الرئيسية أوراق قانونيةالإعلان الدستوري في سوريا: صلاحيات استثنائية للرئيس الانتقالي ومخاطر تكريس حكم سلطوي يعيق الانتقال إلى الديمقراطية

الإعلان الدستوري في سوريا: صلاحيات استثنائية للرئيس الانتقالي ومخاطر تكريس حكم سلطوي يعيق الانتقال إلى الديمقراطية

تدعو "سوريون" إلى مراجعة شاملة للإعلان الدستوري لضمان طابعه الانتقالي وترسيخ مبدأ فصل السلطات وتوسيع المشاركة المجتمعية في مسارات الصياغة والتنفيذ وتفعيل آليات الرقابة والمساءلة، فضلاً عن عدم تهميش أي من المكونات القومية أو الدينية أو الثقافية، وتكريس السيادة الشعبية كأساس لأي عقد اجتماعي جديد

بواسطة bassamalahmed
1.1K مشاهدة تحميل كملف PDF هذا المنشور متوفر أيضاً باللغة: الإنجليزية حجم الخط ع ع ع

تم إنجاز هذا العمل بدعم من قبل الاتحاد الأوروبي. إن محتويات هذا العمل هي مسؤولية “مركز سيسفاير لحقوق المدنيين/ Ceasefire centre for civilian rights” و “سوريون من أجل الحقيقة والعدالة” وحدهما، ولا تعكس بالضرورة آراء الاتحاد الأوروبي.

 1. تمهيد:

 1.1. سياق الإعلان:

في أعقاب إلغاء العمل بدستور عام 2012، بموجب بيان ما عُرف بـ”مؤتمر النصر” الصادر في 29 كانون الثاني/يناير 2025، أعلنت الإدارة السورية الانتقالية، في 2 آذار/مارس، عن تشكيل لجنة من سبعة خبراء قانونيين/ات، كُلّفوا بصياغة مسودة الإعلان الدستوري للمرحلة الانتقالية القادمة.

وبالإضافة إلى بيان “مؤتمر النصر”، استند تشكيل لجنة صياغة الإعلان الدستوري على مخرجاتمؤتمر الحوار الوطني الذي عُقد في شباط/فبراير 2025، والذي دعا إلى إعداد إعلان دستوري يمهّد لمرحلة انتقالية قائمة على سيادة القانون، والعدالة، والمواطنة. كما استند الإعلان، وفق ما جاء في مقدمته، إلى دستور الاستقلال لعام 1950.

وعلى الرغم من هذا الارتكاز على مرجعيات يُفترض أن تمنحه شرعية تاريخية أو توافقية، ترى “سوريون من أجل الحقيقة والعدالة” أن الإعلان يثير إشكاليات تتعلق بشرعيته، ومضمونه، ومدى قدرته الفعلية على تلبية تطلعات السوريين/ات بعد أكثر من عقد من الانتفاضة والمعاناة. فالإعلان لا يُقدَّم كوثيقة انتقالية مؤقتة ومحددة الصلاحية، ولا يُطرح كدستور دائم نابع من إرادة شعبية حرّة، بل جاء في صيغة هجينة –تتجاوز الإطار المؤقت، دون أن ترقى إلى نص دستوري مكتمل– وهي صيغة قد تُظهر مرونة شكلية، لكنها تفتح المجال لإشكاليات قانونية وسياسية عميقة. إذ يضع الإعلان، المؤلف من 53 مادة، أسس منظومة حكم مفصّلة، قابلة للاستمرار لسنوات، دون أن تكون نتاجاً لنقاش وطني جامع وحقيقي، أو نتيجة مسار تشاركي شفاف. وبدلاً من أن يفتح الباب أمام انتقال ديمقراطي حقيقي، يُخشى أن يُستخدم كأداة لإعادة إنتاج الحكم المركزي الشمولي، وتكريس ممارسات إقصائية تحت غطاء قانوني جديد، ما يُقوّض مبدأ التأسيس الدستوري التعددي الذي يفترض أن يُواكب لحظة التحوّل السياسي في البلاد.

قدّمت اللجنة مسودة الإعلان الدستوري المؤقت إلى الرئيس الانتقالي أحمد الشرع، الذي وقعه في 13 آذار/ مارس 2025، ليكون مرجعية دستورية للفترة الانتقالية التي حددها الإعلان بخمس سنوات.

