بتاريخ 24 أيلول/سبتمبر 2021، قام أفراد من الحركة التي تطلق على نفسها اسم “جوانين شورشگر – Tevgera Ciwanên Şoreşger” أي “الشبيبة الثورية”، بالاعتداء على مجموعة من المعتصمين أمام مقر الأمم المتحدة في “الحي السياحي” بمدينة القامشلي/قامشلو، في شمال شرق سوريا، والتي تخضع لسيطرة مشتركة ما بين الحكومة السورية والإدارة الذاتية.
الاعتصام جاء بعد دعوة أطلقها المجلس الوطني الكردي (المنضوي في صفوف الائتلاف السوري المعارض ومقرّه تركيا)، بتاريخ 23 أيلول/سبتمبر 2021، دعا فيها إلى وقفة احتجاجية في مدينة القامشلي للتنديد ورفض ما سمّاه “قرارات رفع أسعار المحروقات والخبز وفرض الأتاوات على المواطنين والإفراج عن المعتقلين السياسيين“. مطالباً المجالس المحلية الأخرى التابعة له في باقي مدن شمال شرق سوريا بوقفات احتجاجية مشابهة في نفس التوقيت.
وفي اليوم المقرر للاعتصام (24 أيلول/سبتمبر) خرج العشرات من مناصري المجلس الكردي مع أشخاص مستقلين آخرين في مدن الدرباسية وعامودا والحسكة والمالكية/ديريك، وأيضاً في مدينة القامشلي التي تعرّض فيها المعتصمون وبعض الصحفيين للاعتداء بالعصي والحجارة. سبق ذلك قيام عناصر من “الشبيبة الثورية” التي قامت بالاعتداء، بالتحرك نحو مكان التجمع في القامشلي، والتجوّل في شوارع المدينة، مرددين شعارات “تخوين” بحق المتظاهرين والمعتصمين.
وبحسب شهود عيان تواجدوا في مكان الحادثة، فقد حاولت قوى الأسايش (الأمن الداخلي) وقوة النجدة (Hewarî) التابعة للإدارة الذاتية، تطويق المكان وإغلاق الشوارع الرئيسية المؤدية إلى مكان الاعتصام، لمنع وقوع صدامات، إلاّ أنّها فشلت في نهاية المطاف بحماية المتظاهرين من اعتداءات تلك الحركة.
اعتداءات تطال المعتصمين وصحفيين/ات على حد سواء
لم تقتصر الاعتداءات بالعصي والحجارة التي قامت بها أفراد من “الشبيبة الثورية” على المتظاهرين والمعتصمين فقط، بل طالت نشطاء إعلاميين حاولوا توفير التغطية الإعلامية لتلك الاعتصامات.
مراسلة شبكة آسو الإخبارية (ديانا محمد) كانت قد تعرّضت للاعتداء وتكسير آلة التصوير (الكاميرا) التي كانت تحملها، إضافة إلى كسر جهاز الموبايل الخاص بها، كما وتعرضت سيارة مراسل كردسات نيوز “دارا بركات” لأضرار مادية.. دفع ذلك “اتحاد الإعلام الحرّ” إلى استنكار تلك الأفعال في بيان له، مطالباً “إدارة الشبيبة الثورية بضرورة تحمل مسؤوليتهم عن الأضرار التي حصلت، ووضع ضوابط للتنظيم“، وهو ما اعتبره نشطاء بياناً دون المستوى المطلوب من أجل حماية الصحفيين وضمان سلامتهم في المناطق الخاضعة لسيطرة الإدارة الذاتية.
