء على بعض معطيات القانون الحالي. فمثلاً يفترض المرسوم 107 تطوير خطة وطنية للامركزية وهذا يمكن ان يوفر مساحة حوارية تشمل الجميع. ويمكن من خلال ذلك اعادة التفكير بصلاحيات السلطات المحلية بما يضمن صناعة القرار بشكل قريب من احتياجات المجتمعات والمواطنين. كما يمكن من خلاله هذا النقاش تطوير للقوانين الانتخابية لتكون أكثر عدالة وإنصافاً وتمثيلاً للمواطنين.
- يجب توسيع توفير المحلية حصص مؤثرة من الموارد الوطنية للاستثمار لصالح المجتمعات المحلية وبما يضمن عدالة التوزيع.
- يفتح النقاش حول اللامركزية الباب أمام مكتب المبعوث الخاص لاستخدامها في سياق العملية السياسية ليس فقط فيما يتعلق بسوريا المستقبل، ولكن لإيجاد حلول قابلة للتطبيق في سوريا الراهنة بما يخدم مصالح السوريين.
- نؤكد ضرورة دعم الإدارات المحلية للقيام بأدوارها الجديدة في كافة الجغرافيا السورية مع اعتماد مقاربات متشابهة تجميعية بينها.
وأكدت جميع المجموعات ضرورة ضمان حقوق النساء والشباب ومصالحهم في كل من المحاور الأربع.
السيدات والسادة:
بعد عقود من سعي السوريات والسوريين نحو الديمقراطية، وأكثر من 12 عاماً من المعاناة، سنبقى في المجتمع المدني، نسعى للوصول إلى دولة ديمقراطية، مدنية، عصرية، بعيدة عن الاستبداد والعنف، والتطرف وتحقق تطلعاتنا. ونعمل للحفاظ على وحدة واستقرار سوريا وتحقيق تماسكها المجتمعي وبناء مستقبلها.
ورغم حالة الاستعصاء التي تمر بها سورية، والانقسام بين قوى الأمر الواقع، وفي ظل جمود تام للعملية السياسية، وخلق مسارات موازية، غير مرتبطة بمضمون القرار 2254، وعدم وجود تحرك دولي حقيقي لمعالجة هذا الواقع، فإن الفضاء المدني السوري يبقى حاملاً رئيسياً لقيم الحراك الديمقراطي للشعب السوري، وإن “المساحات المشتركة الآمنة” التي تشكل فرصة للحوار السوري-السوري بين منظمات المجتمع المدني، ستساهم في إحراز تقدم إيجابي نحو تنفيذ قرار مجلس الأمن 2254. عبر إنتاج رؤى، واستراتيجيات، ومقاربات عمل، وبرامج جديدة، تمكننا من التقدم نحو تحقيق أهدافنا. ضمن بيئة ديمقراطية تراعي معايير حقوق الإنسان وتحتفي بالحرية.. والاختلاف.. والتنوع.”
مع تحيات فريق غرفة دعم المجتمع المدني – مكتب المبعوث الخاص لسوريا بالأمم المتحدة