 1.2. مؤتمر الحوار الوطني السوري:

عُقد مؤتمر الحوار الوطني السوري في دمشق في 24-25 شباط/فبراير 2025، بهدف إطلاق مسار تشاوري يمهّد لصياغة إعلان دستوري وتحديد ملامح المرحلة المقبلة. وفي إطار التجهيز للمؤتمر، استضافت لجنة تحضيرية تتألف من سبعة أعضاء جلسات نقاش في مختلف المحافظات وتشاورت مع حوالي 4000 شخص لجمع وجهات النظر التي من شأنها أن تساعد في وضع تصور لإعلان دستوري وإطار اقتصادي جديد وخطة للإصلاح المؤسسي.

وعلى الرغم من الأهمية الرمزية والسياسية التي حملها عقد المؤتمر، إلا أنه أثار منذ لحظة الإعلان عنه موجة واسعة من الانتقادات، طالت شكله ومضمونه على حد سواء. فقد جاء التحضير له بشكل متسرّع ومقتضب، إذ لم يُعلن عنه سوى قبل يومين من انعقاده، ما اعتبره عدد من المدعوين مؤشراً على غياب الجدية والاستعداد الكافي لمقاربة هذا الاستحقاق الوطني الهام، ودفع بعض الشخصيات السياسية والأكاديمية إلى الاعتذار عن الحضور.

كما طُرحت تساؤلات جدية بشأن تمثيل المكونات السياسية والقومية، إذ أشار المجلس الوطني الكردي إلى غياب قوى فاعلة عن الدعوة، واعتبر أن المشاركة جرت على نحو انتقائي لا يعكس مبادئ الشراكة الوطنية. وافتقر المؤتمر كذلك إلى آليات واضحة لتنفيذ مخرجاته أو ضمان متابعة توصياته، ما أثار شكوكاً حول فعاليته ومآلاته. أما بيانه الختامي، فرغم تأكيده على مفاهيم كـ”وحدة سوريا” و”سيادتها”، فقد صدر عاماً ومجرداً من أي التزامات ملموسة، خصوصاً في ظل غياب جدول زمني أو رؤية تفصيلية لمسار المرحلة الانتقالية. وبذلك، بدا المؤتمر أقرب إلى رسالة موجهة إلى المجتمع الدولي (الخارج)، أكثر من كونه منصة حوار وطني حقيقية تعبّر عن إرادة سياسية وطنية جامعة.

1.3. لجنة صياغة مسودة الإعلان الدستوري:

أثار الإعلان عن تشكيل لجنة صياغة مسودة الإعلان الدستوري، في 2 آذار/مارس 2025، جملة من التساؤلات حول شفافية العملية وجدّيتها. فعلى الرغم من أن اللجنة لم تُعلن رسمياً عن بدء اجتماعاتها، بدأت تتسرب محتويات المسودة إلى وسائل الإعلام خلال ساعات من صدور القرار الرئاسي. فقد نشرت شبكات إعلامية غير سورية، بينها “الجزيرة” و”المدن“، مقتطفات من بنود الإعلان، ثم مسودة شبه مكتملة مؤلفة من 43 مادة، قبل أن يُعرف ما إذا كانت اللجنة قد عقدت أول اجتماع لها فعلياً. وقد عزّز هذا التوقيت المريب الانطباع بأن المسودة، أو الجزء الأكبر من الإعلان، كانت جاهزة مسبقاً، وأن اللجنة شُكّلت لاحقاً لإضفاء طابع قانوني شكلي على قرار مُسبق الإعداد. ويُثير غياب أي توضيح رسمي من الجهات المعنية تساؤلات مشروعة حول مدى شفافية مسار الصياغة، واحترام مبدأ التشاركية، وإمكانية إتاحة الاطّلاع المجتمعي على آليات بناء الإطار الدستوري للمرحلة الانتقالية.

أما عن أعضاء اللجنة، فتتألف من سبعة قانونيين، بينهم سيدتان. وعلى الرغم من الخلفيات الأكاديمية لأعضاء اللجنة، إلا أن التخصصات تقتصر بالكامل على المجال القانوني، دون أي تمثيل لخبرات في السياسة أو الاقتصاد أو العلوم الاجتماعية، ما يطرح إشكالية خاصة في سياق انتقالي يتطلب مقاربات متعددة الأبعاد. كما يُلاحظ أن معظم الأعضاء يتقاسمون توجهات فكرية متقاربة، ما يعكس انحيازاً في التشكيل، ويُقصي طيفاً واسعاً من الكفاءات الوطنية التي برزت خلال الانتفاضة السورية، لا سيما تلك المنخرطة في النقاشات السياسية والدستورية على مدار السنوات الماضية. فبدل أن تكون اللجنة مرآة للتنوع المعرفي والسياسي في المجتمع السوري، جاءت محصورة في إطار تقني-قانوني ضيق، ما يضعف شرعيتها التمثيلية وقدرتها على إنتاج نص دستوري يعكس الطابع التعددي للمرحلة المقبلة. إضافة إلى ذلك، يُلاحظ في اللجنة غياب تمثيل فعلي للمكوّنات القومية والدينية، وعدم مراعاة معايير التوازن الجندري -إذ ضمّت اللجنة سيدتين فقط من أصل سبعة أعضاء- دون لحظ تنوع الهويات والتوجهات، ما يكرّس محدودية شمول اللجنة وتمثيلها، ويقوّض إمكانيات بناء عقد اجتماعي جامع على عملها.