الباحث الميداني لدى “سوريون من أجل الحقيقة والعدالة” أفاد بأنّ عدد من السيارات التي تعود ملكيتها لمدنيين، تضررت هي الأخرى بسبب اعتداء الشبيبة الثورية، وتحدّث إلى مراسلة آسو “ديانا” حول الاعتداء الذي تعرّضت لها، حيث قالت في تصريح لها حول الحادثة ما يلي:
“لقد كنت أقوم بمهمتي في تصوير الاعتصام، وأثناء الهجوم على المتظاهرين، هجم أحد الشباب عليّ وقام بسحب الكاميرا من يدي ورماها في الأرض محطمة إياها وقام بعدها بضرب موبايلي المحمول بحجر وكسره وقام بشتمي أمام مرأى ومسمع من الناس”.
“برزان صلاح”، أحد الأشخاص الذين شاركوا في الاعتصام في مدينة القامشلي، تحدّث في شهادة لسوريوين من أجل الحقيقة والعادلة حول تعرضه للاعتداء من قبل “الشبيبة الثورية” قائلاً:
“كنت مشاركاً في الوقفة الاحتجاجية .. وفجأة تعرضت للضرب بالعصي على رأسي من الخلف، وعندما حاولت الدفاع عن نفسي قاموا بتحطيم جهازي الخلوي وبعدها قاموا برشقنا بالحجارة”.
وقد دفع الاعتداء الذي قام به عناصر من الشبيبة الثورية أفراداً من المعتصمين أنفسهم إلى الرد ورمي بعض الحجارة على المعتدين، وهو ما دفع “قوات الأسايش” إلى إطلاق النار في الهواء لفض الاشتباك.
وبحسب شهود عيان فقد اعتقلت “قوات النجدة” أحد الشبان من منظمة “جوانين شورشگر”، وبعدها تليت عدة كلمات من قيادات المجلس الوطني الكردي لدقائق معدودة لينتهي الاعتصام بعد أن استغرق بمجمله نحو نصف ساعة.
وكان عناصر من “الشبيبة الثورية” قد حاولوا الاعتداء على معتصمين آخرين في ذلك اليوم، ولكن في مدينة الحسكة، تبعه خطف أحد المشاركين في الاعتصام واسمه “جومرد خلف” في نفس ليلة الاعتصام وضربه بشكل مبرح قبل إطلاق سراحه، ذلك بحسب تصريح صارد عن الأمانة العامة للمجلس الوطني الكردي، الذي اتهم في البيان نفسه بخطف “زياد محمد شريف” من مدينة القامشلي وضربه قبل الإفراج عنه في نفس اليوم.
وكانت “شبكة الصحفيين الكرد السوريين” قد أدانت الاعتداء على الصحفيين/ات أمام مرأى قوات الأمن الداخلي الآساييش، وقالت بأنّ ذلك يمثّل تطوراً جديداً وخطيراً في سياق الاعتداءات على حرية الرأي والتعبير والعمل الصحفي، خاصة وأن الأجهزة الأمنية (بحسب الشبكة) قد اكتفت برد بعض عناصر المجموعة المهاجمة، دون القيام بواجبها كاملاً في ردهم بالقوة واعتقالهم.
خلفية
جاءت موجة الغضب والاعتصام في شمال شرق سوريا، بعد رفع أسعار المحروقات من قبل الإدارة الذاتية بقرار غير معلن (بحسب أصحاب محطات المحروقات نفسها). ذلك في الوقت الذي دعت فيه أحزاب سياسية، من بينها الحزب الديمقراطي التقدمي الكردي في سوريا، سلطات الإدارة الذاتية بالعدول عن قرار رفع أسعار المحروقات واصفاً إياه “بالمجحف” والكف عن فرض الضرائب والاتاوات ووقف نزيف الهجرة من خلال دعم السلع وتقديم الخدمات الأساسية.
وتنفي الإدارة العامة للمحروقات وهيئة الاقتصاد التابعة للإدارة الذاتية في شمال شرقي سوريا إلى الآن، رفع أسعار المحروقات، وسط بيع بعض محطات الوقود لمادة المازوت في القامشلي باعتماد تسعيرتين مختلفتين 410 و 710 ليرة سورية للتر الواحد.