 1.4. منهجية الورقة ومحاورها الأساسية:

تستند هذه الورقة إلى تحليل نقدي للإعلان الدستوري السوري المؤقت الصادر في آذار/مارس 2025، وذلك من خلال قراءة قانونية سياسية مقارنة، تأخذ بعين الاعتبار السياق الانتقالي الراهن في سوريا، وتستند إلى المعايير الدستورية الدولية، والالتزامات القانونية لسوريا بموجب المعاهدات التي انضمت إليها.

لا تنطلق الورقة من الإعلان بوصفه وثيقة إجرائية انتقالية فحسب، بل تتعامل معه كنص تأسيسي مفصلي يُفترض به أن يرسي ملامح النظام السياسي المقبل، ويحدد شكل العلاقة بين الدولة والمجتمع. وفي هذا الإطار، تقارب الورقة الإعلان من خلال ثلاثة محاور رئيسية تُعد من الركائز الجوهرية لأي عملية تحول ديمقراطي:

  • مبدأ الفصل بين السلطات وصلاحيات الرئيس الانتقالي للجمهورية،
  • مدى تضمين العدالة الانتقالية كآلية شاملة ومنصفة،
  • ومدى شمول الإعلان لمختلف مكونات المجتمع السوري وهوياته المتعددة.

تُرفق هذه المحاور بتحليل مقارن يربط بين نص الإعلان الدستوري لعام 2025 والدساتير السورية السابقة للأعوام 1950، 1973، 2012، بهدف قياس مدى التراجع أو التقدم في المبادئ الدستورية الجوهرية المذكورة في الورقة.

لا تدّعي الورقة الإحاطة بكل جوانب النص، بل تركّز على الجوانب التي تمس البنية السياسية والدستورية العميقة، وتؤثر مباشرة على شرعية المرحلة الانتقالية وسبل بناء عقد اجتماعي جديد.[1]

 2. المحور الأول: صلاحيات الرئيس الانتقالي للجمهورية ومسألة الفصل بين السلطات:

يُعد مبدأ الفصل بين السلطات أحد الأعمدة الأساسية لأي نظام ديمقراطي يحترم سيادة القانون، وهو ضمانة جوهرية لعدم تركز السلطة بيد شخص/جهة واحدة، ولضمان مساءلة كل سلطة أمام الأخرى. وقد نصّ الإعلان الدستوري المؤقت على هذا المبدأ في مادته الثانية: “تؤسس الدولة لإقامة نظام سياسي يرتكز على مبدأ الفصل بين السلطات”، لكنه ناقضه في مواده الأخرى عبر تكريس هيمنة رئاسية شبه مطلقة.

 2.1. تركّز الصلاحيات بيد الرئيس وغياب التوازن المؤسسي:

يتمتع الرئيس الانتقالي بحسب الإعلان الدستوري بصلاحيات تنفيذية وتشريعية شبه مطلقة تشمل إصدار المراسيم. والقوانين (التي يقرها مجلس الشعب/ المادة 39)، تعيين الحكومة، إعلان حالة الطوارئ، تعيين وإقالة كبار الموظفين، والمصادقة على المعاهدات، وتحرم مجلس الشعب من صلاحية عزل الرئيس، أو التصويت على منح الثقة للوزراء أو سحبها، أو فرض رقابة فعالة على السلطة التنفيذية.

 2.1.1. تعيين أعضاء مجلس الشعب:

تمنح المادة (24) الرئيس الانتقالي للجمهورية صلاحية تشكيل لجنة عليا تختار أعضاء مجلس الشعب، وتشرف على انتخاب ثلثيهم عبر هيئات فرعية. أما الثلث المتبقي، فيُعيّنه الرئيس مباشرة.[2] وتؤدي هذه الصيغة إلى إخضاع السلطة التشريعية لهيمنة الرئيس، عبر الجمع بين حقّ الإشراف على العملية الانتخابية وتعيين أعضاء منها، مما يتعارض مع مبدأ الفصل بين السلطات، ويقوّض الاستقلالية المؤسسية للمجلس، ويفرغ الانتخابات من مضمونها التمثيلي.

 2.1.2. ترسيخ القيم النبيلة والأخلاق الفاضلة:

كما تضيف المادة (33) بعداً إيديولوجياً خطيراً عبر منح الرئيس الانتقالي صلاحية “ترسيخ القيم النبيلة والأخلاق الفاضلة”، وهي عبارة فضفاضة تُستخدم غالباً لتبرير التقييد باسم الأخلاق أو الدين. وتُعد هذه العبارة أحد أخطر الصيغ الإيديولوجية في الإعلان، إذ أن غموضها المفاهيمي يسمح باستخدامها كأداة تقييدية لتبرير السياسات القمعية، كما يُخالف مبدأ الشرعية القانونية الذي يتطلب وضوح القواعد والنصوص، ويُهدد التعددية الفكرية والسياسية باسم “القيم”.

2.1.3. التوقيع على المعاهدات الدولية:

كذلك تنص المادة (37) على أن الرئيس الانتقالي للجمهورية يتولى “التوقيع النهائي” على المعاهدات المبرمة مع الدول والمنظمات الدولية، لكن إضفاء صفة “النهائي” على توقيعه أنشأ غموضاً في تسلسل إجراءات التصديق على المعاهدات الدولية، بحيث تفتقر مصادقة مجلس الشعب، وفقاً للمادة (30) من الإعلان،[3] إلى أي أثر قانوني ملزم في حال لم تُقترن بموافقة الرئيس الانتقالي للجمهورية. ويترتب على امتناع الأخير عن التوقيع تعطيل نفاذ المعاهدة، دون أن يمتلك مجلس الشعب وسيلة دستورية لاستكمال الإجراء أو تجاوزه.

 2.1.4. إعلان الحرب والتعبئة العامة وحالة الطوارئ:

إضافة إلى ذلك، تمنح المادة (41)[4] الرئيس الانتقالي للجمهورية صلاحيات واسعة في إعلان الحرب والتعبئة العامة، وكذلك في إعلان حالة الطوارئ، استناداً إلى موافقة مجلس الأمن القومي، من دون اشتراط موافقة مجلس الشعب (علماً أن تشكيل هذا المجلس يعاني من اختلالات بنيوية وضعف في الاستقلالية، كما ذكرنا آنفاً). ويُشار إلى أن مجلس الأمن القومي قد أُنشئ بموجب قرار صادر عن الرئيس السوري الانتقالي أحمد الشرع في 12 آذار/مارس 2025، أي قبل يوم واحد من صدور الإعلان الدستوري. ويتألف المجلس من سبعة أعضاء، يرأسه رئيس الجمهورية المؤقت، ويضم وزراء الخارجية والدفاع والداخلية، ومدير الاستخبارات العامة، إلى جانب ثلاثة أعضاء يعيّنهم الرئيس، هم مستشاران وخبير تقني متخصص. وفيما تُلزم المادة (41) استشارة رئيس مجلس الشعب ورئيس المحكمة الدستورية (الذي يعينه رئيس الجمهورية) في حالة الطوارئ، إلا أن القرار يظل في جوهره بيد الرئيس الانتقالي للجمهورية. كما يُشترط موافقة مجلس الشعب فقط لتمديد حالة الطوارئ بعد انقضاء مدتها الأولى البالغة ثلاثة أشهر. تُثير هذه الصلاحيات تساؤلات حول التوازن بين السلطات، لا سيما أن الصيغ المعتمدة لا تفرض رقابة برلمانية فعلية قبل اتخاذ قرارات مصيرية، كالدخول في حرب أو تقييد الحقوق والحريات.

 2.1.5. تعديل الإعلان الدستوري:

تنص المادة (50) من الإعلان الدستوري على إمكانية تعديله “بموافقة ثلثي مجلس الشعب بناء على اقتراح رئيس الجمهورية” وهي صيغة تُثير إشكالات في سياق انتقالي يُفترض أن يقوم على التشاركية والرقابة المتبادلة. فحصر حقّ اقتراح التعديل برئيس الجمهورية المؤقت يُكرّس هيمنة السلطة التنفيذية، ويستبعد باقي السلطات والفاعلين السياسيين والمجتمعيين من المساهمة في إعادة النظر بالإطار الدستوري الناظم للمرحلة. كما أن اشتراط موافقة ثلثي مجلس الشعب لا يُعد ضمانة كافية، في ظل عدم ضمان تمثيله الحقيقي للتعددية السياسية والمجتمعية. إن هذا الترتيب يفتقر إلى مبدأ فصل السلطات، ويُضعف الرقابة على السلطة التنفيذية، مما قد يفتح الباب أمام تعديلات جوهرية تُجرى بشكل انفرادي أو دون توافق وطني حقيقي.

2.2. تبعية القضاء وإضعاف استقلاليته:

وفيما يخص السلطة القضائية، تُعيّن المحكمة الدستورية العليا –الجهة المفترض بها ضبط دستورية القوانين– من قبل الرئيس حصرياً (المادة 47)، مما يجعلها أداة تنفيذية بغطاء قضائي. ويتفاقم هذا الإشكال باستمرار تطبيق قانون السلطة القضائية لعام 1961، الذي يبقي القضاء خاضعاً إدارياً ومالياً للسلطة التنفيذية، في انتهاك لاستقلالية القضاء، حيث يترأس رئيس الجمهورية مجلس القضاء الأعلى وينوب عنه وزير العدل (المادة 65) ويرأس نصف أعضاء مجلس القضاء الأعلى التابعين له؛ فمعاون وزير العدل موظف في وزارة العدل، ورئيس إدارة التفتيش القضائي أيضاً موظف تابع لوزير العدل. كما يترأس الأخير النيابة العامة، وبالتالي فهو يرأس النائب العام، وهو ما يزيد من هيمنته على أعضاء السلطة القضائية، ويسلب القضاء استقلاله، وينزع عن القضاة حصانتهم.[5] وُجّهت العديد من الانتقادات إلى هذا النموذج الرئاسي، جاءت من منظمات سورية ودولية، ومنها تقرير “هيومن رايتس ووتش” الذي اعتبر أن الإعلان يحد من قدرات القضاء على محاسبة الرئيس بسبب “سلطة تسمية جميع أعضاء المحكمة الدستورية العليا السبعة، بدون أي إشراف من قبل البرلمان أو غيره. في غياب آليات تضمن استقلال القضاء، أو بدون إنشاء هيئة مستقلة للإشراف على التعيينات والترقيات والتأديب والعزل في السلك القضائي”.

 

لقراءة الورقة كاملة بصيغة ملف (PDF) يُرجى الضغط هنا.

 


[1] أعدت “سوريون من أجل الحقيقة والعدالة” ورقة قانونية حول أهم المبادئ الدستورية التي يجب أن يتضمنها الدستور السوري، بحيث تشكّل العملية الدستورية أداة تحويلية نحو التغيير الإيجابي. سوريون من أجل الحقيقة والعدالة. دستور سوريا الجديد: عشرة مبادئ دستورية من أجل دولة ديمقراطية عادلة تتسع للجميع. 31 كانون الثاني/يناير 2025

[2] في 13 حزيران/يونيو 2025، أصدر الرئيس الانتقالي للجمهورية المرسوم الرئاسي رقم 66 لعام 2025، القاضي بتشكيل لجنة باسم “اللجنة العليا لانتخابات مجلس الشعب”. وكلف المرسوم اللجنة العليا بالإشراف على تشكيل هيئات فرعية ناخبة، حيث تنتخب تلك الهيئات ثلثي أعضاء مجلس الشعب. https://www.sana.sy/?p=2231640

[3] تنص المادة 30 من الإعلان الدستوري على ما يلي: “يتولى مجلس الشعب المهام التالية… ت- المصادقة على المعاهدات الدولية..”.

[4] تنص المادة 41 من الإعلان الدستوري على ما يلي: “(1)يعلن رئيس الجمهورية التعبئة العامة والحرب بعد موافقة مجلس الأمن القومي. (2)إذا قام خطر جسيم وحال يهدد الوحدة الوطنية أو سلامة واستقلال أرض الوطن أو يعوق مؤسسات الدولة عن مباشرة مهامها الدستورية، لرئيس الجمهورية أن يعلن حالة الطوارئ جزئيا أو كليا لمدة أقصاها 3 أشهر في بيان إلى الشعب بعد موافقة مجلس الأمن القومي واستشارة رئيس مجلس الشعب ورئيس المحكمة الدستورية ولا تمدد لمرة ثانية إلا بعد موافقة مجلس الشعب.

[5] للمزيد من التفاصيل أنظر: “سوريا: تدخل السلطة التنفيذية في السلطة القضائية وتأثيره على حماية وممارسة الديمقراطية“. سوريون من أجل الحقيقة والعدالة. 2 شباط/فبراير 2024.

منشورات ذات صلة

اترك تعليقاً

* By using this form you agree with the storage and handling of your data by this website.

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك ، ولكن يمكنك عدم المشاركة إذا كنت ترغب في ذلك. موافق إقرأ المزيد